احتفلت اليوم كنيسة مارمرقس بقرية بني صامت بمجافطة المنيا بتطييب جسد القمص إبراهيم البسيط القديس الذي لقب ب”البسيط”، ويقام القداس الإلهي غدا وسط حضور كل محبيه.
ولد القمص إبراهيم في قرية بنى صامت التابعة لمركز بني مزار بمحافظة المنيا في أوائل عام 1885م من ابويين بسيطي الحال تقيين .. وأطلق عليه اسم ( اسكندر ) .. ولم يكن بقريته كنيسة .. وكان أهل القرية يذهبون إلى مركزبني مزار للصلاة.ولما اصبح فتى عمل فى مهنة الصباغة وكان الناس ينادونه بلقب يا صباغ فكان يقول لهم ( قولوا يا صباغ الهدوم … لأن فيه واحد كبير خالص صباغ نفوس ) ،كما عمل ايضاً راعياً للغنم ولم تكن المهنتين بعيداً عن كهنوته الذى ناله فيما بعد فقد * دعي اسكندر مرة لحضور صلاة اكليل احد اقاربه فى بني سويف ورأى فى الكنيسة صورة الشهيد الكاروز مارمرقس البشير فوقف امام الصورة وخاطب مارمرقس قائلا :
لما انت حلو كدة ماتيجي بلدنا .. انت حلو يا مارمرقس .. تعالى .. بنى صامت عايزاك ) .. وحين عاد إلى قريته صلى صلاة حارة من أجل قريته التي لا يوجد بها
كنيسة .. ثم اوى إلى فراشه .. وبعد قليل ظهر فى الغرفة نور عظيم وظهر القديس مارمرقس ليقول لاسكندر الصباغ : اصحى .. اصحى .. انا مارمرقس اللى انت ناديته
فى بني سويف .. قوم .. قيس بالقصبة ( اداة قياس فى الريف بدل المتر ) من بيت فلان كذا قصبة .. طول .. ومن بيت فلان إلى بيت فلان كذا قصبة .. عرض .. ودى
هتكون كنيستي فى بنى صامت .. واستيقظ اسكندر في لهفة وما ان بزغ نور الصباح حتى مسك قصبة القياس وقاس فى المكان الذي اشار عليه القديس مارمرقس .. فلما رآه
الناس يقيس بالقصبة قابلوه بالسخرية ..لأن هذا المكان اغلبه بيوت غير مسيحيين .. وبينما هم يتهكمون عليه اذ بسيدة مسيحية لها منزل من المنازل التى قاس حولها
تناديه وتقول : ان منزلنا هذا اوقفناه منذ زمن طويل ليكون كنيسة للرب … وكان هذا المنزل هو النواة الأولى ثم توالى شراء باقى البيوت التي قاسها اسكندر فيما
بعد كما حدد الشهيد مارمرقس.
رسم كاهنا رغم انه لا يعرف القراءة والكتابة
+ ولتقوى اسكندر ومحبته للخدمة دعاه الرب للكهنوت رغم ان هذا لم يكن فى حسبانه او حسبان أي شخص اخر لكن عناية السماء شاءت ان يكون كاهنا على مذبح كنيسة
السيدة العذراء بقرية المناهرة مركز مطاي وذلك فى بداية الصوم الكبير لسنة 1928م ويوم رسامته سأله المتنيح الأنبا اثناسيوس مطران بني سويف قائلا : تعرف
تقرأ قبطى يا اسكندر يا ابني ؟ فأجابه : ولا عربي يا سيدنا … ومع هذا شعر المطران القديس بروحانية وتقوى وورع اسكندر الصباغ فرسمه كاهنا باسم القس
ابراهيم .. وعقب رسامته أخذ خلوته الروحية فى دير القديس الأنبا صموئيل المعترف بجبل القلمون واستمرت الخلوة حوالي ثلاثة أشهر ونصف تعلم خلالها القراءة
والكتابة باللغتين العربية والقبطية . وكانت كنيسة العذراء بالمناهرة يقيم فيها فى هذا الوقت القديس القس عبد المسيح المقاري المناهري وكثيرا ما تجالس
الكاهنين وسبحا الرب من اعماق القلب .. وتشاركا خدمة المذبح ببساطة روحية ..
وكان لهما فعلا فعالا ففاح عبير القداسة إلى أرجاء بيوت المؤمنين . + وبعد رسامته كاهنا على كنيسة العذراء بالمناهرة لم يتواني فى السعي لبناء الكنيسة التي حددها له مارمرقس فكان لا يكل ولا يمل في العزم والهمة لبنائها ..
ولما كمل بنائها نقله الأنبا اثناسيوس إلى كنيسة مارمرقس ببني صامت وقام بترقيته قمصا في عام 1944 .
وبدأ الكاهن الأمين في خدمة قريته وابناء كنيستهم بكل همة ونشاط وكانت يد الرب معه اذ ان السيد له المجد منحه نعمة كبيرة فى خدمته .
* كان أبونا ابراهيم يحفظ القداس الالهي عن ظهر قلب ونادرا جدا ما كان يستعمل الخولاجي أو الأجبية فى صلاته .. ولكنه كان أحيانا فى منتصف القداس ينسى ويقف
.. فكان لا يبحث عن الخولاجى ليقرأ منه بل كان يرفع عينيه إلى السماء ويصرخقائلا : كمــل يا كامـــل .. أى ارسل يارب بقية الكلام .. كمل انت الصلاة ايها
الرب الكامل .
+ ذهب القمص إبراهيم إلى كنيسة الشهيد مارمينا في مصر القديمة وكان معه ابنه
ميصائيل .. وعندما دخل إلى الكنيسة قابل القمص مينا المتوحد فقال ابونا ابراهيم لابنه : سلم يا ميصائيل على ابونا البطرك !! فنظر إليه ابونا مينا وقال : ايه
ده يا ابونا ابراهيم ؟ فقال له القمص ابراهيم : هتبقى بطرك يا ابونا مينا …
هتبقى بطرك … ومرت الأيام وصار القمص مينا المتوحد بطريركا باسم البابا كيرلس
السادس رجل الصلاة والمعجزات .
+ وبعد نياحة البابا كيرلس السادس تجمع أولاد أبونا ابراهيم ومحبيه حوله وسألوه : من سيكون بطريركا ؟ فتمنع اولا عن الاجابة ولكن بعد أن ضيقوا عليه الخناق
أجاب وقال : الأنبا شنودة أسقف التعليم هيكون البطريرك اللي جاي .. وفعلا تم تنصيب قداسة البابا شنودة الثالث بطريركا للكرازة المرقسية .
نياحتــــــــــــه :
كان الأب المبارك القمص إبراهيم البسيط حتى نهاية حياته مملوءا حيوية وقوة رغم انه تجاوز السابعة والثمانين من عمره ولكنه فوجئ ذات ليلة بهبوط حاد الزمه السرير .. وبعد ساعات قليلة أسلم روحه في هدوء الملائكة بعد حياة حافلة بالبساطة والحب .. وارتسمت على وجهه الطاهر ابتسامة تنم عن سلام عجيب.