بين أصناف الحلويات تجدها تجلس، تمسك بيديها التليفون لتتلقي الطلبات لتجهزها، إنها “أم هاني”أو السيدة “صباح”، تزوجت منذ مايقرب من٣٠عاما وسكنت مع حماتها في غرفة واحدة ،زوجها كان يعمل نقاش وتوفي منذ ١٥سنة وترك لها ولد وبنت وأمه ، لم تترك أم هاني حماتها المريضة بمفردها بل ظلت معها وخرجت تبحث عن “لقمة عيش” لتصرف منها علي أولادها وحماتها.
تنهدت “أم هاني” وهي تسترجع الذكريات فقالت :بدأت رحلة البحث عن عمل بعد وفاة زوجي ،وأنا غير متعلمة ، ففي بداية الامر اشتغلت “دادا” مربية بمدرسة ولكن كان مرتبها ضعيف ،”مابيكفيش الاكل والعلاج”، فاشتغلت عاملة نظافة في مركز طبي فترة مسائية، ولكن بعد فترة لم أستطيع العمل طوال اليوم ، فتركت المركز الطبي.
وأكملت : بعدما كبر بدأ ينزل شغل في محل نظارات، وأتعلم المهنة وبدأ يجيب ليه شغل خاص وفي يوم أجازته ينزل يقف بيهم في الشاع ويبيع لحسابه، وبدأت الأمور تستقر معانا ونعيش بشكل أفضل، خاصة بعد وفاة حماتي .
” تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن”بهذا المثل أكملت أم هاني كلامها قائلة : الطبيعي ان لما بنتي يجيلها عريس أفرح لكن أنا شيلت الهم من تكاليف الزواج، ولكن ربنا ساعدني أنا وإبني ان نجهزها ونسلمها لعريسها ،ووقتها قرر ابني أن أترك العمل وأقعد في البيت أرتاح وفعلا عملت كدة وتوقعت أن هبدأ”أشم نفسي وأرتاح وأفرح”خاصة بعدما رزقت بنتي بطفل جميل ، ولكن أيام قليلة وتوفي زوجها في حادث وجائت هي وطفلها ليعيشوا معي مرة إخري.
بدأ الحمل يزيد علي أابني ولم يستطيع عمله أن يكفينا ،ففكرت أن أنزل أدور علي شغل لكن صحتي لم تساعدني فأصبحت مريضة قلب، وكانت لي صديقة مازالت تعمل “دادا” بالمدرسة أقترحت أن أعمل بالمنزل وأعمل كحك وبسكويت وحلويات شرقية،خاصة لأنني مشهورة بين معارفي بمهارتي فيهم، وقالت لي : أنتي أعملي وأنا هبيعلك في المدرسة ،وبالفعل بدأت وخلال أسابيع قليلة بدأت تزيد الطلبات .
ولكن لم يكن العائد المادي كافي ،فبدأت تفكر أم هاني في كيفية تسويق منتجاتها، فقررت أن تخرج بنفسها وتذهب للمدارس والادارات التعليميةلتجد لمأكولاتها مشتري ، فكانت تخرج يوميا من الساعة السابعة صباحا تذهب للمدارس وتقف أمام باب المدرسة لتعرض مأكولاتها علي أولياء الأمور والمدرسين، وتعود لمنزلها في الساعة الثالثة عصرا لتبدأ في عمل حلويات اليوم التالي، وأوضحت أم هاني انها خلال أسابيع قليلة “ربت زبون” و الناس أخدت رقمي علشان يطلبوا عليه الي عايزينه”
“العلاقات الطيبة والنظافة سر شهرتي ” هكذا قالت أم هاني ،التي لم توافق أن تخرج بنتها للعمل وتترك طفلها الرضيع ،بل قررت أن تعمل هي وتضحي من أجل أولادها وحفيدها ، واضافت أنها الان لم تعد بحاجة للخروج لتسويق منتجاتها، لكن هناك أيام تعتذر فيها عن بعض الطلبات نظرا للضغط عليها.
وأنهت أم هاني كلامها وهي تبتسم أبتسامة ممزوجة بالدموع قائله”ربنا بيعوض الي بيتعب بجد ، والي بيتعب من أجل راحة اولاده ،ربنا هيريحه ويبارك في صحته وهيفرحه بأولاده “