لو هناك حبة رمل مصرية على تيران و صنافير لا يمكن نفرط فيهما
لفظ “احتلال” فى كثير من الوثائق يؤكد عدم مصرية الجزيرتين
ستلزم السعودية بمعاهدة كامب ديفيد
“إننا أعطينا حق الناس لهم.. مصر لم تفرط في ذرة رمل وأعطتها للسعودية”.. هذا ما أكده الرئيس السيسى في كلمته التى ألقاها خلال لقاء بممثلي المجتمع المدني المصري ، و ذلك بعد ان احتدم الجدل في الأوساط الإعلامية والسياسية والاجتماعية المصرية حول اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي ترتب عليها تنازل مصر عن جزيرتي تيران و صنافير .
من هنا حاورت جريدة “وطنى ” لواء اركان حرب محمد على بلال قائد القوات المصرية فى حرب عاصفة الصحراء ” حرب الكويت الثانية ” وفيما إذا كان السيسي قد تنازل عن الجزيرتين للسعودية، أم أنه بالفعل أعاد الحق لأصحابه الجزيرتين للسعودية …
بداية يقول – لواء محمد – نعرف موقعهما ..تقع جزيرة تيران في مدخل مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، ويبعد 6 كم عن ساحل سيناء الشرقي، وتبلغ مساحة الجزيرة 80 كم². أما جزيرة صنافير فتقع شرق جزيرة تيران، وتبلغ مساحتها نحو 33 كيلومترا مربعا,,من هنا يتضح اهمية الجزيرتان انهما تتحكمان في مدخل خليج العقبة ومينائي إيلات والعقبة في إسرائيل والأردن.
الأصل التاريخى وبداية الصراع
اما عن الضجة المثارة الآن للأسف معظم من يتحدثوا فى الموضوع ليس لديهم اى فكرة على الاطلاق او قراءات سابقة .. لو فكروا يرجعوا الى احداث منذ 9 اشهرسابقة ، سنجد اعلان اتفاق القاهرة فى يوليو 2015 اخر بند فيه رقم 6 ينص على تحديد الحدود البحرية بين مصر و السعودية ،وسيعرفوا ان هذا الموضوع يتم بحثه اى ليس جديد ..فلما اعلن الترسيم بدأت كل هذه المناقشات .
اما عن بدايات الصراع – يوضح لواء بلال – ترجع لعام 1949 كنا نحارب فى هذه المنطقة و خرقت اسرائيل الهدنة و استولت على ام الرشرش وجعلته اسرائيل ميناء ايلات ، و بدأ الخوف يدب فى صدور السلطات المصرية والسعودية من استيلاء اسرائيل على الجزيرتين للتحكم فى مدخل خليج العقبة ، لتأمين نفسها و حرمان مصر و الاردن من الخليج ، من هنا طلبت السعودية من مصر عام1950 حماية الجزيرتين تيران وصنافير ولعدم قدرتها على الدفاع عنهما في مواجهة إسرائيل ، و بالتالى أعلنت السيادة المصرية على المنطقة .. وهنا لدى مذكرة رفعتها وزارة الحربية و البحرية الى رئيس مجلس الوزراء مصطفى النحاس سنة 1951 و فيها يوضح واجبات القوات المصرية فى منطقة خليج العقبة و فى متن المذكرة يقول ” و قد ارسلت جميع هذه القوات على وجه السرعة لأحتلال هذه المنطقة الاستراتيجية ..” لفظ احتلال يوضح ان الجزيرتين ليست مصريتين ، انما تواجدنا فيها حفاظا على حقوق العرب فى هذا الخليج ، وحقوق العرب ان نؤمن انفسنا لان لو وقعت تحت سيطرة اى عدو سيؤثر تماما على شرم الشيخ و كل الساحل الشرقى المصرى ، بالتالى يتحكم فى الممر الوحيد للاردن على البحر الاحمر ، و هذا ما حدث بالفعل فى 1956 .
ويواصل – اللواء بلال – ولاهمية المنطقة اعلنت امريكا أن هذا الممر يعتبر ممر دولى ..انما الواقع و القانون و كل المبادىء البحرية لا يعتبر هذا الممر ممر دولى لانه يشترط فى الممر الدولى أن يكون بين بحرين مفتوحين مثل قناة السويس و قناة بنما اما خليج العقبة مياه مغلقة و كان الغرض هنا تقليص السيادة بعد أن احتلت اسرائيل هذه الممرات 1956 ..
عبد الناصر
وهنا يجب ان نشير الى الفيديو الذى يتم تداولة على مواقع التواصل الاجتماعى للرئيس جمال عبد الناصر ..يجب ان نحلل المضمون أن الرئيس جمال قال هذا فى عام 1967 لانه كان بيمهد لغلق خليج العقبة و يقصد هنا الحدود التى يجب ان تتحكم فيها مصر و السيادة عليها حتى يتيسر له غلق الخليج ،ويجب ان يكون له كل المياه من تيران الى مصر ، كما ان هناك الكثير من الوثائق و المصادر التى تثبت وضع الجزيرتين مثل كتاب ابراهيم شكيب ” حرب فلسطين ” صدر عام 1968 و استند الى رأيه الدكتور حسن صبرى الخولى و الدكتور حامد سلطان ..حيث ذكر “…يجد عند مدخل خليج العقبة ارخيبل صغير و يشتمل على عدد من الجزر الصخرية يبلغ عددها 30 جزيرة كانت تابعة كلها للمملكة العربية السعودية و اكبر هذه الجزر جزيرتا تيران صنافر ..” هذا يوضح ان الجزيرتين لا تتبع السيادة المصرية .
مصادر تاريخية تؤكد مصريتهم
هنا عرضنا على اللواء محمد بعض المصادر و المراجع التى يتم يتداولها حول هذا الموضوع لتفنيدها مثل د. صبري العدل مؤرخ مصري وعمل مديرا لمركز البحوث الوثائقية بدار الوثائق بالقاهرة وله العديد من المقالات التى ترجمت لعدة لغات: الذى كتب .. هناك بعض الإشارات في كتب الرحالة حول هاتين الجزيرتين، فقد زار منطقة خليج تيران وشمال الجزيرة العربية الرحالة الفنلندي جورج أوغست فالين مرتين خلال عامي 1845 و1848 أي في عصر محمد علي، وخلال رحلته الأولي عام 1845م قال: “:وكانت الحكومة المصرية تسيطر على جزيرتى تيران وصنافير، لكن لصعوبة الطبيعة الصخرية لهما، وصعوبة توصيل المياه والمؤن للعساكر المصرية، فقد انتقلت القوات المصرية إلى ساحل شبه جزيرة سيناء. .” هنا يرد لواء محمد بقوله ” منطقيا ان تكون الجزيرتين كانتا ضمن نطاق سيطرة مصر فى هذه الفترة التى امتدت الى السعودية و السودان و غيرها ، وكنتيجة مباشرة لمعاهدة سايكس – بيكو و التى تغيرت بمقتضاها الخريطة السياسية لهذا الشرق وضع الحدود بين البلاد العربية .
كما ورد فى نفس المرجع” وانه فى عام 1911 أى بعد ترسيم الحدود الشرقية لمصر بخمسة أعوام التى تمت فى 1906 ، أرسلت الدولة العثمانية قوة قوامها خمسون جندياً من العقبة للاستيلاء على جزيرتى تيران وصنافير . وكان الهدف من كل هذه التدابير هو منع تهريب السلاح من مصر إلى العرب فى الحجاز وسوريا. ويبدو أن الألمان كانوا يطمعون فى الاستيلاء على الجزيرتين، حيث عززت القوات العثمانية تواجدها فى العقبة بإضافة ثلاث كتائب من ولاية دمشق…هنا يقطعنا لواء محمد بقوله هذا بعد ترسيم 1906 – وهو تقسيم برى فقط – و هذا ما يؤكد على موقفنا لانه لو كانت الجزيرتان تتبع مصر لما ارسلت الدولة العثمانية قواتها .
لم يبقى لدينا سوى ان نعرف وضع الجزيرتان فى اتفاقية كامب ديفيد التى فيها وقع الجانبان المصري والإسرائيلي عليها عام 1978، وحسب المعاهدة خضعت الجزيرتان لسيطرة قوات دولية متعددة الجنسيات، وتم وضع قوة مراقبة للتأكد من امتثال مصر وإسرائيل للأحكام الأمنية الواردة في اتفاقية السلام والمتعلقة بفتح خليج تيران..
وحسب البروتوكول العسكري لمعاهدة كامب ديفيد وضعت الجزيرتان ضمن المنطقة “ج” المدنية، التي لا يحق لمصر بوجود عسكري فيها مطلقًا، لكن ذلك لا ينفي أنها تمارس سيادتها على هاتين الجزيرتين ..
وقال لواء بلال : احب ان اقول ان الجزيرتان تم الاشارة اليها فى الانسحاب الاسرائيلى 1956 و هذه كانت البداية و بناء عليها تحول الخليج الى ممر دولى …هنا يتضح الفرق بين مضيق تيران الذى تتحكم فيه مصر و لا نزاع فى هذا و جزيرة تيران و من هنا تلتزم الدولة صاحبة السيادة ” السعودية ” بمعاهدة كامب ديفيد و هنا اقول و بصوت عالى هذا لا يعنى ان مصر ولو شعرت بضرر من هذه الجزيرة لا تترد فى الاستيلاء عليها .
لماذا الأن ؟!
ويتسأل – اللواء بلال – لماذا اثير هذا الموضوع فى هذا التوقيت بالذات ؟ ويجيب ، لانه بعد اعلان إنشاء جسر برى يربط بين مصر والسعودية، تربط رأس نصراني بالقرب من شرم الشيخ مع رأس حميد بالقرب من تبوك عبر مضيق تيران فكان لابد من حسم ترسيم الحدود بين مصر و المملكة السعودية لانه ستتواجد شركات و مهندسين و عمال على هذه الجزيرة و سفن امداد من سيعطى التصاريح لهم والتأشيرات ، بالطبع الدولة صاحبة السيادة .
نهاية احب ان أكد – والكلام مازال للواء بلال – أن “عقيدة القوات المسلحة تعنى أن نحافظ على كل حبة رمل فى هذا الوطن.. اى انه لو هناك حبة رمل مصرية فوق تيران و صنافيرلا يمكن نفرط فيهما .