لم اقصد بذلك العنوان الاشارة إلي دعاية ارضية لمشاهير تقادوا اجورا لتسويق المحبة كسلعة روحية ، انما ارادت ان اتمحص اسرار المحبة السماوية التي وطدت اسماء القديسين إلى هذة الدرجة ، فبالرغم أن قرون تفصل بين مارمينا الشهيد والبابا كيرلس القديس ، إلا أن سمةالصداقة الروحية تآصلت لاقصى مداها بينهم.
لم يكن هناك سبب واحد فقط على الاطلاق قد أثر في ارتباط البابا كيرلس بالشهيد مارمينا ، فلربمبا لكون اسمه قبل ان يصبح بطريريك الكنيسة الارثوذكسية( الراهب مينا البراموسي ) ؟! ، ولكن ليس بالضرورة ، فهناك ايضا ملايين من الاشخاص لقبوا بنفس اسماء عظماء سمائيين ونهج حياتهم لا يمت بأى صلة على الاطلاق بسيرة القديس الملقبين على أسمه، اذا ما هو سر التعلق الشديد بين هذين القديسين الذي جعل الكنيسة اليوم تعيد لهم بأحتفال نقل جسدالبابا كيرلس السادس إلي دير الشهيد مارمينا بمريوط حسب وصيته ليكون بجوار شفيعه مارمينا في نفس تذكار عيد استشهاده في نفس اليوم الموافق 24 نوفمبر .
فقد ظل البابا كيرلس طال حياتة يتشفع بصديقه مارمينا العجايبي ويكرس له اماكن مقدسة تحمل اسمه ، وينشر سيرته في ربوع كرازته ، ياترى هل هي غيرة البابا من الوالي الذي تأهب للقاء هؤلاء البربر اذ اخذ معه جسد القديس مينا ليكون له منجيا وحصنا منيعا حسب ما ورد في سيرة الشهيد ، عندما أخذه خفية وببركة هذا القديس تغلب علي البربر ، وعاد ظافرا منصورا ، فقد كان البابا كيرلس أيضا يقطن في هذا الدير الذي حضن جسد مارمينا والذي عندما تولى البطريركية أرسى حجر الأساس لدير الشهيد مارمينا العجائبى ، وكان مارمينا هو من دافع عنه من هجوم اللصوص، الذين ظنوا أن القس يخبئ كنزاً من قبل ، وايضا يذكر انه اسس له كنيسة بحي زهراء مصر القديمة بالقرب من الطاحونة التي سكن بها وهو راهب بأسم القمص مينا البراموسي لتكون منارة للبركة ومقصد المتألمين الراجيين معونة السماء الي يومنا هذا .
لقد عشقا الاثنين حياة الصحراء والتوحد وافنوا ذواتهم لخدمة الرب يسوع ، وبمقارنة حياة كل منهما نجد ان مارمينا الشهيد المصري الاصل قصد الرهبة معتزلا شرف الجندية زاهدا اموال العالم وغناه سائحا مفضلا حياة برية عن التنعم العالمي ، كذلك البابا كيرلس في شبابه رفض وظيقته المرموقة قاصدا الصحراء والعزله عن العالم بالصلاة من اجل العالم ، فربما الصلاة هي نقطة التقاء ارواحهم ببعض .
ويذكر لنا العهد القديم عن أمثال سلميان الحكيم الذي ارشد رجل الصلاة البابا كيرلس السادس لصداقة العجايبي ، بأن “الحديد بالحديد يحدد والإنسان يحدد وجه صاحبه ام 17:27” ومعناه كما جاء بالنفسر أن الأخلاق والحكمة تنمو بواسطة العلاقات الإنسانية بين البشر، وكما أن احتكاك قطعة حديد بقطعة حديد أخرى يشحذها، هكذا البشر في تعاملهم معاً يؤثرون في بعضهم. وكل منهم يكتسب خبرات جديدة تضاف له وتشحذ شخصيته. ولذلك فمن يعتزل الناس يضيق فكره. وبنفس المفهوم تتعايش الكنيسة مع سير القديسين وتقرأ السنكسار يومياً، لأن من يعاشر القديسين تتحسن سيرته ومن يعاشر الأردياء يتأثر تأثراً سيئاً. والله يسمح بأن نتعامل مع بعض من يضايقوننا حتي نتغلب علي بعض خطايانا مثل الكبرياء. فهذا الكبرياء الذي يمكن أن يدمرنا ينتهي إذا تعاملنا مع بعض العتاة،
فلعالم السمائيين اسرار ، وهناك اعلانات سماوية تدعو للصداقة الروحية مع القديسيين علي الدوام، دعوة لكل انسان ان يحياها بالايمان والصلاة والتمثل في مسيرة روحية بنهج القديسين الذين ختموا جهادهم الارضي وواصلوا خدمتهم في الملكوت الابدي .