من هو القديس إمبروسيوس ؟
هو أسقف ميلان تقدم لنا حياته صوراً رائعة للرعاية الروحية ، ولد عام 340م من أسرة تقية كان والده حاكم ببلاد الغال ( فرنسا ) في عهد قسطنطين الصغير ، وكانت له أخت كبرى تدعى مارسيلينا وأخ أكبر يدعى سايتروس ، ولما مات والده أنتقلت أمه وأخوته إلى قصر بروما وكان القصر كبير يضم أسرة تتسم بالوداعة … لما كبرعُين إمبروسيوس حاكماً لميلان وفي طريق ذهابه إلى هناك أوصاه صديقه أن لا يعمل كقاضي بل كأسقف ، كان يقصد ألا يطلب السلطة بل يقدم الأبوة الحانية ولما جاء الى ميلان وجدها مجالاً للمجادلات الاريوسية إذ كانت تابعة للأسقف الأريوسي أوكسنيتوس ولم يمضي عام على وصول إمبروسيوس حتى إنتقل الأسقف فصارت المدينة محل صراعات حول إختيار الأسقف الجديد ، فاضطر إمبروسيوس أن يحضر إلى الكاتدرائية بصفته حاكم المدينة ، وكان عند دخوله أن سمع الكل صوتاً واضحاً يقول ” إمبروسيوس هو الأسقف” وتكرر الصوت فطلب الكل سيامته أما هو فهرب لكن في النهاية خضع لإرادة الشعب وبد سيامته أرسل اليه القديس باسليوس الكبير يهنئه على سيامته كما حضرت إليه أخته مارسيلينا من روما لتعيش معه … كان جهاده لا يتوقف فكان من جهة يجاهد ضد الأريوسية ومن جهة أخرى ضد الوثنية كما أهتم ايضا بإصلاح ما يعم المجتمع من فساد ، فقد دخل في صراع مع الإمبراطورة الأريوسية يوستينا … وأيضاً كان له موقف حازم مع الإمبراطور ثيؤدسيوس حينما قتل عامة الشعب في تسالونيكي أحد ضباطه فغضب الإمبراطور ودعاهم لحضور أحد المباريات ولما دخل الشعب أمر الإمبرطور جنوده بقتلهم ، فصار هلع ورعب في المدينة ، وبعدها أراد الإمبراطور دخول الكنيسة فمنعه القديس إمبروسيوس حتى يقدم توبة علنية ويصلح ما أمكن من أثار هذه المذبحة ..وهنا نراه لا يقف موقف صاحب سلطان أو منازع للسلطة لكن موقف أب روحي وقتها حاول المحيطين بالإمبراطور أن يصوروا الأسقف شخصاً متسلطاً لا يقبل الإمبراطور، لكن الإمبراطور لم يستمع لهم وقدم توبة إلى الله ومن وقتها صارت صداقة بينه وبين القديس .
كان لإمبروسيوس دوراً في جذب” أغسطينوس” للإيمان ، كما كان يعزي القديسة مونيكا وإعتمد أغسطينوس على يديه عام 387 م . ومع كبر سنه توقف عن الكتابة لكنه كان مستمر في قراءته وتأملاته . وفي أحد الأيام بينما كان يصلي رأى الرب يسوع يقترب منه مبتسماً إبتسامة إلهية ويدعوه لمرافقته للسماء فعلم أن وقت رحيله قد قارب . وفي يوم الجمعة الكبيرة 4 أبريل 397م مد زراعيه على هيئة صليب وأسلم روحه فى يدى الله … كان القديس مهتم بتنظيم العبادة الليتورجيه في ميلان فقدم تدبيراً ليتورجيا ًجميلاً يعتز به أهل ميلان ، أما كتاباته وعظاته فتضم كتابات عقائدية وتفسيرية ونسكية .
ليس الإيمان مجرد إعتناق مجموعة من العقائد نتلوها في قانون الإيمان إنما هو حياة نحياها وعقيدة تقودنا للحياة ، وقد نجد كثير من الهراطقة وغير المؤمنين يسخرون من التعاليم المسيحية فهؤلاء يرون أن المسيحية كديانة لا يجب أن تؤخذ بمأخذ الجد لأنها توصي المؤمنين بأمور لا ترى ، لكن هؤلاء لا يستطيعوا أن يصدقوا ما لا يستطيعوا أن يروه بأعينهم.
مفهوم إيماننا:
يقول القديس إمبروسيوس في كتابه شرح الإيمان …أن الله واحد ولا ينفصل عن إبنه كما يفعل الوثنيون . فالابن مولود من الآب قبل كل الدهور وبعد ذلك ولد من العذراء ، كما أننا لسنا مثل سابليوس الذي خلط الآب مع الكلمة ولا نعتقد مع آريوس في وجود سلطات متعددة فيكون لدى آريوس أكثر من إله واحد .
الوحي يقول ” اسمع يا إسرائيل الرب إلهك إله واحد ” الله واحد ، واحد هو اسمه ،واحده هي القوة التي للثالوث ، فالمسيح نفسه قال ” اذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس ” ( مت 28: 19) قال باسم ولم يقل بأسماء ، والمسيح نفسه يقول ” أنا والآب واحد ” ليس بإختلاط الأشخاص لكن بوحدانية الطبيعة ، لذا نحن نقول أنه يوجد إله واحد وليس إلهان أو ثلاثة ، مملكة واحدة للثالوث لا تنقسم.
” ليس كل من يقول لي يارب يارب يدخل ملكوت السموات ( مت 7 : 21)” فالإيمان ليس مجرد عمل نؤديه لكنه إيمان بعقيدة نحياها ، إيمان بأن الله صالح أبدي كامل كلى القدرة ظهر لنا من خلال الناموس والأنبياء ، فنؤمن بأن الصلاح من طبيعة الله ، إيمان بأن الله غير خاضع للزمان فلا يمكن للذي خلق الزمان أن يكون خاضعاً له ، هذا هو تعليم إيماننا أن الله صالح وأنه لا يوجد شئ مستحيل لدى الله وأن الله لم يوجد في الزمان وأنه أعلى من كل الكائنات .
أهمية الإيمان :
هو أحد الفضائل الثلاثة الكبار ” الإيمان والرجاء والمحبة ” ( 1كو 13 : 13) وهو الوسيلة التي يحيا بها البار ” أما البار فبالإيمان يحيا ” وهو بدء الطريق الموصل إلى الله .
ايماننا بالله الواحد :
يقول الناموس أن إيماننا باله واحد وليس الهان فالناموس يقول ” اسمع يا إسرائيل الرب الهك رب واحد تث 6 : 4 ” وفى سفر التكوين يقول ” فخلق الله الأنسان على صورته تك 1 : 27 ” اذن فليس هناك الهان لكن اله واحد خلق الإنسان .
فى المزامير يقول المرتل ” كرسيك ياالله الى دهر الدهور.. مز 45 : 6 ” فالنبى لم يدعو الآب فقط الهاً بل يدعو الابن أيضاً الهاً فالله هو الذى يمَسَح والله الذى فى الجسد الذى يُمسح هو ابن الله اذن فان الله يُمسح بواسطة الله وهو يتخذ الطبيعة البشريه فيكرز به أنه ابن الله فنجد ان أساس الناموس لم يُكسر.
فى أسفار الأنبياء ، نجد أرميا النبى يتكلم عن اله واحد ومع ذلك فهو يعترف بالآب والأبن قائلا ” هو الهنا وبالمقارنة معه لا يعادله اخر كشف جميع طرق المعرفة واعطاها ليعقوب عبده وإسرائيل محبوبه وبعد ذلك ظهر على الأرض وتكلم مع الناس “
حتى الطبيعة تشهد على وحدانية الله من حيث أن العالم كله واحد ونرى ذلك واضح فى العهدين القديم والجديد ، اما عن وجود روح واحد كلى القداسة فهذا ما تشهد له النعمة لإنه توجد معمودية واحدة باسم الثالوث حتى المجوس يؤمنون باله واحد وظهر ذلك من خلال هداياهم معترفين من خلال الذهب بملوكيته ومن خلال البخور بالوهيته ، فتلك الهدايا تعنى أنهم ينظرون اليه كأنسان لكن يعبدوه كرب يرونه يرقد وسط الاقمطة لكنه يشرق وسط النجوم ، الجسد فقط مقمط فى الملابس لكنه اله تخدمه الملائكه .
أيماننا ضد الاريوسيين :
يعتقد الاريوسيين أن الابن غير مماثل للآب فيعتقدون أن الابن له بدء فى الزمان بينما هو نفسه مصدر الزمان ايضا ينكرون ان الابن واحد مع الآب وبذلك يسكتون صوت المسيح إذ هو نفسه يقول ” أنا والآب واحد يو 10 : 30 “
المسيح هو صورة الآب :
المسيح هو صورة الآب فالرسول يدعوه ” صورة الآب غير المنظور بكر كل الخليقة ” وصفه بالبكر وليس أول الخليقة ايضا يقول الرسول ” الذى جعله وارثاً لكل شىء الذى به ايضا عمل العالمين الذى هو بهاء مجده ورسم جوهره عب 1 : 2 – 3 ” اى ان الآب جعل الابن صورته ، اما أريوس فيدعى أن الآب ليس مثل الابن لكن الآب خلق شخص مماثلاً له .
” الحكمة هى شعاع النور الازلى ومراة بهاء الله الذى لاعيب فيها وصورة صلاحه حك 7 : 26 ” كلمة صورة تعلمنا أنه لايوجد أختلاف بل تعنى نسخة طبق الاصل لهيئة الآب ، وكلمة بهاء تعبر عن أزليته وبواسطة تلك الصورة اظهر الابن الآب لفيلبس فقال له ” من رانى فقد راى الآب فكيف تقول أنت ارنا الآب ؟ الست تؤمن أنى أنا فى الآب والآب فيا ؟ ” أذن من ينظر الى الأبن يرى الآب فى صورة شخصه ، فنرى أن الأبن مماثل للآب فيصبح الأبن أزلى كالآب ، لكن إن كنا نقول أن الآب أزلى ثم ننكر أزليه الأبن فنحن بهذا نقول أن الأبن ليس مماثلاً للآب .
باى طريقة ولد الابن ؟
ولد الابن كائناً له دوام أبدى ولد كبهاء النور الأزلى ولم يكن هناك لحظة على الاطلاق كان الله فيها دون حكمة مثلما لم يكن هناك زمن على الاطلاق كان النور فيه بلا إشعاع .. فنجد الملك الوثنى يرى فى أتون النار التى القى فيها الثلاث فتية رابعاً شبيهاً بالالهه فحكم بأنه ابن الله وهو الذى لم يكن قد سمع عنه لكنه امن به ، إبراهيم ايضاً ابصر ثلاثة وسجد لواحد ، نرى ايضاً فى التجلى بطرس يرى إيليا وموسى على الجبل مع ابن الله لكنه لم ينخدع ولم يسال احد منهم إنما سأل المسيح عما يجب ان يعمله فانتظر الامر من واحد لكن بجهالة فكر عرض ان يصنع ثلاث مظال الا أن الصوت الالهى صحح ذلك قائلاً ” هذا هو ابنى الحبيب له اسمعوا مت 5:17 ” وكأن الصوت يقول لبطرس لماذا تضع اخوتك العبيد على مساواه مع سيدك ؟ إن هذا وحده هو ابنى ، موسى ليس ابنى وايليا ايضاً ، ففهم بطرس هذا فسقط على وجهه امام صوت الآب وجمال الابن .
الفرق بين الوثنيين والأريوسيين :
الوثنيين يتخذون لأنفسهم الهه مختلفة وغير متساوية فى القوة اما الأريوسيين فيُقرون بوجود ثالوث لكن غير متساوى فى القوة متنوع فى الالوهيه ، الوثنيين يمجدون الهتهم ويرفعونها اما الأريوسيين فينزلون الابن لرتبة المخلوق ، الوثنيين والأريوسيين كلاهما يؤمنون ان الههم بدا الوجود فى زمن ما .
طبيعة الله :
إن طبيعة الله ليست مُركبه ولا يضاف اليه شئ يحوى فى طبيعته ما هو الهى يملأ كل الاشياء دون ان يختلط بأى شئ ، يتخلل كل الأشياء ولكن لا يتخلله شئ ابداً موجود بكل ملئه فى السماء والبحار والأرض ، غير مرىء للعيون ولا يُعبر عنه بالنطق .
إيماننا بالمسيح :
خرج الابن من الآب كما يشهد هو لنفسه قائلاً ” لانى خرجت من قبل الله واتيت يو 8: 42 ” ، ” من عند الله خرجت يو 16: 27 ” فالذى خرج من الله له صفات الله وبذلك يصير المسيح اله حق من اله حق .
” الذى لم يشفق على ابنه بل بذله لاجلنا رو 32:8 ” تجد فى الآيه كلمه (ابنه) تدل على ان المسيح ابن الله فيؤكد ويعلن الوهيته ونجد كلمه (بذله) يتحدث بها عن الجسد فبذلك يعلن لنا الوهيته وان مذلته فى الجسد كانت لاجل طريق خلاصنا ، وقد يحرف البعض الكتب المقدسة بسبب عباره ( الله بذله ) فنجد بولس يقول” سلام من الله الاب ومن ربنا يسوع المسيح الذى بذل نفسه لاجل خطايانا غلا 1: 3-4 ” فيوضح أن الاب قد بذله وأنه هو ايضاً بذل نفسه من تلقاء نفسه ، فنجد أن إرادة الآب والابن واحدة.
شهادات عن الوهيه المسيح:
1- التلاميذ قذفتهم العواصف وهم فى البحر ثم راوا سيدهم سائر فوق المياه بخطوات شجاعه غير خائف وسط الأمواج الثائره ، راوا السفينة تضربها الأمواج ثم تهدا حالما يدخلها المسيح ، وراوا الريح والموج يطيعانه مع أنهم لم يكونوا قد امنوا بعد الا انهم اعترفوا بالوهيته قائلين ” حقا أنت ابن الله “
2- قائد المئه رأه معلقاً على الصليب لكنه قال ” حقا كان ابن الله مت 45:27 “
فنتوصل الى أن” المسيح هو اله من اله ، نور من نور ، اله حق من اله حق ، مولود من الاب غير مخلوق ، له جوهر واحد مع الاب “