قال الباحث الأثري أحمد عامر، إن التعليم يعتبر بمثابة نجاح الحضارات وتقدم الشعوب.. وقد حرص المصريين القدماء على الإهتمام بالتعليم، فنجد الآباء بمصر القديمة يغرسون في أبنائهم مختلف المبادئ التربوية، فكان أبناء الفلاحين يتلقون تعليماً رسمياً أدنى، يقتصر على كيفية بذر البذور وجني الثمار وجمع المحصول، وعلم الحرفيون أطفالهم مبادئ حرفهم، أما الطبقة العليا، فإنها اعتمدت على مدرسين متخصصين في تعليم أبنائها، وتعلم أبناء الطبقة المتوسطة في المعابد تحت رعاية معلم بعينه، وشملت التربية القراءة والكتابة والنصوص الأدبية والتدريس والحكايات، من خلال إعادة كتابة النصوص وأداء التمارين على ألواح خشبية أو حجرية، ولقد عثر على بعض هذه التمارين، واستمر التعليم على نفس النمط إلى عصر خلافة وولاية المسلمين مع اختلاف بسيط في مكان التعلم.
وأشار “عامر” أن التعليم دائما ضروريا للارتقاء في السلم الاجتماعي، وكان هذا واضحاً من الفجوة القائمة في مصر بين المتعلمين والأميين عبر كل العصور التاريخية، وكان الفنانون والنحاتون بالضرورة من المتعلمين إذ كان عليهم تحويل النصوص المختصرة والمدونة على ورق البردي، أو على كسر الفخار إلى كتابة هيروغليفية على جدران المقابر والمعابد ونقشها أيضا على التماثيل، وهو ما يتطلب معرفة بالكتابتين، وكان الكتبة يعينون في إحدى مؤسسات الدولة عقب إنتهائهم من التعلم، ونجد غالبية الطبقة البيروقراطية كانت تتشكل من الكتبة الذين أسهموا بأدوار بارزة في المشروعات الحكومية، ولم يكن موقع الكاتب في المجتمع المصري القديم يقتصر على مهام تدوين النصوص والوثائق.
وتابع “عامر” أنه بقدر الإهتمام بالتربية الجسمانية للطفل، كان هناك إهتمام بالتربية الروحية والعقلية له كما إتضح لنا سابقاً من نصائح الحكيم “آني”، ويمكن إعتبار مدرسة “آني” أشبة بروضه أطفال لكن الحقيقة أن الدراسة الجادة لم تكن دائماً تبدأ في هذا السن المبكر كما فعل “آني”، فقد كان يتعلم القراءة والكتابة غالباً على أيدي والديه قبل دخول المدرسة، وكان الوالدين حريصين على دفع أبنائهم إلى التعليم ناصحان لهم بأن يصبحوا كُتّابًا وعلى طلب المزيد من العلم ويوصيانهم بملازمة الكتب.
ونجد أن التلاميذ أو الطلبة كانوا في سن 19:13 سنه عند بدء التدريب الجاد المستفيض على أيدي مدرسين قساة عتاة، والعمل في مدرسة الكتاب كان في منتهى الأهمية، أما الكاتب الحق فإن نجاته وخلاصه ينحصر في شئ واحد الدأب والعمل الجاد.