القارئ لأحداث الأشهر الأخيرة لا يتطلب منه بذل مجهود في تحليل ومعرفة السياسة المصرية والمنهج المرسوم للفترة الحالية والمستقبلية والأحداث الماضية تظهر بصورة واضحة الأسلوب الواجب الأتباع من قبل مؤسسات الدولة العليا والذي ينعكس سريعا على الصفوف الأولى للعاملين فيها ويترجم إلى تصرفات غير عادلة نخطئ في ترجمتها كثيرا فقد نظن أنها الإهمال أو التراخي في عدم القيام بالمسؤولية التي تتطلبها الوظيفة ألا أننا نجد إنها تمتد إلى فئات الشعب بما يستوجب الخوف على مستقبل ما يطلق عليه بالأقليات ،أو ما يطلق علية النسيج الوطني أو أخوة الوطن لذا لابد من استعراض الماضي القريب..
أولا.. ما شهدته مصر من أحداث سواء على المستوى الشعبي من أعمال انتقامية لفئة بعينها وتراضى متعمد من جهات ومؤسسات منوطه بالدفاع عنهم مع ترك الضحايا يهربون من البطش والقتل والحرق والتهجير وخطف القاصرات.
ثانيا.. التفعيل القانوني لنصوص لم تفعل منذ أن رات نور التشريع ضد فئة معينة من هذا الشعب وهو التجمع للصلاة بدون إذن قانونى مما يستوجب الحبس والإحالة إلى المحاكمة.
ثالثا. الملاحقة القانونية لكل من ينادى بالعلمانية وضد إقامة دولة دينية وتقديمهم للمحاكمة بتهم ازدراء الأديان دون أن يقدم شخص واحد من مئات الذين يقومون يوميا بازدراء الدين المسيحي للمحاكمة.
رابعا.. الإبقاء على مناهج الأزهر دون مراجعة دقيقة وجادة لحذف ما يدعو للعنف والكراهية ضد الأخر حيث تتم المراجعة بنفس الجهة المتهمة بالتطرف الفكري والكراهية.
خامسا .. حرص الجهات العليا على مخاطبة رجال الدين عند طلب العون فقط وإظهار الدولة إنها راعية للجميع وقد ظهر ذلك بوضوح عند زيارة السيسي الأخيرة للأمم المتحدة وطلب حشد أقباط المهجر للتهليل والترحيب والتأييد وكان بالأولى مخاطبة جميع المصريين مما أعطى تأكيد أن الدولة اتجاهها ديني لا مدني.
سادسا .. تأثير التدفقات النقدية الواردة من دول الخليج على النظام المصري والنقدية المنهمرة على المؤسسات الدينية لصبغها بالصبغة الوهابية المتشددة مع التغاضي عن الأثار المستقبلية من جراء هذا الفكر على النسيج الوطني.
سابعا..الحالة الاقتصادية المتردية والتي في تقدم نحو الأسوء حيث الارتفاع المستمر في أسعار العملات الجنبية وعدم استطاعة المؤسسة المالية التحكم في السوق مع ظهور سوق سوداء موازية هي الأقوى وهى المحددة للأسعار اليومية الأمر الذى جعل الدولة غير متحكمة في أسعار السلع والخدمات علاوة على الدعم الذى يستحوذ على الجزء الأكبر من الميزانية ، في ضوء هذه الحالة يتضح أن هناك فئة ليست بالقليلة تصرخ من غلاء الأسعار المستمر وفئة أخرى أصبحت غير واثقة في قيادتها الدينية نتيجة لموقفين مختلفين التخاذل عن الاعتداءات والحشد عند الحاجه وغير واثقة في حماية الدولة وأجهزتها وذلك لانحيازها اتجاه فئة بعينها ومثقفين وأصحاب فكر يتم اصطيادهم بتهم الازدراء.
وعلى جانب أخر هناك الإرهاب المستمر داخل سيناء وجماعات الإخوان الذين يعلنون العداء ويقومون بأعمال إرهابية للجيش والشرطة بصفة مستمرة وإيذاء ما سبق نجد أن الخيوط قد تشابكت وليس هناك وسائل لحلها سوي روشتة العلاج الطبيعي للازمات المتشابكة التي توصف باختصار في تفعيل مبدا المواطنة وإيقاف الملاحقة القانونية للمثقفين وأنهاء كل ما هو ضد الدولة المدنية مع تفعيل دور الأحزاب وتهميش دور رجال الدين واتباع سياسة تقشفية جديدة بإلغاء دعم السلع واستبداله بدعم نقدى في منظومة متكاملة وسريعة لعل ذلك يعطل ما نغشاه من الانفلات الأخير المدمر للبشر والدولة .