أعلنت الصين عن استراتيجيتها الجديدة لتطوير الاقتصاد، تحت شعار “حزام واحد – طريق واحد”، الهادف لإنشاء البنى التحتية وتنسيق العلاقات بين دول أوراسيا، وذلك وفق محورين رئيسين للتنمية، هما الحزام الاقتصادي لـ”طريق الحرير” و”طريق الحرير” البحري، حيث يأمل العالم، الذى يواجه محنا اقتصادية شديدة ، فى ان تواصل الصين الاضطلاع بدور رئيسى فى تعزيز الاقتصاد العالمى من خلال تغيرخريطة التجارة العالمية, ولعل انطلاق بكين في تطوير مشروع طريق الحرير، للتوصل إلي التنمية المتكاملة للدول التى يعبرخلالها الطريق، حيث يمر بأكثر من 100 دولة، يعد انطلاقة نوعية لهذه الدول بالشراكة مع الصين وواحدة منها مصر، حيث أنضمت رسميا للاتحاد التجارى للحزام الاقتصادى لطريق الحرير الصينى والذى يضم نحو 92 منظمة أعمال صينية وأجنبية الآمر الذى يفتح افاقاً جديدة للتعاون بين مصر ودول اسيا .
يمر بين 65دولة
وفقا لدراسة حديثة أعدتها جمعية رجال الأعمال المصريين أن طريق الحرير يمر بين عشرات الدول, فإذا كانت البداية من الصين فبعدها تأتى منغوليا وتركمانستان، كازاخستان، أوزبكستان، أفغانستان، تركيا، إيران، الهند، باكستان، سوريا، مصر وإيطاليا. وتضيف الدراسة أن الطريق يمر من خلال 65 دولة، حيث يخترق قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، وهما يربطان دائرة شرقي آسيا الاقتصادية النشطة من طرف، بدائرة أوروبا الاقتصادية المتقدمة من طرف آخر ، حيث يتركز الحزام الاقتصادي لطريق الحرير على تفعيل ممرات الصين- أوروبا بحر البلطيق عبر آسيا الوسطى وروسيا، والصين- منطقة الخليج والبحر الأبيض المتوسط عبر آسيا الوسطى وغربي آسيا , ويتمثل الاتجاه الرئيسي لطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين في الانطلاق من الموانئ الساحلية بالصين إلى المحيط الهندي مرورا ببحر الصين الجنوبي، وامتدادا إلى أوروبا؛ وكذلك من الموانئ الساحلية بالصين إلى جنوبي المحيط الهادئ عبر البحر الجنوبي.
وتشير الدراسة إلى أن استكمال الطريق يتطلب إقامة سلاسل لوجستية وصناعية تغطي قارتي آسيا وأوروبا، لذا فقد خصص مجلس الدولة الصينى للحزام الاقتصادى لطريق الحرير ولمشروع طريق الحرير البحرى 40 مليار دولار من أجل تمويلهما من خلال صندوق طريق الحرير , وتضيف الدراسة أنه سيتم فى إطار المبادرة شق طرق برية وبحرية و جوية ومرافق نقل واتصالات وتوليد كهرباء وطاقة وسكك حديدية جديدة بحيث تزيد حركة التدفقات للسلع والمعلومات والسياحة والطلاب ورجال الاعمال والتكنولوجيا الحديثة والمعارف العملية بين الصين وشتى بقاع العالم، وخلال سنوات قليلة سيكون النقل والسفر بين الصين وأوروبا, مما سيكون له بالغ الأثر في توسيع الاستثمارات الخارجية وتعزيز النفوذ العالمى لبكين من خلال وضع آليات لزيادة الاستثمارات الصينية فى مشروعات البنى التحتية والمشروعات التجارية فى الدول الأخرى التي بحاجة ماسة إلى تطوير الطرق والبنية التحتية و التي تقع على طريق الحرير.
وأشارت إلى أن الصين ستتجاوز عام 2020 نسبة الـ20% وتحتل الموقع الأول بدلا من الولايات المتحدة، وهو ما يعزز فكرة التخطيط للاستفادة من الفرص المتاحة بدلا من التحول فقط إلى دولة مُستهلكة لكل ما تنتجه الصين دون استفادة مباشرة من فرص التصدير المتاحة لهذا السوق الضخم.
تضيف الدراسة أن حجم التجارة الصينية مع الاتحاد الأوروبى بلغ ما يقرب من 559 مليار دولار، بينما بلغ حجم التجارة الإجمالية مع رابطة دول جنوب شرق آسيا أكثر من 443 مليار دولار، فى مقابل ما يقرب من 257 مليار دولار مع دول الشرق الأوسط، ونحو 192 مليار دولار مع الدول الأفريقية, وتمثل المناطق الأربع مجتمعة أكثر من ثلث (1.45 تريليون دولار) اجمالى تجارة الصين (4.2 تريليون دولار) مع العالم وفقا لأحدث بيانات صندوق النقد الدولي.
تؤكد الدراسة أن ازدهار تجارة الصين مع أوروبا، ودول الآسيان، والشرق الأوسط وإفريقيا سيؤدى إلى زيادة اعتماد الصين على الممرات البحرية عبر قناة السويس وباب المندب ومضيق هرمز والمحيط الهندى ومضيق ملقا, وفى هذا الشأن يمكن إدراك مدى أهمية الخطوط البحرية للصين.
تقول الدراسة: إن الصين تستهدف الوصول بحجم التجارة الثنائية بالنسبة لإفريقيا إلى 400 مليار دولار بحلول عام 2020، فضلا عن الوصول بتجارتها مع الدول العربية إلى 600 مليار دولار الأعوام القادمة، ورفع رصيد الاستثمار الصينى غير المالى فى الدول العربية من 10 مليارات دولار إلى أكثر من 60 مليار دولار خلال العشر سنوات القادمة فضلاً عن تسريع مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجى ودفع الدول العربية للمشاركة فى بنك الاستثمار الآسيوى للبنية التحتية.
توقيعا اتفاق الحزام الاقتصادي لطريق الحرير
فى البداية أكد المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة: أن الاتفاقيات التي تم توقيعها مع الصين شملت تنفيذ مشروعات بمجال البنية التحتية والتجارة والكهرباء والإسكان والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والاتصالات والصرف الصحي جاءت لتؤكد رغبة مسئولي البلدين في أن تشهد المرحلة المقبلة نقلة نوعية في مستوى العلاقات الاقتصادية والسياسية.
وأوضح أن أهم الاتفاقات التى تم توقيعها اتفاق الحزام الاقتصادي لطريق الحرير والذي سيربط الصين بالقارة الإفريقية عبر مصر من خلال مجاري ملاحية وسكك حديدية وطرق برية.
وكشف أن هذا الاتفاق والذي قام بتوقيعه مع رئيس اللجنة الوطنية للتنمية الصيني يستهدف تقوية العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية بين الصين ودول آسيا وأفريقيا وأوروبا، وذلك في اطار مساعي الحكومة الصينية لتحقيق نهضة شاملة من خلال التنمية المشتركة مع شركائها الدوليين ”وكذلك استغلال الفوائض النقدية الصينية المتراكمة في تنفيذ المزيد من المشروعات الاستثمارية في الخارج”.
وكشف الوزير أن الحكومة الصينية قامت بصياغة اتفاقات مماثلة مع بعض الدول الواقعة على طول الحزام الاقتصادي لطريق الحرير الجديد ومن أبرز هذه الدول روسيا، كازاخستان، طاجيكستان، قطر والكويت.
وأشار أن الاتفاق يمثل إطارًا عامًا للتعاون الثنائي بين البلدين في عدد من المجالات منها البنية التحتية والنقل والمواصلات، حيث يستهدف تعزيز التعاون الشامل لبناء إطار مشترك من التعاون الاقتصادي يرتكز على الانفتاح والشمولية والتنمية المتوازنة والمنافع المشتركة وتعزيز السلام والتنمية في المنطقة.
وكشف وزير الصناعة أن الاتفاق يتضمن التعاون في عدد من المجالات منها تعزيز الاتصالات والتنسيق بهدف تحقيق الربط والتكامل بين استراتيجيات التنمية والخطط والسياسات الرئيسية لكلا الجانبين, ”وكذلك التعاون في قطاع البنية التحتية ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك الموانئ والطرق السريعة والسكك الحديدية، والطيران المدني، ومحطة الكهرباء, كما يتضمن الاتفاق تعزيز التعاون المشترك بما يحقق المنفعة المتبادلة وذلك بهدف تشجيع الشركات من البلدين لضخ المزيد من الاستثمارات لإنشاء مشروعات مشتركة في البلدين إلى جانب المساهمة في تطوير المناطق الصناعية، وكذلك تحقيق التكامل المالي وذلك من خلال تشجيع المؤسسات المالية في البلدين لتوفير الدعم المالي والخدمات المالية للتجارة الثنائية والتعاون الاستثماري، وكذلك إنشاء آلية للتعاون في حل المخاطر المالية والأزمات.
وأشارإلى أن الإتفاق حدد الاحتياجات المشتركة للتعاون , حيث سيعمل الجانبان على تنفيذ البرامج التجريبية، والبحوث المشتركة وتبادل الموظفين والتدريب المهني في المجالات الرئيسية من خلال تبني الوسائل الموجهة نحو السوق، والتخطيط المشترك والتبادل التكنولوجي والتعاون ”وكذلك تبادل المعرفة وبناء القدرات، في محاولة لتعزيز المشاركة والتنمية المشتركة للحزام الاقتصادي والطرق من قبل الدول والمنظمات الدولية”.
تعميق التعاون الصيني المصرى
أكد السفير أسامة المجدوب سفيرمصر فى الصين ، حرص مصرعلى تعزيز علاقات التعاون مع الصين المرحلة المقبلة بمختلف المجالات، وبذات القدر من الاهتمام في ظل إدراك القيادة السياسية المصرية بحسها الوطنى بأن تجربة الصين التنموية في العقود الثلاث الأخيرة والمعجزة التي حققتها في هذا المجال تعد النموذج التنموي الأقرب لظروفنا.
ووصف العلاقات المصرية الصينية بأنها عميقة الجذور , وقال: وقع الجانبين على اتفاق الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين وهو أرفع أنواع الشراكة التي ترتبط بها الصين مع دول العالم الخارجى، وهو التطور الذي عكس حرص الدولتين على تعزيز العلاقات الثنائية بينهما ودفعها إلى آفاق أرحب.
وأكدعلى دعم مصر الكامل لمبادرة الرئيس الصينى الرائدة لإحياء طريق الحرير البرى والحزام البحرى لطريق الحرير، وهى المبادرة التي رأت فيها مصر محاولة جادة لتعزيز التعاون الاقتصادى بين الدول النامية ومحاولة لإضفاء قدر أكبر من العدالة على هيكل الاقتصاد الدولى.
تعزيز التعاون بين الموانئ الواقعة على الطريق
وقال السفير خالد يوسف قنصل عام مصر في شنغهاي, إن تعزيز التعاون بين الموانئ الواقعة على طول “الحزام والطريق”.
وأضاف: أن الموانئ الواقعة على طريق الحرير البحري، أبرزها هامبورج وكلانج وروتردام وفينيسيا وجدانسك وانتويرب وسنغافورة وهيئة الموانئ الاندونيسية، لتبادل الخبرات في مجال الابتكار وتطوير الموانئ العالمية.
وأضاف: أن المبادرة الصينية لاحياء طريق الحرير باعتبارها مبادرة ترمي لانقاذ الإقتصاد العالمى من حالة الركود ، قائلا:أن الاقتصاد الصينى بات هو المحرك الأهم للاقتصاد العالمى، كما أوضح أن تلك المبادرة المطروحة بشكلها الحالي تدعم التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول الواقعة على مسار الطريق وتيسر انسياب التجارة، وصولا إلى توحيد التعريفة الجمركية , بما قد يدفع مستقبلا نحو توقيع اتفاقات للتجارة الحرة وتأسيس مناطق تجارة حرة على طول المناطق الحدودية للدول الواقعة على طريق الحرير.
ابرز أهمية مصر كدولة بحرية هامة تتميز بموقع جغرافى فريد فى ملتقى القارات الثلاثة ويمر عبر أرضها أهم ممر مائى على مستوى العالم وهو قناة السويس، فضلا عن كونها نقطة إرتكاز رئيسية للسوق الإفريقية، مسلطا الضوء على مشروع محور قناة السويس وما يرتبط به من مشروعات لوجيستية خاصة بالنقل والشحن البحرى، وهو ما يجعله مشروعا داعما ومنسجما مع مشروع طريق الحرير الصيني.
قائلا إن التعاون الصيني العربي تحت إطار مبادرة “الحزام والطريق” لا يدفع التعاون في البنية التحتية والطاقة الإنتاجية في المستوى الواقعي لتعزيز التنمية في الدول العربية على نحو فعال فحسب، بل يطرح أيضا مفهوم التواصل والتبادل والتصنيع في المستوى الفكري، وذلك من أجل استفادة الدول العربية من التجربة الصينية في التنمية.
تواجدا صيني يتمثل فى 1220 شركة
وقال المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال , إن مصر يمكنها أن تكون مركزا إقليميا رئيسيا على الطريق الجديد وليس أدل على ذلك من أن هناك تواجدا صينيا قويا فى مصر يتمثل فى 1220 شركة تعمل فى مجالات استثمارية متنوعة باستثمارات تتجاوز نصف مليار دولار ويضيف , أن الحكومة الصينية أعلنت حرصها على دعم الشركات الصينية لتنفيذ مشروعات فى مصر فى مجالات السكك الحديدية والقطارات فائقة السرعة، وحفر الأنفاق، وتنمية محور قناة السويس.
إنضمام مصر للإتحاد التجارى لطريق الحرير
وقال محمد يوسف المدير التنفيذى لجمعية رجال الأعمال المصريين: إن غرفة تجارة شنغهاى وافقت على إنضمام مصر للإتحاد التجارى لطريق الحرير وكذلك تمثيل الجمعية لمصر فى مفاوضات هذه الطريق , وأضاف: إن الرئيس الصيني.
وأكد ان الحكومة تولى اهتماما بتلك المبادرة والتى يمكن من خلالها توفير مزيدً من الفرص التجارية والاستثمارية بين البلدين, مشيراإلى أن الحكومة الصينية أبدت رغبتها فى ربط المبادرة بمشروع تنمية محور قناة السويس.
أضاف: أن الاتفاق حول انضمام مصر إلى طريق الحرير يشمل تكثيف التعاون فى عدد من الأنشطة والتى تتضمن الترويج للأنشطة التجارية وتنظيم الفعاليات التجارية فى البلدين التى من شأنها تعزيز حركة التجارة بين القاهرة وبكين.
كما أضاف: إن المبادرة تشمل اندماجا ثقافيا ونشر اللغة الصينية من خلال تعزيز التعاون الثقافي وكذا في مجالا الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، وأشار إلى أن منطقة محور قناة السويس من أهم المناطق التى تستهدفها الاستثمارات الصينية بهدف التصنيع من أجل التصدير، فضلا عن كون هذه المنطقة الباب الرئيسى لتصدير المنتجات لمختلف دول أفريقيا.
وأكد أن مصر أصبحت على الطريق البحرى ضمن حزام خط الحرير الصينى وبالتالى فالفرصة متاحة لجذب مزيد من الاستثمارات الصينية والاستفادة من المنطقة الصينية بالعين السخنة والتى تقع ضمن نطاق محور إقليم قناة السويس.
مصر فى قلب العالم
أكد الدكتور وليد هلال رئيس جمعية الصناعيين المصريين , إن مصر مؤهلة بحكم الموقع وبحكم مشروع محور قناة السويس للاستفادة من مبادرة احياء طريق الحرير, إن مصر تقع فى قلب العالم القديم بين ثلاث قارات رئيسية وتطل على بحرين مهمين، فضلا عن امتلاكها أهم مجرى ملاحى فى العالم مما يسهل على مصر لعب دور رئيسى فى ضخ استثمارات جديدة على الطريق.
تغيير خريطة التجارة العالمية
ويرى محمد البهى رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات أن طريق الحرير سغيير خريطة التجارة العالمية وتفتح الباب لفرص عظيمة, ويؤكد أن مصر مُهيأة لاستقبال الاستثمارات العالمية التى سيتم ضخها فى طريق الحرير، بشرط تيسير الإجراءات وتبسيط إجراءات الرقابة والاهتمام بالتدريب ونقل التكنولوجيا الحديثة , موضحا أن مصر انضمت رسميا للاتحاد التجارى للحزام الاقتصادى لطريق الحرير الصينى والذى يضم نحو 92 منظمة أعمال صينية وأجنبية.
مركزا استراتيجيا واقتصاديا
أكد الدكتور خالد عبد العظيم الخبير الدولي ومدير معهد النقل سابقا أن طريق الحرير سيجعل مصر مركزا استراتيجيا واقتصاديا مهما في المنطقة والعالم وسيفتح الطريق أمامها لشراكات وتحالفات اقتصادية مهمة تجعلها دولة محورية وفاعلة في التجارة الدولية ومعبرا لمرور حركة التجارة من التنين الصيني لمختلف دول العالم.
وقال: إن الطريق لن يؤثر على قناة السويس بل سيكمل دورها ويعظم الاستفادة منها ويجعل محور إقليم قناة السويس مركزا لوجيستيا للسفن والبضائع , كما سيزيد من عدد السفن المارة بالقناة ويحقق بالتالي إيرادات إضافية من رسوم مرورها فضلا عن أنه سيزيد من فرص العمل ويحقق التنمية الاقتصادية المرجوة.
علاقة تنافسية مع قناة السويس
أوضح الدكتور مصطفي النشرتي، أستاذ التمويل والاستثمار، بجامعة مصر الدولية، أن طريق الحرير الدولي علاقته بقناة السويس الجديدة ستكون تنافسية، ولكن ذلك بعد إنشائه لأن هناك بعض الصعوبات التي تواجهه.
وأضاف : أن هذا الطريق يمتد من الصين عبر كزخستان وجمهوريات التوفاز ليصل إلى ساحل البحر المتوسط في سوريا ولبنان، أي يبدأ مسار الطريق من ساحل شرقي الصين ليصل إلي الساحل الشرقي للبحر المتوسط، ولكن يواجهه صعوبات وهي عدم استقرار بعض الدول التي سيمتد بها.
كماأضاف: أن الطريق يمتد طوله ليمر بـثلث مساحة الكرة الأرضية، مؤكداً أن قناة السويس ما زالت تتمتع بميزة تنافسية لا يمكن أن يضاهيها طريق أو قناة، لأنها تتمتع بميزة عبور الجيل الحديث لحاملات الحاويات، لتمر ربع تجارة العالم.
مكاسب اقتصادية للدول النامية
قال محمد فرحات، الخبير في الشؤون الصينية: أن مبادرة “الحزام والطريق” ليست مجرد مبادرة تسعى إلى تسهيل وتوسيع حجم التجارة بين الأقاليم والدول المندمجة ، من خلال إزالة العوائق المادية أمام هذه التجارة وتخفيض تكاليفها، بقدر ما تنطوي أيضا على أبعاد تنموية من خلال مشروعات مهمة لتنمية البنية الأساسية وتوفير التمويل اللازم لها,وبهذا المعنى، فإن مبادرة “الحزام والطريق” تنطوي على مكاسب اقتصادية محتملة للدول النامية المعنية، بالنظر إلى اشتمالها على مشروعات تنموية جنبا إلى جنب مع التجارة.
ويرى أن مبادرة “الحزام والطريق” تتبناها دولة كبيرة، ذات اقتصاد قوي، مازالت تقدم نفسها باعتبارها دولة نامية، الأمر الذى يبعد عنها التخوفات التي ارتبطت بالعديد من المبادرات التى أعلنتها الدول الغربية، والتى سعت إلى تكريس الهيمنة الغربية على النظام العالمي، والهيمنة على أسواق الدول النامية , إن مبادرة “الحزام والطريق” تأتى أهميتها من انطوائها على عدد من الخصائص التى تميزها جوهريا عن نمط المبادرات والمشروعات التى طرحتها الدول الغربية خلال العقود السابقة، سواء على المستوى السياسي، أو الاقتصادي ، أو الثقافي.
زيادة حجم التبادل التجاري الصيني العربي
وعلى الجانب الأخرأكد المسؤلون الصينيون على أن طريق الحرير يعزز أواصر العلاقات التجارية والاقتصادية والسياسية , حيث أشارالرئيس الصيني شي جين بينج: إلى السعي وراء زيادة حجم التبادل التجاري الصيني العربي , وزيادة رصيد الاستثمار الصيني غير المالي في الدول العربية إلى أكثر من 60 مليار دولار في السنوات العشر القادمة.
وأضاف:انه من أجل تعزيز العملية الصناعية في الشرق الأوسط ، ستخصص الصين بالتعاون مع الدول العربية قروض خاصة قيمتها 15 مليار دولار ، وقروض تجارية قيمتها 10 مليارات دولار لدول الشرق الأوسط ، بالإضافة إلى إنشاء صندوقين مع كل من الإمارات وقطر للاستثمار المتشرك تبلغ قيمتهما الإجمالية 20 مليار دولار .
وأبرز مزايا طريق الحرير فى خمسة نقاط : أولا- تعزيز التواصل السياسي، والمتمثل في مواصلة التبادلات بشأن استراتيجيات التنمية الاقتصادية، والتفاوض على تطوير برنامج التعاون الإقليمي , ثانيا- فتح طريق يمتد من المحيط الهادئ إلى بحر البلطيق، وتشكيل شبكة نقل للاتصال بين شرق آسيا وغرب آسيا وجنوب آسيا.
ثالثا- تعزيز التدفق التجاري, حيث يبلغ عدد سكان منطقة حزام طريق الحرير الاقتصادي 3 مليارات نسمة، وحجم السوق هائل للغاية , وينبغي على جميع الأطراف مناقشة واتخاذ الترتيبات المناسبة وتعزيز قضايا تسهيل التجارة والاستثمار, رابعا- تعزيز الدورة النقدية عن طريق التبادلات بالعملات الإقليمية بدلا عن العملات الدولية، وتحسين القدرة التنافسية الدولية للاقتصاد في المنطقة, خامسا- تعزيز دعم الاتصال بين شعوب المنطقة وتعزيز التبادلات الودية بين الناس, ويُخطط الرئيس الصينى للاستحواذ على نسبة أكبر من التجارة العالمية خلال السنوات العشر القادمة من خلال إحياء طريق الحرير الذى يربط بين ثلاث قارات هى آسيا وأوروبا وأفريقيا والتى تمثل حضارات العالم القديم قبل اكتشاف قارة أمريكا نهاية القرن الخامس عشر الميلادى. كما أن خصصت بكين 50 مليار دولار من أجل المساهمة فى تأسيس بنك الاستثمار الآسيوى للبنية التحتية وسيقوم البنك بتمويل مشروعات البنى التحتية فى جميع أنحاء آسيا، مع الاهتمام بدول رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) ويستهدف البنك رفع تمويل مشروعاته لنحو 100 مليار دولار, مشيرا الى إن التنمية التجارية والاقتصادية للصين ودول آسيا الوسطى في السنوات ال20 الماضية، هيأت فرصا كبيرة لنجاح اقتراح شي جين بينغ لبناء “حزام طريق الحرير الاقتصادي.
وأعرب عن أمله في أن تتجاوز قيمة التجارة مع الدول المشاركة في خطة بكين لإنشاء طريق حرير جديد 2.5 تريليون دولار خلال عشرة أعوام , وتعهد بحماية مصالح الشركات الأجنبية في الصين وسط تنامي قلق المستثمرين من تبني بكين سياسات قد تضر بشركاتهم.
حجم التجارة بين الصين ودول الحزام 600 مليار دولار
وقال وزير التجارة قاو هو تشنغ إن أكثر من خمسين دولة أبدت اهتماما بالمبادرة ,وتشمل الخطة مشروعات، من بينها شبكة سكك حديدية وطرق سريعة وخط أنابيب للغاز والنفط وشبكات كهرباء وإنترنت وربط طرق الملاحة البحرية ومشاريع للبنية التحتية في وسط وغرب وجنوب آسيا وصولا إلى اليونان وروسيا وسلطنة عمان وتعزيز ربط الصين بأوروبا وأفريقيا. وقال: أن إنشاء منطقة اقتصادية مشتركة لطريق الحرير الذي كان يربط في العصور القديمة الشرق مع الغرب عبر منطقة آسيا الوسطى، ويهدف طريق الحرير إلى إنشاء ممر تجاري للقيام بعمليات شحن البضائع بشكل مباشر من الشرق إلى الغرب بشروط تفضيلية وتشمل الخطة مشروعات من بينها شبكة سكك حديدية وطرق سريعة وخط أنابيب للغاز والنفط وشبكات كهرباء وانترنت وربط طرق الملاحة البحرية ومشاريع للبنية التحتية في وسط وغرب وجنوب آسيا وصولا إلى اليونان وروسيا وسلطنة عمان وتعزيز ربط الصين بأوروبا وأفريقيا. وكشف أن حجم التجارة بينها وبين دول الحزام الاقتصادى لطريق الحرير وطريق الحرير البحرى (الحزام والطريق) تجاوزت 600 مليار دولار، خلال الأشهر الثمانية الأولى 2016. وأضاف: أن الصين استثمرت فى الفترة من يناير وحتى أغسطس الماضى نحو 10 مليارات دولار، فى الدول الواقعة على الحزام والطريق من خلال مؤسسات مالية، بما فى ذلك البنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية وصندوق طريق الحرير.
وأكد ، أن شركات صينية أسست ما يربو على 50 منطقة تعاون اقتصادى وتجارى في دول الحزام والطريق، باستثمارات إجمالية بلغت 15.6 مليار دولار، وحققت 900 مليون دولار من عائدات الضرائب، وحوالى 70 ألف فرصة عمل فى الدول المستضيفة ، وأن مشروع طريق الحرير الدولي للربط بين بكين وعدد كبير من الدول برأسمال 40 مليار دولار، وأشار إلى أن وهو مشروع لإنشاء ممر للمواصلات والطاقة والتجارة بين آسيا الوسطى والجنوبية وأوروبا
تبادل المنفعة
وأكدت تشين يونج يانج المستشار الثقافي لسفارة الصين الشعبية بالقاهرة: أن الصين تسعى حاليًا، لإحياء طريق الحرير من خلال سياسة الحزام التي أعلن عنها الرئيس الصيني لإحياء العلاقات الثقافية والتبادلات الاقتصادية بين الدول التي تقع على امتداد طريق الحرير وذلك بناء على مبدأ تبادل المنفعة والكسب المشترك نحو التقدم والتطور.
وقالت: إن مصر والصين دولتان ذات حضارة عريقة وتاريخ طويل وثقافة براقة، وتجمعهما على مر العصور العلاقات الطيبة والصداقة القوية التي تضرب بجذورها في عمق التاريخ.
أضافت: إن طريق الحرير يرجع تاريخه لاكثر من ألفي عام وكان له دور هام في التبادل التجاري بين الصين والدول الإفريقية وخاصة مصر، مشيرة إلى أنه كان سبب لدخول الإسلام واللغة العربية إلى الصين.
التنمية المشتركة
ومن جانبها قالت هوانج تشنج، المستشار بإدارة التخطيط السياسى بوزارة الخارجية الصينية، الهدف من إطلاق الصين بناء حزام اقتصادى لطريق الحرير، لتحقيق التنمية المشتركة للدول المطلة على طريق الحرير القديم، ومنها بعض الدول العربية، حيث وافقت الحكومة الصينية على إنشاء منطقة تجريبية للاقتصاد المفتوح بمنطقة خليج يويه هاي، ستصبح الأولى والوحيدة التى ستغطى جميع المناطق والمقاطعات الصينية، بالإضافة إلى الرؤى الاستراتيجية التى اقترحتها الحكومة الصينية لبناء الحزام الاقتصادى على طريق الحرير، وطريق الحرير البحرى فى القرن الحادى والعشرين, فإحياء طريق الحرير، تعتبر نموذجا لسياسة المنفعة المشتركة بين الصين والدول المطلة عليه، خصوصا الدول العربية، ويؤكد أن التعاون بين هذه الدول مقبل على آفاق رحبة جدا، حيث تعمل الصين على إقامة منطقة تجارة حرة مع دول مجلس التعاون الخليجي، كما تم التوصل إلى تفاهمات صينية مع بعض الدول لإنشاء بنك الاستثمار الآسيوى برأس مال ضخم،لمساعدة الدول وتمويلها فى مجال بناء البنية الأساسية , فالصين مصممة على إنجاح مبادرتها لإحياء طريق الحرير، وتعرض على الجميع فرصة اللحاق بالمبادرة لتحقيق الكسب المشترك، الذى تعتبره أحد محددات سياستها الخارجية مع دول العالم.
نزع فتيل التوترات الاقليمية
وقال دينج ييىفان، باحث فى مركز بحوث التنمية التابع لمجلس الدولة الصينى “الدور الذى تلعبه مبادرة الحزام والطريق فى تعزيز السلام الاقليمي من المحتمل ان يكون جديدا وعلى النقيض من المنهج المخفف والمسكن الذى يقترحه الغرب بشكل تقليدي , وان المبادرة التى تضم الحزام الاقتصادى لطريق الحرير وطريق الحرير البحرى للقرن الـ21 جمعت أكثر من 100 دولة ومنظمة دولية فى اسيا واوروبا وافريقيا عبر الشبكات البرية والبحرية ويعد هذا التحرك جزءا من جهود الصين لتوفير البضائع العامة واحترام مسئولياتها الدولية التي تتناسب مع مكانتها كقوة عالمية.
تعزيز التعاون الاقتصادى
وقال تشن شياو تشن الباحث بمعهد تشونغيانغ للدراسات المالية بجامعة رنمين “رغم ان مبادرة الحزام والطريق ليست مبادرة سياسية، الا ان تعزيز التعاون الاقتصادى والتجارى بين الدول المشاركة سيساعد بالطبع فى تعزيز الثقة السياسية المتبادلة , كما ان نتائج المبادرة تجاوزت التوقعات , حيث ان اكثر من 30 دولة قامت منذ عام 2013 بالتوقيع على اتفاقات مع الصين من اجل البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق وان اكثر من 20 دولة تقع على طول المبادرة نفذت تعاونا صناعيا مع الصين , بيد ان التهديدات التى تشكلها النزاعات لا تزال تعيق السلام العالمي والتنمية الاقتصادية المستدامة , وان ما يقرب من 50 مليون شخص فى ارجاء العالم تشردوا بسبب زيادة حدة النزاعات الاقليمية فى السنوات الاخيرة,ومن بين الدول المشاركة، لا تزال هناك مواجهات سياسية وعسكرية كبيرة.
التنمية عنصر اساسي للسلام
وقال تاو جيان، رئيس جامعة العلاقات الدولية ببكين “المبادرة توفر ليس فقط فرصة لمعالجة التوترات الاقليمية، ولكنها تساعد ايضا فى تجميع المنظمات التى تحب السلام , بالاضافة الى الاسباب الدينية، فان الفقر والبطالة المرتفعة بين الشباب تسببا فى تنامي الدعوات الى الانفصال الوطني فضلا عن زيادة التطرف الدينى والارهاب العنيف فى الدول الواقعة على طول المبادرة
وفى الوقت الذى تمثل فيه الصين ثانى اكبر اقتصاد فى العالم، فان الصين تلعب دورا هاما فى التجارة العالمية وكذا الاستثمار والتنمية,علاوة على ذلك، تلعب الصين أيضا دورا متزايد الاهمية فى المساعدات الخارجية والامن الاقليمي والعلاقات الدولية, مشيرا الى أن تعزيز التنمية الاقتصادية سيكون اولوية فى المبادرة التى يتعين ان تلعب دورا فى تخفيف حدة الفقر والتخلص من البيئة الحاضنة للتطرف والارهاب.
واضاف: بما انها خطة طويلة الاجل، فان مبادرة الحزام والطريق ستكون وسيلة واعدة للمساعدة فى تدعيم المصالحة الاقليمية تدريجيا عن طريق تعزيز التنمية , كما أن ارتباط المبادرة بتخصيص تمويل صيني سيكون عاملا مهما للنجاح عند تنفيذ المشروعات المقترحة فى إطارها .
انطلاق لبداية تاريخية جديدة
قال لي بي لين, نائب رئيس الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية , إن اغتنام الجانبين الصيني والعربي فرصة البناء المشترك للحزام والطريق تعد نقطة انطلاق لبداية تاريخية جديدة تستهدف بناء مجتمع صيني وعربي ذي مصالح مشتركة ومصير مشترك. كما أن دفع التعاون والشراكة الإستراتيجية بينهما يصب في جانب خلق قوة دافعة جديدة عبر الترابط والتواصل والتعاون في الطاقة الإنتاجية والتبادلات الثقافية.
واستطرد قائلا ان مبادرة الحزام والطريق والتي طرحتها الصين تدعو إلى إجراء حوارات بين الحضارات وتدعو إلى التسامح والاستفادة المتبادلة, معربا عن اعتقاده بأن التبادلات بين المراكز البحثية في الصين والدول العربية تلعب دورا قياديا في التبادلات الثقافية بين الصين والعالم العربي.
البحث عن نقاط الاهتمام المشتركة
وقال وو سي كه, المبعوث الصيني السابق إلى منطقة الشرق الأوسط , أنه يجب على الطرفين الصيني والعربي إجراء “التصميم على أعلى مستوى” وإظهار كل جانب منهما المجالات التي هو متفوق بها والبحث عن نقاط الاهتمام المشتركة في تعميق التعاون بينهما, لكي يتمكن الجانبان من تحقيق طفرات في مشاريع تعاونية رئيسية, الأمر الذي سيفيد الجانبين , وحذرالجانبين من المخاطر المختلفة الكامنة في النظام الاقتصادي الدولي.
لمحة تاريخية عن طريق الحرير
يعد طريق الحرير شبكة من الطرق الفرعية التى تصب فى طرق أكبر أو طريقين كبيرين، أحدهما شمالى (صيفى) والآخر شتوى كانوا يسلكونه فى زمن الشتاء, والذى يجمع بين هذه السبل والمسارات جميعاً، هو أنها مسالك للقوافل المتجهة من الشرق إلى جهة الغرب، لتمر فى طريقها ببلدان ما لبثت أن ازدهرت مع ازدهار هذا الطريق التجارى الأكثر شهرة فى العالم القديم.
فى عام 1877، أطلق العالم الجغرافى الألمانى” F.Von Richthofen” على طريق المواصلات لتجارة الحرير بشكل رئيسى فيما بين الصين وبين الجزء الجنوبى والغربى لآسيا الوسطى والهند اسم “طريق الحرير”، ويقصد بـ” طريق الحرير” هو خط المواصلات البرية القديمة الممتد من الصين وعبر مناطق غرب وشمال الصين وآسيا كلها إلى المناطق القريبة من أفريقيا وأوروبا، وبواسطة هذا الطريق، كان تجرى التبادلات الواسعة النطاق من حيث السياسة والاقتصاد والثقافة بين مختلف المناطق والقوميات ، فالصين أول دولة تزرع التوت وتربى ديدان القز وتنتج المنسوجات الحريرية فى عالم العصور القديمة، وتعتبر المنسوجات الحريرية الصينية من أهم المنتجات التى تقدم لشعوب العالم حتى اليوم، وينتشر الحرير الصينى فى كل العالم، ويعد من مساهمات الشعب الصينى للحضارة العالمية.
وانتظمت مسارات طريق الحرير منذ القرن الخامس قبل الميلاد، وظلت منتظمةً لـ 1500 سنة تالية، كان طريق الحرير خلالها معبراً ثقافياً واجتماعياً ذا أثر عميق فى المناطق التى يمر بها، لم يتوقف شأن طريق الحرير على كونه سبيل تجارة بين الأمم والشعوب القديمة، وإنما تجاوز (الاقتصاد العالمي) إلى آفاق إنسانية أخرى، فانتقلت عبره (الديانات) فعرف العالم البوذية وعرفت آسيا الإسلام وانتقل عبره (البارود) فعرفت الأمم الحروب المحتدمة المدمرة، وانتقل عبره (الورق) فحدثت طفرة كبرى فى تراث الإنسانية مع النشاط التدوينى الواسع الذى سَهَّل الورقُ أمره، وانتقلت عبره أنماط من (النظم الاجتماعية) التى كانت ستظل، لولاه، مدفونة فى حواضر وسط آسيا , قبل آلاف السنين، عندما انتقل الحرير الصينى إلى أوروبا عبر “طريق الحرير”، لم يكن ما انتقل معه إلا الأقمشة والملابس الحريرية الجميلة فحسب، بل انتقلت حضارة الشرق القديمة والزاهية أيضا، ومنذ ذلك الوقت، أصبح الحرير رمزا لنشر حضارة الشرق. وقد اكتشف أقدم المنسوجات الحريرية فى أطلال “ليانجتشو” الثقافية التى يرجع تاريخها إلى ما قبل 4700 عام تقريبا.
فطريق الحرير أدى إلى تراكم المخزون العالمى للذهب، فى الصين، حتى أنه بحلول القرن العاشر الميلادي، صارت الصين وحدها، تمتلك من مخزون الذهب قدراً أكبر مما تمتلكه الدول الأوروبية مجتمعة. طريق الحرير ليس مجرد جزء من ماض أسطورى، فهو سمة مهمة من سمات السياسة الخارجية الصينية الحالية وقد عمل كلاهما على تسهيل نقل سلع وأفكار جنوب وشرق آسيا إلى أوروبا، من الشاى الصينى إلى اختراعات مثل الورق والبارود والبوصلة، فضلاً عن المنتجات الثقافية مثل النصوص البوذية والموسيقى الهندية , وهو المسلك البرى الذى كان يمر أيضاً عبر العالم العربى إلى” أوروبا- بكين” قدرة على الوصول إلى علم الفلك الهندى والنباتات والأدوية العشبية، فى حين قدم لها الديانتين البوذية والإسلامية. وبعد ستمائة عام كاملة، يتبنى الرئيس الصينى “شى جين بينغ” الآن هدفاً مماثلا، غير أنه يناشد الزعماء السياسيين فى مختلف أنحاء أوروبا وآسيا مساندة قضيته.
وأن الفرع الآخر لطريق الحرير البحري هو الذي يصعد البحر الأحمر حتى يصل إلى مصر وحوض البحر الأبيض وأن الممالك العربية التي نشأت في جنوب الجزيرة العربية في الشمال على امتداد الطرق البرية المحاذية لسواحل البحر الأحمر فرضت سيطرتها على الملاحة وعلى تجارة الشرق السائرة في البحر الأحمر وساعدهم في ذلك خطورة الملاحة في هذا البحر نتيجة لكثرة الشعاب المرجانية.