ولد الطفل متياس فى قريه الرحمانيه التابعه لمركز نجع حمادى بمحافظه قنا – وذلك فى عام 1920 . ثم التحق فى دير أنبا مقار بوادى النطرون فى يوم الآربعاء الموافق 19 فبراير عام 1939م ولم يكن قد أكمل العشرين من عمره بعد …
رسم قساً عام 1940م وبعدها عين وكيلاً لاوقاف الدير بالقاهره ، وكانت تربطه صداقه قويه مع الانبا يوساب مطران جرجا ، وساهم بقسط وافر فى ترشيحه للكرسى البطريركى ولما فاز بالمنصب جعله سكرتيراً خاصاً له .
بعد شهور قلائل وبالتحديد فى 25 أغسطس عام 1946 قد رسمه البابا يوساب الثانى مطرانا على أسيوط ثم عاد قداسه البابا وعهد إلى الانبا ميخائيل رئاسه دير أبى مقار ،.
وكان يقال أنذاك أن انبا ميخائيل ذات صله قرابه مع البابا يوساب الثانى وبالتحديد أنه ( أبن أخته ) .. ويذكر أنه بعد سيامته على كرسى أسيوط لاقي معارضه شديده من باشوات المدينه بدعوى صغر سنه ، حيث يقال أن زوار دار البطريركيه يلتقون فى فنائها براهب صغير السن . صغير الجسم حيث كان عمره وقتها لا يتجاوز 36 عاماً ، وكانوا قد أعتادوا أن يروا فى البطاركه ضخام الجسم يملأون العين كما كان يطلق وقتها ، ولكن اذا أتيع لبعض الزوار ان يتحدثوا إلى ذلك الراهب النحيل وان يجلسوا معه ، كانو يخرجون من اللقاء الاولى ماخوذين ومبهورين ، ثم يعودوا الى المقر البطريركى لا لشئ الا لمقابله الراهب الصغير .
وقد كان لسيامته مطراناً على أسيوط قصه متداوله فى ذلك الوقت ، اذ أنه عندما كان راهباً فى دير القديس أبى مقار ( القديس مكاريوس ) – كان شجاعاً دائم الدفاع عن الحق مما جعله يصطدم بممارسات رئيس الدير حيث كان يراجع رئيس الدير بكل وداعه عن سلوك خاطئ ، ولكن رئيس الدير قرر أن يتخلص منه بالطرد !! وقد قيل أنه فى نفس الليله ظهرت السيده العذراء للبابا يوساب الثانى بابا الاسكندريه وأٌمرته بالاسراع إلى دير أنبا مقار وسوف يجد راهباً اسمه متياس و أن عليه أن يرسمه مطراناً على كرسى أسيوط الذى كان كرسيها شاغراً فى هذا الوقت ..
أسرع البابا إلى الدير وفوجى الرهبان بزيارته ، فأحتفلوا بمقدمه ، وحينما سألهم عن الراهب متياس المقارى ، ظن الرهبان أنه سمع عن الخلاف بينه وبين رئيس الدير ، فقالوا له : أنه سوف يغادر الدير اليوم ، فأجابهم : بنعم أنه سيغادر الدير لأنه سُيرسم مطراناً على كرسى أسيوط ..
ولكن لما ساءت أحوال البطريركه بسبب تدخل خادم البابا يوساب الثانى فى الشئون الاداريه والذى كان يحظئ بداله قويه عند سيده ، وكان يدعى كامل جرجس أو ( ملك ) ، حيث ساء هذا لخادم التصرف وتعددت الشكاوي بأن هذا الخادم كان يحصل على رشاوى لتعيين الاساقفه والمطارنه ، وصلت هذه الشكاوى الى وزاره الداخليه حيث أصدرت قراراً بالقبض على هذا الخادم ، وازداد حال البطريركيه سوءاً بعد أيقاف البابا عن تأديه مهامه الاداريه وسفره الى الدير المحرق ، فقد أجتمع المجمع المقدس فى 27 سبتمبر 1955 وتم أنتخاب ثلاثه مطارنه لاداره شئون الكنيسه وهم : ( الأنبا أغابيوس مطران ديروط ، والأنبا ميخائيل مطران أسيوط ، والأنبا بنيامين مطران الدقهليه ) .
ويذكر فى هذا السياق للانبا ميخائيل موقفه التاريخى فى هذا الوقت حيث سجل التاريخ الكنسى دوره المهم جداً ومواقف عظيمه عند أقصاء البابا يوساب ، حيث أشاد بهذه المواقف الكثير من الصحفيين فى الجرائد والمجلات المصريه رغم أن عمره كان وقتها لم يتجاوز ال 26 عاماً ماحضر بعض أبيات الشعر من قصيده شهيره نشرت فى جريده مصر فى 29 سبتمبر 1955 يمتدح فيها الشاعر ( يحيا أبن يقظان ) نيافه أنبا ميخائيل على مواقفه وشجاعته حيث قال :
بوركت ميخائيل من يقظان .: فى حب الكنيسه هادئ قنعان .
ما قلت يارب الهدى نعم أم لا .: الا وقصدك طاعه الرحمان .
فى الحق تؤثر أن تكون مجاهداً .: عنه ولا يثنيــــك عنه ثــــان .
كان يذكر أن فى ( صفحه 503 ) من كتاب الرهبه القبطيه الذى أصدره دير أنبا مقار ببريه شيهيت جاء فيه : أن نيافه أنبا ميخائيل مطران أسيوط ورئيس دير أنبا مقار والذى تقبل نعمه الاسقفيه فى 25 أغسطس 1946 – عرفته أيبارشيته رجل تعليم و بناء وتعمير – وسيظل جبل العذراء بأسيوط يحمل له مبانيه الضخمه الجميله إلى الابد ، أما دير انبا مقار فقد صار كما وصفه سابقاً ساويرس أبن المقفع بأنه على يده قامت داخل الاديره النهضه الروحيه والمعماريه الكبرى ، عرفته الكنيسه كلها لسان حق ورجل مواقف ..
أما علاقه قديسنا الانبا ميخائيل فكانت علاقته قويه جداً مع البابوات الذى عاصرهم منذ جلوسه على كرسى المطرانيه بأسيوط وعددهم أربعه بطاريكه هم ” البابا يوساب الثانى البطريرك 115 ، وهو الذى سامه أسقفاً فمطراناً ، والبابا كيرسل السادس البطريرك 116 ، والبابا شنوده الثالث البطريرك 117 ، والبابا تواضروس الثانى البابا والبطريرك 118 ) .
أحب قديسنا البابا كيرلس فأحبه اكثر وعهد اليه رئاسه دير ابو مقار ، وسافر مع قداسته الى الفاتيكان سنه 1963 وكان ضمن الوفد القبطى الرسمى الذى رافق جسد القديس مرقس الرسول كاروز الديار المصريه فى رحله عودته الى القاهره عام 1968 كما اسند اليه الاشراف على بناء الكاتدرائيه المرقسيه بالعباسيه .
كما ارتبط بعلاقه حب مع مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث وكان دائم المؤازره لقداسته فى كل المشاكل التى كانت تعصف بالكنيسه .
وفى فتره حبرتيه لم تبخل العذراء مريم بظهوراتها المتكرره بجبل درنكه حيث أنه من فرط محبتها له قد تجلت فى كنيسه القديس مرقس الرسول وكذلك أشراقات النور وأطياف الحمام ابتداء من 17 أغسطس عام 2000 وشاهدها الملايين على مدى شهور فى سماء منارات الكنيسه وهذا دليل على محبه العذراء للايبارشيه واسقفها المبروك .
كما يذكر أيضاً فى هذا السياق زيارات الآباء البطاركه لمقر ايبارشيه أسيوط – حيث تشرفت الايبارشيه بزياريه البابا كيرلس السادس فى 18 أغسطس 1960 – حيث زار قداسته دير السيده العذراء بجبل أسيوط وظهر فى بعض الصور يتوسط بعض الزائرين للدير من شعب المطرانيه .
وأيضا فى سبتمبر 1972 قام المتنيح قداسه البابا شنوده الثالث بزياره تاريخيه لايبارشيه أسيوط أستمرت لدقائق حيث أستقبل بكاتدرائيه رئيس الملائكه استقبالاً كنسياً وشعبياً . أحتشد فيه الآلاف للترحيب به واستقبله مطران أسيوط نيافه الانبا ميخائيل – وقد رفع قداسه البابا صلاه الشكر ثم ودع مستقبليه .
و أيضا فى المضمار نفسه – وفى ظهر يوم الخميس 7 فبراير ل 2013 وبعد الانتهاء من فعاليات المؤتمر الدولى السادس لمؤسسه القديس مرقس الرسول للدراسات التاريخيه والذى جاء مكان أنعقاده بدير العذراء المحرق العامر بالقوصيه – وكان ذلك فى أولى رحلات قداسه البابا تواضروس الثانى خارج مقره البابوى بالقاهره .
وفى نفسى اليوم أيضاً وفى تمام الساعه 1.15 بعد الظهر الموفق الخميس 7 فبراير لسنه 2013 . أستقل قداسه البابا تواضروس الثانى سياره عادية يرافق قداسته فقط نيافه انبا توماس أسقف القوصيه حتى مشارف مدينه أسيوط ، وعندها استقل سياره أخرى لاحد الأباء كهنه مطرانيه اسيوط حيث دخل المقر من بابه الجانبى قرابه الساعه 2.30 بعد الظهر .
وقد حظى هذا اللقاء بمنزله خاصه لدى البابا – حتى انه روى تفاصيله والذى أستمر قرابه الساعتين خلال كلمه قداسته الوداعيه بقداس جنازه نيافه انبا ميخائيل المتنيح حيث قال قداسته بالحرف الواحد ” لا أنسى هذا اللقاء الدافئ الذى جمعنى بنيافه الانبا ميخائيل مطران اسيوط.*
ويذكر أنه فى هذا اللقاء قد تلقى قداسه البابا تواضروس الثانى من نيافه الانبا ميخائيل مطران اسيوط هدايا تذكاريه لقداسته وهى الصليب الخشبى الذى كان يحمله نيافته ، وتمثال الرب الراعى ، و أيضا صليبا ذهبياً داخل علبه قطيفه حمراء كان قد أهداها لنيافته قداسه البابا يوساب الثانى لابنه الروحى نيافه الانبا ميخائيل وذلك بمناسبه رسامته مطراناً لكرسى ايبارشيه أسيوط .
وكان اللقاء الثانى لنيافه الانبا تاوضروس البابا والانبا ميخائيل مطران أسيوط المتنيح أثناء ذهاب نيافته للعلاج فى المانيا حيث كان فى هذا التوقيت فى زياره رعويه لالمانيا حيث كان فى هذا التوقيت نيافه الانبا ميخائيل فى المستشفى على سرير المرض لعمل منظار استكشاف للورم السرطانى بالمثانه ، حيث وصل قداسته الى غرفه العنايه المركزه وتحت تأثير البنج ، فما كان من قداسه البابا الا أن رفع صلاه أوشيه المرضى ، فسمع صوت نيافه أنبا ميخائيل يقول ” شكراً ليه تعبت نفسك ؟!!!
عشق الانبا ميخائيل ايبارشيته وتفانى فى خدمه شعبه ، ولم يبرح قلايته بالمطرانيه -وحتى منذ ان كان راهباً بالدير ، ولمحبته الشديده لآم النور فقد شيد صروحاً كثيره بدير العذراء بجبل درنكه والذى يزوره فى أغسطس من كل عام نحو مليونين من الأقباط والمسلمين .
قديسنا قد عاش السياحه الروحيه والشفافيه بشهاده الكثيرين من أبناءه – فيرى ما لا يراه الاخرون لا بقوته ولا بقدرته ، ولكن بفيض النعمه التى يرسلها الله لأولئك الذين يلتقون فوق الماده ويخضعون للغذاء الروحى من صلوات واصوام وقراءات مقدسه
كان الانبا ميخائيل يعتز جداً بأنه يمسك فى يده صليب خشب وحين سأله أحدهم وقاله لقه : ” لماذا ياسيدنا تمسك الصليب الخشب ، وعندك انواع كثيره من الصلبان الغاليه ” . أجاب وقال ” يابنى أن صليب المسيح الذى صلب عليه من الخشب ” .
لقب الانبا ميخائيل ” بأسد الصعيد ” لمواقفه الشجاعه ودفاعه عن الحق ازاء العديد من الأزمات وفى ظل أرهاب مستمر من السبعينيات حتى التسعينيات .لقبت أيضا بشيخ المطارنه نظراً لاعتلائه كرسى الكاتدرائيه بأسيوط قرابه السبعون عاماً .
رأس صلاه الجنازه قداسه البابا تاوضروس الثانى فى حضور عشرات المطارنه والاساقفه والكهنه وحشود الألاف من الاقباط داخل وخارج كاتدرائيه رئيس الملائكه ميخائيل حتى أن الكاتدرائيه رغم اتساعها – فقد ضاقت بأبناء الكنيسه وفى الشوارع المحيطه بها .
وشهد له قداسه البابا تاوضروس فى الكلمه التى القاها حيث قال : ” أنه عاش رأهبا وناسكاً كل السنوات ” – وكان مثالاً للالتزام وصوت الحق كما قال عنه نيافه الانبا موسى اسقف الشباب فى كلمته ” أنه تتلمذ على يده ونال بركته وشرفه اللقاء به عده مرات طوال الستون عاماً الماضيه ، واضاف نيافته قائلاً بهذه المناسبه : لعل القديسيين فى السماء يتهللون لاستقبال نيافته فى محفل القديسين بالفردوس ” .
ونيافه الأنبا ميخائيل كان متزهداً عن قبول منصب قائمقام البطريرك بعد نياحه مثلث الرحمات قداسه البابا شنوده الثالث وذلك لكونه اكبر المطارنه سناً وكان يليه نيافه أنبا باخوميوس مطران البحيرة …
بعد رسامه البابا تاوضروس الثاني طلب نيافه الانبا ميخائيل من قداسته أن يسمح للرهبان ان ينتخبوا راهباً من بينهم ليكون اسقفاً للدير بسبب عدم استطاعته القيام بمهام أدراته للدير ، فوافق قداسه البابا على ذلك على أن يظل نيافه أنبا ميخائيل رئيساً شرفياً للدير ، حيث ظل اسم نيافته يذكر فى القداسات داخل الدير جنبا الى جنب مع ذكر اسم كل من قداسه البابا تاوضروس ونيافه أنبا ابيفاتيوس رئيس الدير وبناء على طلب رئيس الدير .
والجدير بالذكر أيضاً ان الانبا ميخائيل قد عاصر كل من الملك فاروق ملك مصر وثمانيه من رؤساء الجمهوريات هما ( محمد نجيب ، جمال عبد الناصر ، انور السادات ، صوفى ابو طالب ، حسنى مبارك ، محمد مرسى، وعبد الفتاح السيسي )
كان الانبا ميخائيل صاحب مدرسه نسكيه رهبانيه انعكست على عباداته التقويه ، الامر الذى وصل الى حد أنه حىن يرقع صليبه فى دير العذراء بجبل أسيوط ، كان الجبل يضاء بانوار عجيبه…
وأخيراً تنيح صاحب النيافه الانبا ميخائيل مطران اسيوط ورئيس مجمع رهبان دير القديس أنبا مقار ببريه شيهيت يوم الاحد 23/11/2014 بعد صراع طويل مع المرض وعن عمر يناهز الثلاثه وتسعون عاماً……بركة صلاتة نكون معنا …امين.