ليس الامر تمرداً علي التعليم ولا علي المدارس ، وإنما هو نقل خبرات لعظماء منعتهم الحياة والظروف من التعليم في المدارس والكليات وثابروا وأصروا علي الوصول لأحلامهم ليصبحوا من ابرز الشخصيات المعروفة في مجتمعاتهم ، فقد واجهوا من المصاعب الجمة التى كادت أن تخفي أثرهم ، إلا أنهم عرفوا أن من أستكان الي الفشل لن يبرح مكانه ، ولن يحفر اسمه بماء الذهب علي صحف التاريخ الخالدة .
لذلك اعتبروا المصائب فرصاً متنكرة وأحسنوا استغلالها ، واعتبروا أن الهزيمة في المعركة لاتعنى خسارة الحرب ، فأعادوا ترتيب أنفسهم وأخذوا زمام الامر من جديد وكرروا المحاولة حتى وصلوا الي ماوصلوا اليه فأصبحنا نذكرهم بأنهم عظماء.
1-أجاثا كريستى (1890-1976م):
ولدت أجاثا مالاي كلاريسا ميللر ، في بلدة توركواري (جزء من توربيي) بمقاطعة ديفون جنوب إنجلترا عام 1890 م من أب أمريكي وأم انجليزية .
لم تذهب كريستى الي مدرسة قط ، بل تلقت تعليمها علي يد امها في المنزل حسب التقليد المتبع أنذاك في بلدتها ، عانت كريستى من صعوبات في التعلم وفي فهم قواعد اللغة وعانت من تهجى الحروف.
وجهتها أمها الي الكتابة والتأليف وشجعتها عليها في وقت مبكر من حياتها.
قضت كريستى سنواتها الاولي في كتابة القصص “قابضة الصدر” كما تصفها بنفسها، بالاضافة الي مقطوعة شعرية ، ثم قامت بكتابة أولي رواياتها وهي رواية “ثلوج عل الصحراء” ورفضها الناشرون بل ولم تنشر قط ، حتى خطر لها كتابة رواية بوليسية ، فقامت بكتابة رواية ” القضية الغامضة في ستايلز” ورفضها سته من الناشرين وقبلها الناشر السابع ونشرت هذه الرواية ودخلت بها الي عالم الكتاب الواسع الرحيب.
تطوعت كريستى كممرضة تابعة للصليب الاحمر إبان الحرب العالمية الاولي لتساعد جرحى الحرب ، وعملت في هذا المستشفي في تحضير الادوية وتعرفت علي السموم وتراكيبها ، ماكان له بالغ الاثر في كتاباتها اللاحقة عن الجرائم .
فقد أغنتها هذه التجربة معلوماتيا عن السموم ومركباتها وتأثيراتها الجسدية وماقد تسببه من مخاطر علي صحة الانسان ، والقارئ لروايات كريستى سيخرج بالكثير من المعلومات الطبية وأضرارها.
تزوجت كريستى من طيار يدعي “أرشيبالد كريتى” 1914 م ومنه أخذت لقبها الذي لازمها طوال حياتها ، ولكنها إنفصلت عنه عام 1928 م .
ثم تزوجت بعدها بعامين من عالم الآثار الشهير السير “ماكس مالوان” الذي أتاح لها فرصة زيارة معظم بلدان الشرق الادنى فزارت العراق والشام ومصر وبلاد فارس وغيرها، فدارت احداث العديد من رواياتها في هذه البلدان مثل : لقاء في بغداد ، جريمة في بغداد ، وحينما سافرت علي متن قطار الشرق السريع ، وإحدى رواياتها الشهيرة :جريمة في قطار الشرق.
وكان لإستقرار أجاثا مع زوجها الجديد بالغ الاثر علي رواياتها والانعكاس الايجابي فكرياًونفسياً.
تميزت روايات أجاثا بالحبكة والترابط في أحداثها ومنطق تسلسلها ، بالاضافة الي الكم الهائل من الالغاز والحبكات الغامضة سواء أكان ذلك في البناء القصصي أو في الحوار والشخصيات أو حتى في إختيار مواقع الأحداث التى غالباً ماتكون شائقة.
وقد ساعدها خيالها الخلاق في إيجاد تكتيك قصصي يستند إلي الحيلة أو الخدعة كأسلوب إثارة وتشويق مفعم بالغموض ، لدرجة أن من يقرأ رواياتها ويستنتج الحل قبل إنتهاء الرواية يصدم في النهاية من تناقض تفكيره مع الحل الذي أوجدته أغاثا.
وتميزت رواياتها بالغور في أعماق البشرية محللة كوامنها باحثة عن دوافعها بعبقرية فذه وبصيرة نافذة ،وكانت أغاثا تقول في كل رواية تكتبها “لابد ان ينتصر الخير والجريمة .
اتسمت كتابات كريستى بالسلاسة في أسلوبها ، مما أدى الي رواج رواياتها في الاوساط الشعبية بشكل كبير في أوروبا وما وراء البحار ، وترجمت رواياتها الي العديد من اللغات.
كتبت كريستى 67 رواية في الجريمة وعشرات القصص القصيرة ، الي جانب ست روايات رومانسية باسم مستعار هو ” ماري ويستماكوت” ، و16 مسرحية أشهرها صائد الفئران ، وكتبت قصة حياتها في رواية بعنوان “لوحة غير منجزة “أو ” الصورة الناقصة ” تحت اسمها المستعار ، ثم عادت لكتابتها باسمها الحقيقي.
طبع من أعمالها مايقارب ملياري نسخة ، وترجمت أعمالها الي خمسين لغة حول العالم ، في عام 2003 بيع لرواياتها نحو 20 مليون نسخة ، وحصلت علي القاب عديدة في حياتها منها “سيدة الرواية البوليسية ” ، و “كاتبة الجريمة الاولي” ، “سيدة الاسرار ” و”سيدة الموت”.
منحت كريستى وسام الامبراطورية بدرجة السيدة القائد عام 1971م.
2- ميخائيل كلاشينكوف (1919 – ….) :
ولد ميخائيل كلاشينكوف عام 1919 م لعائلة روسية فقيرة تعمل بالزراعة والفلاحة في ضاحية نائية تسمي “الناي” .
كانوا يمارسون الزراعة ولم تكن تستهوى ميخائيل الذي كان جل اهتمامه ينصب علي حب الميكانيكا التى تشبع رغباته وفضوله الكبيرين.
روادت ميخائيل افكار لاختراع آلة ميكانيكية زراعية تخفف عناء والده ، وحاول صناعة دراجة هوائية ؛ إذ لم يكن يوجد أي دراجة في بلدته ، وقام بصنع محرك ذاتي الحركة لها إلا انه فشل لعدم توافر المواد الضرورية لذلك.
تعرضت أسرة كلاشينكوف الي اضطهاد كبير من قبل الحكومة السوفيتية ، فقد تم تهجيرها الي سيبريا بإعتبارها أعداء الشعب .
كان ميخائيل ابن الحادية عشرة من عمره إلا أنه رفض ذلك وقرر العودة الي قريته هارباً مشياً علي الاقدام لأكثر من 1000 كم حتي وصل الي قريته.
ترك ميخائيل المدرسة نتيجة الظروف المادية القاسية ولم يكمل حتي أولي مراحله المتوسطة .
التحق بعد ذلك الي “الشبيبة الشيوعية ” (الكومسمول) التى مكنته من العمل في محطة لسكة الحديد ، وكان يتسلل الي الورش ، وينفذ ما كان رسمه علي وريقات بسيطة.
التحق ميخائيل في الحرب العالمية الثانية بصفوف القوات البرية للجيش الاحمر برتبة “عريف “قائد دبابة ، تعرض خلالها لجروح متوسطة في أنحاء متفرقة من جسده نقل علي إثرها الي المستشفي الميداني لتلقي العلاج ، ثم تم نقله الي مستشفي رسمي في إحدى المدن القريبة.
بدأ كلاشينكوف في سماع الكثير من القصص من الجنود المصابين في الجبهة والراقدين معه في المستشفي ، وأجمع هؤلاء الجنود علي أن الالمان يستخدمون سلاحاً فردياً متطوراً ودقيقاً كان السبب في إصابة العديد منهم .
تحولت أفكار كلاشينكوف من صناعة آلة زراعية تعيل والده الي ضرورة صناعة سلاح فردى أكثر تطوراً من السلاح الالماني ويحقق النصر للروس في الميدان.
بدأ كلاشينكوف في وضع الرسومات والافكار الاولية للبندقية الالية التى سعي لإختراعها .
بعد انتهاء خدمته العسكرية عاود العمل في محطة السكة الحديد ، وكان يتسلل الي الورشة الفنية التابعة للمحطة بمساعدة زملائه ،إلا أنه سجن ثلاث مرات ، حيث كان محرماً علي غير المختصين دخول الورشة والعمل بها.
في عام 1949 م عرضت وزارة الدفاع السوفيتية علي المخترعين المسجلين والمعروفين طلقة نارية من عيار 7,62 ملم لتصميم بندقية آلية بمقدورها أن ترمي مثل هذه الطلقة .
تقدم كلاشينكوف بفكرته التى أعجب بها المختصون والخبراء وأخذوا يتساءلون هم والمتسابقون : كيف بعريف سابق يستطيع أن يخترع مثل هذا الاختراع؟
بعد تجربة السلاح من قبل الخبراء تم اعتماده للاستعمال من قبل الجيش الاحمر وكذلك لدى جيوش وارسو (سابقاً) وذلك بعد أن أثبت السلاح فعالية قتالية عالية ودقة مجدية.
ومنذ ذلك اليوم والكلاشينكوف تثير اعجاب الجيوش والمقاتلين والخبراء والعسكريين في كافة أنحاء العالم.
نال كلاشينكوف جائزة ستالين وهي أرفع جائزة كانت تمنح في الاتحاد السوفيتى.
منحته الحكومة السوفيتية عام 1958 م أول وسام بطل العمل الاشتراكى (النجمة الذهبية).
نال جائزة لينين عند اختراعه لطلقات من عيار 45,5 ملم ، كما شغل منصب عضو المجلس السوفيتي الاعلي منذ 1953 م ولمدة 6 سنوات متتالية ، وقد لقب كلاشينكوف ب”الاسطورة والمهندس والدكتور” ، تستخدم جيوش 55 دولة هذا الرشاش ودخل في أعلام وشعارات 6 دول.
3- حمد بن محمد الجاسر (1910 – 2000):
الجاسر أشهر أدباء السعودية داخل البلاد وخارجها “د. علي بن جواد الظاهر”
ولد حمد بن محمد جاسر بن علي آل جاسر في عام 1328 ه / 1910 م في قرية (البرود) في إقليم السر،تبعد عن العاصمة الرياض قرابة ثلاثمائة كم .
كان والده فلاحاً فقيراً ، وكان يعده لأن يرث مهنته ليصبح فلاحاً في قريته ، إلا أن ابنه حمد ولد عليلاً ‘ حيث كان الجميع يتوقعون أن يظل مقعداً في منزل أهله .
حكي حمد عن نفسه أن أهله حفروا قبره أربع مرات أعتقدوا فيها أنه سيموت.
إلا أن صحته الهزيلة كانت فأل خير له ، حيث كانت سبباً له في أن يتجه الي التحصيل العلمي ، حيث أدرك والده أن صحة حمد لاتحتمل المشاركة في زراعة الارض ، فأرسله إلي قرية (حزمية ) المجاور للبرود ، ومنها كانت بداية مشواره العلمي والفكري حيث تعلم مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القرآن كاملاً، ثم تم ارساله الي الرياض بمفرده بعد شفاؤه من مرضه ليبدأ في رحلة تعليمه لنفسه.
فقرأ هناك (المتون الآجرومية والثلاثة الاصول وآداب المشي إلي الصلاة للشيخ محمد بن عبد الوهاب وملحة الإعراب للحريري) .
وبدأ في عام 1348 ه منعطف جديد في حياته ملتحقا بالمعهد الاسلامي السعودى في مكة المكرمة (وكانت اول مدرسة نظامية تنشأ في العهد السعودي).
بدأ في المعهد أولي خطواته مع الكتابة واتفق مع زميل له اسمه أحمد عبد الغفور عطار علي إصدار مجلة خطية اسمها “الشباب الناهض” ، وما إن صدر عددها الاول حتى أوقفت كلياً علي إثر مقال نشر فيها .
بعد تخرجه من المعهد السعودي درس في ينبع أربع سنوات ، ثم تولي قضاء ظبا قرابة العام ، ثم سافر بعدها الي مصر للالتحاق بكلية الاداب بجامعة القاهرة ، وقد أوصي عميد الادب العربي دكتور طه حسين بقبول حمد بكلية الاداب.
استمر جاسر لمدة عام في دراسته في كلية الاداب نهل خلالها من كافة العلوم والمعرفة المختلفة في مصر حتى قامت الحرب العالمية الثانية فإضطر الي العودة الي مسقط رأسه المملكة العربية السعودية ‘ وعمل هناك مدرساً ثم مديراً في المدرسة ذاتها، الا أن شغفه وحبه الشديدين للعلم والبحث والدراسة جعلاه يتبوأ مناصب مختلفة في وزارة التربية ، ثم عمل كأستاذ غير متفرغ بجامعة الملك سعود .
أنشأ في نجد مكتبة لبيع الكتب وكانت أول مكتبة عنيت بعرض المؤلفات الحديثة تحت إشرافه .
لم يرق لحمد هذا العمل الوظيفي الذي كان لايتناسب وطموحاته العلمية الكبيرة ، مختاراً طريق الصحافه حيث زاولها مهنة وعملاً ، فأصدر صحيفة اليمامة فيما بعد ، ورئيس تحرير صحيفة الرياض عند تأسيسها.
حفظ حمد مقامات الحريري ، وكان مهتماً بعلم الجغرافيا ، وأدرك بعد ذاك أنه لابد له للخروج من عالم الكتب الي الكون من حوله.
في عام 1372ه تقدم الجاسر الي الامير سعود بن عبد العزيز لإصدار صحيفة يومية باسم الرياض فأذن له ، فأصدرها في البداية شهرية ثم أسبوعية ثم يومية ، وكان يطبعها في القاهرة .
اضطر بعد ذلك لتغيير اسمها الي اليمامة حيث لم يوافق ديوان الامير علي (الرياض) عنواناً للجريدة.
بعدها انتقل لطباعة صحيفته في الحجاز ثم لبنان ، ثم قام بإنشاء مطابع اليمامة في الرياض وكانت تطبع مجلة اليمامة والجزيرة والقصيم وصحف ومجلات اسبوعية وشهرية أخري ، وتولت طباعة العديد من المؤلفات المتعلقة بالجزيرة العربية منها ماكان تأليفه أو تحقيقه ، ومنها ماهو تأليف غيره ، وكان أغلبها ضمن سلسلة اطلق عليها نصوص وأبحاث جغرافية وتاريخية عن جزيرة العرب.
وجاء أمر الملك فيصل بن عبد العزيز (ولي العهد وقتذاك)بإلغاء الرقابة علي الصحف والمجلات ، فقام حمد بتغيير اسم صحيفته لتصبح (الرياض)كما اراد سابقاً ، وترأس تحريرها.
وقد انتمى حمد بالعضوية الي العديد من المجامع اللغوية مثل المجمع اللغوى في دمشق والمجمع اللغوى العراقي ، ثم منح عضوية مجمع القاهرة .
وساهم بعدة مقالات في مجلة الفتح وجامعة الرياض ، ويعتبر “كتاب سوق عكاظ” من أهم الكتب.
كتب حمد مايقرب من 1200 عمل في مقدمتها الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة ، في ثلاثة أجزاء ، للجزيري الحنبلي ، وكتاب المناسك وأماكن طرق الحج ومعالم الجزيرة ، المنسوب للحربي.
نال عدد كبير من الجوائزوالاوسمة والشهادات ، وانتشر اسم حمد بشكل كبير جدا بين أوساط المثقفين وكتب عنه العديد من المستشرقين وكبار الباحثين والمفكرين العرب.
وعرفاناً لما قدمه حمد من أعمال جليلة ، فقد أطلق اسمه علي عدد من المعالم.
4- عباس محمود العقاد (1889- 1964):
العبقري صاحب العبقريات ، ولد في مدينة أسوان بصعيد مصر في 28 يونيو عام 1889م ، تلقي تعليمه الابتدائي بمدرسة أسوان الاميرية .
أحب القراءة وتعلم نظم الشعر وأقبل علي تثقيف نفسه ثقافة واسعة.
تخرج العقاد من المدرسة الابتدائية سنة 1903 ، ولم يكمل تعليمه بعدها، وعمل بمصنع للحرير في مدينة دمياط .
عمل العقاد بعدها موظفاً حكومياً بمدينتى قنا والزقازيق ، ثم انتقل الي الاستقرار في القاهرة ، اشترك بعدها في العمل مع محمد فريد وجدي في إصدار صحيفة الدستور عام 1907.
تعرف العقاد بسعد زغلول وآمن بمبادئه .
توقفت الصحيفة بعد فترة ثم إنتقل للعمل في جريدة المؤيد عام 1912م.
بدأ العقاد يعانى ضيق الحال فإضطر الي اعطاء بعض الدروس ليحصل علي قوت يومه ، فعمل مدرساً عام 1917م .
وانتقل للعمل في الاهرام عام 1919 ودافع كثيراً عن سياسة سعد زغلول حول أسلوبه للمفاوضات مع الانجليز .
انتمى العقاد لحزب الوفد حتى عام 1935م ، عندما انسحب من العمل السياسي إثر اصطدامه بزعيم الحزب آنذاك مصطفي النحاس .
بدأ العقاد في الاتجاه نحو التأليف والكتابة الي الصحف أو تحرير بعضها من روزاليوسف والهلال وأخبار اليوم ومجلة الازهر.
لم يتوقف إنتاج العقاد الادبي علي الرغم مما عاناه من ظروف قاسية ، فقد كان يكتب المقالات ويرسلها الي مجلة فصول ، كما كان يترجم لها بعض الموضوعات.
يصعب حصر أعماله الادبية لكثرتها ، إلا أنه بدأ إنتاجه الشعري قبل الحرب العالمية الاولي ، وظهرت الطبعة الاولي من ديوانه سنة 1916 م والطبعة الثانية سنة 1928 م في أربعة أجزاء ، توالت بعدها مجموعاته الشعرية بعناوين مختلفة :(وحي الاربعين) و(هدية الكروان ) و(عابر سبيل).
أسس العقاد بالتعاون مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري مدرسة الديوان ، وكان من أنصار التجديد في الشعر والخروج به عن شكله التقليدى العتيق.
من أشهر أعماله سلسلة العبقريات التى تناولت بالتفصيل سير أعلام الاسلام ، ولم يكتب الا رواية واحدة هي سارة ، ومن أهم مؤلفاته : الفلسفة القرآنية ، الله ، إبليس ‘والانسان في القرآن الكريم ومراجعات في الادب والفنون.
تجاوزت كتبه المائة والالاف من المقالات في الصحف والمجلات متبوئاً مكانة عالية في النهضة الادبية الحديثة .
كتب العقاد سيرة سعد زغلول وصدر له عدة بحوث أهمها كتاب بقلم تلاميذه.
منحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية في الاداب غير أنه رفض تسلمها، وتوفي في 12 مارس 1964م ، عن عمر 75 عام.
5- غابرييل غارسيه ماركيز: (1928 – …):
ولد غابرييل خوزيه غارسيا ماركيزفي 6 مارس 1928 في مدينة أراكاتاكا في مدينة ماجدالينا.
بدأت بوادر ابداعاته الادبية في سن صغيرة ، ففي سن الثامنة عشرة من عمره نشرت له صحيفة “إسبيكتادور” الكولومبية قصة بعنوان “استقالة ” ، وصفها المحرر بالعبقرية ، وكانت بداية الابداع له نشر بعدها عشرات القصص خلال السنوات التالية ، ثم بدأ في كتابة مقال يومى له في صحيفة يونيفيرسال، دخل الجامعة لدراسة الحقوق وتركها ليتفرغ لحلمه الكبير في الكتابة.
ظل ماركيز يكتب في تلك الصحيفة حتى تم اغلاقها لاسباب سياسية ، فترك وطنه هائماً علي وجهه في أوروبا ، وقضي هناك حقبة من التشرد والجوع حتى عاد الي فنزويلا، فاستطاع العمل بالصحافة مرة اخري.
عاد الي كولومبيا سراً ليتزوج بحبيبته “مرسيدس” ثم عاود إدراجه الي فنزويلا .
وعلي الرغم من كونه اصبح أباً وزوجا الا أنه قرر الاستقالة من وظيفته بالصحيفة الفنزويلية ، اعتراضاً علي موقفها المحابي للولايات المتحدة الامريكية.
عمل بعد ذلك في وكالة الانباء الكوبية ، وبدأ في تلك الفترة صداقته مع الرئيس الكوبي فيدل كاسترو،الا انه سرعان ماترك العمل في الوكالة لعدم رضاه عن الكثير من أفكار الحزب الشيوعي الحاكم في كوبا المهيمن علي الاعلام.
من اشهر روايات ماركيز :مائة عام من العزلة 1967م ، وترجمت الي 12 لغة وبيع منها اكثر من عشرة ملايين نسخة وحصلت علي اربع جوائز وحولت حياة ماركيز الي أشهر كاتب في أمريكا اللاتينية، وواحد من أشهر كتاب العالم.
كتب أيضاً سيرة سيمون دى بوليفار في رواية الجنرال في متاهة.
ورواياته ايضاً: خريف البطريرك عام 1975م ، وأحداث موت معلن عام 1981م .
في عام 1982 حصل علي جائزة نوبل في الاداب ، الا انه لم يتوقف عن الكتابة ، فأصدرعدة روايات من اشهرها “الحب في زمن الكوليرا” عام 1986م ، والعديد من الاعمال الاخري.
اكتشف ماركيز مرضه بالسرطان عام 1999 م قرر علي اثره اعتزال الحياة العامة ، بشقته في “بوجوتا” العاصمة الكولومبية، إلا أنه لم يعتزل الكتابة ،بل أعتبر العزلة فرصة عظيمة لكتابة مذكراته .
خرج من عزلته عام 2000 لينفي صلته بما قيل : إنه كتب وصية ، ووزعت علي صفحات الانترنت.
ومؤخرا وقع الاختيار علي ماركيز ليكون كولومبي جميع العصور”في استفتاء نظمته مجلة “سمانا” بين قرائها ونشرت نتائجه في عدد خاص.
وقد أحتل ماركيز المرتبة الاولي في الاستفتاء حيث حصل عبي نسبة 18,92% من الاصوات متقدماً علي العديد من الرؤساء والقادة التاريخيين.
6- وليام شكسبير(1564 – 1616):
ولد شكسبير الاديب الانجليزى في قرية سترنفورد في الثالث والعشرين من نيسان سنة 1564م .
كانت أمه ماري آردن امرأة طيبة قد حصلت علي ثروة عن طريق الارث، و أما أبوه فقد كان من طبقة متوسطة ، يعمل في التجارة وتدرج في الوظائف البلدية حتى اصبح رئيساً لمجلسها.
في السابعة من عمره التحق شكسبير بمدرسة البلدة ودرس اللاتينية ، الا ان شكسبير اضطر الي ترك المدرسة بسبب كارثة مالية نزلت بالاسرة .
في 1582م تزوج من “هاثوي” ابنة رئيس أحد مزارعي البلدة ، وهو في الثامنة عشرة من عمره ، وكانت فقيرة الحال تكبره بنحو ثماني سنوات، ورزق شكسبير بتوأمين (ذكر وأنثي). ، مات ابنه صغيراً ، وعاشت ابنتا شكسبير وتزوجتا.
رحل شكسبير الي لندن في 1587 م تاركاً اسرته وراءه في رعاية والده ، وهناك ظهر شكسبير كشاعر مجيد حين قدم قصيدته القصصية (فينوس وانيسن ) ثم قصيدته (إغتصاب لوكريس) ، ثم التحق في العام التالي بفرقة مسرحية .
في 1594 عُرِفَ شكسبير كممثل في فرقة اللورد شامبرلين والتى عرفت باسم “فرقة الملك أو رجال الملك”.
كرس شكسبير لهذه الفرقة عبقريته كوؤلف وممثل مسرحي ، وحالفه الحظ ونجحت مسرحياته أدبياً ومالياً، كما تم تأسيس مسرح “جلوب” سنة 1599م وأصبح شكسبير شريكاً فيه.
عمل وفرقته في هذا المسرح حتي أصبح ميسور الحال فعاود إدراجه الي سترانفورد.
بلغت أعمال شكسبير المسرحية نحو 37 عملاً علي الاقل ، لاقت شهرة واسعه جداً فاقت أي أديب عاصره أو سبقه وحتى لاحقيه .
كان له الكثير من الاعمال الشعرية والنثريه والقصائد .
موهبة شكسبير الفائقة كانت تكمن في إعادة تركيب الاعمال الفنية بصورة أفضل، فكان يضيف ويحذف كثيراً حتي يتمكن من الحصول علي عمل مسرحي جيد.
قال عنه النقاد إنه “كان يكتب لعصره ، وقد أستعمل في كتاباته أكثر من عشرين ألف مفردة مستقلة” ، كما أن شكسبير كان قد استعمل كافة الضروب الادبية والبلاغية ، كما أجاد التلاعب بالكلمات بشكل كبير جداً .
وعلي الرغم من كثرة اعماله المسرحية الا أن كلا منها قد أتخذت طابعاً متفرداً ولم يكن واحده شبيهة للاخري.
قسم النقاد مسرحيات شكسبير الي ثلاثة أنواع من الناحية االشكلية والمضمون وذلك في ضوء تسلسلها التاريخي والتقريبي.
فكان منها المسرحيات الكوميدية مثل : ( حلم منتصف ليلة صيف ، جعجعة بلا طحين ، العبرة بالخواتيم ، تاجر البندقية ، كوميديا الاخطاء ، الحب جهد ضائع ).
والمسرحيات التاريخية مثل (جون الملك ، ريتشارد الثاني ، هنري السادس 3 أجزاء.)
والمسرحيات التراجيدية مثل (مكبث ، عطيل ، روميو وجولييت ، أنطونيو وكليوباترا ، هاملت أمير الدنمارك ، يوليوس قيصر.)
ويعد شكسبير عبقرياً بغض النظر عن مصادره الشعبية أو التاريخية ، وقد تحول بيته في ستراتفورد الي متحف وطني يرتاده السياح ، وأعيد بناء مسرحه من جديد وتقدم عليه أعظم روائع شكسبير .
توفي شكسبير في 32 إبريل 1616 ودفن داخل كنيسة أبرشية ستراتفورد.
7- محمود سامى البارودى (1839 – 1904):-
ولد في 6 أكتوبر عام 1839 م في حي باب الخلق بالقاهرة لأبوين من أصل شركسي ينتميان الي السلاطين المماليك الذين حكموا مصر قروناً من الزمان.
يعتبر البارودي رائد الشعر العربي الحديث الذي جدد في القصيدة العربية شكلاً ومضموناً ، ولقب باسم فارس السيف والقلم.
أتم البارودى دراسته الابتدائية عام 1851 م ثم إلتحق بالمرحلة التجهيزية من المدرسة الحربية المفروزة ، وانتظم فيها يدرس فنون الحرب وعلوم الدين واللغة والحساب والجبر ، وتخرج من المدرسة المفروزة عام 1855 م ، ولم يستطع استكمال دراسته العليا ، والتحق بالجيش السلطاني.
عمل بعد ذلك بوزارة الخارجية وذهب الي الاستانه عام 1857م ، أعانته إجادته للغة التركية ومعرفته اللغه الفارسية علي الالتحاق بقلم كتابة السر بنظارة الخارجية التركية ، وظل هناك نحو سبع سنوات (1857 – 1863 م) ثم عاد الي مصر في فبراير 1863 م، وعينه الخديوي اسماعيل معيناً لأحمد خيري باشا علي إدارة المكاتبات بين مصر والاستانة.
ضاق البارودي برتابة العمل الديواني ونزعت نفسه الي تحقيق آماله في حياة الفروسية والجهاد ، فنجح في يوليو عام 1863 م في الانتقال الي الجيش حيث عمل برتبة البكباشي العسكرية وأُلحق بآلاي الحرس الخديوى ، وعين قائداً لكتيبتين من فرسانه.
تجلت مواهب البارودى الشعرية في سن مبكرة بعدما استوعب التراث العربي .
اشترك البارودي في الحرب التي قادتها مصر عندما عجزت الخلافة العثمانية عن قمع الثورة في كريت عام 1865 م ، واستنجدت بجيش مصر لإخمادها .
كما كان أحد أبطال ثورة عام 1881م الشهيرة ضد الخديوي توفيق بالاشتراك مع أحمد عرابي.
أسندت اليه رئاسة الوزارة الوطنية في 4 فبراير 1882م حتى 26 مايو 1882م .
بعد سلسلة من أعمال الكفاح والنضال ضد فساد الحكم وضد الاحتلال الانجليزى لمصر عام 1882م قررت السلطات الحاكمة نفيه مع زعماء الثورة العرابية في 3 ديسمبر عام 1882 م الي جزيرة سرنديب(سريلانكا حالياً).
ظل في المنفي بمدينة كولومبو اكثر من سبعة عشر عاماً يعاني الوحدة والمرض والغربة عن وطنه ، فسجل كل ذلك في شعره النابع من ألمه وحنينه .بعد أن بلغ الستين من عمره اشتدت عليه وطأة المرض وضعف بصره فقرر العودة الي وطنه مصر للعلاج .
عاد الي مصر في 12 سبتمبر1899م وكانت فرحته غامرة بعودته الي الوطن، وانشد احد أشهر اناشيده في العودة الي الوطن.
وقدر لمصر أن تكون أسبق الاقطار الي النهوض في الشعر وبث النهوض والحياة به.
وافرد العقاد للبارودي فصلاً كاملاً تناول فيه شعره بالدراسة والتحليل
قال عنه شوقي ضيف أن البارودى حمل تاج الاحياء والتجديد في الشعر في الوقت الذي كانت تعاني فيه كل الاقطار العربية من هذه المحنة –اي التكلس الشعري في زمن المماليك والعثمانيين-.
توفي البارودي عام 1904م.