هذا المقال كتبته بعد خطف الفتاة المسيحية (كاميليا) وإجبارها على اعتناق الإسلام، ورأيتُ الأصوليين الإسلامين يصرخون فى الفضائيات (عاوزين كاميليا أختى)
وبعد خطف فتاة مسيحية منذ أسبوع تقريبا من محافظة سوهاج وإجبارها على اعتناق الإسلام. إلى آخر التفاصيل المعروفة والمذكورة فى معظم المواقع الالكترونية، لذلك رأيتُ أنّ مقالى يستحق النشر.
كما أنّ لكل ثورة سلبياتها ، تعرّضتْ ثورة شعبنا فى طوبة / يناير2011إلى عملية سطو أيديولوجى مسلح بطغيان اللغة الدينية. وشاركتْ الميديا (خاصة الفضائيات) فى هذه الجريمة بلهاثها وراء الأصوليين من أجل المزيد من الاعلانات ، وتحويل القتلة إلى أبطال. والجريمة الثانية ترديد تعبير(سلفيين) بببغائية. ومع أنّ كل التيارات الإسلامية (رسمية وشعبوية) فضحتْ الإعلام بالتأكيد على أنّ كل المسلمين سلفيون بالضرورة ، استمرالإعلام فى العزف الببغائى ، لأنّ الاختلافات بين الأصوليين تكمن فى الدرجة وليس فى النوع ، طالما أنهم جميعًا يعترفون بأنّ مرجعيتهم الوحيدة النص الدينى ، مع مراعاة فروق الأساليب والتكتيكات.
بعد الثورة التى أدانها الأصوليون فى أيامها الأولى ، بدأ جرح الاحتقان الدينى ينزف المزيد من الصديد. غزوة الصناديق البداية ثم توالتْ المعارك : هدم كنيسة بالكامل، تعطيل حركة القطارات فى قنا ، ثم كانتْ كارثة أسلوب (المعالجة) المتبعة منذ أيام الرئيس المخلوع ، أى جلسات المصاطب (الشهيرة باسم المصالحة) لماذا كانت (المصالحة) هى البديل عنتقديم المجرمين إلى المحاكمة العادلة ؟ ولكى تكتمل أركان الجريمة يكون بعض أطراف (الصلح) من الأصوليين الرافضين للمجتمع العصرى الذى تتأسس قواعده على أنه لافرق بين مواطن ومواطن إلاّ بعمله وليس بديانته. فكيف يشترك الداعية الإسلامى صفوت حجازى فى (المصالحة) وهوالرافض لمبدأ المساواة على قاعدة الانتماء للوطن وليس للدين ؟ والسيد المذكورصريح ولايُخفى توجهاته إذْ قال ((أحلم بالولايات المتحدة الإسلامية. وأنّ مصرستكون ولاية من الولايات العربية)) والأكثرفداحة ترويجه للغيبيات عندما أضاف (إنّ مصرلن تجوع إلاّعند ظهورعلامات بقيام الساعة الكبرى وهى ظهورالدجال) (المصرى اليوم30/4/2011) ووصل الأمرلدرجة تصويب مدفعية الكراهية القاتلة بين أبناء أمتنا المصرية ، إذْ دعا الداعية الإسلامى وجدى غنيم فى مسجد بالقليوبية جمهوره إلى عدم مصافحة المسيحيين ، وطالب بإزالة الصلبان من الكنائس وعدم الجهربشعائرالمسيحيين(أنظرجهاد الخازن- الحياة اللندنية 3مايو 2011) وقال الأستاذ خيرت الشاطر نائب مرشد الإخوان ((إنّ الجماعة تستعد للحكومة الإسلامية كمرحلة تالية لتطبيق نهضة مجتمعية على أسس مرجعية إسلامية بهدف الوصول إلى مرحلة سيادة العالم وعودة الدولة الإسلامية)) (المصرى اليوم 23 إبريل 2011) حاول البعض تجميل الصورة فقال إنّ خيرت الشاطريقصد (أستاذية العالم وليس سيادة العالم) وسواء كانتْ (سيادة أوأستاذية) فالمعنى يصب فى إطارالمطلق ضد النسبى ، والاستعلاء على كل البشر، كتمهيد لسيطرة الإسلاميين على كل شعوب العالم ، بما أنهم سادة العالم أوأساتذة العالم رغم أنهم يعيشون (عالة) على الشعوب المتحضرة التى تنعم بالحرية الحقيقية وأنتجتْ العلوم والتكنولوجيا.
هل ينتظرالإسلام كاميليا لتكتمل قوته ؟
يوم الجمعة 29/4/2011توجّهتْ كتائب من الأصوليين إلى الكاتدرائية للمطالبة بالإفراج عن المواطنة كاميليا التى أشهرت إسلامها واعتقلتها الكنيسة كأسيرة لديها فى رأى الأصوليين دون دليل على زعمهم. وسب البابا بألفاظ يُعاقب عليها القانون. العقل الحر يطرح الآتى (1) هل يؤمن الأصوليون بحرية العقيدة قولاوفعلا أم أنّ الحرية لديهم هى اعتناق الإسلام فقط ؟(2)هل الإسلام والمسيحية من الضعف وأنهما يستمدان القوة من شخص (كاميليا) أوحتى عشرات مثلها ؟ (3) إذا كانت كامليا (أسيرة) كما يزعم الأصوليون فلماذا لاتُفرج الكنيسة عنها ؟ وإذا كانت فى بيت زوجها فلماذا لاتخرج إلى النوروتعلن موقفها لمنع المزيد من الاحتقان الدينى ؟ (4) ولكن إذا خرجتْ وأعلنتْ أنها متمسكة بالمسيحية فهل سيتوقف نزف الصديد ، أم سيعلن الأصوليون جولة جديدة من معاركهم ؟ (5) هل عودة كامليا إلى الإسلام فى (بيت الطاعة الأصولى) هوالذى سيُحقق الحرية والتقدم والرفاهية لشعبنا (مسلمين ومسيحيين) ؟ أم أنّ شروط تحقيق الحرية والتقدم والرفاهية ليست لها أدنى علاقة بالعقيدة الدينية أوالمذهبية أوالفلسفية ؟ لماذا يرفض الأصوليون فى الديانتيْن الإسلامية والمسيحية مرجعية العقل الحر؟ فإذا تمسّكتْ كامليا بالمسيحية يتم غلق الملف الكريه ، وإذا تمسّكتْ بالإسلام فهذا حقها كما قال د. عماد جاد ، الذى يرى مصلحة مصرقبل ديانته المسيحية. وهل خرجتْ أوروبا من كهوف الظلمات إلى نورالعدالة الاجتماعية ، بمحاكم التفتيش فى ضمائرالبشرومعتقداتهم والإجبارالدينى ، أم بتضحيات الفلاسفة والعلماء الذين قاوموا استبداد رجال الدين فنجحوا فى وأد (الوصاية) التى فرضتها الكنائس على المواطنين . حقًا دفع كثيرون الثمن مثل العالم جوردانو برونوالذى أحرقه القساوسة الأتقياء حيًا فى ميدان روما يوم 1يناير1600لأنه أكد صحة نظرية جاليليو، ودافع عن الديانة المصرية القديمة ، القائمة على التعددية ورسّختْ مبدأ العدالة (ماعت).
هل هناك فرق بين الإخوان وغيرهم من الأصوليين ؟
افتتح الإخوان مقرهم الجديد المجهزبأحدث منتجات التكنولوجيا التى يصنعها الغرب (الكافر) حسب زعمهم. وأعلنوا تدشين حزبهم. فمن أين لهم كل هذه الأموال التى توفرلهم المقرات فى كل المحافظات ؟ هل أصحاب الأعمال من الأصوليين يلقون برأسمالهم فى وحل الشارع السياسى من أجل سواد عيون الأقباط المسلمين ؟ أم أنهم يعتمدون على التمويل الخارجى كما ذكركثيرون من الباحثين ، لدرجة أنهم تلقوا من دول عربية 46ملياردولارفى 25سنة فصارلهم 20ألف جمعية و36فضائية (مجلة المصور13إبريل- نقلا عن أ. سميرفريد- المصرى اليوم 20/4/ 2011) ولأنّ الميديا تتمنى أنْ يظل العقل المصرى فى معتقل العصورالوسطى ، فإنها لم تتوقف عند السيْفيْن المتقاطعين على واجهة المبنى الجديد. ذكرالمرحوم خليل عبدالكريم ((لم يكن من باب المصادفة أنْ يحمل شعارالإخوان المسلمين سيْفيْن حول المصحف ، فهم المصحف ولمن عداهم سيفان : الذى على اليمين لمخالفيهم من المسلمين ممن لايعتنقون أفكارهم ويؤمنون بمبادئهم . والسيف الآخرلغيرالمسلمين.. وأكملت المسيرة الدامية الجماعات الحديثة لأنها تعتنق الفكرذاته وتؤمن من أعماق نفوسها ب (الاصطفائية) و(تملك الحقيقة المطلقة) والثمرة لهذه الجذورهى العنف)) (الإسلام بين الدولة الدينية والدولة المدنية. سينا للنشرعام 95 ص39) لذلك كان د. عبدالمنعم أبوالفتوح محقًا عندما ذكر((أنّ تأسيس الجماعة حزبًا سياسيًا خطرعلى المجتمع والعمل الدعوى)) واتهم بعض المؤسسات الدينية بأنها تقوم ب (الشحن الطائفى) وأشارإلى أنّ مصرتحتاج إلى التمدن (المصرى اليوم 28/4/2011) وامتلك د. مصطفى راشد أستاذ الشريعة الإسلامية شجاعة القول (أنا علمانى) (نقلا عن أ. سميرفريد -المصرى اليوم24/4/2011ص6) بينما د. رفيق حبيب يكون أصوليًا أكثرمن الإسلاميين فكتب ((فى المجتمع العلمانى تكون الدولة علمانية. وفى المجتمع الإسلامى تُصبح الدولة إسلامية. وعندما نجد دولة علمانية فى مجتمع إسلامى ، نعرف أننا بصدد دولة مستبدة وليست مدنية وديمقراطية. وأنها تُمثل الدولة الدينية التى تفرض وصايتها على المجتمع ودينها فى هذه الحالة هوالعلمانية)) (أهرام 26/4/2011ص11) فإذا كانت العلمانية فى أوروبا هى التى أتاحت بناء كل دورالعبادة لكل الديانات ، فإنّ د. رفيق الذى انضم لحزب الإخوان المسلمين يُزوّرواقع الحال بقوله أنّ العلمانية مستبدة وتفرض وصايتها على المجتمع ، متجاهلا وهوالمسيحى الديانة أنّ الأقباط المسيحيين ليست لهم حقوق الأقباط المسلمين فى أشياء كثيرة منها بناء دورالعبادة ، وهوالمعنى الذى أكده أ. صبحى صالح (عضولجنة تعديل الدستور) الذى ذكرأنّ الإخوان المسلمين لايقبلون أنْ يشغل منصب رئيس الدولة قبطى (يقصد مسيحى لأنّ كل المصريين أقباط) أوامرأة)) (المصرى اليوم 24/4/2011) فإذا كانت الجماعات الإسلامية التى دخلت حلبة السياسة ، تتاجربتعبير(دولة مدنية) فعلى العقل الحرأنْ يتساءل : أية مدنية فى لظى استبعاد كل مختلف مع مرجعية الأصوليين الطامحين فى العودة إلى كهوف الماضى ؟ أية مدنية مع إقصاء المسيحيين والمرأة حتى المسلمة ؟ وإذا كان البعض يعتبرد. القرضاوى من المعتدلين فإنّ الرجل خيّب ظنهم إذْ ذكر((الطبيعى أنْ يكون رئيس مصرمسلمًا متدينًا لاعلمانيًا ولامسيحيًا)) (نقلاعن الشاعرأحمد عبدالمعطى حجازى- أهرام 27/4/2011ص12) وإذا كانت الميديا تحتضن الأصوليين ومدعى الليبرالية ، فإنّ السؤال : لماذا ؟ وإذا كان من حقهم نشرأفكارهم ، فإلى متى يتم إقصاء تيارالقومية المصرية العلمانى المدافع عن (عصرنة مصر) وإلى متى تعتبرالثقافة السائدة أصحاب هذا التيارمن المغضوب عليهم والضالين ؟