الكتاب المقدس أعظم وثيقة جمالية
الباب الأول
الفنون الأدبية المقروءة والمسموعة
النصوص المقدسة
الفن الرؤيوي (الرؤي)
وكلمت الأنبياء وكثرت الرؤي وبيد الأنبياء مثلت أمثالا (هو12:10)
سفر زكريا
* زكريا اسم عبري معناه يهوه يتذكر أو الرب يذكر, وهذا الاسم يطلق علي 32 شخصية في الكتاب المقدس, وزكريا النبي هو صاحب السفر الحادي عشر بين أسفار الأنبياء الصغار الاثني عشر, وقد استخدم الأسلوب الرؤيوي حتي أطلق البعض علي هذا السفر رؤيا العهد القديم.
* يعتبر مثالا للفن الرؤيوي إذ يحتوي علي تسع رؤي مترابطة من أجل الإعداد لمجئ المسيا, وتتميز إعلاناته النبوية بالبلاغة والإيجاز حتي سمي موجز الأنبياء.
* وبينما يسند النبي الشعب ويحثهم علي إعادة بناء الهيكل بعد الرجوع من السبي, يركز علي هيكل المسيا, المخلص في العهد الجديد من خلال بعض النبوات عن شخص السيد المسيح مثل: دخوله الملوكي إلي أورشليم, تسليمه بثلاثين من الفضة, جراحاته وطعنه.. إلخ.
الرؤيا الأولي: راكب الفرس الأحمر:
الهدف من الرؤيا: التهيئة لمجئ المسيا:
(زك1:8) رأيت في الليل وإذا برجل راكب علي فرس أحمر, وهو واقف بين الآس الذي في الظل, وخلفه خيل حمر وشقر وشهب.
* رجل راكب علي فرس أحمر: ودعي ملاك الرب في (زك1:11) يشير إلي الله نفسه.
* فرس أحمر: الفرس الأحمر يشير إلي تجسد الكلمة.
واللون الأحمر تعبير عن الصليب والدم المسفوك من أجل خلاص البشرية.
* رأي النبي الرجل في الظل أي خلال نبوات العهد القديم, لم يكن قد ظهر بعد شمس البر السيد المسيح الذي حول ليل العالم إلي نهار.
* خيل حمر وشقر وشهب: هم رجال العهد القديم الذين هيأوا الأرض لاستقبال الكلمة المتجسد خلال تعاليمهم ونبواتهم.
هؤلاء سبقوه في الطريق ولكنهم يبقون خلفه بكونه ربهم ومخلصهم.
* يمكن أيضا أن تشير إلي العطايا والمواهب السماوية التي يعطيها لنا الله لكي تجعل أرضنا أي جسدنا ساكنا لا يقاوم الروح بل يعمل معها من أجل مجد الله.
الرؤيا الثانية: الأربعة قرون:
الهدف من الرؤيا: الأناجيل الأربعة تحطم شر العالم.
(زك1:18-20) فرفعت عيني ونظرت وإذا بأربعة قرون. فقلت للملاك الذي كلمني: ما هذه؟ فقال لي: هذه هي القرون التي بددت يهوذا وإسرائيل وأورشليم. فأراني الرب أربعة صناع.
المعني الأول:
* أربعة قرون: تشير إلي أربع ممالك أذلت الشعب: (مملكة آشور وبابل, مملكة مادي وفارس, مملكة الكلدانيين, مملكة الرومان).
* رقم أربعة يشير إلي جهات المسكونة الأربع أي إلي محبة العالم التي تحطم يهوذا أي تحطم اتحادنا بالمسيح الخارج من سبط يهوذا.
* أرسل الرب أربعة صناع, لأن الله يسند أولاده في التجارب والضيقات, كما أرسل الله موسي أمام فرعون العنيد.
المعني الثاني:
* أربعة قرون: هي حروب إبليس المختلفة.
فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم, بل مع الرؤساء, مع السلاطين, مع ولاة العالم علي ظلمة هذا الدهر, مع أجناد الشر الروحية في السماويات (أف6:12).
* أربعة صناع: تشير إلي عمل الأناجيل الأربعة في إفساد عمل إبليس.
الرؤيا الثالثة: قياس المدينة المقدسة:
الهدف من الرؤيا: الرب يقيم مقدسه داخلنا.
(زك2:1-2) فرفعت عيني ونظرت وإذا رجل وبيده حبل قياس. فقلت: إلي أين أنت ذاهب؟ فقال لي: لأقيس أورشليم, لأري كم عرضها وكم طولها.
* الرجل هو كلمة الله الذي أخذ جسد إنسان من أجلنا.
* حبل القياس: هو خشبة الصليب.
+ علي الخشبة العرضية بسط السيد المسيح يديه ليضم اليهود والأمم معا.
+ علي الخشبة الطولية سمر الرب يسوع المسيح المرتفع فوق الأرض عاملا المصالحة بين الآب والإنسان في جسده المصلوب.
(زك2:3) وإذا بالملاك الذي كلمني قد خرج, وخرج ملاك آخر للقائه.
* الملاك الأول: يشير إلي السمائيين, الذين ينتظرون تحقيق النبوات لكي يفرحوا بعودة الإنسان إلي شركته معهم.
*الملاك الثاني: يشير إلي أبناء العهد الجديد, الذين يفرحون بتحقيق ما سبق لهم انتظاره.
(زك2:4-5) فقال له: اجر وكلم هذا الغلام قائلا: كالأعراء تسكن أورشليم من كثرة الناس والبهائم فيها. وأنا, يقول الرب, أكون لها سور نار من حولها, وأكون مجدا في وسطها.
* يشير إلي أن أبعاد الكنيسة الجديدة كالأعراء لا يحدها سور مادي بسبب اكتظاظها بالناس والبهائم.
* الناس والبهائم: تشير إلي تقديس النفس بطاقات غير محدودة, وتقديس الجسد الذي كان حيوانيا بإمكانيات جديدة فتصير أورشليم الداخلية متسعة لكل إنسان.
* سور نار: هو الروح القدس الذي حل علي التلاميذ في شكل ألسنة نارية في يوم العنصرة ليحوط الكنيسة ويحفظها من كل سهم شرير.
* أكون مجدا في وسطها: السيد المسيح هو اللؤلؤة الكثيرة الثمن التي نقتنيها فينا ويصير بهذه بهاؤه, ومجده لحسابنا.
(زك2:6) يا يا, اهربوا من أرض الشمال, يقول الرب. فإني قد فرقتكم كرياح السماء الأربع, يقول الرب.
* يا يا اهربوا: هي دعوة إلهية للهروب من بابل أرض الشمال إلي أرض الموعد ولا يذكر اسما أو لقبا لهم, لأنهم بسبب تمسكهم بالحياة الذليلة صاروا غير مستحقين لمعرفة الله بل يدعون يا يا كمن هم مجهولين!
وتكرار الدعوة لأنها موجهة لليهود والأمم معا.
الله يريدنا أن ننطلق من بابل التي تعني البلبلة والاضطراب لندخل إلي صهيون حيث السلام الداخلي وحياة الفرح والتسبيح.
* الرياح الأربع: تشير إلي التعاليم الغريبة. وأيضا إلي محبة العالم وشهوات الجسد التي تهز النفس.
(زك2:7) تنجي يا صهيون الساكنة في بنت بابل
* لا يكفي الهروب من بلبلة الشر بل يليق بنا التحصن في بر المسيح.
(زك2:10) ترنمي وافرحي يا بنت صهيون, لأني هأنذا آتي وأسكن في وسطك, يقول الرب.
* هذه الرؤيا تملأ النفس بهجة.
* سر الفرح الحقيقي هو سكني المسيح فينا.
(زك2:11) فيتصل أمم كثيرة بالرب في ذلك اليوم, ويكونون لي شعبا فأسكن في وسطك, فتعلمين أن رب الجنود قد أرسلني إليك.
* يتحدث عن رجوع الأمم إلي الإيمان وتمتعهم مع إخوتهم المؤمنين من اليهود بسكني الله في وسطهم فلا يقف الفرح عند الإنسان الراجع من السبي بل يمتد إلي إخوته الذين يجتذبهم معه إلي ملكوت الفرح.