على مر التاريخ سجلت المرأة مواقف تحسب لها غيرت مسارات دول، و كان للمرأة المصرية دور في ذلك، فلم تتوقف أو تتواني عندما شعرت ان بلدها في ضياع بل انتفضت وشاركت في الحياة السياسية التى خرجت منها بمرور الزمن مع تغير القادة والحكومات.
حيث كانت ثورة 25 يناير 2011 الانتفاضة الحقيقة للمرأة والشباب، ولكن تراجع دور الشباب بعد ذلك مع استمرار المرأة فلم يكن الاستفتاء على الدستور يخلو من طوابير السيدات كما انها شاركت في الصفوف الأولى بثورة 30 يونيو، حتى الانتخابات الرئيسية كانت هى المحرك لها، و لم يتوقف دورها عند التصويت فقط بل ايضا دخلت إلى معترك الحياة السياسية والبرلمانية حتى استطاعت ان تحصل مكاسب في دستور 2014، و الذي تضمن مواد داعمة للمرأة في مختلف المجالات السياسية و الاجتماعية والعامة والذى يؤسس لعدالة اجتماعية حقيقية ونقطة انطلاق في مجال الحقوق والحريات وترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة خاصة أن المرأة تمثل 49% من القاعدة الانتخابية في مصر ويعتبر برلمان 2015 أول برلمان بعد الثورة سوف يتضمن 70 مقعد للمرأة منها (56قوائم و 14 بالتعيين ) حيث أن القانون ألزم رئيس الجمهورية أن نصف التعيينات تكون من النساء.
وقد تصدرت المرأة المشهد الانتخابي في المرحلتين الأولى والثانية للانتخابات البرلمانية 2015 ، حيث أن مشاركة المرأة بلغت أربعة أضعاف مشاركة الرجال حسب بيان اللجنة العليا للانتخابات .
وهكذا أدركت القيادة السياسية أن الرهان على نسبة تصويت المرأة في الانتخابات البرلمانية هو رهان رابح لأدراك الاستحقاق الثالث لخريطة الطريق وقد جاءت دعوة الرئيس السيسي للمرأة للنزول والاقتراع في خطابة بتاريخ 17 أكتوبر 2015 حيث وصف المرأة المصرية بأنها أيقونة العمل الوطني ورمز التضحية من أجل الوطن.
وقد تباينت نسبة مشاركة المرأة في انتخابات مجالس النواب السابقة حيث ترشحت 22 إمرأه في انتخابات مجلس النواب عام 1984 بنسبة 0.6% من إجمالي المرشحين، وفازت 14 مرشحة، فيما ترشحت 45 امرأة في انتخابات مجلس النواب 1990 بنسبة 1.6% من إجمالي المرشحين وفاز 7 مرشحات، و في انتخابات مجلس النواب 1995 ترشحت 71 إمرأه بنسبة 2% من إجمالي المرشحين ولم يفوز غير 5 مرشحات، وفي أنتخابات 2000 ترشح 109 ولم يفز غير 7 مرشحات، وفي 2005 ترشح 127 ولم يفز غير 4 مرشحات، و 449 إمرأه في انتخابات 2010 بنسبة 8% من إجمالي المرشحين و 984 امرأة في انتخابات 2011 نسبة 9% من إجمالي المرشحين و 308 إمرأه في انتخابات 2015 بنسبة 5% من إجمالي المرشحين.
ولم يختلف تدنى وضع المرأة في مجلس الشورى ايضاً، حيث مثلت المراة بمقعد واحد في دورتى 1983 و 2007، ويذكر الدكتور عمرو هاشم ربيع في دراسة له عن المرأة في البرلمان ان عضوات البرلمان المصري لم يتقدمن بأى استجواب طوال فترة مشاركتهن في البرلمان منذ عام 1957 وحتى برلمان 1995 ويرجع ذلك إلى ان أغلب العضوات من الحزب الوطني الحاكم.
ولكن تخطت المرأة المصرية هذه النسب، فقد أعلنت اللجنة العليا للانتخابات عن خوض 308 إمرأه للانتخابات البرلمانية يتنافس على عضوية مجلس النواب على مقاعد الفردي والقوائم وحددت قوانين الانتخابات البرلمانية 56 مقعداً للمرأة بنظام القائمة المطلقة ونص القانون على ترشح 7 من السيدات على الأقل في القوائم المخصص لها 15 مقعدا.
ولم تتوقف على نسبة القوائم بل ترشحت المراة في هذه الانتخابات مستقلة ونافست في أكثر الدوائر سخونة واستطاعت ان تثبت بجدارة انها تستطيع الوصول للبرلمان فقد اخترقت دائرة امبابة وتفوقت فيها بجدارة وايضا الجمالية، وغيرها من الدوائر التى ترشحت فيها المرأة مستقلة.
وقد علت الاصوات في الفترة الماضية لتعلن ان السبب الرئيسى لنزول المرأة لصناديق الاقتراع، جاء بعد ان طلب ذلك الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطابته، فهل هذا سبب رئيسى أم احد الاسباب التى جعلت المرأة تبحث عن حقوقها السياسية مرة أخرى؟
قالت ماريان.ع.ا ربة منزل، من أمام احد اللجان الانتخابية بشبرا الخيمة نزلت اليوم لاعطى صوتى لمرشحة ، لاعرافها ولكنى اشعر بأنه تستطيع ان تكون صوت لى ولبناتى داخل البرلمان، وقد حرص ايضا زوجى على النزول للتصويت بل وأكد على نزولى ايضاً .
فنحن ليس لنا علاقة بالسياسية ولكن مايحدث من تغيير في البلد يسعدنا كثيراً، ويجعلنى انا وجيرانى نقوم بواجبنا، اننا نعيش في منطقة يعلم الجميع انها وكر للأخوان وفي فترة حكم مرسى لم نكن نستطيع العيش، فمن الساعة الخامس عصراً لا استطيع ان اترك إحدى بناتى تنزل في الشارع وذلك كان يتعبهم كثيرا خاصة في ايام الدراسة، ولكن اليوم يعودون للمنزل في العاشرة مساء ولا يوجد خوف، لذلك يجب ان انزل وأقوم بواجبى تجاه بلدى وبناتى.
وعن تأثير خطابات الرئيس السيسي الموجه للمرأة المصرية أضافت ماريان، لاأنكر اننى احب هذا الرجل كثيراً، ونحن مستعدون لفعل اى شئ يطلبه بعد ان اعطانا الامان واصبحنا نعيش في أمن.
وتؤكد الحجة سعدية مسنة، قالت نزلت للتصويت ولاعرف المرشحين بس المهم انهم مش من الاخوان، انا أيامى في الدنيا قليلة، لكن انا بنزل عشان مصر، عشان أحفادى يعيشوا كويس ويتعلموا كويس.
انا شفت شباب في الشارع سألتهم انتوا رايحين تنتخبوا قالولى انتخابات ايه ياحجة روحى شوفى أكل عيشك، عايزة اقولهم انا بنزل وانا تعبانة عشانكم دى بلدكم زى ماهى بلدى.
وعن مشاركتها بناء على طلب الرئيس السيسي قالت ده راجل حافظ على البلد دى وعلينا، ربنا يخليه لمصر، بس انا نزلت كل الانتخابات مش السنة دى بس، انا بحبه بس بحب بلدى أكثر.
وقالت دكتور أمل عبدة استاذ علم النفس: السيدات الشعبيات الان لديهم وعى سياسي كبير نتيجة للاحداث السياسية التى مرت بها البلد، كما ان برامج التوك شو لها تأثير واضح، فأصبحت السيدة تتحدث من منطلق الخبرة ،ودائماً مرجعيتها مقدم برنامج كذا أو قال الشخص الفلانى في برنامج وتضيف تحليل لذلك ايضاً، فالاعلام له التأثير الأكبر على المواطنين.
لذلك دائما مايلجأ الحكام إلى الإعلام للتأثير على المواطنين، والعامل الأخر هو الخطاب الموجه من الرئيس إلى المرأة المصرية، فهذا الخطاب أعاد للمرأة ما كانت تفتقده من أهتمام من الحاكم ومن الرجل، حيث أصبح السيسي هو الرجل الذى تتمناه كل سيدة نظراً لعذوبة حديثه وإحترامه لها، فهو أحد الاسباب التى دعت المرأة للنزول للانتخابات.
كما أن المرأة عندما نزلت وأصبح صوتها له تأثير، شعرت أنها عامل مهم في هذه العملية فذلك اعطى دافع أقوى للنزول مرة أخرى، ومن هنا أصبحت المشاركة بالنسبة لها إلزامية.
قالت منى منير رئيس جبهة المرأة العربية والنائبة البرلمانية، ان سبب المشاركة الإيجابية للسيدات في الانتخابات، لأنه أصبح هناك وعى سياسي بعد ثورة 25 يناير وزاد بعد ثورة 30 يونيو لدى السيدات، وذلك لحرصهن وخوفهن على استقرار وأمن أولادهم وبلدهم مما يجعلهن يشاركن في الانتخابات وكل الاستحقاقات الدستورية.
هذا بالإضافة إلى خطاب الرئيس السيسي الموجه للمرأة المصرية ورهانه على وطنية المرأة المصرية وعلى إيجابيتها في المشاركة بالانتخابات، فهذان العاملان هما الذان ساعد على وجود المرأة في طوابير الانتخابات.
وبعد السنة الكئيبة من حكم الأخوان أصبح لدى المرأة حساسية وتخوف شديد من إهدار صوتها وعدم مشاركتها بطريقة إيجابية، فأصبحت حريصة على النزول واعطاء حقها الديمقراطى في التصويت.
فالسيدة المصرية هى أم بالمقام الأول وعندها أحساس بالخوف على كل شئ ، حيث أنها العمود الفقرى لاى منزل ودائما ماتحاول ان توجد الاستقرار به، لذلك تكون مشاركتها بطريقة إيجابية، كما ان 38% من السيدات مرأة معيلة .
وأضافت ان الانتخابات الحالية خاضتها مجموعة من المقاتلات، الذين حاربوا المال السياسي الذى انتشر ببذخ، والذى نخشى ان يعطل هؤلاء المقاتلات، ولكنهم أستطاعوا ان يسلكوا طريقهم دون اى خوف لانهم نزلوا الانتخابات بمجهودهم وتاريخهم السياسي فهم ليسوا متطفلين على أماكنهم،واستطاعوا النجاح ونتمى ان يستمروا في ذلك.
وأوضحت اننا نتمنى من مفوضية عدم التمييز ان تحقق حلم المصريين بأن يكون هناك مساواة حقيقة بين الرجل والمراة بين المعاق والسليم اى تكون هناك مواطنة حقيقة.
أكد أكرم ألفي الباحث السياسي بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ان مشاركة السيدات بصورة كبيرة وضح منذ الاستفتاء على الدستور، وماتلاه من انتخابات رئاسيه في 2014، حتى اصبحوا السيدات أكثر تعودا على الذهاب إلى صندوق الانتخابات، وبدءوا الاحساس بقوة تصويتهم خاصة خلال الفترة الأخيرة مما أعطى دافع أكبر للمشاركة.
والسيدات الأن يبحثن عن إعادة لدورهم السياسي في الدولة بشكل جماعى، ويظهر ذلك بوضوح في انتخاب عدد كبير من المرشحات، وذلك يجعلنا نرى نسبة كبيرة من السيدات الان في البرلمان، وهذا يعطى دافع أكبر للمشاركة عندما تشعر المرأة المصرية انها استطاعت ان تكون سبباً لدخول المرأة البرلمان.
وهناك ظاهرة عالمية الأن ان المرأة تسعى لتحقيق المساواة عبر قوتها في الصندوق الإنتخابي، بمعنى ان العالم كله يشهد مشاركة واضحة للنساء في مقابل الذكور وهو مايسمى في علم الاجتماع ” مكاسب عبر صندوق الانتخاب”.
كما أن المرأة تعرضت في سنة الاخوان الظلامية ألى محاولة تهميشها وعودتها مرة أخرى للمنزل، لذلك لعبت دور رئيسي لتقاوم هذا التيار، فأصبحت أول مقاوم رئيسى في ثورة 30 يونيو للدفاع عن هذه الثورة والاستحقاقات التى تلتها.
وعند السؤال عن ان غالبية النساء الذين بدءوا بالمشاركة في الحياة السياسية هم من الطبقة الفقيرة، أوضح ألفى ان الدراسات الحديثة تؤكد ان كل شخص له رؤية للعالم، والسيدات الذين يقطنون الاحياء الشعبية لهم رؤية وهى ان يثبتوا انهم اقوياء وقادرين على عمل شئ والدفاع عنه، فمن الممكن ان نجد انهم يتحدثون عن المساواة والحقوق أكثر من النخبة.