ألقت الدكتورة نبيلة مكرم وزير الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج كلمة اليوم في اجتماع مجلس كنائس الشرق الأوسط المقام بعمان – اﻷردن وإلى نص الكلمة:
“بَعْدَ هذَا نَظَرْتُ وَإِذَا جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ، مِنْ كُلِّ الأُمَمِ وَالْقَبَائِلِ وَالشُّعُوبِ وَالأَلْسِنَةِ، وَاقِفُونَ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ، مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ وَفِي أَيْدِيهِمْ سَعَفُ النَّخْلِ ” (رؤ ٧ : ٩)
يسعدني ويشرفني أن أكون اليوم معكم في الجمعية العامة لمجلسكم المبارك طالبة البركة والدعاء
هذا هو الحال في السماء حيث تتوحد كل الثقافات والجنسيات والشعوب مع بعضها البعض بطريقة متناغمة دون ذوبان للهويات المختلفة. وإن كنا نصلي قائلين : “كما في السماء كذلك على الأرض ” فإن رسالتنا في وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج في مصر هي تدعيم أواصر التعاون بين الشرق والغرب، والحفاظ على تواصل المهاجرين من بلادنا مع وطنهم الأم ومساعدتهم على الاندماج في ثقافات البلدان التي يهاجرون إليها دون ذوبان هويتهم القومية والدينية.
المهاجر وإن كان يقرر الهجرة لأسباب شخصية متنوعة إلا أنه دون أن يدري يساهم في كسر الحواجز بين البلدان وانفتاح الثقافات المختلفة على بعضها البعض مما ينتج خليطا ً متميزاً من ثقافات جديدة تجمع بين أصالة وتراث القيم وتقدم ورقي الحديث ، المهاجر إذاً سفير لوطنه الأم لدى بلد المهجر، وسفير لبلد المهجر لدى وطنه الأم
إن فكرة التكافل والتكامل بين الشعوب هي فكرة قديمة ومن أمثلتها في الكتاب المقدس هجرة يعقوب وبنيه إلى مصر في زمن المجاعة حيث قدموا لفرعون مصر خبرتهم في رعاية أغنامه بينما قدم هو لهم الأرض والطعام ، يؤكد ذلك على أن كل ثقافة لديها ما تقدمه للثقافات الأخرى ، كما أنها تحتاج أيضاً لما تقدم الثقافات الأخرى لها
في الشرق الأوسط نشأت الجذور الأولى للكنيسة ، بل وللإنسانية كلها بخلقة آدم في جنة عدن ، بالتالي تزخر الثقافات الشرقية كنوز تراثية إنسانية وحضارية ودينية أصيلة ، أما الثقافات الغربية فتتميز بالتقدم العلمي والتكنولوجي
من هنا دورنا لتحقيق التواصل والتعاون بين تلك الثقافات المختلفة من أجل تبادل وإثراء الخبرات لصالح رقي الانسانية بوجه عام دون التحيز لجنس ، أو دين ، أو عرق ، وفي هذا الصدد أستشهد بقول بولس الرسول :” حيث ليس يوناني ويهودي، خِتان وغُرلة …..، بل المسيح الكل وفي الكل ( كولوسي ٣: ١١)
يسعدني أن أحضر معكم هذا العرس البهيج متزامناً مع أفراح كل المصريين بصدور أول قانون لبناء الكنائس لكافة الطوائف المسيحية في مصر منذ أكثر من ١٦٠ عاماً في ظل قيادة سياسية واعية تؤمن بالمواطنة والتعايش المشترك ومن هذا المكان أود أن أوجه التحية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي أثبت أنه أول رئيس مصري يهتم بشئون المسيحيين والمسلمين على السواء بلا تفرقة أو تمييز .
إن ما يقدمه مجلس كنائس الشرق الأوسط لخدمة شعوب المنطقة يلمسه كل متابع للعمل الإنساني في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والدعوة لتحقيق العدل والمساواة من جهة وبين العمل المسكوني الذي صار له تأثيره الإيجابي في تبني حوار المحبة والبناء وصار نبراسا لمن يرغب في ان يقتني أثركم في السير في طريق الوحدة وقبول الآخر
يسعدني ما أراه من خطوات جدية نلمسها ونراها في عملكم وخدمتكم للسعي نحو وحدة إنسانية تقبل الاختلاف لا الخلاف والتعايش لا التناحر. هنا لا أود أن يفوتني أن أسجل أمامكم ما رأيته ولمسته منذ أن تبوأ غبطة البابا تواضروس الثاني الكرسي المرقسي بالكنيسة القبطية المصرية (فبدأ) يسرع نحو الوحدة يتحدث باستمرار في المصلحة المشتركة الإيجابية التي يمكن أن نلتقي بها جميعاً سواء بين الطوائف أو بين الديانات المختلفة؛ وجدناه يفتح ذراعيه ليقبل الجميع بروح الأبوة والمصالحة والمحبة. نجاح الوحدة بين الكنائس سوف يخلق رسالة إيمانية جديدة لصالح العالم المغترب عن الله وسوف يستخدمها الله ليسكب على العالم روح يقظة لعودة لوحدة جماعية تسعي نحو مجتمع أفضل.
يخطئ من يظن أنه يملك وحدة الكمال أو من يدعي أنه يملك الحقيقة الكاملة وحده, في بلد أو قطر أو في شكل أو في اسم, يخطئ إلي الله الذي دفع إليه كل سلطان مما في السماء وما علي الأرض لتخضع له كل ركبة الذي يملأ الأرض والسماء والذي يأتي إليه البشر من كل الأمم ومن كل القبائل ومن كل الشعوب.