حرفة عمرها اكثر من ٣٠٠ سنة يتسلمها جيل من جيل فالجدود سلموها للآباء، والاباء للابناء ، يعشقها” عائلة هدهد ” ويبدعوا في تصميماتها ،احبوا الإبداع والشهرة التي حققوها منها ، انها صناعة “الزجاج اليدوي ” التي يحتكرها عائلة حسن هدهد في مصر .
اخذنا كمال هدهد الذي يشارك بمنتجات الزجاج اليدوي بمعرض الصناعات اليدوية المقام بأرض المعارض منذ يوم الجمعة الماضية ويستمر الي يوم ٢٥نوفمبر، لأصل الحكاية التي بدأت من ايام السلطان حسين الذي أمر ببناء مصنع لهذه الحرفة بعيدا عن السكان فاختار مقابر صلاح سالم لتكون مقر المصنع وبدأ جدوده من هناك ،وتمني كمال من الدولة تغير هذا المكان الان لانه اصبح غير مناسب وخاصة انهم لا يملكوا معرض للمشغولات سوي داخل المصنع، نظرا لعدم وجود إمكانيات مادية تكفي لإقامة معارض خارجية .
“تحمل النار والصنايعي هما الي بيفرقوا في جودة المنتج ” يحدثنا كمال بكل فخر عن سر حرفته التي تجعله يجلس امام النار لأكثر من ١٢ساعة لإنتاج عدد القطع المطلوبة ، والصنايعي الشاطر يمكنه ان ينتج ١٠٠قطعة صغيرة و٤٠قطعة كبيرة في ١٠ ساعات، واهم ما يميز زجاج عائلة هدهد ان الزجاج خالي تماما من الرصاص وجميع الخامات طبيعية ، وهذا ما يجعل القطعة مرتفعة الثمن نوعا ما عن باقي الزجاج ، كما ان هذه الميزة جعلتنا نخترق بسهولة السوق الخارجي مثل أمريكا وألمانيا ، فهم يقدروا الزجاج اليدوي المصري ويطلبون باستمرار منتجاتنا.
رغم الإبداع الموجود بمنتجات مصنع “حسن هدهد”للزجاج اليدوي الا ان كمال يشعر بالاحباط الشديد معللا ذلك بصعوبة التسويق ، فالمستهلك المصري لا يعرف قيمة هذه المنتجات الا نسبة قليلة منهم، والمصنع يعتمد اكثر علي التصدير ولكن هناك شهور لم يأتي لهم طلب واحد للتصدير، متمنيا ان تهتم الدولة اكثر بتسويق الحرف المصرية القديمة التي تعتبر من التراث المصري ،فنظرا لقلة التسويق وصعوبة بيع المنتجات يعزف الكثيرين عن تعلم الحرفة وان يتقنوها لأنهم لا يريدوا تحمل تكاليف لا تأتي لهم بعائد مادي يستطيعوا العيش منه.
“في مصر كلها مفيش غير أربعة يعملون بهذة الحرفة، وكلنا من عائلة هدهد وخايف جدا بعد خمس سنوات تختفي هذه الحرفة تماما، لان مفيش حد عايز يتعلمها لصعوبتها ولقلة العائد المادي منها” قال كمال هذه الكلمات وهو منفعلا وقلقا علي مهنته ومهنه اجداده ، ورأي كمال ان الحل ان تنشأ الدولة مدرسة او مصنع لتعليم المهنة وتسليمها لأجيال اخري ،وتكون هذه المدرسة نواه لمشروع قومي ينقذ المهنة من الاختفاء، وأوضح ان هذا الاقتراح يطالب به والده حسن هدهد منذ أكتر من ٣٠عام خوفا من ان تأتي هذه اللحظة ،وتصبح المهنة مهددة بالاختفاء.
أبدي كمال هدهد اعجابه بالمعرض ورأي انه فكرة جيدة ليعرف المصريين بتراثهم ،وبالمنتجات اليدوية التي تذخر بها مصر ومميزاتها،كما اشاد بقرار منع الاستيراد لانه فرصة ان المستهلك المصري لا يجد أمامه سوي منتجاتنا المصرية ولتشجيع كل ما هو مطبوع عليه صنع في مصر .
وعن تقدير الدول الآخري للزجاج اليدوي المصري قال “اتعرض علي والدي زمان ان يتفتح له مصنع في أمريكا وآخر في ألمانيا ونعرض منتجاتنا هناك ،ويعلم الحرفة للامريكان والالمان لكن والدي رفض بشدة ،وقال احنا كاننا بنبي هرم عندهم ، دي مهنة مصرية ولازم نحافظ عليها وعلي تراث بلادنا” متمنيا ان تلتفت الدولة الي تلك الصناعة حتي يتم الحفاظ عليها ،ولا تختفي مهنة دامت اكثر من ثلاثة قرون .