وقد أكدت د. رنا حجّي، مدير قسم مكافحة الأمراض السارية بمنظمة الصحة العالمية، إن كثرة وسوء استخدام المضادات الحيوية، يؤدي إلى تزايد مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية وتراجع فاعلية العلاج. حيث حذرت منظمة الصحة العالمية من أن البشرية تتجه صوب حقبة ما بعد المضادات الحيوية، والتي يمكن فيها أن تؤدي الأمراض المعدية الشائعة والإصابات البسيطة مجددًا إلى الوفاة؛ وسبب ذلك هو أن المضادات الحيوية ستصبح أقل فاعلية في قتل العدوى البكتيرية، وهي مسألة معروفة في مجال الصحة بإسم مقاومة المضادات الحيوية.
وأضافت د. رنا أن المضادات الحيوية لها أهمية كبري لعلاج الأمراض المعدية ولكن المشكلة الحالية هي مقاومة المضادات الحيوية نتيجة إستخدام المضادات بشكل زائد، مما جعل الميكروبات تقاوم المضادات الحيوية التي أصبحت ذات فعالية اقل في معالجة الأمراض، بما يشكل خطر كبير علي الصحة العامة.
وتتزايد وتيرة تفاقُم مقاومة المضادات الحيوية جراء زيادة جرعات إستخدام المضادات الحيوية أو إنخفاضها أو سوء استخدامها في المجموعات البشرية والحيوانية. وهذه البكتيريا المتحوّلة قد تصيب الإنسان والحيوان على السواء، ويكون علاج الأمراض المعدية الناجمة عنها أصعب من علاج الأمراض الناتجة عن بكتيريا غير مقاوِمة.
وهناك قائمة متزايدة من الأمراض المعدية، مثل الإلتهاب الرئوي والسل وأمراض الدم وداء السيلان، تتزايد صعوبة علاجها، كما تصبح تدخلات مثل عمليات زرع الأعضاء والعلاج الكيميائي والعمليات الجراحية مثل الولادة القيصرية أخطر نظراً لإنخفاض فاعلية المضادات الحيوية.
وقال الدكتور علاء الدين العلوان، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط: “إن مقاومة المضادات الحيوية تزيد حجم التكاليف الطبية وتطيل فترات الإقامة في المستشفيات، كما أنها تزيد من التعرض لخطر الوفاة، فضلاً عن أنها تهدد ما حققه الطب الحديث من إنجازات. ولذلك، علينا أن نبادر بالعمل على كافة الأصعدة. والمطلوب هو نوع من المسؤولية المشتركة في أوساط راسمي السياسات والعاملين بالمجال الصحي ودوائر صناعة الرعاية الصحية وقطاع الزراعة والجمهور بوجه عام، لكي نعمل معاً من أجل الحد من مقاومة المضادات الحيوية.”
ويتفاقم ظهور مقاومة المضادات الحيوية وانتشارها في حالة الاستخدام البشري أو الحيواني للمضادات الحيوية من دون وصفة طبية. وعلى نفس المنوال، فالبلدان التي تفتقر إلى مبادئ توجيهية موحّدة للعلاج، يكون فيها غالبًا إفراط في وصف العاملين الصحيين والبيطريين للمضادات الحيوية وفي استهلاك الجمهور لها. والعامل الرئيسي الذي يزيد الوضع تعقيدا هو سوء استخدام المضادات الحيوية في قطاع تربية الحيوانات لتعزيز نموها. ومن الأهمية بمكان ترشيد استخدام المضادات الحيوية في مجال الصحة البشرية والقطاع الزراعي من أجل التقليل من ظهور مقاومة المضادات الحيوية وانتشارها.
وتدعو حملة التوعية العالمية الأفراد والحكومات وقطاعات الزراعة وتربية الحيوانات والعاملين في المجال الصحي، أن يتخذوا إجراءً عاجلاً من أجل كبح جماح مقاومة المضادات الحيوية ومنع حدوثها.
ويركز المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط هذا العام على رفع مستوى الوعي بين عامة الناس ودعوة الأفراد إلى الإقتصار على استخدام المضادات الحيوية عند وصفها لهم من جانب أحد العاملين المعتمدين بالمجال الصحي، وإلى الوقاية من الأمراض المعدية بالحرص على غسل اليدين بانتظام ومراعاة قواعد النظافة في إعداد الطعام وتجنب مخالطة المرضى وعدم التأخر في الحصول على التطعيمات.