حفاظا على كيان الأسرة و حمايتها من تفككها , اتبعت ايبارشيات على مستوى الجمهورية فكرة كورسات المشورة لاعداد المخطوبين و المقبلين على الزواج ليأتى قرار المجمع المقدس بالزامية اجتياز دوراة المشورة قبل الزواج داخل كافة الايبارشيات بدء من العام المقبل كشرط اجبارى للحصول على تصاريح الزواج كضمان لها بان الخطيبين اجتازوا الدورة التدريبية و تعرفوا من خلالها على المفاتيح الاساسية لاقامة حياة زوجية ناجحة يعرفون كم تكون حياة الشركة و ما دور كل طرف تجاه الاخر و كيف يكون شكل الاختلاف و ما المشاكل التى يمكن يواجهونها مستقبلا درء لحدوث مشكلات و انما تأسيس بيت على الصخر , و جاءت بعض الكنائس مؤخرا تبتكر فكرة الكورسات المتخصصة ” اون لاين ” و اتاحة المحاضرات عبر ” سى . دى ” بحجة التسهيل على المشاركين نظرا لضيق الوقت و كثرة الشغوليات و هو ما استنكره البعض بتنصل تلك الدورات التدريبة من هدفها الاساسى و هو التواصل و التفاعل بين الخطيبين بشكل ايجابى و صحى من منطلق ” تعرفنى و اعرفك ” و من ثم التعامل مع المسألة بشكل صورى و نظرى دون الدخول للعمق لبناء حياة زوجية سليمة ناجحة .
للوقوف حول اهمية كورسات المشورة لاعداد المقبلين على الزواج , و لاى مدى يمكن لكورسات ال ” اون لاين ” تصعب الحال بدلا من انجاح الحياة الزوجية كما ينبغى ان يكون ؟
تجربة مهمة ولكن..
تحدثنا الدكتورة منى رمزى – منسقة دورات إعداد المخطوبين بكنيسة مارمرقس بالمعادى ، : أعتقد أن فكرة كورسات الاعداد للارتباط والزواج عبر الانترنت او من خلال اقراص مدمجة فقط ” سى دى ” قد تكون فكرة مناسبة لمن هم خارج البلاد ومهاجرين خارج مصر او ظروف عملهم تضطرهم للتواجد خارج البلاد لفترات طويلة لان هذا هو المتاح بالنسبة لهم و ليس امامهم اى اختيار سوى ذلك . لكن من وجهه نظرى انه حينما يحضر المخطوبين أو المقبلين على الارتباط المحاضرات فى الكورسات يكون هناك تذكر للمعلومات بشكل أفضل ، بالاضافة الى ان الحضور للطرفين به فرصة للتواصل أكثر ونجد مجال للمناقشات مما يجعل الكورسات أكثر فائدة للخطيبين ، لكن الاعتماد على الانترنت أو السى . دى أو الكتب فقط لا يفضل الا فى حالة الاضطرار كما سبق واشرت .
تذكر الدكتورة منى رمزى قائلة : إن الأساس فى الموضوع هو قابلية الشخص للتعلم و الاستقبال التى تختلف من شخص لاخر، فهناك اشخاص يحضرون فقط وهدفهم الاساسى هو الحصول على الشهادة فى نهاية الكورس دون ان يكون لديه الدافع للاستفادة الحقيقية المرجوة من هذه الكورسات ،فالاستعداد لدى الشخص هو الاساس .
كما تستطرد الدكتورة منى رمزى قائلة : نحن نقوم بدورنا فى ان نقدم التوعية و المعلومات المطلوبة للمقبلين على الزواج ، لكن الاستعداد للدراسة والاستفادة من هذه الكورسات تعود للشخص نفسه . و أؤكد على ان كثير من الناس الحاضرين فى اول محاضرة نطرح تساؤل من يحضر الكورس فقط لانه اجبارى ، ونتابع مع هؤلاء الحاضرين فقط لهذا السبب خلال الكورس و فى نهايته و نجد ان هناك نسبة كبيرة من هؤلاء فى نهاية الكورس تقر بانها بالفعل استفادت .
و لكنى أؤكد مرة أخرى على انه حينما تكون الكورسات اون لاين من السهل ان الشخص يتم تشتيته فى عوامل خارجية لكن الذى يحضر المحاضرات يكون تركيزه فى الموضوعات التى يستمع اليها اعلى ،فالحضور العملى لهذا اليوم مفيد جدا .
كما توضح الدكتورة منى رمزى ان كنيسة مارمرقس المعادى فى كورسات الاعداد للزواج اضافت أمرين مهمين داخل الكورس و هما : ان يبدا اليوم الدراسى بالكورس بدراسة حالة وعرض مشكلة للمناقشة بين الحاضرين ،ومن ثم تكون هناك فرصة لمعرفة الخطيبين أكثر لبعضهما البعض ونقاط الاختلاف والاتفاق فيما بينهم .
الامر الثانى : عمل يوم طويل يلتقى فيه المخطوبين المشاركين بالكورس لمناقشة عادات كل طرف و اولوياته فى الصرف و معرفة اولويات بعض الحياتية بشكل عام،ثم نترك فرصة للنقاش فى مدى نجاحهم فى التواصل و معرفة اولوياتهم فى الصرف والعادات اليومية ، وفى نهاية هذا اليوم نضع لكل خطيبين 15 سؤال لكل شخص ليقيم معرفته بالطرف الاخر و مدى نجاح فترة الخطوبة .
الدكتورة منى رمزى أكدت على نقطة فى غاية الاهمية و هى أن هناك الكثيرين ممن يقولوا انهم ضد فكرة الاجبار على كورسات الاعداد للزواج ، لكنهم فى حقيقة الامر كثير منهم لم يحضر بالفعل مثل هذه الدورات و لم يجتاز التجربة و لم يتناقش مع مقربين له اجتازوا التجربة اذا فلماذا يحكموا على شىء و بعدم جدواه حسب تعبير بعضهم دون ان يختبروا الامر بانفسهم ، عليهم ان يختبروا الامر اولا قبل ان يحكموا عليه .
الرغبة فى الاستفادة هى الأساس
الدكتورة منال موريس – احدى المنسقين للكورسات المتخصصة بمعهد المشورة الارثوذكسية بالمعادى ، تقول : إن فكرة ان تكون الكورسات أون لاين على الانترنت بشكل أساسى فكرة قيمه جدا ، ونحن بالفعل فى مختلف معاهد المشورة على مستوى الايبراشيات ندرس فكرة ان تكون الكورسات اون لاين فهى مطروحة خاصة مع جعل كورسات الاعداد للزواج إلزامية قبل الزواج فى كافة الايبراشيات بداية من العام المقبل بناءا على قرار من المجمع المقدس ،الامر الذى قد نجد معه صعوبة فى توفير الكورسات بكافة الكنائس بمصر و بالتالى قد يكون هناك احتياج لان تكون هناك بعض الكورسات تقدم عبر الانترنت بشكل اساسى .
تضيف الدكتورة منال موريس قائلة : بالتاكيد سنضع فى اعتبارنا ان يكون هناك مزيد من التواصل وطرح مجال للتساؤلات والمناقشات عبر الانترنت لان التواصل و المناقشات أمر مهم جدا وضرورى وجوهرى خاصة فى كورسات الاعداد للزواج لمزيد من التفاهم بين الخطيبين .
تؤكد الدكتورة منال موريس على أن الأمر الأكثر اهمية هو مدى الاستفادة للخطيبين من حضورهم او مشاركتهم بمثل هذه الكورسات ، و التى تعتمد بشكل اساسى على جدية الشخص نفسه و مدى قابليته للتعلم و الاستفادة .
ليست للتسهيل
يستنكر د . ياسر سمير – عضو بلجنة الاسرة و المشورة بكنائس شبرا الجنوبية بشدة ما اتبعته بعض الكنائس مؤخرا من فكرةاللجوء لكورسات اعداد المخطوبين ” اون لاين ” من باب تسهيل المسألة فى ظل مشغوليات الحياة بقوله , ان طريقة ال ” سى . دى ” افقدت الكورسات المتخصصة فى اعداد المقبلين على الزواج معناها و الهدف التى اعدت من اجلها و هى فكرة التواصل و التفاعل بين الخطيبين لمعرفة كل منهما الاخر المعرفة الصحيحة و الواضحة و الاكثر عمقا لاسيما و ان اهمية حضورهم مثل هذه الدورات التدريبية تجعل منهما يستقوا فكر واحد حتى و ان كانت شخصياتهم مختلفة و من ثم لكل منهما سيستوعبه بطريقته لكن الاكيد ان الفكر الموحد و التعليم الواحد سيساعدهم فيما بعد فى الحديث بلغة واحدة اذا ما واجهتهم مشكلة ما ليصبح الحوار بينهم بشكل أفضل بحصولهم على تعليم واحد هنا تجدهم بتلقائية يسترجعون ” فلان ” قال كذا و ابونا قال كذلك , و بالتالى يقلل حجم الخلاف أو حجم سوء التفاهم فيما بينهم و هكذا تظل لدينا اساسيات مشتركة تبنى البيت و تسهل الحياة الزوجية ليعيشوا معا حياة شركة فى كل شىء .
يضيف د . سمير ان الواقع العملى يؤكد ان كورسات ” الاون لاين ” جاءت لتؤسس فكرة التنصل من التفاعل مع الناس و الحديث معهم , و هو ما نرفضه تماما كمدربين و مرشدين و متخصصين مشورة بكون مثل هذه الكورسات المتخصصات تتيح لنا الفرصة بالاكثر بالتفاعل و التواصل مع الاطراف المشاركة خلال الدورة التدريبية لاعطائهم من الخبرة ما يؤهلهم اقامة حياة زوجية ناجحة بتعريفهم مداخل و مفاتيح اساسيات و مقومات تأسيس ” بيت على الصخر ” بدء من اساسيات اختيار شريك الحياة و دور الزوج و دور المعين النظير مرورا بطبيعة المشكلات التى يمكن مواجهتها فى بداية الحياة و كيفية التغلب عليها انتهاء بكيفية الحفاظ على كيان الاسرة , و كيف يتفهم كل طرف الآخر مع مراعاة عدم تدخل الاهل فى خصوصيات الابناء و غيرها و بالتالى المجال مطروح لطرح وجهات النظر و المناقشة حولها حتى بعد انتهاء الكورس يمكن التواصل و المتابعة فيما بعد عبر جلسات مشورة أو داخل اجتماعاتنا فى الكنائس التابعين لها للاستفسار عن شىء , و هو ما يتنافى كلية مع وضع ال ” سى . دى ” و الكورسات ” الاون لاين ” لتتحول المسألة و كأنها رخصة لاتمام الزواج و ليس أكثر .
يوضح د . سمير ان اهمية كورسات اعداد المخطوبين ترجع للتعليم بالخبرة و ليس مجرد سرد معلومات , فالمعلومة متاحة فى الكتب و الانترنت و لمن يرغب بامكانه البحث و المعرفة و لكن التعلم بالخبرة هنا يصبح الامر مختلف تماما بطرح مشكلات أو صعوبات و من ثم محاولة البحث عن مخرج لها بطريقة مختلفة تفاديا لحدوث مشاكل فيما بعد و من ثم من يلجأ لهذه الطريقة بحجة المشغوليات و ضيق الوقت فهو يحكم على بيته بالمشاكل و بالفشل و عدم النجاح , و المفارقة عجيبة بان نجد من يسعى للعمل فى شركة كبيرة فيخضع لتدريب ربما يستغرق شهور حتى يحصل على الوظيفة فى المقابل يعزف عن المشاركة فى تدريب ما هو اسمى من الوظيفة حيث الارتباط و معرفة ما عليه من حقوق و واجبات تجاه حياته الجديدة و انما التفريط فى مصيره بهذه الطريقة و وضعه ضمن المجهول .
كما يلقى د . سمير الضوء على اهمية ما تتبعه بعض الكنائس منها كنيسة السيدة العذراء الدقى باعداد لقاءات خاصة بالوالدين لكل طرف من الخطيبين و اعطائهم مفاتيح لكيفية التعامل مع ابنائهم المقبلين على الارتباط أو لمن ارتبطوا بالفعل , و لعلها دورات فعالة للغاية لمحاولتها تغيير بعض المفاهيم الثابتة و المعتقدات الراسخة لديهم من شأنها نجاح حياة ابنائهم المستقبلية دون التدخل فى شئون حياتهم و انما المتابعة و احترام الخصوصية .
يؤكد د . سمير فى نهاية حديثه ان العدول عن الخطوبة و عدم استمرارها يعد نجاح لدور الكورسات المتخصصة فى اعداد المخطوبين بكونها نجحت فى تعريف الطريف بعدم القدرة على الاستمرار , و هو ما نؤكده مع بدء كل دورة تدريبية فدائما ما نقول ” ان الكورسات دى معمولة علشان الخطوبة تتفك مش علشان الجوازة تتلصم ” على اعتبار ان 100 خطوبة ” تفسخ ” افضل من زواج واحد” فاشل ” بكوننا نعتبر ذلك خبرة ايجابية و ليس سلبية على الاطلاق , ففترة الخطوبة هى بالاساس مرحلة اختبار .. و الاختبار عادة قابل اما للنجاح أو الفشل .