تابعنا خلال الأيام القليلة الماضية ، تصدر واقعة ” زواج القاصرات ” بمحافظة الدقهلية على صفحات الجرائد والمجلات والتى بدورها أثارت جدلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة حيث شهدت قرية المعصرة التابعة لمركز بلقاس بمحافظة الدقهلية ، عقد قران وزفاف الطفل فارس السعيد عبدالعزيز 12 سنة بالصف الأول الإعدادى على الطفلة نانسى 10 سنوات بالصف الخامس الابتدائى وللتهرب من العقاب وأن يتم الزواج بدون مشاكل قانونية ارتدت العروس فستانا وردى اللون بدلا من الأبيض حتى لا يتقدم أحد بشكوى ضد أسرتيهما حسب تأكيد شهود عيان من أهالى القرية .
لعل المحزن فى هذه الواقعة ، اعتراف والد العريس بدون أدنى مسئولية أو تأنيب ضمير لجريمته الشنعاء وقوله بأن ” كل شىء تم بشكل عرفى وأوراق عرفية وليست رسمية حتى لا يتعرض أولياء أمور العريسين للمساءلة القانونية ويظل الزوج والزوجة فى شقتهما بشكل طبيعي حتى يأتى السن القانونى ويتم عمل عقود زواج رسمية .
تدين جمعية نهوض وتنمية المرأة مثل هذه الواقعة التى للأسف ما زالت تتكرر يوميا لتنتهك من حرية فتياتنا ونسائنا، فعلى الرغم من وجود قانون يتصدى لظاهرة زواج القاصرات إلا أننا مازلنا نعيش داخل مجتمعى يشوه صورة المرأة وينظر إليها على أنها مدخل رزق أو أحد الأدوات التى تدخل فى اكمال متطلبات المنزل وجزء مكمل لزينة أو مخلوق بشرى للإنجاب , تباع وتشترى كأى شىء . لذا تؤكد جمعية نهوض وتنمية المرأة مرارا وتكرارا على أن زواج القاصرات تحت سن الثامنة عشر بدون أوراق رسمية مثبتة بالأحوال المدنية مثلما حدث فى هذه الواقعة سبب ضياع حقوق العديد من الفتيات سواء كان الحق القانونى للزوجة فى حالة الطلاق وحقها فى التعليم , فزواج الفتاة المبكر غالبا ما يمنعها من استكمال تعليمها وبالتالي زيادة نسبة الأمية والرجوع خطوات إلى الوراء إلى جانب الحق فى عدم التعرض للعنف حيث تصبح هذه الفتأة عرضة للعنف الزوجى .
بخلاف ما سبق فإن هناك آثارا سلبية عديدة لهذه الظاهرة، فمن أهم الاثار النفسية والاجتماعية والفكرية لهذا الزواج هو الحرمان العاطفى من حنان الأبوين مما يؤدى الى اضطرابات نفسية بشخصيتها وارتفاع نسبة الطلاق نتيجة عدم تفهم الزوجة الطفلة لمعنى الزواج وضعف التكوين الذهنى إلى جانب خطر الحمل والولادة فى السن المبكر وبالتالى إصابتها بالعديد من الأمراض والتى تؤثر فى النهاية على صحتها لتصبح فتأة مهلهلة لا تقوى على تربية أطفالها تربية سليمة وصحيحة ويضيع مستقبل أسرة كاملة .
والتساؤل الذى نطرحه ما مصير هذه الطفلة التي لم تتعدى سن الـ10 سنوات ؟ وإذا أنجبت ما هو مصير أطفالها فى ظل عدم وجود أوراق رسمية تثبت النسب ؟ وما دور المسئولين ؟ سواء كانت وزارة التضامن الاجتماعى أو وزارة الداخلية أو المجلس القومى للمرأة حيث أنه يعتبر الجهة المعنية بشئون المرأة .
نحن فى جمعية نهوض وتنمية المرأة نطالب كافة المسئولين بتوقيع أقصى عقوبة على مثل هؤلاء المجرمين والتنفيذ الفورى الرادع للعقوبات ضد كل من تسول له نفسه ارتكاب تلك الجرائم النكراء، وتفعيل القوانين الحالية التى تشترط أن تبلغ الفتأة الثامنة عشرة وألا يقوم أى مأذون بتوثيق عقد الزواج أقل من هذا السن وإذا فعل ذلك فهو مخالف لقانون الطفل الذى حظر زواج الفتيأت أقل من 18 عاما وأن ذلك يعد جريمة تستوجب أشد العقاب حتى يتم الحد من تكرار مثل هذه الواقعة .
نرى أنه لا بد من قيام مؤسسات الدولة المختلفة بتنفيذ حملات توعية، تكون مهمتها رفع الوعى لدى القاصرات بحقوقهن كما أنه يجب تنشيط دور الجمعيات الأهلية والنسوية والمهتمة بقضايا المرأة وحقوق الإنسان للقيام بدور فعال من خلال الوعى بعواقب ظاهرة زواج القاصرات والعمل سويا من أجل تغيير الثقافات المتخلفة التى تبحث عن مبررات لهذه الجريمة باتخاذ الشرع غطاء لها .
كما أننا نطالب الإعلاميين بوسائل الإعلام المختلفة بأن يكون لهم دور فى المساهمة بالتوعية بأخطار هذه الظاهرة ووضع استراتيجية اعلامية متكاملة للكشف عن جذورها وبراءة الدين منها .
تطالب جمعية نهوض وتنمية المرأة كافة مؤسسات الدولة بالتكاتف ووضع خطة لمحاربة زواج القاصرات وأن تضعها في مقدمة أولوياتها للقضاء نهائيا على هذه الظاهرة التي لا تعد فقط جريمة بحق القانون بل جريمة بحق الإنسانية قضت على مستقبل العديد من الفتيأت بمصر وهناك أخريات سوف يكن من ضحاياها لو لم نطبق العقوبات على كل من يشارك بهذه الجريمة.