أيقونات تاريخية ترجع إلى عام 335 م
قال بطريرك الروم الأرثوذكس في القدس وسائر فلسطين والأردن ثيوفيلوس الثالث، أن بطريركية القدس مستمرة في تنفيذ إستراتيجيتها ببناء وترميم الكنائس في مناطق ولايتها الدينية. وأضاف: أن إستراتيجية بناء وترميم الكنائس نابعة من الايمان بأن العمل والانجاز فقط يحمى الوجود المسيحي، وتعزيز رسالتنا الدينية، والحفاظ على موروثنا الحضاري، وتمكين امتدادنا الكَنَسي من الصمود أمام التحديات التي تواجه كنائس” بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية ، مشيرا الى أنه وفور استلامه مهامه كبطريرك للمدينة المقدسة، تم تبني إستراتيجية عمل واضحة لترميم وبناء الكنائس.
كشف أيقونات تاريخية والتى تعتبرا كنز أثري ثمين، داخل الكنيسة، يرجع إلى عام 335 ميلادية في عهد القديسة هيلانة والدة الإمبراطور الروماني قسطنطين وأن اللوحات المكتشفة أظهرت أنها منقوشة من الذهب والفضة، وتحكى تاريخ الكنيسة والأباء الأوائل فضلاعن أن هذا الاكتشاف يحظى باهتمام كبير لما للكنيسة من مكانة هامة دينية وتاريخية بالنسبة المسيحيين في العالم , وقد أظهرت إزالة الغبار فسيفساء من عهد الصليبيين، بدأت تتألق تحت أشعة الشمس التي تدخل من النوافذ الجديدة في وقت تم الانتهاء من الإصلاحات الهيكلية للسطح الهش و النوافذ، كما أعيدت البريق للكنوز الفنية.
أكد المهندس زياد البندك رئيس اللجنة المشرفة على ترميم الكنيسة ورئيس مجلس ادارة مؤسسة تطوير بيت لحم، على وجود اكتشاف أثري قيّم في كنيسة السيد المسيح في مدينة السلام بيت لحم , وأوضح أن الاكتشاف الاثري عبارة عن ايقونات تحمل قيمة اثرية كبيرة، قائلا انه ليس ذا قيمة مادية أنما قيمة دينية واثرية عالية، حيث ان كنيسة المهد لم ترمم منذ الاف السنين وإن فكرة الترميم جاءت من أجل الحفاظ على الارث التاريخي والديني واستكشاف الكنوز الاثرية التي كانت مخفية , مضيفا ان هذه الايقونة والايقونات الأخرى المكتشفة مصنوعة من الصدف والحجر، ومنها ما يسمى بالفسيفساء المزجج , والذي هو عبارة عن منتج من صهارة الزجاج يضاف اليه اكسيدات المعادن، وبعدها كان يضاف ورق الذهب وفي النهاية يتم اضافة طبقة من الزجاج لكي تحفظه من الاكسدة ، مؤكدا أن لجنة الترميم ستضع إضاءة علمية مخصصة لهذه الفسيفساء لتبدو ظاهرة للعيان ولزوار الكنيسة.
وأوضح أنه خلال ترميم الكنيسة الذي بدأ من السقف والنوافذ حتى تم الوصول الى الواجهات التي تحتوي على الفسيفساء والتي كانت ظاهرة ومرئية ولكن نظرا للعوامل الطبيعية والزمن الطويل والغبار والشمع لم تكن بارزة وواضحة للعيان وكانت تظهر كأنها مظللة وقاتمة اللون، وخلال الترميم تم اعادة ترميم الفسيفساء وازالة عوامل الزمن والغبار والشمع وتم ترميم ما كان منه مكسور نظرا لالاف السنين التي مضت عليها دون ترميم، وخلال هذه العملية تم الكشف عن ايقونة واحد جديدة تقع عند النافذة الثالثة من داخل الكنيسة كانت تقع تحت مواد البناء المعروفة محليا “قصارة” وتم اعادة ترميمها واظهارها للعيان، موضحا ان هذه الايقونة والايقونات الاخرى مصنوعة من الذهب والنحاس والفضة والصدف والاحجار الاثرية. وفيما يتعلق بالترميم اكد أن العمل على انجاز أعمال الترميم لا زال مستمراً ولم يتوقف يوماً منذ البدء به، ولكن السبب الرئيسي في تأخير انجاز المرحلة الأولى على ما أسماه “العوامل غير المرئية” وهي الأمور التي لم يكن بإستطاعة المهندسين أن يروها وأن يضعوها ضمن مخطط العمل، فكثير من الجدران التي كان مخطط لانجازها شهرين، تبين لاحقاً أنها تحتاج لأكثر من 7 أشهر، فالجدران كانت في حالة ضعيفة للغاية، وعوامل التغيير كانت قد نالت منها الكثير فالشركة المعنية بالترميم هي شركة إيطالية خبيرة في أعمال الترميم على مستوى العالم، على أن يكون الإنتهاء من كافة المراحل في منتصف عام 2016.
أكدت وزيرة السياحة والآثار الفلسطينية رولا معايعة، عن زيارة قريبة لمصر لوضع استراتيجية من أجل زيارة المصريين لفلسطين والمقدسات الإسلامية والمسيحية، ولفتت إلى أن هناك لقاءات متعددة وكثيرة بين وزارتى السياحة المصرية والفلسطينية، مشيرة إلى زيارة فلسطين سياحيا لها فائدة للفلسطينيين ، كاشفة عن خطة فلسطينية لجذب السياحة الدينية للأراضى الفلسطينية عبر المقدسات الإسلامية والمسيحية ، مؤكدة إن “خسائر القطاع السياحى الفلسطينى بالملايين , ولكن نتوقع الإعفاء السريع لأن السياحة الفلسطينية ليس لها بدليل وخصوصا السياحة الدينية”، مشيرة إلى أن فلسطين استطاعت أن تضع اسمها بين قوائم الدول الناجحة فى صناعة السياحة رغم تواضع الإمكانيات.
ساحة المهد بتكلفة 3مليون دولار
قال وليد سلمان المدير العام الاقليمي لشركة اتحاد المقاولين بفلسطين :
ان الشركة بدأت باعادة الاعمار وترميم المواقع الدينية والاثرية الهامة في مدينة بيت لحم التاريخية بالتعاون مع السلطة الوطنية الفلسطينية , موضحا أن التاريخ لن ينصفنا إن تركناها على ما هي عليه , موضحا ان مشروع تجميل وتأهيل ساحة المهد يجري تنفيذه حاليا من قبل شركة إتحاد المقاولين ومؤسسة تطوير بيت لحم بتكلفة تصل الي ثلاثة ملايين دولار بالتعاون مع السلطة الوطنية الفلسطينية , ويشمل المشروع ساحة المهد والمباني البلدية الثلاث المحيطة بها وكلها مبان تاريخية لها مكانتها وسط المدينة , وذكر انه في المرحلة الثانية سيتم تخضير أسطح المباني الثلاث وسيتم تزويد كل الواجهات بإضاءة خاصة وسيتم إصلاح بلاط ساحة كنيسة المهد .
1,8 مليون سائح لبيت لحم
من جانبها أكدت الدكتورة فيرا بابون رئيسة بلدية بيت لحم : ان عدد السياح لمدينة بيت لحم بنسبة ارتفع 17% إلى 1,8 مليون سائح، كماأشارت إلى أن عدد الفنادق في بيت لحم 33 فندقاً فقط وهذا لايكفي لاستضافة العدد الكبير من السياح علي مدار العام وخاصة في موسم الحج المسيحي الي المدينة المقدسة.
وقال الدكتور غريب سنبل رئيس الآدارة المركزية للترميم بوزارة الاثار”لوطنى”: الاثار بشكل عامة جاذبة لآى سائح فكل أثر يعتبرمرآة عاكسة للعصر الذى صنع فيه هذا الاثر سواء كانت ذهبية أو فضية او من الطوب اللبن ، فالاثر يستمد قيمته من العصر الذى جاء منه لعصروفترة لا نراها , وتشمل أشياء مثل: المباني والعمائر، والقطع الفنية، والأدوات والفخار , فالأثاركائن حى يتحدث عن هذا العصر من خلال المادة المصنع منها فالاثر لو يعطى القيمة وفى ذات الوقت مصنوع من معد من المعادن النفيسة فستكون القيمة اعلى فالاثار المصنوعة من معدن الذهب باعتباره معدن نفيس يقاوم عوامل التعرية مقارنة بتمثال الفخار الذى يفنى مهما قمنا بأعمال للصيانة ، فتمثال توت عنخ امون الذى كان أحد فراعنة الأسرة الثامنة عشر في تاريخ مصر القديم، وكان فرعون مصر من 1334 إلى 1325 ق.م.
في عصر الدولة الحديثة , فهو ملك ليس له فتوحات ومات عن عمر 18عاما ,وقيمته تأتى فى العثور على مقبرته من الذهب بمحتوياتها فقمته فى تاريخه, فالسياح تنجذب للاثار الذهبية لما لها من بريق خاصة تمثال توت عنخ أمون كملك شهير اثيرحوله ,مؤكدا أنه ايا كانت الاثار ذهبية أو غير ذهبية فقيمتها فى تاريخها والعصر التى تواجدات فيه ,وقد تكون بعض الاكتشافات مثيرة، مثل قبر فيه حُلي ذهبية، أو بقايا معبد.
وقال الدكتور ماجد الراهب رئيس جمعية المحافظة على التراث المصري “لوطنى”: يوجد بعض الايقونات من الذهب والفضة المكتشفة فى كنيسة المهد منها كانت عبارة عن نذور ولها طابع معين مثل الايقونات الموجودة حاليا فى سانت تريزا,موضحا ان الاثارالمصنوعة من المعادن النفيسة كالذهب مثلا يتم تأمينها بشكل خاص كوضعها فى فاتيرينات عرض وقاعات خاصة بالأضافة الى وضع كاميرات مراقبة , مؤكدا ان الاثار لاتقدر بمال فقناع توت عنخ امون فى المتحف المصرى من اكثر القاعات التى يزداد عليها الاقبال, حيث ان مقتنيات المقبرة انتقلت الى المتحف المصرى,موضحا ان اليات التآمين تختلف من دولة الى دولة اخرى،مؤكدا ان عندنا قصور شديد فى التامين فالدول الاخرى تستخدم اليات وتكنولوجيات عالية لتامين اثرهم فضلا عن معرفة الترويج والدعاية , مؤكدا ان مصر بها اثار خمسة الاف سنة حضارة وهناك قصور شديد فى الترويج بدليل انه الى الان لن نستطيع ان نجعل السياحة هى قاطرة التنمية ,مؤكدا ان القيمة بالأثر وليس الخامة.
وعن لمحة تاريخية عن كنيسة المهد يقول الدكتور اسحاق ابراهيم عجبان استاذ تاريخ الكنيسة وآمين عام معهد الدراسات القبطية”لوطنى”:اقيمت كنيسة المهد أو كاتدرائية المهد فى الموضع الذى ولد فيه السيد المسيح، وهي تقع في بيت لحم جنوب الضفة الغربية، وتعتبر من أقدم كنائس فلسطين والعالم،وقد شيدت فى عهد الإمبراطور قسطنطين ، بعد زيارة والدته الملكة هيلانة للأماكن المقدسة فى فلسطين سنة 326م، وقد بدأوا فى انشائها سنة 327م واكتمل بناؤها حوالى سنة 333م، وعلى مر الزمنتعرضت الكنيسة للتدمير والتخريب عدة مرات، كان أولها في عام 529م عندما تعرضت الكنيسة للتدمير بسبب ثورة السامريين ضد البيزنطيين، ثمأعاد الإمبراطور جستنيان الأول (527 – 565م) بناء الكنيسةعلى نفس موقعها القديم، ولكن بمساحة أكبر.
وأضاف:تعرضت بعض اجزاءالكنيسة للهدم من قبل الفرس عام 614م، ولكنهم لم يدمروها كلياً بسبب رؤيتهم للوحة التى تصور زيارة المجوس للسيد المسيح. وفي القرن الثاني عشر قامت حملات الفرنجة بتزيين الكنيسة بالموزاييكوبالرسوماتوبالرخام، وتولى الآباء الفرنسيسكان رعاية الكنيسة سنة 1347م،وقاموا ببعض الإصلاحات بها سنة 1480م، وفي سنة 1517م وأثناء الفترة العثمانية أجريت بعض التعديلات فى مبنى الكنيسة، وتم ترميمها سنة 1670م، وبسبب الزلازل والهزات الأرضية خلال الفترة (1834 – 1837م) تعرض مبنى الكنيسة لأضرار كبيرة،وتم ترميمها سنة 1842م، واجريت بعض الاكتشافات الأثرية بها سنة 1933م، وتعرضت لحريق فى سنة 2014م.
وأوضح أن تضم الكنيسة تضم مغارة ميلاد السيد المسيح، وهو المكان الذي وضع فيه بعد مولده، وتوجد نجمة فضية في المذود المزّيَن بالمرمر، مكتوب عليها باللاتينية”هنا ولد يسوع المسيح من العذراء مريم”، ويزينها القناديل الفضية وفى وسطها نجم نحاسى مفرغ، والعديد من صور وأيقونات القديسين. وتضم الكنيسة مغارات أخرى عديدة تحت الأرض منها : مغارة أطفال بيت لحم ومذبح بأسم القديس يوسف النجار ومغارة القديس ايرونيموس، وكهوف أخرى محفورة فى الصخر، وقبور لبعض القديسين.
وأشارالى أن الكنيسة عبارة عن مجمع ديني كبير، فهي تحتوي على مبنى الكنيسة بالإضافة إلى مجموعة من الأديرة والكنائس الأخرى التي تمثل الطوائف المسيحية من الروم الأرثوذكس في الجنوب الشرقي، ودير الأرمن الأرثوذكس في الجنوب الغربي، والدير الفرنسيسكاني في الشمال لأتباع الطائفة اللاتينية، وفي سنة 1999تمت توسعة الكنيسة،وفى سنة 2012تم ضم كنيسة المهد إلى قائمة مواقع التراث العالمي، وهي أول موقع فلسطيني يدرج ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، كماأدرجتها اليونيسكو ضمن المواقع الأثرية المهددة بالخطر.
مشيرا الى أنه في عام 2013بدأ مشروع لترميم الكنيسة، ويقوم بعملية الترميم فريق من المهندسين وخبراء الترميم من الفلسطينيين والإيطاليين من “شركة بياتشينتي الإيطالية” المتخصصة بترميم المباني الأثرية ، وسبق لها أن نفذت أعمال الترميم في العديد من الفيلات والقصور والكنائس والأديرة في إيطاليا وروسيا.