أنا من أقدم شواهد التاريخ على قاهرة المعز لدين الله الفاطمى، أنا حارس القاهرة الجنوبي، قرون كثيرة ثابت بمكانى منه واجهت جيوش الاعداء صامدا وحملت المحاربين للجفاع عن القاهرة، بين جدرانى تجد خفايا التاريخ وملامح الحاضر، علقت على روؤس الخونه والمتأمرين ليكونوا عبرة لغيرهم، أنا “زويلة” باب القاهرة الجنوبى
*التسمية
أطلق علي أسم باب “زويلة ” نسبة الى قبيلة زويلة تلك القبيلة البربرية التى قدمت من شمال أفريقيا وأشتركت فى الجيش المصرى، فسميت على أسمها تكريما لرجال تلك القبيلة، وبمرور الزمن أطلق علي المصريون أسم “بوابة المتولى ” نسبة الى أحد أولياء الله الصالحين الذى كان يجلس تحت قبتى ليستمع الى شكاوى الناس ومشاكلهم، وبمرور الزمن قد يكون نسى المصريون أسم الحقيقى ولكن سأظل “زويلة ” حارس مصر الجنوبي .
*الاصل
أتخذت مكاني بقاهرة المعز لدين الله الفاطمى منذ أن بناها جوهر الصقلى عام 370هـ/969م فأتخذت مكانى بالسور الذى أنشئ ليحاوط المدينة ويحميها لاكون أنا “الحارث الجنوبى”، ولكنى لم أكن على شكلي المعروف اليوم بل كان لي بوابتين صغيراتين، حيث ظهرت على ملامحي البساطة، وفى عام هـ 485هـ/1092م قام أمير الجيوش بدر الدين الجمالى وزير الخليفة المستنصر بالله ومد يده لى فجدد ملامحى وقوي بنائى لأصبح على هيئتى المعروفة اليوم .
*التصميم المعمارى
عندما تقف امامي تجد نفسك أمام بوابتي العالية فترفع رأسك عاليا تشاهد نهايتها، وشموخا لتاريخك العظيم، تلك البوابة التى حملت رأس رسول هولاكو الطاغيه ورأس أخر سلاطين المماليك طومان باى، وقد أمتلت واجهة بوابتى بالمسامير والشرائط النحاسية، وبمجرد أن تعبر تلك البوابة تجد نفسك تحت قبتى التى طالما جلس تحتها قديما الامراء والاولياء ودخلتها الخيول، أما اليوم يحلتها الباعة والمتسولون عابثين بى وبالتاريخ، على اليسار تجد المدخل حيث سلم خشبى صغير يحملك الى طابقى الاول ومجرد ،أن تطأ قداميك الطابق الاول تجد نفسك فوق أرضيتى الرخامية التى ظلت صامدة امام عوامل الزمن، تجد حولك حوائطى الحجرية التى تحمل بين طياتها خفايا التاريخ وأسراره، ومن الطابق الأول الى السلم الكبير ,76 درجة حجرية، تحملك الى الطابق العلوي ,عندما تضع قدامك على أول تلك الدرجات أكون بذلك قد أخذتك الى “خارج قاهرة الفاطمين ” .
فى الطابق العلوى تجد نفسك بين مأذنتين مسجد المؤيد شيخ التى احملها منذ قرون عديدة، هنا كنت أحمل المحاربين وراء حوائط الحماية ليدافعوا عن القاهرة وليقهروا الاعداء، ومن هنا ترى القاهرة وخارجها من أعلى تشاهد جيرانى شواهد التاريخ مساجد ،قباب،مدارس،اسبلة وضواريح، ولكنك بجانب كل ذلك تجد ما فعله بى وبمن حولى من جهلوا التاريخ، فتجد الثلوث البصري يفرض قوته على عبق التاريخ، فالقمامة حولى فكل مكان، تجد الباعة وبضائعهم .
ظللت سنوات أعاني من الإهمال الداخلي والخارجي حتى تم ترميمي الداخلي، وانتهى في2003 ، ولكن ظل الحاضر حولي يشوه التاريخ والإهمال يعتصرنى الما فهل من منقذ ؟
.