عقد، أمس السبت 4 يونيو، بدير الآباء الدومينيكان عرض ومناقشة لأحد أفلام السلسلة الوثائقية فراعنة مصر المعاصرون، والتي أنتجها البي بي سي. الفيلم يتعرض لحركة الضباط الأحرار وفترة حكم عبد الناصر.
قال مؤمن سلام الكاتب السياسي، ومدير موقع حركة مصر المدنية، وعضو الأخوان السابق، ردًا على سؤال ماذا لو لم تكن هناك يوليو 1952؟، إن الهوية والقومية المصرية كانت أصبحت هي الهوية للشعب، مشيرًا إلى أن صراع الهويات الدائر في الحقبة الملكية، تركز بين الهوية المصرية والهوية الإسلامية، موضحًا إن الهوية العربية لم يكن لها وجود في الخريطة الثقافية والسياسية لمصر، بل أن محاولات الكثيرين من رواد الهوية العربية في الشام قدموا إلى مصر- بحسبه- لتأسيس الفكر العروبي في مصر باءت بالفشل حينها.
وتابع مؤمن: “لقد كانت هناك مفاوضات مستمرة فيما يتعلق بالجلاء وكان هناك تقدمًا إيجابيًا. في حين إن الاستقلال الذي حققه يوليو 52 لم يكن استقلال، بل هو نقل التبعية من بريطانيا إلى الاتحاد السوفيتي. فنجد –على سبيل المثال- إن خروتشوف اشترط على عبد الناصر الإفراج عن الشيوعيين ممن هم في السجون حتى يحضر حفل تحويل مسار مجرى النيل، وهو ما تم.
كما أن بعد هزيمة 67 جاءت قوات سوفيتية لمحاربة إسرائيل على أرض مصر، فأي استقلال هذا الذي فيه تأتي قوات أجنبية على أرضنا؟؟؟”
وأوضح مؤمن أن معاداة الاتحاد السوفيتي لإسرائيل لم يكن كما يروج له، فالأمر برمته بالنسبة لهم هو أن إسرائيل كانت حليفة للولايات المتحدة وهو ما يضعها في كهدف في الحرب الباردة.
كما أن الاتحاد السوفيتي كان يريد إثبات تفوق السلاح الرسوفيتي على السلاح الأمريكي. لكن من جانب آخر فالاتحاد السوفيتي كان من الدول العظمى التي تدعم إسرائيل في بقائها، وكان عندما تتحدث عن الاحتلال الإسرائيلي، لا تذكر حرب 48 بل حدود 67 . لذا فالاتحاد السوفيتي كان يدعم مصر بسلاح يكفيها فقط لتحدد إسرائيل في إطارها المفروض عليها، ولكن ليس لإفنائها.
وأشار إلى أن معاداة عبد الناصر لإسرائيل هي من قبيل قمع المعارضة في مصر، فمصر تدخل حربًا تلو الآخر وتتحدث دائما عن طرد المحتل الإسرائيلي خارج فلسطين، فكيف إذا يمكن أن تكون هناك صوت فوق صوت المعركة؟؟؟
وقال مؤمن: “إن نظام عبد الناصر يعتمد على العنترية والتصرفات الغير محسوبة والاعتماد على أهل الثقة لا أهل الخبرة المر الذي أوقع مصر في عدة ازمات، منها تأميم قناة السويس، فتأميم قناة السويس نتج ععنه تبعيات خطيرة، منها تجميد أرصدة الحكومة المصرية في إنجلتراو وفرنسا، ودفع تعويضات مالية ضخمة، بالإضافة إلى العدوان الثلاثي، الأمر الذي كبد مصر خسائر جمة كان يمكن تفاديها حتى ينتهي الامتياز عام 1969فما حدث فعليا إننا لم نأمم قناة السويس ولم نحصل على حقوقنا، بل دفعنا مالاً فيما هو من المفترض أن يكون ملكنا أصلًا.”
واستطرد: “دليل آخر على التصرفات الغير محسوبة والغير مسؤولة لعبد الناصر، هو تعيينه لعبد الحكيم عامر وزير للحربية، فعبد الحكيم عامر لم يشهد حربًا إلا حرب 48 وكان حينها برتبة رائد، وبعدها لم يشهد أي دورات تدريبية تؤهله لأن يكون مشير ويتولى قيادة الجيش المصري. وانعدام معرفته وخبرته هي التي أدت إلى العديد من الكوارث خلال حرب 67 والتي أدى معها إلى تدمير الجيش المصري بالكامل واحتلال سيناء.”
وتطرق مؤمن سلام إلى الدلائل التي تشير إلى أن جمال عبد الناصر كان مؤمن فعلا بالهوية الإسلامية، وليس علمانيًا كما قال الفيلم الوثائقي، فعبد الناصر هو من ألغى الاعتراف بالدين البهائي بعد أن كانت مصر معترفة به، وهو من ألغى المحافل الماسونية، وكان دائما منحاز لدين معين، وكان يسعى للوحدة الإسلامية. كما كان في حديثه عن الحرب مع إسرائل لم يكن يستخدم مصطلحات “إسرئيل” أو “الصهاينة” بقدر ماكان يتحدث عن طرد “اليهود” من فلسطين، وهو المر الذي يعبر عن رؤية دينية للصراع وليست رؤية قومية علمانية.
وأفاد عضو الأخوان السابق، إن عبد الناصر كان عضو في التنظيم السري “المسلح” للأخوان المسلمين، موضحًا إن التنظيم المسلح كان ينقسم إلى قسم الوحدات وهو يضم ضباط من الجيش، وهو الذي كان ينتمي إليه عبد الناصر، وقسم آخر يضم مدنيين. ويوضح مؤمن إن هذا ما سبب الشقاق بين عبد الناصر والأخوان، هو أنهم ظنوه سيستمر في ولاءه وتبعيته للمرشد العام بعد توليه رئاسة الجمهورية، وهو الأمر الذي سبب لهم ما وصفه بعقدة عبد الناصر الأمر الذي دفعهم لاختيار محمد مرسي ضعيف الشخصية ليكون مرشحهم لرئاسة الجمهورية بدلا من أبو الفتوح مثلا.
وعاب مدير موقع حركة مصر المدنية على التنويريين والنخبة في العصر الملكي أنهم كانوا يرون التنوير والثقافة أمر نخبوي فلا يشركون معهم العامة فيه، لذا كان أمر سهل أن يؤثر عبد الناصر عليهم.
السلسلة الوثائقية فراعنة مصر المعاصرون: ناصر