وفى الصعيد وخاصة بالصحراء غرب نقادة عثر على قطع زجاج لأوانى وكؤوس دقيقة الصنع وهو ما يدل على احتمالية انتعاش تلك الصناعة فى أعالى بلاد الصعيد فى العصر البيزنطى،
ومن المعروف ان دير الزجاج بمدينة الإسكندرية كان من المناطق الشهيرة بورش الزجاج والذى عرف فى تلك الفترة التاريخية كما أن المصابيح ذات النقوش الجميلة والتى استخدمت فى العصور الإسلامية تم تصنيعها فى تلك المنطقة
تؤكد سلفانا جورج ان كل الكتابات التاريخية عنه تشير أنه دير الزجاج يقع على ربوة ( تل مرتفع ) فى منطقة نائية من العمران غربي الإسكندرية على بعد حوالي 48كم على الطريق الفرعي من طريق الإسكندرية- مرسى مطروح، حيث يتفرع الطريق قرب العامرية إلى طريق فرعي يسير قرب ساحل البحر المتوسط مسافة حوالي 5كم حيث يوجد كوم أثرى يسمى كوم الزجاج ، و يشير إلى ناحية منية الزجاج المندثرة و بالقرب منه يوجد كوم أخر بإسم كوم الهانادون
وكانت تقع المدينة السكانية فى الجهة الجنوبية و الجنوبية الشرقية من الدير ، وعثر فيها العالم الأثرى برشيا على أرضية من الموزايكو فى أحد المنازل ( نوع من أنواع الرخام) وهذا الدير العريق فى تاريخ كنيسة الأسكندرية وبطاركتها العظام تشير كل الكتابات التاريخية عنه أنه كان واقعا على بعد تسعة أميال غربى الأسكندرية بالقرب من معبد “تابوزيريس” ، وعلى ساحل البحر المتوسط على مقربة من بحيرة مريوط .
ويذكر نيافة الأنبا يؤانس أسقف الغربية المتنيح أن الدير يقع فى أروع موقع يطل على البحر المتوسط ويمتاز بما يحيط به من مناظر طبيعية و بصفاء الجو و نقاء الهواء كما هو واضح من خبر نقل جسد القديس ساويرس الأنطاكى إليه . ( السنكسار يوم 10 كيهك ) و أنه على مقربة من جزيرة عند بحيرة مريوط ، و عند ناحية مندثرة بإسم منية الزجاج كانت قديما من ضواحى الأسكندرية فنسب إسم الدير إليها
وقدعرف دير الزجاج بعدة آسماء، فذكر فى السنكسار القبطى “بدير الآباء ” ويقابله بالاتينى طون باتارون او طون باتيرون وهو إسم رومى يقابله فى العربية إسم دير الأباء . و لهذه التسمية ما يبررها فمن مجمع رهبانه خرج سته من باباوات الكنيسة .
ويسمى بالرومية طوهانا دون ودير باتارون اى دير الميل التاسع ودير طور تابور ، وسمى أيضا هذا الدير بمعبد أبو صير أو دير أبو صير نسبة إلى مدينة أبو صير التى يقع فيها وكانت تابعة لإيبارشية دمنهور فى فترة من الزمن كما هو واضح من السجلات التاريخية والآثرية، ( و هذا الأسم معترف به حتى اليوم فى مصلحة الأثار المصرية) وقد بني هذا المعبد في العصر البطلمي وبه انتهى انشاء الإسكندرية، وكان المعبد مخصصا لأوزيريس، ولم يبق من المعبد سوى السور الخارجي والبوابات الضخمة. ويوجد ما يدل على عبادة الحيوانات المقدسة به، حيث وجد الأثريون مقبرة حيوانات بالقرب من المعبد. تضم الآثار الموجودة معبد أوزيريس، منارة وبضع مقابر رومانية كما تم اكتشاف موقعين على طريق ابو صير –برج العرب : معصرة خمور ومصنع أواني فخارية.
تقول سلفانا جورج كان دير الزجاج كبير ويشمل عدد من الكنائس وكانت للدير الهيمنة عليها، وكان مركزأ مبكرا للمعارضة المونفيزيتيه ( اصحاب فكر الطبيعة الواحدة) تجاه السلطة الخليقدونية خاصة فى القرن السابع الميلادى، وكان لوقت قليل مركز الكرسى السكندرى للبطاركة الأقباط.
وتم اكتشاف أنقاض الدير عام 1939م، ووجد داخل السور آثار الحصن وأثار القلالى والكنيسة التى سميت على اسم القديس مار جرجس والمعمودية وملحقا الدير.وقد عثر العالم “بريشيا” على كنيسة صغيرة للقديس يوسف تقع خلف المدخل الشرقى للدير خلف الصرحين الكبيرين،وآثار لقلالي الرهبان فى الجهة الغربية والجنوبية الغربية من الكنيسة. والمبنى الأصلى للدير مربع الشكل طول ضلعه 86م وسمك الحوائط من أسفل حوالى تسعة أمتار وهى من الحجر الجيرى.
وكان بالدير جواسق(حصن اوقصر) يتم الصعود إليها من داخل الكنيسة، وذكر المقريزي أن الجوسق كان فى غاية الاتقان والروعة.
اهتم قداسة البابا شنودة الثالث بالكشف عن آثار هذا الدير، والذي يضم بين خراباته كنائسه وقلاليه أجساد القديسين وفي سبيل ذلك زاره قداسة البابا شنودة الثالث على رأس بعثة بابوية للأثار القبطية يوم 5 فبراير سنة 1973 م . ومع اهتمام قداسة البابا بالأديرة المنتشرة غرب الإسكندرية والمذكورة فى كتب التاريخ ، وخاصة دير الزجاج إتصل بالمسئولين فأرسل الفريق أول كمال حسن على (وزير الدفاع السابق) إلى قداسة البابا خطاباً بتاريخ 27/6/1979م بتسليم دير الزجاج إلى الكنيسة القبطية مع تنسيق العمل مع مصلحة ألاثار .
وقد كلف قداسته المتنيح نيافة النبا صموئيل ، واللواء رياض بخيت بالإتصال بالأستاذ منصور حسن – وزير الثقافة السابق – للتفاهم فى هذا الشأن .
وقد قام البابا بزيارة منطقة الدير يوم 31/1/1980م متفقداً آثاره والمنطقة المحيطة به ، وقد رافقة النبا صموئيل والأستاذ شحاته آدم رئيس هيئة ألاثار وبعض من رجال هيئة ألاثار بالمنطقة واختار البابا شنوده القس لوكاس الأنبا بيشوي للاشراف على تعمير الدير وقد تم الكشف عن الكثير من آثار الدير على يديه
وفي الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الجمعة 4 يناير 2002، ذهب قداسة البابا شنودة الثالث إلى الدير، وبصحبته الدكتور جاب الله الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، ومعهما نيافة الأنبا ديمتريوس أسقف ملوي والأشمونين، ونيافة الأنبا يوأنس الأسقف العام، والقمص شاروبيم الباخومي وكيل البطريركية بالإسكندرية، والقمص أرميا آقا مينا سكرتير البابا، والمهندس رمزي نجيب بمصلحة الآثار. وذلك في وجود أبونا لوكاس الأنبا بيشوي المشرف على تعمير الدير والمُعتمَد من المجلس الأعلى للآثار. وتفقَّد الجميع المكان الأثري
وفي صباح الثلاثاء 15 يناير 2002، استقبل قداسة البابا شنودة القس لوكاس والمهندس رمزي نجيب، وذلك بخصوص الترميمات والإنشاءات التي ستتم في دير الزجاج بشمال الإسكندرية تحت إشراف المجلس الأعلى للآثار وظل الدير حتى يومنا هذا تابعا للكنيسة القبطية ويعرف فى سجلات الآثار بمعبد أبوصير. و من المراجع التى تشير إلى دير الزجاج أنه خاضع للكنيسة القبطية الأرثوذكسية ما جاء فى دليل المتحف القبطى ( تأليف مرقس سميكه ) وفى كتاب تحفه السائلين فى ذكر أديرة و رهبان المصرين سنة 1932 م . ( للقمص عبد المسيح صليب المسعودى ) ، وفى كتاب تاريخ الكنائس و الأديرة فى الوجه البحرى الجزء الأول ( لأبى المكارم ) فى القرن الثانى عشر الميلادى ، إعداد و تعليق الراهب صموئيل السريانى ( نيافة الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر ) ، و فى رسالة دكتوراه عن منطقة الأسكندرية ، الفصل الأول ص8 سنة 1958 م – الدكتور محمد صبحى عبد الحكيم
تضيف سلفانا جورج الباحثة فى الاثار القبطية ان دير الزجاج احتل أهمية كبيرة فى تاريخ الكنيسة المصرية ، حيث نجد ان أول ذكر لة جاء فى خبر عن رهبنة الشهيد الأنبا صرابامون أسقف نيقيوس ثم تجدد ذكره فى السنكسار القبطى ( 2 أمشير) عن أنبا ليخنيوس رئيس دير الزجاج انه لما ” تنيح أب الدير ولما قد عرفوا من سيرته وحسن فضيلته جعلوه قمص على الدير وبعد قليل أتى إليه أبوه الراهب أنبا لوكيانوس فكانوا يعملوا قلوع المراكب ويقتادوا من عملهم وأقاموا فى الدير زمان بقلب واحد”.
بطاركة الزجاج
كان أول بطريرك للكرسى السكندرى يختار من دير الزجاج هو البابا يوأنس الثانى المعروف بيوحنا الحبيس (505- 516م)، حيث قضى سنين راهبا بدير الغار أى دير الزجاج قبل ان يرتقى إلى كرسي البابوية فى 3 بؤونة.
وفى القرن السادس الميلادى تم رسامة البابا بطرس الرابع البابا الرابع والثلاثون (567-569م) فعند نياحة البابا ثاؤذوسيوس ، تقدم أعيان مدينة الإسكندرية إلى واليها وأظهروا له ألمهم من خلو الكرسى البطريركى فأشار عليهم أن يذهبوا إلى دير الزجاج كما لو كانوا ذاهبين للصلاة ثم يرسموا هناك من يرغبونه … وبالفعل رسموا بطرس بطريركاً فى أول مسرى سنة 283 للشهداء فى دير الزجاج كأول بطريرك يرسم فى هذا الدير ويتخذه مقرا إداريا للكرسى السكندرى ، ولكنه لم يجرؤ على الذهاب إلى مقر كرسيه بسبب سيطرة الخليقدونيين بل أقام فى دير أبيفانية قبلى دير الزجاج لم يكف عن إرسال الرسائل إلى المؤمنين ليثبتهم على الإيمان المستقيم وكان يطوف أديرة الإسكندرية و قراها ( وكان يومئذ بظاهر الإسكندرية ستمائة دير وثلاثون قرية جميع سكانها إرثوذكسيون ) يعلمهم ويعظهم ويثبتهم حتى تنيح بسلام وتم دفنه بالدير
و يلاحظ أن هذا الدير المبارك إشتهر عند السريان أيضا فأتوا إليه من قديم الزمان وسكنوا فيه مع الأقباط أصحابه بعد أن دفن فيه جسد بطريركهم القديس ساويروس الأنطاكى سنة 538 م و الذى كانت تجرى من جسده الكثير من أيات الشفاء فكثرت نذور السريان لهذا الدير و قصدوه للزيارة تبركا به
ويذكر السنكسار في 10 كيهك ان القديس الانبا ساويروس بطريرك انطاكية في فترة هروبه إلى مصر اقام بسخا عند رجل ارخن يدعى دوروثاؤس وعندما تنيح سنه 538م نقل جسده بمعجزة إلى دير الزجاج ويذكر المؤرخ القمص صموئيل تاوضروس السريانى ان جسد القديس نقل إلى سخا مرة اخرى بعد ان تخرب دير الزجاج لذلك من المحتمل وجود رفات هذا القديس ضمن رفات اخرى بانبوبة رئيسية كبيرة
ومن بين رهبان السريان خرج بطريركان لكرسى الأسكندرية وهما البابا سيمون الأول (42 ) والبابا سيمون الثانى (51(وربما آخر ذكر لهذا الدير فى مخطوطة ابو مكارم أن هذا الدير كان به 44 راهبا حتى سنة 1088م.
تذكر المراجع والمخطوطات والكتب الكنسية بان دير الزجاج خرج منة قديسين كثيرون منهم