– العلاقات التجارية بين الاقتصادين يعد من الأكبر عالمياً
– المنتقدون يشككون فى حجم العائدات الربحية للإتفاقية
– الخلاف على مسألة الأغذية المعدلة وراثياً وصناعة السينما
تجري حالياً محادثات بين الولايات المتحدة الأميركية والإتحاد الأوروبي لخلق أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم، الطرفان يعتقدان أنها ستعود بالربح على كلا الطرفين ، من هنا جاء الحديث عن إيجاد اتفاقية تبادل تجاري بين الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حقيقى يجري منذ عقود، إذ أن الأزمة الاقتصادية في عام 2008 كانت السبب الحقيقي وراء نقل النقاشات إلى حيز التنفيذ صناع القرار اتخذوا ذلك المنحى لأن العلاقات التجارية بين الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تعد بالأصل من أكبر التعاملات التجارية في العالم، ورأوا أن اتفاق التبادل التجاري يمكن أن يكون وسيلة رخيصة لتدعيم تلك العلاقات وتعزيز اقتصاد الطرفين ، والفكرة الأساسية القائمة على إزالة الحواجز التجارية ستجعل من شراء وبيع السلع والخدمات أسهل بين شطري المحيط الأطلسي . لكن المنتقدون يشككون بالعائدات الربحية للاتفاقية التي تحمل أسم اتفاقية الشراكة الأطلسية للتجارة والاستثمار، ويقولون إن الجزء المتعلق بتسوية المنازعات بين المستثمرين والدولة يهدد الديموقراطية . حيث بدأت المحادثات في يونيو من العام 2013، وآخر جولة جرت في نيويورك وهي تاسع جولة منذ بدء النقاشات حول الشراكة الأطلسية .
من ناحية أخرى يعتقد المفوض التجاري السابق للاتحاد الأوروبي “كارل دو غوخت” أن هناك “فرصة سانحة” لعقد الاتفاقية في العام الحالى حتى أوائل عام 2016 . آلاف المتظاهرين خرجوا في برلين للإحتجاج على مشروع اتفاق للتبادل الحر يناقش بين الإتحاد الأوروبي وكل من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا.
مواضع الخلاف
لكن أين تكمن مواضع الخلاف في الآراء ، إن أحد أبرز نقاط الخلاف بين الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي تكمن في مسألة الأغذية المعدلة وراثياً، فالقواعد التي وضعها الأوروبيون بشأن الأغذية المعدلة وراثياً تعتبر من الأكثر صرامة في العالم، فمن بين مئات أنواع الخضار والفواكه المعدلة وراثياً، فإن مشرّعو الإتحاد سمحوا باستهلاك 52 مادة فقطل . أما على الضفة الآخرى من المحيط الأطلسي، فإن الولايات المتحدة تعد أكبر منتج للمحاصيل المعدلة وراثياً في العام ، يضاف إلى هذا القلق أن منتجي الولايات المتحدة سيصبحون قادرين على بيع لحومهم في الأسواق الأوربية الأوروبية، نعم إنها لحومٌ تربى ويتم التعامل معها وفق معايير مختلفة كلياً عن ما هو معمول به في أوروبا. على سبيل المثال يتم تطهير الدجاج الأميركي بالكلور، وهي ممارسة محظورة في أوروبا.
فهل توجد نقاط أخرى للخلاف ؟ نعم ، حيث أن المفوضية الأوروبية تتفاوض بالنيابة عن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي لعقد الاتفاقية. رغم الجهود التي بذلتها المفوضية لإرساء الشفاقية من خلال نشر المقترح الذي قدمته للإتفاقية، لكن يوجد نوع من القلق يتعلق بالشفافية ، فالمفوضية تعتقد أن عقد صفقة بهذا الحجم يتطلب السرية، وتقول إن الشفافية في هذا النوع من القضايا قد
يشبه كأن تُظهر أوراقك للاعب المنافس .
من ناحية حذر وزير الدولة الفرنسي لشؤون التجارة الخارجية “ماتياس فكل” من انسحاب بلاده من المفاوضات بين الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية حول اتفاقية التجارة الحرة عبر الأطلسي حال لم تلتزم الأخيرة بمراعاة مبدأ “المعاملة بالمثل”. حيث عبر “ماتياس”عن أسفه أن تجرى المباحثات حول اتفاقية الشراكة الأطلسية للتجارة والاستثمار في ظل انعدام تام للشفافية والتعتيم العالي مما قد يطرح مشكلة ديمقراطية، على حد قوله.
كما شدد الوزير الفرنسي على ضرورة حصول البرلمانيين الأوروبيين، على ما يحتاجونه من وثائق في أماكن خارج الغرف المؤمنة للسفارة الأمريكية كما هو الحال الأن، لافتا إلى أن النواب الأوروبيين لا يحصلون على كم المعلومات والوثائق التي يتم توفيرها لنظرائهم الأمريكيين. كما حذّر الوزير الفرنسي من أن استمرار الوضع الحالي سيعني عدم وجود إرادة للتوصل إلى مفاوصات مفيدة للجانبين، مؤكدا أن المفاوضات لا تتقدم، وحين يحدث ذلك يكون في الاتجاه الخطأ، مضيفا أن بلاده تبحث كل الخيارات بما في ذلك إنهاء المفاوضات.
تقديم تنازلات
من جهة أخرى فأن منتقدو اتفاقية الشراكة الأطلسية للتجارة والاستثمار قلقون من الناحية المالية، حيث يرون إنه إذا تم تضمين الخدمات المالية في الصفقة، فلأبد من تقديم تنازلات على مستوى القوانين القوانين المالية الناظمة وهو ما قد يؤثر سلباً على الاستقرار المالي. من ناحية أخرى تثير الصفقة أيضاً مخاوف بشأن صناعة السينما في أوروبا التي قد تتأثر من الضخ الهوليودي الجارف. بينما تصر المفوضية الأوروبية على استثناء القطاع السمعي البصري من المفاوضات بناء على الإعتراض الفرنسي بهذا الصدد.
وبحسب تقرير صادر عن مركز للأبحاث في السياسات الاقتصادية بالمملكة المتحدة، فإن إزالة التعريفات الجمركية بين الطرفين وتوحيد الأطر القانونية الناظمة للتجارة يمكن أن تحقق مكاسب كبيرة بالنسبة للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ، لكن هناك مؤشرات خاصت إلى أن اتفاقية تجارية من هذا النوع ستعود على اقتصاد الاتحاد الأوروبي بـ119 مليار يورو كل عام، وتعود على الولايات المتحدة بـ95 مليار يورو.