• شاهد عيان يحكى تفاصيل اللحظات الأخيرة
• عيد النيروز لازال يستقبل شهداء جدد
• حكاية الشهيد الذى لقب بـ “الغول”
يأتى كل عام عيد النيروز ليذكرنا بقصص ابائنا الشهداء العظام ويعطينا رجاء أن نكون ثابتين على دربهم وحياتهم، ويأتى أيضاً العيد بقصص تحمل فى طياتها مشاعر متأرجحة ما بين عظمة الإيمان وصعوبة التجربة، ليخرج كلاً منا بدرس مختلف عن الآخر حسب امكانياته ومشاعره ولكن الأمر الذى أوقفنا جميعاً وآثار لدينا الكثير من المشاعر الحزينة الممزوجة بعظمة الإيمان.. هو شهداء ليبيا المكرمين الذين استشهدوا على يد داعش العام الماضي، ورغم أن مصادرنا كلنا لا تتعدى الفيديو الحزين الذى بثته داعش إلا أن هناك معلومات لم تذكر عن حياتهم ولحظاتهم الأخيرة وطريقة خطفهم وثم ذبحهم، كل تلك المعلومات استعرضها الكاتب “ماهر فريد نقولا” فى كتابه “أكاليل فى الغربة” فكان لنا معه هذا الحوار…
حدثنا عن كيفية اختيارك للفكرة؟
منذ حوالي سبعة سنوات كنت ضمن فريق للمسرح الكنسي اطلق عليه ” ابناء الشهداء” وكنت اكتب لهم الأعمال المسرحيه عن الشهداء غير المعروفين وكان أول عمل تم كتابته هو سيرة الشهيده الأم دولاجي واولادها الأربعه وقامت قناة اغابي بتصويرها وعرضها مرتان سنوياً في عيد النيروز وفي عيد إستشهادهم وبعدها تم كتابة عملين اخرين وهما الشهيد “وادمون الأرمنتي” والشهداء “فيليمون” و”ابلانيوس” و”اريانوس” تحت مسمي ” المُغني والزمار” أما بخصوص شهدائنا في ليبيا فقد طرحت الفكرة تاسوني “سناء ناجي” وقررنا البدء في كتابة سير الشهداء وكانت مهمتها صعبه في التواصل مع اهالي الشهداء لترتيب لقاءات معهم وقمنا بالسفر الي سمالوط اكثر من مرة متنقلين بين قري الشهداء حيث إن اربعة عشر شهيد من قرية العور وشهيد من قرية دفش وشهيدان من قرية منقطين وشهيد من قرية منبال وشهيد من قرية منقريوس وشهيد من قرية سمسوم وبالفعل قضيت مع اسر الشهداء وسمعت منهم كل كبيرة وصغيرة عنهم وحصلت منهم علي فيديوهات لأبنائهم وتسجيلات صوتيه لهم وجمعت كافة المعلومات وعدت الي القاهره حاملاً بركات عظيمه للبدء في كتابة السيره العطره لشهداء لست مستحقاً ان اكتب عنهم..
ما المصادر التى اعتمدت عليها فى كتابك؟
فى الفتره التى كنا نعد فيها المعلومات التى سوف تكون مضمون الكتاب كانت الفكره المحوريه هى جمع المعلومات عن الشهداء كلاً على حده الا ان الله اراد ان يكشف لنا ما كنا نتحدث عنه وهو أن يتركوا لنا أحدهم ليروى لنا ما حدث!!! حيث شاءت العنايه الإلهيه فى ترتيب مقابله لخادم جليل قضي فتره طويله في ليبيا الى مابعد فترة إستشهاد الواحد والعشرون شهيداً بأيام قليله يقول الخادم – الذى رفض ذكر اسمه- ان عملية خطف الشهداء كانت اول مجموعه هى سبعة شهداء كانوا يستقلون سياره فيتو فجريوم 29/12/2014 متجهين الى مصر للاحتفال مع اسرهم بأعياد الميلاد وسلمهم السائق للخاطفين بمدينة سرت كما تم خطف الشهيد ماثيو الأفريقي اثناء سيره وفي فجر يوم 3/1/2015 تم خطف الثلاثه عشر شهيد من المبنى السكنى المقيمين فيه ويقول الخادم تلك هذه هى المعلومات التى حصلنا عليها وكانت تخيلاتنا او توقعاتنا وقتها انهم خُطفوا عن طريق أنصارالشريعه او فجر ليبيا وكنا نناقش هذا الأمر فيما بيننا بعد قداس الموعوظين ونتشاور فى أن نجمع مبلغ مالى تحسباً لطلب فديه لإطلاق سراحهم.
حتى علم الجميع نبأ استشهادهم وبعدها عاد كافة كهنة كنائس ليبيا إلي مصر تاركين ورائهم لغز إختفاء الشهداء هو الشغل الشاغل للمسيحيين بالعالم وخلال هذه الفتره حضر الى الكنيسه كلاً من الشيخ/ محمد والأستاذ/على اسماعيل بسياراتهم الفاخره وهم شخصيات كبيره فى مِصراته والخادم معروف لديهم ودار بينهم الحوار التالي:-
الشيخ محمد : وين شيخ الكنيسه”الكاهن”
الخـــــــــادم : ما انتوا عارفين خلاص هو رجع مصر
الأستاذ على : احنا كنا بدنا نشوفه ضرورى.
الخـــــــــادم : خير !! أي خدمه اقدر اقوم بيها ؟
الشيخ محمد : ابن صديق لينا ركبه سحر نُصرانى وعرضناه على أطباء لكن مفيش فايده وعرضناه على شيخ مُسلم قال اللى يفك السحر ده لازم يكون شيخ نصرانى.
الخــــــــادم : معلش هو لو موجود هنا كان راح معاكم.
الأستاذ على : طيب ما انت بتقيم الصلاه بالناس يبقى تعرف زيه.
وبعد الحاح ذهب معهم الخادم ورشم ذاته بعلامة الصليب وتوجه الخادم معهم الى منزل الشاب المريض ووجده فى حوالى اوائل العشرينات من عمره قوى البنيه ولكنه تظهر على وجهه علامات الشرود الذهنى يتحرك كثيراً فى جانبات الحجره وبدء الحوار بين الشاب والخادم: انا اسمى حمد من مجموعة فجر ليبيا…..ومن فتره طلبوا منا جماعة داعش خمسون فرد لحراستهم فى مقابل خمسة ألاف دولار للحارس الواحد في الشهر وانضميت ليهم وكان دورنا نكون دليل ليهم في ليبيا ده غير حراسة مُعسكرهم وسحرونا النصارى من وقت ما مسكوا السبعه بالسياره وهما راجعين على مصر وحبسوهم في سيرت لغاية ما كملوا باقى الواحد وعشرون.
وحكى : فى الإسبوع الأول كان الدواعش بيكلموهم هكى تسيب دينك تاخد مصارى كثير نسيبك تعيش وتعاود لبيتك وأهلك ولو عايز تتزوج ها نزوجك. بس فيهم ولد تريس “شجاع”لما شاف شايبين”كُبار”منهم بيبكوا كان بيشجعهم ويصيح فيهم ويقول لهم ليش البُكى فردوا عليه واخبروه مين هايعول ولادنا فقال لهم بصوت عالى اللى بيعول ولادكم فى الغربه يعولهم وانتم فى السما وكان بيشاور بيده علي السما.اسمه جارجيس “جرجس” وكان يداويلهم ” يكلمهم” ويقويهم ويقولهم ان الله بتاعنا قوى.
بعد ما الدواعش شافواها التريس لا يهمه سلاح ولا خاف من عددهم وقوتهم وكيف هو بذاته يهاجمهم ويصرخ فيهم مسكوه وضربوه وصار وجهه القوي مُغطي بالدم من قوة اللكم واستمر رغم كل الإهانه والضرب كان يشجع رفاقه
وفى الإسبوع التانى بدأت دائرة التعذيب والضرب والسب والتجويع كانوا عاملين خندقين تحت الأرض يضربوهم ويعذبوهم بالنهار وينزلوهم في الخنادق بالليل ويملوا الخنادق مياه علشان ما يقدروا يرتاحوا فيها من تعب نهار كامل تعذيب وإهانه وضرب.
وفى ثالث مرة وكان يوم الجمعه بعد صلاة الظهر يوم 5/2/2015 بعد مارقموهم من 1 حتى 21 وطلب منهم جارجيس يكون اخر واحد يتم ذبحه وكأنه وصى عليهم كلنا استغربنا من إصراره وليه هو عايز كده إفتكرنا انه هيطلب يرحموه او ينضم ليهم لكن اللى صار لينا بعد كده انه مش عايز النصاري يرجعوا فى كلامهم او يخافوا. السحر صابني لما كنت ضمن توكه “ورديه” تأمين ليليه وهادينا النصارى دارولنا”عملولنا “سحر كانوا وقتها فى الخنادق لوطه “تحت” كانوا حينها بيتكلموا كيف ما بنغني وأصواتهم بترن بقوه ويقولوا أيسون .. أيسون ويقصد بها : كيريالسون”
من المفارقات العجيبه في حياة الشهداء نستخلص بعضها فيما يلي…. يكمل حديثه ماهر فريد نقولا
• الشهيد تواضروس يوسف تم خطفه وهو في سن الثانية عشر لتنقذه العنايه الإلهيه لإعداده للإختطاف السماوي.
• الشهداء هاني عبد المسيح وابانوب عياد وماجد سليمان وصموائيل فرج ويوسف شكري وسامح صلاح عند سفرهم يوم 16/5/2014 قاموا بحجز تذاكر السفر ذهاب فقط وكإنها دلاله لسفرهم للسماء بلا عوده.
• الشهيد لوقا نجاه طلب تصويره نائماً في احدي صناديق الموتي بالاردن ليستشهد بعد ذلك ولا يتم وضع جثمانه في صندوق اي انه وضع في الصندوق حياً ولم يضع فيه ميتاً.
• الشهيد صموائيل كان يهتم اتماماً خاصاً بيوم الجمعه ويُبكر إلي الكنيسه ويقول دائماً انه يوم الرب ليستشهد ايضاً في يوم الجمعه.
• الشهيدان يوسف شكري وابانوب عياد قالا امام اسرتهما انهما سيظلا سوياً وحتي الموت لن يفرق بينهما وبالفعل إستشهدا سوياً.
• الشهيد جرجس سمير لقبه الدواعش بالغول لصلابته امامهم وعدم رهبته وظهرت قوته لغيرته علي مسيحيته من خلال تشجيعه للشهداء وقت الإستشهاد.
• تنبأ الشهيد ابانوب عياد أثناء رؤية الأسره لقناة سي تي في اثناء عرض حلقة خاصة بشهداء سوهاج ولقاءات مع اسر الشهداء حيث قال الشهيد ابانوب لأسرته ان نفس القناه سوف تحضر إلي القريه وسوف تعقد معكم لقاءات بعد إستشهادنا في ليبيا وتحققت نبؤته.
• الشهيد كيرلس بشري نذره والده وهو في بطن أمه وعندما كبر تقدم للرهبنه وتم رفض طلبه لعدم إستكمال تعليمه فتقدم لمعهد ديديموس الضرير ليصبح معلماً في الكنيسه إلا ان طلبه قوبل بالرفض ايضاً ليصبح شهيداً وينال اعلي مرتبه مما كان يتمني.
• الشهيد ماثيو اياريجيا كان غاني الجنسيه وأطلق الدواعش سراحه ثلاثة مرات وكان يعود بمحض إرادته قائلاً لهم انا راجع علشان جرجس سمير هذا لأن خلال فترة وجوده كان الشهيد جرجس سمير يغذيه بالإيمان .
• الشهيد جابر نير لم يكن شماساً او مرنماً بل كان يُحب سماع الألحان والقداسات والترانيم والغريب انه في فيديو الإستشهاد كان يغمض عينيه ويتمتم بالالحان والصلوات وأطلق عليه الشهيد المرنم.
ماذا عن ردود افعال أهالي الشهداء؟
كانت فرحتهم غامره شعروا أن ابنائهم فى مكانة شهداء عصور المسيحية الأولي وفرحتهم أن سيرتهم أصبحت موثقه يتداولها الشعب القبطي في كافة محافظات مصر بل في العالم كله ليعرفوا من خلال الكتاب حكايات ومواقف مذهله تؤكد ان الله إختارهم من قبل سفرهم وكل هذا ستعرفوه من خلال كتاب “اكاليل في الغربه”.
وما ردود افعال القراء ؟
اول رد فعل شعرت من خلاله انني قدمت شيئاً بسيطاً وله قيمه عظيمه هو ما قاله نيافة الأنبا مارتيروس اسقف عام شرق السكه الحديد ورئيس لجنة المصنفات الكنسيه الذي قام بمراجعة الكتاب وتفضل بوضع المقدمه له حيث اثني علي المجهود والاسلوب البسيط السهل الممتنع كما تلقيت مكالمات كثيره ورسائل عبر مواقع التواصل الإجتماعي.
المواقف التي اثرت فيك ولم تذكرها في الكتاب؟
في بداية الكتابة كانت الفكرة هي سرد سير الشهداء إلي أن ظهر شاهد عيان بسماح من الله كان يعيش بليبيا حوالي عشرون عاماً لتتجسد معني ” الله لايترك نفسه بلا شاهد” وكان لقاء مثمر بيني وبينه حصلت منه علي معلومات عن الحياه في ليبيا وعدد الكنائس هناك وتذكرت وقتها كيف أن نيافة الأنبا روفائيل تمني أن يترك الدواعش واحد من الشهداء يحكي لنا ماحدث لهم وقبل ان يحكي لي شاهد العيان ماحدث طلب مني وعد وهو عدم ذكر أسمه أو بيانات توضح شخصيته لأنه معروف لدي شيوخ مصراته احد مدن ليبيا ووعدته انني سألتزم بما يطلبه وطلبت منه توثيق صوت وصوره لما يقوله ولم يرفض وبالفعل تم توثيق الحوار كامل واكثر ما اثر فيا هو توقف الشاهد اكثر من مره عن الكلام ودموعه تشق صمته وكان يقول هو انا لو مكانهم كنت هستحمل ده كله … كان متأثراً وهو يتذكر كيف حصل علي هذه المعلومات من خلال احد مجموعة فجر ليبيا الذي اصيب بحاله ظن انها سحر نصراني أو -لابسه عفريت- كما يقول العامه ولجئ الي شاهد العيان لإخراجه بإعتباره احد خدام الكنيسه ولكنها مشيئة الله ليعرف الخادم ما كنا نجهله.
اكثر المواقف التي اثرت فيك اثناء كتاباتك؟
كان اللقاء الذي تم بيني وبين والدة الشهيدين بيشوي وصموئيل اسطفانوس له رهبه وبخاصة انها ام شهيدين هما اصغر ابنائها وعندما تقابلت معها ابلغتني بظهورهم لها واحد تلو الأخر وهي جالسه في المزار الخاص بهم بنفس المنزل ودار بينها حوار، وجدير بالذكر أن كافة اهالي الشهداء قاموا بعمل مزارات بمنازلهم وضعوا فيها دولاب به متعلقاتهم من ملابس وكتب وملابس الشموسيه.
ما المتاعب التي واجهتك؟
لم اشعر بمتاعب جسديه اثناء رحلتي لهم بل كانت بداخلي قوة في أن احصل علي معلومات عنهم ولكن كم المعلومات التي حصلت عليها جعلتني في مأزق حيث ان الشهداء واحد وعشرون بما فيهم الأفريقي ماثيو وكنت اخاطب نفسي لو كل شهيد كتبت عنه عشرة ورقات اصبح حجم الكتاب اكثر من مئتي ورقه فقررت أن اسرد حياتهم بنظره سريعه وان أركز علي مواقف معينه في حياتهم تثبت ان هؤلاء الشهداء مُختارين واكثر ما تعبني بالفعل هي المعلومات البسيطه التي حصلت عليها عن الشهيد ماثيو الأفريقي.