الكنيسة هي نور العالم (اش60: 1 – 3)، نجد أن الله الآب أنارها، و الخروف (الابن) سراجها…
المسيح نور العالم و نحن أيضاً – الكنيسة – بالمسيح نور العالم، و ليس المقصود به النور المادي بل إدراك و معرفة الله الحقيقية، كما أن كلام السيد المسيح هو روح و حياة، الذي تذيعه الكنيسة و الذي يسكن في قلب البشر، حتى يُخرجون من كنزهم جدداً و عتقاء. كما قال أيضاً في صلاته (يوحنا 17: 20 و 21):” و لستُأسأل من أجل هؤلاء فقط بل أيضاً من أجل الذين يؤمنون بي بكلامهم.ليكون الجميع واحداً كما أنك أنت أيها الآب فيَّ و أنا فيك ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتني “.
لقد اهتم الله بخلاص البشرية من الهلاك الذي وُضِعَتْ فيه، فنزل الربُّ من السماء و أخذ جسد إنسان من القديسة العذراء مريم ليتمم فيه عقوبة الإنسان و يحرره من من عبوديةالشيطان، غافراً له جميع خطاياه بلاهوته. و يقول القديس بولس في (1كورنثوس 15: 17):” لو لم يكن المسيح قد قام (بقوة لاهوته)؛ فباطل إيمانكم و مازلتم بعد في خطاياكم ” ، ” إن لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا، و باطل أيضاً إيمانكم “(1كو 15: 14).
” لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية “(يوحنا 3: 16)، و ” إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً (يوحنا 8 : 38)، و لذلك مات ابن الإنسان على الصليب و حرّر الإنسانية من العبودة الأبدية بقوة لاهوته، وغفر للإنسانية كل خطاياها، و حررها من عبودية الشيطان، و نالت الخلود بقيامته و الحياة الأبدية. فالذين يؤمنون بعمل المسيح الخلاصي هم ورثة للملكوت الأبدي بدم المسيح.
الكنيسة ممثّلة في الأباء الرسل،أعطاهم السيد المسيح سلطان الكهنوت و هم بدورهم سلموه للآباء البطاركة و البطاركة سلموه للأساقفة و الكهنة ” فقال لهم يسوع أيضاً سلامٌ لكم، كما أرسلني الآب أرسلكم أنا. و لما قال هذا نفخ و قال لهم إقبلوا الروح القدس.من غفرتم خطاياه تغفر له و من أمسكتم خطاياه أُمسِكَتْ ” (يوحنا 20 : 21 – 23). فمن خلال الروح القدس – بالنفخة المقدسة – يتحول الخبز إلى جسد المسيح و الخمر إلى دم المسيح (يوحنا 6: 53 – 56)، من خلال سرّ الكهنوت الذي أعطاه السيد المسيح لتلاميذه..
هذا هو غذاء الروح إذ و نحن في الجسد؛ ترك لنا الرب يسوع هذا الكنز السماوي في كنيسته ليرعاها بنفسه من خلال كهنته، حاملين كهنوته لرعاية المؤمنين (الكنيسة). و بتناول المؤمنين جسد الرب يسوع المسيح و دمه يكونون نوراً للعالم و إنجيلاً مقروءاً و كنيسة مجيدة.
وهكذا باقي الأسرار الإلهية السبعة التي تعمل بها الكنيسة لتظل حية بالروح القدس. كما قال سليمان الحكيم في ( سفر الأمثال 9: 1 )” الحكمة بَنَتْ بيتَها. نحتت أعمدتها السبعة. ذبحت ذبحها. مزجت خمرها أيضاً رتبت مائدتها “.
الكنيسة التي أسسها السيد المسيح ابن الله بدمه المسفوك على الصليب لفداء كل البشر، هي بيت الله و ملائكته. التي قال عنها إشعياء النبي :” كل آلة صُوِّرَت ضدك لا تنجح، و كل لسان يقوم عليك في القضاء تحكمين عليه. هذا هو ميراث عبيد الرب و برُّهم من عندي يقول الرب “(اش54: 19).
” … المسيح أحب الكنيسة و أسلم نفسه لأجلها لكي يقدسها مطهّراً إياها بغسل الماء بالكلمة لكي يُحضرها لنفسه كنيسة مجيدة و لا غضْن أو شيء من مثل ذلك بل تكون مقدسة و بلا عيب ” (أفسس 5: 25 -27)؛ لأن فيها المسيح بذاته – جسده و دمه على المذبح بحلول روحه القدوس.
فائدة الكنيسة أنها ترشد و تعلّم و تُذَكّر و تُغذي روحياً كما قال الكتاب في (يو6 53 – 56). و كما قال القديس بولس في (1كو 11: 23 – 30):” لأنني تسلمتُ من الربّ ما سلمتكم أيضاًأنّ الرب يسوع في الليلة التي أسلم فيها أخذ خبزاً. و شكر فكسر و قال خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لأجلكم إصنعوا هذا لذكري. كذلك الكأس أيضاً بعدما تعشّوا قائلاً : هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي إصنعوا هذا كلما شربتم لذكري.فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز و شربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أنْ يجيء.إذاًأي مَـن أكل هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون إستحقاق يكون مجرماً في جسد الرب و دمه.و لكن ليمتحن الإنسان نفسه و هكذا يأكل من الخبز و يشرب من الكاس. لأن الذي يأكل و يشرب بدون استحقاق ياكل و يشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب. من أجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء و مرضى و كثيرون يرقدون “.
الأنبا أثناسيوس
أسقف بني مزار و البهنسا