لازالت ردود الأفعال مستمرة بشأن مذبحة أورلاندو الأمريكية، بعد مقتل 50 شخصا واصابة مثلهم على الاقل، فى حادث اطلاق نار من قبل عمر متين أمريكي من أصول افغانية أعلن ولاؤه لتنظيم داعش الارهابي، وهو ما يعد أعنف حادث إطلاق نار في تاريخ الولايات المتحدة بما في ذلك مذبحة جامعة فرجينيا للتكنولوجيا عام 2007 التي قتل فيها 32 شخصا.
تواجد بالملهى وقت الحادث نحو 350 شخصا للمشاركة في احتفالات للمثليين تستمر أسبوعا، خاصة وأن أورلاندو تعد واحدة من أشهر المدن السياحية الأمريكية، وتوجد هناك مدينة “ديزني لاند” السياحية.
وعبر مراقبون عن خشيتهم من بدء استهداف تنظيم داعش للأمريكان فى صورة مجازر فردية، واستغلال الأماكن التى لا يتوفر بها رقابة أمنية مناسبة.
وقالت وسائل إعلام أمريكية إن متين المنتمي إلى بورت سانت لوسي الواقعة في فلوريدا ليس لديه سجل إجرامي وأنه كان تحت الرقابة الأمنية لمدة 5 سنوات، وإن السلطات تحقق فيما إذا كان يرتبط بتنظيمات إسلامية متشددة.
ثقافة السلاح
وفى افتتاحيتها أكدت التايمز البريطانية إن السياسيين الأمريكيين مطالبون، بعد هجوم فلوريدا، بالاستعداد معا لنضال طويل من أجل تغيير ثقافة السلاح في بلادهم، وأكدت أن تقاليد التسامح التي يعتز بها الأمريكيون أصبحت اليوم مهددة، خاصة أن بيت المرشح المحتمل للرئاسة الأمريكية، دونالد ترامب، قريب من أورلاندو.
أكدت الصحيفة أن هذه المجزرة تطرح سؤالا على الأمريكيين بشأن مدى اهتمامهم بأن عدد الأمريكيين الذين قتلوا في حوادث إطلاق نار بين 1968 و2011 أكثر من الذين قتلوا في اي حرب خاضتها البلاد.
ردود فعل غاضبة
من جانبها وصفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل “مجزرة أورلاندو بأنها مرعبة، مؤكدة أن بلادها سوف تظل بلدا منفتحا حتى في ظل حدوث مثل هذا النوع من الأعمال الوحشية.
أكدت ميركل أن مثل هذه الهجمات الدموية والحزن العميق لن يمنعا في ألمانيا من مواصلة “حياة منفتحة”، وأعربت ميركل عن تعازيها للرئيس الأمريكي باراك أوباما وعن تعاطفها مع الضحايا وأقاربهم.
من جانبه، أعرب رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانج عن تعاطفه مع أقارب الضحايا، وأكد أن بلاده تعارض كل شكل من أشكال العنف والإرهاب.
كما أرسل الرئيس الألماني يواخيم جاوك خطاب عزاء إلى نظيره الأمريكي باراك أوباما أعرب فيها عن مواساته في حادث إطلاق النار في ملهى في مدينة أورلاندو والذي أسفر عن مقتل وإصابة عشرات الأشخاص.
ذكر المكتب الرئاسي أن جاوك قال في خطابه إن ” الأخبار عن وقوع الكثير من الضحايا في هذا الهجوم غير الإنساني في أورلاندو صدمتني بعمق، ويصعب استيعاب فداحة مثل هذه الجريمة إنسانيا وسياسيا”.
من جانبه أكد والد منفذ الهجوم أن ابنه بعيد كل البعد عن التنظيمات الإرهابية وأنه لا علاقة له بالدين الإسلامي.
وقال مير صديقي، الأفغاني الأصل، إنه لا يعرف أن لدى ابنه – الذي يحمل الجنسية الأمريكية – مثل هذه الضغينة في قلبه، وقال صديقي في رسالة بالفيديو وجهها إلى الشعب الأفغاني إن عمر كان ولدا جيدا جدا، ثم تزوج وأصبح عنده ابن.
كان الأب قد قال من قبل إن ابنه غضب بعد مشاهدته رجلين يقبل أحدهما الآخر في ميامي.
ونشرت مواقع الكترونية مرتبطة بتنظيم “داعش” الإرهابي، مسؤولية التنظيم عن حادث إطلاق النار.
من جانبه قال بول ريان رئيس مجلس النواب الأمريكي، “علينا مع التئام الجرح أن نكون فطنين بشأن من الذي أدى إلى هذا. إننا أمة في حالة حرب مع الإسلاميين الإرهابيين“.
أضاف ريان إنه أمر بتنكيس الأعلام فوق مبنى الكونجرس تكريما لضحايا الهجوم.
فى حين قال دونالد ترامب المرشح المحتمل عن الحزب الجمهوري للرئاسة الأمريكية فى حسابه على تويتر “هل سيذكر الرئيس أوباما أخيرا عبارة الإرهاب الإسلامي المتطرف؟ إن لم يفعل فعليه الاستقالة فورا.. هذا عار“.
التحقيقات مستمرة
من جانبه قال ايفان بيريز، الباحث بالشؤون القانونية لدى شبكة CNN، إن السلطات الأمريكية كانت تمتلك بالتأكيد معلومات عن منفذ هجوم أورلاندو، عمر متين، وهذه المعلومات مكّنت من توجيه أصابع الاتهام بسرعة للإسلام المتشدد، وإن كان الهدف ليس من النوع المعتاد بالنسبة لتلك التنظيمات.
قال بيريز “الخيط المتعلق باعتبار العملية جزءا من هجمات المتطرفين الإسلاميين سيطر بسرعة على مسار التحقيقات، وهذا أمر لافت لجهة السرعة في سير التحقيقات بهذا الاتجاه وهذا يؤكد أن السلطات كانت تمتلك بعض المعلومات المتعلقة بهوية مطلق النار ولا بد أنهم تواصلوا مع عائلته أو جيرانه أو معارفه.”
أضاف بقوله “الخلاصة أن الإرهاب الإسلامي المتشدد سدد ضربة جديدة في أمريكا وهذا كان أمرا متوقعا في بداية شهر رمضان إذ لطالما وجهت التنظيمات الإسلامية المتشددة الدعوة لأنصارها لشن هجمات مماثلة، واستهداف ملهى ليلي للمثليين ليس أسلوبا معتادا لهذه التنظيمات ولكن بالطبع يميل المهاجمون عادة إلى الأهداف التي لا تحظى بحماية أمنية مشددة ويمكن إلحاق الكثير من الخسائر فيها.”
يذكر أن هذا الهجوم الذي نفذه متين جاء بعد رسالة صوتية لأبومحمد العدناني، المتحدث باسم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام أو ما يُعرف بـ”داعش،” نهاية مايو الماضي، يدعو فيها لشن هجمات في أمريكا وأوروبا بمناسبة حلول شهر رمضان.
أمريكا فى خطر
وفى هذا السياق قال مصطفي أمين الباحث فى شئون الحركات الاسلامية أن هذا الحادث يفتح باب استهداف التنظيم لمواقع أمريكية لا يتوفر بها الرقابة الأمنية اللازمة، واستغلال حمل عدد كبير من الشخصيات الأمريكية المتعاطفة مع تنظيم داعش سلاح مرخص لاستخدامه فى هذه الجرائم.
أكد أمين أن الولايات المتحدة قادمة على مرحلة بالغة الحرج نتيجة ارتكاب جرائم كبيرة من خلال أفراد لا يخضعون للرقابة الأمنية، واستغلال التجمعات والمناسبات الكبري والاحتفالات لتنفيذ الأهداف لتسجيل أكبر عدد من الخسائر.
شدد أمين على أن اهتمام الدول الكبري بملاحقة تنظيم داعش فى سوريا والعراق، عمل على انتشار ثغرات فى أوروبا وأمريكا يستغلها الارهابيين فى تنفيذ جرائمهم، والتنقل من دولة لأخري هربا من الملاحقات الأمنية، وهو ما يزيد من التحديات على الأجهزة الأمنية الأوروبية والأمريكية.