نظرا لأهمية هذا الحدث الجلل ليس في حياتنا فقط ككنيسة, بل في حياة أمتنا, أفراد كتاب الأناجيل صفحات كثيرة لأحداث الأسبوع الأخير بدءا من دخول الانتصاري أورشليم إلي موت المسيح وقيامته وقد سبقهم النبي زكريا في نبوئته التي وردت في العهد القديم في سفر زكريا والأصحاح التاسع عن هذا الدخول العظيم فيقول هوذا ملكك يأتي إليك. هو عادل ومنصور… فهو بالفعل ملك ومنتصر, ولكن السؤال الذي يتبادر إلي أذهان الكثيرين الذين يسمعوننا هو من يا تري قد غلب أليس هو ملك للسلام ويملك بالحب. أراده اليهود البسطاء ومنهم تلاميذه أن يغلب المستعمر الروماني المحتل وأراده البعض أن يقهر الآخر أي كل من يختلف في العقيدة والطائفة ولكن من يا تري قد غلب؟ وهنا نسمع السيد نفسه يصرح ويقول أنا قد غلبت العالم, فقد غلب مبادئ وقيم العالم البالية وأيضا غلب أحلامه وأهدافه الأنانية, نظرة واحدة لموكبه يجعلنا نفهم أية مبادئ قد هزم, فها هو يدخل علي حمار وعلي جحش ابن أتان وحتي يركبه وضعوا ثيابهم عليه وحوله جماعة من البسطاء ماسكين في أياديهم سعف النخل. هذا هو الملك الوديع المتواضع وهذا ما علمه عندما سألوه تلاميذه من هو الكبير والعظيم في ملكوت الله فقد كانوا حينئذ يبحثون عن الوظائف, لقد دعانا أن نتعلم منه تواضع القلب وليس الآيات والعجائب فقد وعد أن يعطينا إياها. هزم كبرياء الكثيرين فأذلهم وأهانهم وكان أولهم رئيس ملائكة حامل النور لوسيفر مرورا بآدم وحواء إلي آخر قائمة البشر التعساء, وهذا ما نشاهده في العالم من حولنا من حروب وصراعات فهي بسبب كبريائنا ورغباتنا في التسلط والحكم, أما هو فقد قهر كبرياء العالم في عقر داره وهو الإنسانية, لم يغلبه ويقهره فقط بل غلبه وغيره وسيغيره. فقد غير التاريخ نفسه بميلاده وحياته. غير ناموس الحياة صنع عهدا جديدا فيه المحبة الإلهية التي تنسكب علي الإنسانية لتغسلها وتغيرها. غير الكهنوت فبدلا من ذبائح وطقوس وضع نفسه وأطاع حتي الصليب فلم نعد بحاجة إلي ذبيحة, فقد صار هو الذبيحة. أيضا لقد غير أعماق الناس وقلوبهم, حول عدو صليب المسيح شاول الطرسوسي إلي تلميذ ورسول له, حول الزانية التي أمسكت في ذات الفعل إلي خادمة منادية بالملكوت, غير امرأة بها سبعة أرواح نجسة إلي مبشرة بالقيامة, غير زكا جابي الضرائب ومحب المال وعابده إلي مثل في العطاء, وغيرهم كثيرون ليس في الماضي فقط بل في الحاضر أيضا فهو لايزال يغير ويشفي ويحرر المئات بل الآلاف من أمراض وأعمال الشيطان, واليوم عزيزي القارئ ينادي عليك ذلك الملك المتواضع الوديع ليدخل قلبك كما دخل قلوب الكثيرين ليسكن ويملك ويعيش فيك وتعيش أنت فيه كابن محبوب وغالي.