احلام سيدة لاتتعدى الثلاثينات من عمرها متزوجة وتعول اسرتها الصغيرة المكونة من الزوج وطفلين في التعليم الاعدادى، تعيش في إحدى عشش المرج، وبعد عجز زوجها ووفاة والدها و أمها وجدت نفسها تواجه الحياة بدون ظهر يحميها او من يقتات لعائلتها، فما كان من احلام البسيطة جدا ذات التعليم البسيط جدا إلا أن تجد وسيلة للعيش ، راحت تبحث عن عمل مناسب لها في محال البقالة وغيرها الا انها لم تجد الا مساومات رخيصة علي ماتبقي من جسدها النحيل وملامحها البسيطة ، لم تيأس احلام ان تجد ماتقيت به عائلتها دون ان تسلب مابقي منها ، فكان لها عمل ولكن بشكل اخر.. صارت احلام تجلب الحلم لمن لاحلم له ولمن يأس من أمره فقد كانت احلام من اولئك الذين يؤمنون وربما يعرفون اليسير بقراءة الكف والفنجان والودع وكانت ذات شعبية بين جيرانها علي حد قولها، وامام ضائقة الظروف وتكالبها علي ظهرها راحت احلام تقف في مصر الجديدة بإعتباره مكان محترم آمن ولن يتعرض لها احد هناك علي حد قولها وبدأت احلام تعرض علي السائرين ان تقرأ لهم الكف والودع وكانت احلام تقف الي جانب “المحبين الشباب” و”مجموعات الفتيات”تحاول اغرائهم بسلعتها وبدفع ماشاؤوا.. فما كان بالفعل الا ان ذهب الي احلام الفتيات والمحبين والمخطوبين وغيرهم باحثين عن تحقيق احلامهم القلائل بين كلامها الساذج يسألونها عن اشياء مختلفة في حياتهم وعن سنين عمرهم العجاف دون فرح او حبيب وتوهمهم هي من خلال الكف ووشوشة”الدكر” بتحقيق احلامهم واحيانا توهمهم بهم قادم وعريس ينتظر الفتيات ونجاح في دراستهم و اعمالهم وتحكى لهم عن اوجاع قابلوها منوهة عنها ولاتعرفها ولكنها تضع لهم الوهم ليدفعوا اكثر..في البداية رأيت احلام من بعيد يلتف حولها مجموعة من الفتيات تثرثرن وتضحكن ، جذبنى التفافهم حولها وانتظرت ان يرحلوا لأسألها ولكنها باغتتنى قبل ان اسأل طالبة منى ان تقرأ لي كفي وتكشف لي غيبي.. فبدأ الحوار بيننا طويلا وحين سألتها الاتعرفين ان ماتفعلينه خطأ وقد يعرضك لمخاطر كثيرة ،كما انك تضحكين علي الفتيات، فكانت اجابتها بسيطة ولكنها اذهلتنى.. اننى فقط أعطيهم الحلم .. وهم يشترونه اذا شاءوا ويرفضون ويتركونى إذا أبوا.. وما المشكلة في ان اعطيهم تحقيقا لأمالهم واحلامهم الصغيرة، واتركهم يذهبون سعداء و أجد ايضا مايقيت عائلتى البسيطة دون ان يكون ثمن قوتهم جسدى!! وتركت احلام لا أجد ما اقول لها او احاججها به في زمن قسي علي الفقراء فجعلهم يتسولون قوتهم بكل الطرق.
ولكن ليست مشكلتى مع أحلام التى ضاق بها الحال ونال الفقر من كل شئ فيها، فبائعوا الوهم يملأون حياتنا كل لحظة ويخرجون علينا من وراء شاشات التلفاز الف مرة كل يوم، ولكن بقيت مشكلتى مع رواد أحلام بائعة الاحلام، فهل اصبحنا في زمن اليأس ، وهل بتنا نحتاج مهما كانت ثقافتنا وتعليمنا لأحلام تجلب لنا تحقيقا زائفا واملا في أحلامنا؟ هل أخذ اليأس من قلوبنا ماجعلنا نبحث عن احلام لدى احلام؟!!
احلام تبحث عن قوتها منا ونحن نبحث عن تحقيق الاحلام منها!