يعاني التمريض في مصر أزمة كبيرة، أهمها قلة أعداد العاملين به، مما يؤثر بشكل سلبي على تقديم الخدمة الطبية بشكل أفضل. وفي محاولة من “وطني” لكشف أهم أسباب نفور الكثيرين ممن درسوا ما يؤهلهم لإمتهان هذه المهنة، وبرغم ذلك إما يبغضونها أو يقدمون استقالتهم.قالت “ه.م” إحدى الممرضات بمستشفى حكومية، إنها تعمل فقط من أجل أولادها في حين أنها لا تحب مهنتها، حيث أن المجهود الذي تبذله كبير جدًا.
فيما قالت “ه.ج” إحدى الممرضات بالمستشفيات الحكومية أيضًا، ولكنها تحب مهنتها كثيرًا: ” لا أرغب في العمل بمستشفى خاص، فهي غير مضمونة ومستقبلها غير مضمون، وأنا لا أستطيع أن أعمل بمكانين في وقت واحد، على الرغم من أن الخاص مجهوده أقل ومقابله أكبر، إلا أني أرى زملائي يتعاطون المنشطات ليستطيعوا المواصلة، ما يجعلهم يخطأون أخطاء عدم تركيز في عملهم، ده غير أني فعلا لمست الأزمة في التمريض لأن عندنا وحدة في القسم مغلقة بس علشان مفيش تمريض يشغلها، وبالنسبة لأهم عيوب المهنة أن الصغير بيشتغل كتير جدًا مقارنة بالأكثر خبرة، والمفترض العكس”.
وقال المتحدث بأسم التمريض بإحدى المستشفيات الحكومية، إن التمريض لا يأخذ حقوقه المادية على الإطلاق، والإداريين الذين يجلسون على المكاتب يأخذون حقوق أكثر من التمريض الي يشتغل بيده، وكذلك الأطباء لهم امتيازات تفوق الممرضين.
وعلى جانب آخر، قالت “منال” إحدى طالبات معاهد التمريض، إنها نادمة على الإلتحاق لدراسة التمريض، حيث أنها تشعر بالدونية في التعامل مع كل مشكلة تواجهها بالمجتمع ، وفي مقابل ذلك مجهود كبير بالدراسة، ترى انه لا جدوى منه.
أما “ع. ص” أحد طلاب كليات التمريض، يرى أنه حقه مهدور حيث حصل على 95% بالثانوية العامة، ويتساوى بطالب المعهد الحاصل على 85% و90% إذا اجتاز بتقدير، كما انه يرى أن مشكلة التمريض ستزداد تفاهم فدفعته لا تعدو ال180 طالبا.
قال د. محمد نور الدين طبيب نساء وتوليد في تصريحات خاصة لـ”وطني”، إن الدكتور لا يستطيع العمل بدون تمريض، فلا يستطيع أن يولد حالة دون وجود ممرض ماهر.
وأرجع العزوف عن المهنة إلى تشويه مهنة التمريض في الدراما والسينما، فضلا عن أن العائد المادي منها ضئيل جدا “ف30 جنيها بالنبطجية ليس بأموال مقابل كل ذلك التعب”.
وأضاف أن أزمة المهنة في الماديات مثلها كأي مهنة أخرى، ممتهنيها بحاجة إلى المعيشة بشكل كريم.
وقارن “نور الدين” بين مهنة التمريض في مصر وأي دولة آخرى، موضحًا أن الممرضة بالخارج لها وضعها ومكانتها، بينما في مصر، فهي سمعتها في الحضيض، نظرًا لثقافة المجتمع ونظرته لها.
وعن الدرجات لعلمية التي يحصل عليها الممرض، قال أن ذلك لا يعني شيئا، فالأهم التمرين والتدريب الجيد.
وعن الممرضات والممرضين الدبلومات، قال إن دورهم لا يعدو المراسلة يقومون بأعمال لا يصح أن يقومون بها من فرش السراير ومناولات الأشياء، لافتا إلى أن هذه الأعمال من الممكن أن يقوم بها العامل، وهي تجعل المرضى والمرافقين ينظرون لها نظرة دونية.
ويقول دكتور ممدوح عميد تمريض حلوان، إن عدم وجود التمريض يرجع إلى الهجرة الداخلية، حيث أن الممرضين والممرضات يفضلون العمل في المستشفيات الخاصة.
كما أن أعداد الملتحقين بالمهنة عددهم قليل، وذلك راجع لنظرة المجتمع لهم.
وأكد على أنه لا مساواة بين طالب الكلية والمعهد والدبلوم في العمل، فخريج الكلية يتم تدريبه جيدا عاما كاملا، فهم مشرفين، في حين أن طالب المعهد والدبلوم يكون مساعدا له.
ولخص الحل في ضرورة رفع الوعي المجتمعي ومستوى الثقافة، للتعامل مع هذه المهنة ومن يمتهنوها بشكل لائق، ودعى الطلاب للالتحاق بمدراس التمريض لأنها مهنة سامية.