رفعت الأنصارى : فرنسا تريد رسم سياسة جديدة بالشرق الأوسط.
سعيد اللاوندى : أولاند أدرك أن الإرهاب تحدى دولى و لم يعد قاصراً على الشرق .
أحمد عبد الحليم : الترسانة الفرنسية أصبحت مفتوحة على مصراعيها لمصر .
أشرف رشاد : علاقات تؤكد حرفية مصر فى إدارة الملف الخارجى .
اختتم أمس الرئيس الفرنسى ” فرانسو أولاند ” زيارته الرسمية للقاهرة و التى استمرت ثلاثة أيام , جاءت بعد جولة شرق أوسطية تنقل فيها مابين لبنان و الأردن و اختتمها بمصر …تضمنت فعاليات زيارة القاهرة مؤتمر صحفى عقد بين “أولاند” و الرئيس ” عبد الفتاح السيسي ” تصدر الإرهاب _باعتباره التحدى الأعظم _ محور المباحثات إلى جانب توقيع العديد من الإتفاقيات بين الطرفين فى مجالات عدة شملت التدريب , الكهرباء و توليد الطاقة , وذلك من أجل الدفع بالعلاقات الثنائية و تعزيز سبل التعاون , كما شمل برنامج الزيارة لقاءات عدة بين الرئيس الفرنسى و رئيس مجلس الوزراء مهندس ” شريف إسماعيل ” , و رئيس مجلس النواب د. ” على عبد العال ” , حضر مع الرئيس الفرنسى , العديدون من رجال الأعمال و المستثمرين الفرنسيين , و هو ما أسفر عن توقيع عدد من الإتفاقيات على المستويين التجارى و الإقتصادى , ……الزيارة تعد الثانية لأولاند بعد زيارته فى أغسطس و حضوره افتتاح قناة السويس , كما يصفها المراقبون للأوضاع الدولية بالهامة على كافة المستويات سواء الدبلوماسية , أو حتى التجارية و الإقتصادية , و عن الآنية حمل توقيتها معانٍ مختلفة , لا سيما فى ظل المناوشات مع الجانب الإيطالى على خلفية مقتل ” ريجينى ” , و التربص الأمريكى ….. , و يرى فريق آخر من المحللين أن العلاقة المصرية الفرنسية لها جذورها الممتدة و الضاربة فى أعماق التاريخ منذ حملة نابليون على مصر و مجيئ الحملة الفرنسية عام 1798, و وقتها استعان ” محمد على ” مؤسس الأسرة العلوية و التى حكمت مصر حتى 1952 , بضباط فرنسيين حينما أراد تأسيس الجيش المصرى , و لم يقتصر تاريخ العلاقات على الجانب العسكرى , إنما تنوع ليشمل الجوانب الثقافية و التراثية , و لا أدل على ذلك من إنشاء المجمع العلمى و الذى أسسه مجموعة العلماء و التى صاحبت حملة نابليون .
على مستوى العلاقات الإقتصادية تشهد العلاقات التجارية والاقتصادية بين مصر وفرنسا نمواً ملحوظا منذ بداية الثمانينات وتعتبر فرنسا من أهم المستثمرين في مصر وأحد أهم الأسواق التصديرية للمصدر المصري, ثمة أيضاً مشروعات بمساهمة فرنسية منها , مشروع مترو الإنفاق بالقاهرة , مشروع القمر الصناعي المصري النايل سات والعرب سات وشبكة التليفون المحمول , و عن الاتفاقيات المشتركة , اتفاق إنشاء المجلس الرئاسي المصري الفرنسي للأعمال ,2006 اتفاق مبادلة الديون أبريل 2006 , و غيرها من الاتفاقيات , و على صعيد التعاون العسكرى , فى فبراير 2015 حضر الرئيس عبد الفتاح السيسى مراسم التوقيع على عدد من الاتفاقيات في مجال التسليح بين الجانبين المصري والفرنسي والتي ستقوم بموجبها فرنسا بتوريد 24 طائرة مقاتلة من طراز “رافال” وفرقاطة متعددة المهام من طراز “فريم” لمصر، فضلاً عن تزويد القوات المسلحة بالأسلحة والذخائر اللازمة للطائرات والفرقاطة.
أما التدريبات المشتركة فتجري القوات المسلحة المصرية والفرنسية تدريبين ثنائيين مرة كل عامين على الأراضي المصرية. فيما يتعلق بالتدريبات البحرية “كليوباترا” التي تقام في الأعوام ذات الأرقام الزوجية، فهي تشترك فيها قوات البلدين البحرية مع إمكانية مشاركة دول أخرى فيها. أما فيما يتعلق بالتدريبات الجوية، يتم إجراء تدريبات ثنائية تحمل اسم “نفرتاري”.
و عن مجمل الزيارة الأخيرة لأولاند و تداعياتها , أيضاً توقيتها كان لوطنى هذا التحقيق ..
نقلة نوعية
فى البداية قال د. ” سعيد اللاوندى ” _ أستاذ العلاقات الدولية _ أن الزيارة تعد نقلة نوعية على صعيد العلاقات بين البلدين , حيث تم بحث العديد من الملفات الهامة و المصيرية ربما فى مقدمتها الإرهاب , تم التأكيد على كونه تحدى دولى يعانى منه العالم شرقه بغربه , و لم يعد قاصراً على المنطقة أو حتى مرتبطاً بالعرب و الإسلام , و أكبر دليل على ذلك تفجيرات باريس و بروكسل , و بالتالى التعاون بين الطرفين لا بد و أن يمتد ليشمل التعاون المعلوماتى و الاستخباراتى من أجل مواجهة حقيقية لهذا التحدى و أضاف ” اللاوندى ” لا شك كلها أمور اقتنع بها أولاند خلال زيارته لمصر , و عن الإيجابيات و التداعيات حملت الزيارة الكثير و الكثير من توقيع إتفاقيات على مستويات تجارية و إقتصادية عدة كالتدريب , و الكهرباء و توليد الطاقة و لا سيما فى ظل حضور رجال أعمال و مستثمرين فرنسيين آرتأوا المناخ الاقتصادى فى مصر بالمناخ الجاذب , إلى جانب موقعها الإستراتيجى و قربها من أوروبا و الأهم قناة السويس صاحبة الاستثمارات الضخمة , و عن آثار الزيارة على خلفية مقتل الطالب الإيطالى , تابع ” اللاوندى ” من المؤكد أن تلعب فرنسا دوراً مابين الجانبين المصرى و الإيطالى , و عن تاريخ العلاقات بين البلدين اختتم ” اللاوندى ” العلاقات لم تشهد توتراً بالمعنى المتعارف عليه , إنما إلى حد ملحوظ و إبان ثورة ال30 من يونيه والت فرنسا أوروبه فى وصفها الثورة بالانقلاب , إلى أن تدخل الملك عبدالله , و بعدها تغيرت وجهة النظر .
توقيت الزيارة
فى السياق ذاته أوضح السفير ” رفعت الأنصارى ” _ مساعد وزير الخارجية الأسبق _ ربما تكمن قيمة الزيارة فى توقيتها و الذى جاء متواكباً مع توتر العلاقات مع إيطاليا و النفور الروسى على خلفية أحداث الطائرة و حجب السياحة الروسية عن مصر _ حتى أن معظم المشروعات و التى ساهمت فيها روسيا توقفت , و إن كان مشروع الضبعة مستمراً _ و الأهم التربص الأمريكى , مصر تحتاج هذا التدعيم الفرنسى , و استكمل ” الأنصارى ” أولاند أراد من الزيارة إلى الشرق بشكل عام رسم السياسة الفرنسية , سواء فى لبنان و الأردن وحتى مصر , وهى عادة فرنسية , فدائماً ما تسعى فرنسا إلى الاستقلال عن أوروبا و إرساء توجه مختلف , و أقوى الأمثلة على ذلك لم تتغير دبلوماستها تجاه مصر حتى بعد ما تم ترويجه عن مقتل الطالب الإيطالى , و التوترات المحتملة مع الجانب الإيطالى , و عن هذه القضية تابع ” الأنصارى ” ليس بإمكان أحد إثارة التكهنات إلا بعد الانتهاء من التحقيقات , إنما على الجانب المصرى أيضاً التعامل مع الأمر بشفافية تامة و وضوح , و عن تاريخ العلاقات بين البلدين اختتم ” الأنصارى ” التوتر بدا واضحاً خلال العدوان الثلاثى 1956 , و بعدها و فى عام 1967 بدأت فرنسا فى تحسين علاقاتها مع العرب بل و وصل الأمر لقطع علاقاتها بإسرائيل بعد أن تأكدت من اعتدائها , و منذ ذلك الحين و العلاقات موطدة .
تعاون عسكرى
و أضاف اللواء د. ” أحمد عبد الحليم ” _ عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية _ بقوله الصفقات العسكرية بين مصر و فرنسا على قدم و ساق , فثمة العديد من المناورات البحرية بين البلدين , إلى جانب الصفقة الأكبر ” صفقة الطائرة رافال ” و التى تسلمتها مصر على دفعات خلال العام الماضى , رافال تعد أقوى الطائرات , و تخصصت فرنسا فقط فى صناعتها , و تختلف مهامها عن غيرها من المقاتلات الأوروبية , فلاشك أصبحت الترسانة الفرنسية مفتوحة على مصرعيها أمام مصر , و هو ما سيساعد كثيراً فى المواجهة مع تحدى الإرهاب , و أضاف ” عبد الحليم ” إنما أيضاً حملت الزيارة فى مجملها علاقات من الود و التآخى بدت ظاهرة و بشكل واضح خلال الزيارة و أثناء المباحثات , و الأهم أعتزاز كل طرف بالآخر , و ربما ستساعد الزيارة هذه المرة فى تهدئة الأوضاع إلى حد كبير بين الجانبين المصرى و الإيطالى على خلفية مقتل ” ريجينى ” , و عن تاريخ العلاقات اختتم ” عبد الحليم ” العلاقات دائماً جيدة و كثيراً ما حضر الرئيسين قمم و مؤتمرات دولية معاً سواء على مستوى المنطقة أو حتى المستوى الدولى .
حرفية مصر
و اختتم المهندس أشرف رشاد، الأمين العام ورئيس الهيئة البرلمانية بحزب مستقبل وطن، بقوله زيارة فرانسوا أولاند، الرئيس الفرنسي ، تأتي في اطار تعزيز الشراكة الحقيقية بين البلدين، والتأكيد علي أن الدولة المصرية استطاعت ادارة ملف سياساتها الخارجية بكل حرفية وتميز واستطاعت تغيير وجهة نظر العالم تجاهها , أضاف ” رشاد ” الزيارة توقيع إتفاقيات ضخمة على المستوى الإقتصادى تعد الأولى من نوعها فى هذا المجال عقب ثورة ال30 من يونيه , مما يشير إلي أن مصر أصبحت ملاذًا آمنًا ومناخًا خصبًا لضخ الاستثمارات العملاقة مما يعود أثرها علي الاقتصاد الوطني , وأشار ” رشاد ” ، إلي أن مصر لم تشهد علي مدار تاريخها الحديث توازنًا متميزًا في علاقاتها الخارجية بالدول من تعدد للشركاء والحلفاء الاستراتيجيين وتغيير سياسة الاعتماد علي الشريك الواحد بالاضافة إلي أنها أصبحت مثالًا , يحتذي به من جميع دول العالم في التصدي للارهاب وأعادت رسم التاريخ لتضح عظمة وعزيمة شخصية المواطن المصري من جديد , تابع ” رشاد “، أن ثورة الـ 30 من يونيو العظيمة التي أطاحت بنظام جماعة الاخوان الارهابية وجاءت بالرئيس السيسي هي علي ثقة كاملة في وطنيته وقدرته علي تحمل المصاعب والتحديات و شدد ” رشاد ” يجب علي الجميع ادراك أن مصر مازالت تتعرض لمؤامرات خارجية لافساد نتائج ثورته وعودته من جديد لانتظار العطف والمعونة من هنا وهناك، لأن مصر بعد الثورة أصبحت من تحدد مصيرها وهو مايغضب المتربصيين والمنتفعيين، و ما يستدعي معه توحيد الصف مرة أخري .