البابا شنودة أحد الأباء الذين صاغوا فكر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
في حوار لوطني مع أحد أبناء وتلاميذ قداسة البابا المقربين له والذي كان البابا هو المؤثر الرئيسي في حياته؛ بل كان وظل وسيظل هو مثله الاعلي الذي تعلم منه أشياء كثيرة وماذال يتعلم منه دائماً هذا ما جاء في كلمات الحوار مع الأستاذ أمير نصر مدرس تاريخ الكنيسة القبطية بالكلية الإكليريكة بالقاهرة وفرع شيبين الكوم والأقصر والنمسا، وأحد أبناء وتلاميذ قداسة البابا شنودة.
وعن شعوره في ذلك اليوم وهو الذكري الرابعة لنياحة قداسة البابا شنودة فقد بدأ الأستاذ ” أمير” حديثه قائلاً: بالرغم من أن هذه هي الذكري الرابعة لنياحة قداسة البابا شنودة إلا إنني بصدق شديد؛ “مش مصدق إن سيدنا البابا رحل عن العالم” وحاسس أنه لسه موجود معانا.
*متي بدأت معرفتك بقداسة البابا؟
لقد بدأت معرفتي بقداسة البابا منذ عام 1962 عندما كان أسقفاً للتعليم؛ حينها كنت شاب صغير وكان هو أول شخص ارتبط به ارتباط شديد من الكنيسة، وبعد ذلك بدأت المعاملة المباشرة به دائماً، وهو كان له دور كبير في تكريسي للإكليريكية وللكنيسة في عام 1969 ، وكان هو مثلي الأعلى ومازال مثلي الأعلى وقدوتي في كل شيء فقد تعلمت وكبرت علي يديه .
*ما هو أكثر موقف تتذكره لقداسته حتي الأن؟
أن من أحد المواقف التي ترسخت في ذاكرتي مع البابا هو موقف في الستينيات كنت حينها طالبا في الثانوية العامة كان مدرس اللغة الإنجليزية يعلم مدي حبي وإرتباطي بالأنبا شنودة أسقف التعليم أنذاك؛ وكان ذلك لا يعجبه؛ فكان دائماً ما يحاول مضايقتي وإزعاجي ويعطيني درجات قليلة في المادة وتضايقت جداً من ذلك الأمر، فكتبت خطاباً للأنبا شنودة أشرح فيه ضيقي من ذلك المعلم، وذكر جملة في الخطاب جملة مازلت أتذكرها حتي الأن كأنها كتبت بالأمس فكتب ” يا إبني دع الأمور تمر ببساطة ” ومسيرك هتدخل الجامعة وتترك الثانوية . وكان ذلك الموقف هو لمسة أبوة وحنان لا أنساها في حياتي. وتعجبت كثيراً عندماً أرسل لي خطاب رد؛ ليطمئني فيه بالرغم من أنه كان أسقف للتعليم أنذاك وأنا مجرد تلميذ إلا إنه كان يهتم بالصغير والكبير وبكل فرد، وذلك يعلمنا أنه مهما كان موقعنا ومكانتنا في المجتمع إلا إننا يجب ان نتذكر إننا خدام للمسيح ويجب أن نهتم بجميع الناس ونتعب لراحتهم وخدمتهم، وقد أرثي البابا شنودة هذه المبادئ للخدام من خلال حياته وخدمته. فإذا تذكرنا أخر عظة لقداسة البابا؛ فكان قداسته يتألم جداً إلا أنه حرص علي أن يلقي العظة علي الشعب ليعلمهم . وذلك مثال لعطاء سيدنا لشعبه الذي أستمر حتي نهاية خدمته. ولم يكن هذا العطاء في أيام خدمته الكهنوتية فقد بل قبل أن يدخل الدير عندما كان يدعي نظير جيد فقد قدم كثيراً في خدمة مدارس الأحد ومقالاته و خدمته في الإكليريكية فكان هو شخصية أعدها الله وكونها ليكون له دور عظيم في الكنيسة. وأتذكر إنه عندما قام قداسة البابا كيرلس برسامته أسقفاً للتعليم فقد كتبت جملة في مجلة مدارس الأحد جميلة جداً وهي ” أن البابا كيرلس إختار أبونا أنطونيوس السرياني وأصبح الأنبا شنودة أسقف التعليم لكي يعيد تشكيل وصياغة عقل الكنيسة”، وكان هذا نفس الكلام الذي قيل علي مارمرقس عندما جاء إلي مصر وأنشيء مدرسة إسكندرية اللاهوتية .
وأكمل “أمير” أن قداسة البابا هو أحد الأباء الذين صاغوا فكر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وكلنا تعلمنا منه؛ لأن كلنا تربينا علي يديه؛ لذلك أطلق عليه معلم الأجيال. وبالفعل فإنه خدم في الكنيسة وهو أسقفاً وهو بطركاً وظل يعلم الأجيال ما يقرب من خمسون عاماً ، يعني اللي عنده دلوقتي 50 سنة كان طفلاً صغيراً وتعلم من حياة وعظات وكلمات سيدنا البابا شنودة. أن إسم البابا مكتوب بحروف من ذهب في تاريخ الكنيسة القبطية. وذلك لما قدمه قداسته من نهضة روحية للكنيسة في عهده، فقد إهتم قداسته ببناء وإعمار الكنائس والأديرة، وإنتشار الكرازة المرقسية بكنائسها وخدمتها وأساقفتها وكهنتها وخدامها وخادماتها علي مستوي العالم كله.
وأتذكر أن البابا شنودة كان قد كتب في كتاب مارمرقس عام 1968 أن خليفة مارمرقس يهتم بعمل مارمرقس وأضح أن هذا هو عمل الخلافة، وبالطبع لقد نفذ هذا العمل طيلة حياة خدمته علي الكرسي المرقسي.
س. كيف كان يوم النياحة، وتحديداً عندما سمعت خبر نياحة قداسته ؟
إن هذا اليوم كان يوم صعب جداً بالنسبة لي، وكان مفاجئة كبري لم اتوقعها ولم أستوعبها حتي الأن، فقد كنت أخدم مع نيافة الحبر الجليل الأنبا موسي ونيافة الحبر الجليل الأنبا رفائيل في خدمة الشبابا، وذلك برنامج “الحياة الكنسية” وكان هذا اليوم هو يوم السبت الموافق 17 مارس 2012 م وكان لدينا لقاء عام في شبرا وكان من المفترض أن يحاضر فيه نيافة الأنبا رفائيل وإنتظرنا نيافته وقت طويل وقد سمعنا أصوات صرخات بالكنيسة عندما علموا بنياحة قداسة البابا شنودة ، ولم نصدق ذلك الخبر، فقمنا بعمل إتصالات للتحقق من صحة الخبر إلا إنه للأسف تم تأكيد خبر النياحة وكان ذلك في الساعة السادسة م ، وقمنا بإلغاء الأمسية، وأنا لم أصدق حتي الأن أنه تنيح وغير مستوعب أن الباب إنتقل، ولكني أشعر بروحه معي وهذا هو ما يعزيني؛ فهو موجود وحاضر معنا بحياته وبفكره وتعاليمه وكتبه وأبوته، واليوم نحتفل بعيد نياحته فقد أصبح الأن شفيع لي في السماء وأنضم لجموع القديسين الذين يشفعون لنا الأن في السماء
*متي كانت أخر مرة رأيت فيها قداسته؟
أخر مرة قابلت فيها قداسة البابا في عام 2011؛ عندما قدمت له كتاب عن القديس مارمرقس الرسول، فنظر لي قداسته وقال لي تعيش وتكتب .
س . ماذا كان شعور أبونا بطرس جيد في يوم نياحة البابا شنودة بما أن حضرتك من أحد المقربين له؟
بحكم أن أبونا بطرس هو ابن أخ قداسة البابا شنودة وأحد المقربين له في أخر أيام حياته ولأنه كان مقيم بالمقر البابوي في الفترة الأخيرة، أكيد كان متأثراً جداً بنياحته، وبخلاف أن قداسة البابا هو بابا الكنيسة إلا انه هو عم له؛ فكلمة متأثراً هي كلمة ضعيفة لوصف إحساس أبونا بطرس في هذا الوقت. فقداسة البابا كانت له لمساته علي عائلته بالرغم من أنه كان الطفل الأصغر بين إخوته إلا أنه كان له تأثير كبيراً بين إخوته وأبناء إخوته؛ وأكيد كان إنتقال البابا شيء صعب علي المستوي العائلي.
هل قمت بإصدار كتاب عن حياة البابا؟
لا لم أكتب كتاب عن حياة البابا، بل قمت العام الماضي بكتابة سيناريو لفيلم تسجيلي علمي بإسم”بطريرك هذا الزمان” تم إصدارة في عيد نياحتة “الثالثة” الذي يحكي قصة قداسة البابا شنودة الثالث من طفولته إلي نياحته، ويضم كل ما يخص البابا من لقطات حية وأفلام تسجيلية من حياته في العمل الرعوي والعلاقات المسكونية ورحلاته ولقاءاته مع رؤساء الدولة، وقد تم تقديم الفيلم من قداسة البابا تواضروس والذي أعجب بالفيلم كثيراً،لدرجة أنه قال أن هذا الفيلم يدرس . وكان هذا هو العمل الوحيد الذي قمت به بعد نياحة قداسة البابا . ولكني قمت بكتابة العديد من الكتب أثناء حياته علي الأرض التي تناولت من خلالها دورة في تطور الحياة الرهبانية في أيام خدمته وهو كتاب ” من هذه الطالعة من”، وكتاب عن زيارته لدير الأنبا شنودة بسوهاج بإسم” الزيارة المشهودة لذيارة الأنبا شنودة لدير الأنبا شنودة ” ، وحالياً أقوم بتأليف كتاب لقداسته عن مارمرقس الذي سيضم عظات البابا عن مارمرقس الرسول.