شارك الاستاذ الدكتور محمد عفيفي الأمين العام للمجلس الاعلي للثقافة واستاذ التاريخ الحديث والمعاصر ضمن فاعليات الملتقى الاول لباحثى القبطيات العرب والمنعقد ببيت السنارى بالقاهرة ، بمحاضرة عن خطيب ثورة 1919 القمص سرجيوس ،
حيث استعرض الدكتور محمد عفيفى جزء من فيلم بين القاصرين ،وفى لقطات مسجلة بة عن ثورة 1919 واعتلاء القمص سرجيوس لمنبر الازهر الشريق ليخطب من فوقه للمصريين بالاتحاد، لمقاومة المستعمر مفجرا وباعثا لثورة 1919 ، وبعد ان عاش جميع الحاضرين فى ايام الثورة بدء الدكتور محمد عفيفى كلمته قائلا : ولد القمص سرجيوسى فى جرجا والتحق بالكلية الاكليريكية عام 1899 وخدم واعظا فى الزقازيق ثم الفيوم فملوى ثم رسم قمصا على مطرانية اسيوط فى عام 1907 ، وفى عام 1912 عين وكيلا لمطرانية الخرطوم بالسودان ، وهو اول قسيس يعتلى منبر الازهر للخطابة اثناء ثورة 1919 م ، وفى عام 1944 عين وكيلا للبطريركية ، وفى عام 1950 نجح فى انتخابات المجلس الملى وبهذا فتح باب عضوية المجلس الملى للكهنة ، مناضل وثائر وطني في السودان، ولكن لاتوجد لدينا معلومات كثيرة عن حياة القمص سرجيوس فى السودان ولكننا فى صدى البحث والتنقيب عن تفاصيل هذه الفترة من حياتة ولكن المسجل انة أصدر فى السودان مجلة المنارة المرقسية في سبتمبر سنة 1912 م في مدينة الخرطوم عندما كان وكيلًا لمطرانيتها، وكان هدف المجلة دعوة الأقباط والمسلمين إلى التضامن والتآخي والوحدة معا لمقاومة الانجليز حتى انة اخذ يهاجمهم فى كل عظة له ويحرض الناس ضدهم ، مما اغضب عليه الإنجليز وأمروا بعودته إلى مصر في أربع وعشرين ساعة، وكانت آخر كلماته للمدير الإنجليزي هي: “إنني سواء كنت في السودان أو في مصر لن أكف عن النضال وإثارة الشعب ضدكم إلى أن تتحرر بلادي من وجودكم وفي ثورة سنة 1919 م برز دور القمص سرجيوس وسط الثائرين، فكان يتميز بالفصاحة اللغوية كخطيب يهز القلوب حتى ان سعد زغلول اطلق عليه لقب خطيب مصر أو خطيب الثورة الأول، واعتلى منبر الازهر اكثر من مرة يخطب فى الناس ويحثهم على الجهاد ضد الاحتلال الانجليزى معلنًا أنه مصري أولًا و ثانيًا وثالثًا، وأن الوطن لا يعرف مسلمًا ولا قبطيًا، بل مجاهدين فقط دون تمييز بين عمامة بيضاء وعمامة سوداء، وقدم الدليل للمستمعين إليه بوقفته أمامهم بعمامته السوداء داخل الازهر.
كما ذُكِر عنه أنه ذات مرة وقف في ميدان الأوبرا يخطب في الجماهير المتزاحمة، وفي أثناء خطابه تقدم نحوه جندي إنجليزي شاهرًا مسدسه في وجهه، فهتف الجميع: “حاسب يا أبونا، حايموتك”، وفي هدوء أجاب أبونا: “ومتى كنا نحن المصريون نخاف الموت؟ ، دعوه يُريق دمائي لتروي أرض وطني التي ارتوت بدماء آلاف الشهداء، دعوه يقتلني ليشهد العالم كيف يعتدي الإنجليز على رجال الدين”. وأمام ثباته واستمراره في خطابه تراجع الجندي عن قتله.
مرة أخرى وقف هو والشيخ القاياتي يتناوبان الخطابة من فوق منبر جامع ابن طولون فلما ضاق بهما الإنجليز ذرعًا أمروا بنفيهما معًا في رفح بسيناء،وكانا في منفاهما يتحدثان عن مصر، ويتغنيان بأناشيد حبهما لها،كذلك انشغل في المنفى بكتابة الخطابات ، وإرسالها إلى اللورد الانجليزى، يندد فيها بسياسة الإنجليز، ويعيب عليهم غطرستهم وحماقتهم في معاملة الوطنيين، وعلى الأخص في معاملة قادتهم وزعمائهم. وقد قضى أبونا سرجيوس والشيخ القاياتي ثمانين يومًا في هذا المنفى، وبعدما خرج من الاعتقال ظل يخطب في كل مكان في المساجد والكنائس والأندية والمحافل وفي الشوارع والميادين.
وكان للقمص سرجيوس اسلوب مميز فى الخطابة كما يقول الدكتور محمد ، يقبله الجميع ويعجبون به كان قوى فى الحجة والاقناع ، شديد الصرامة فى الحق ، فوكاهى المواقف لة نوادر لا تصدر من غير القمص سرجيوس ،ففي مظاهرة بميدان الأوبرا طلب من المتظاهرين أن يرددوا وراءه “يحيا الانجليز” فأبدوا استغرابهم ثم هتفوا قبل أن يوضح لهم قائلا “نعم يحيا الإنجليز لانهم استطاعوا بظلمهم واستبدادهم وفجاجتهم أن يجعلوا منا هذه الكتلة الموحدة المقدسة الملتهبة” ، لكن نجم هذا الرجل العظيم لم يستمر متوهجا بعد دستور 1923 وتأسيس الاحزاب وكونه رجل دين منعه من الانضمام إلي أي حزب ، كما تراجعت أهمية قضية الوحدة الوطنية لتي ناضل من أجلها وظهرت قضايا اخري مثل الاستقلال وتعديل الدستور والصراعات الحزبية ودخل سرجيوس في صراع مع حزب الوفد بعد ان نسب لنفسه المناداة بالوحدة الوطنة وشعار يحيا الهلال مع الصليب، وزاد الخلاف عندما رفض «الوفد» ترشيحه علي قوائمه في 1949 لعضوية مجلس النواب عن دائرة الشماشرجي بشبرا ، بل رشح ابراهيم فرج خصما له ورغم شعبية القمص بشبرا فاز فرج بعد أن منعه الأمن من استخدام «الميكروفون» في الدعاية ولم يف النحاس باشا بوعده معه بتعيينه بمجلس الشيوخ حال الانسحاب لصالح ابراهيم فرج الذي كان النحاس يرغب في ضمه لوزارته وانسحب القمص بالفعل.
ولانه كان مناضلا بطبعه لم يقصر كفاحه علي الإنجليز فقط حيث أتهم ذات مرة ضباط الثورة بالتواطؤ مع الإخوان المسلمين مطالبا بحقوق الاقباط وتمثيلهم النسبي في الحكومة وازداد نقده للثورة بعد ابداء رغبته في تعديل قانون الاحوال الشخصية لغير المسلمين وعليه تم اغلاق مجلته «المنار المرقصية» ليعيد اصدارها فيما بعد بأسم «المنار المصرية» كما امرته وزارة الداخلية بالبقاء في المنزل وعدم الخوض في السياسة أو الوعظ في الكنائس قبل أن تسمح له في 1959 شريطة عدم الحديث فى السياسة.
تنيح القمص سرجيوس فى5 سبتمبر عام 1964 م وله من العمر 81 عام .
فى نهاية كلمته طالب الدكتور محمد عفيفى بالعمل على تنظيم احتفالية كبيرة بمناسبة قرب حلول 100 عام على قيام ثورة 1919 وخطيبها القمص سرجيوس الرجل الشجاع ابن مصر البار .