كتب نيافة الحبر الجليل الانبا انجيلوس اسقف عام كنائس شبرا الشمالية رسالة حول زيارة الولايات المتحدة الامريكية , و جاء نصها : تباركت اراضى الولايات المتحدة الامريكية خاصة جنوبها و الساحل الغربى لها باقدام قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الاسكندرية و بطريرك الكرازة المرقسية .. كما تقدس هوائها بطيرانه فيه من ولاية إلى ولاية .. يتفقد و يرعى خراف الراعى الصالح متمثلا به يجول يصنع خيرا يعلم بالقول و الفعل .
و قد كنت محظوظا ان ارافق قداسته فكانت فرصة لا تعلم فى اكاديمية الروح التى تفيض انهارا من باطنه اذ قد شرب من الماء الحى الذى منحه اياه الرب يسوع و غمر الكل بروح الابوه كمثال للآب الذى فى السموات فتعلمت من سيدنا البابا الكثير و الكثير .
الزيارة كانت قصيرة جدا لمدة ثلاثة أسابيع أيام , و لكن كانت طويلة جدا حوالى ثلاثة أشهر انجازات مجهود فوق العادة تكاد تكون الراحة فيها معدومة رأيت فيها الشعب القبطى و جوهره الاصيل و الآباء الاساقفة و الكهنة و خدمتهم المتفانية حتى الدم , و بابا الاسكندرية سفير المحبة و الوطنية .
1 – الشعب القبطى :
شعب محب للمسيح , محب للكنيسة , محب لقداسة البابا و يحمل مصر فى قلبه و فكره و احلامه .
فى كل كنيسة رأيت الروح المسيحية القبطية ظاهرة بجلاء و محبة الشعب و فرحته التى فوق العادة بمقابلة راعيهم المحبوب لقلوبهم قداسة البابا تواضروس الثانى و دائما كان يذكر قداسته اسم مصر يصفق الاقباط و عندما يتساءل ان كانوا قد افتقدوا مصر يصرخ الجميع نعم و منهم من بكى تأثرا .. لم ينس الاقباط الكنيسة و لا الوطن فى المهجر بل أسسوا الكنائس و حرصوا على تربية ابنائهم فيها و طالب الكثير منهم بزيادة الرعاة من آباء اساقفة و كهنة لرعايتهم و كان قداسة البابا يجيب بان الحصاد كثير و لكن الفعلة قليلون لذلك صلوا لكى يرسل الله فعلة لحصاده .
خوارس الشمامسة و الكورالات يتقنون الالحان القبطية و الترانيم من التراث القديم و الترانيم الحديثة كأننا حقا لم نغادر مصر مع اضافة ما هو مترجم الى الانجليزية ..
الشباب رائع متفاعل مع قدوم قداسة البابا .. متواصل مع الحدث و فعال فيه بالمشاركة و محب للكنيسة و للاباء و للمعرفة المسيحية , كل شاب أو شابة تطلب منى صورة سيلفى كنت اطرح عليهم سؤالا من هو أول من صنع صورة سيلفى ؟ و عندما لا يعرفون و أجاوبهم انه الله عندما خلق الانسان على صورته يفرحون جدا و يقولون فى فرح قد عرفنا معلومة جديدة ..
هذا الشعب الجميل هو نتاج رعاية مضنية و ابوة حانية التى للاباء الذين يخدمونهم .
2 – للاباء الاساقفة و الكهنة :
لقد تباركت أول ايبارشيتين تم تأسيسهما الولايات المتحدة الامريكية بزيارة راعى الرعاة و رئيس الاساقفة ابونا البابا تواضروس الثانى و هما ايبارشية جنوبى الولايات المتحدة الامريكية تحت رعاية و ابوة نيافة الانبا يوسف و ايبارشية لوس انجيلوس و هواى تحت رعاية و ابوة نيافة الانبا سيرابيون ..
ايبارشية جنوبى الولايات المتحدة الامريكية ايبارشية مترامية الاطراف تنقلنا مع قداسة البابا يتفقدها و يباركها و هى تضم احدى عشرة ولاية امريكية يرعاها جميعا نيافة الانبا يوسف و أسس بها ديرين قبطيين واحد للرهبان و الآخر للراهبات يحملان الروح القبطية و فى غاية الروعة من جهة تنظيمهما و فيهما الحياة الرهبانية مستقرة بكل قوامها , دير الرهبان باسم القوى القديس موسى و هو معترف به و دير للراهبات باسم السيدة العذراء و الشهيدة دميانة و هو جارى الاعتراف به , هذا بخلاف الكنائس العديدة بالولايات الكثيرة التى أسسها و يرعاها نيافة الانبا يوسف بأسفار كثيرة جدا و مجهود منقطع النظير , كما انشأ مدرسة قبطية على اسم القديس اكليمندس الرب يسوع يعوض تعبه و يسنده فى خدمته الجبارة .
ايبارشية لوس انجيلوس و هى ثانى ايبارشية تم تأسيسها بالولايات المتحدة و قام بزيارتها قداسة البابا تواضروس و هى تحت رعاية ابونا الحبيب نيافة الانبا سيرابيون و هى ايضا ايبارشية ضخمة فيها كنائس عديدة و بها دير للرهبان معترف به على اسم القديس الانبا انطونيوس و قد أسس نيافة الانبا سيرابيون نوعا من الرهبنة الخادمة دعاها باسم الاخوية البولسية و هى نظام رائع يجمع ما بين الخدمة و الخلوة , الرهبنة و التكريس و هو نظام ناجح جدا نرجو التوسع فيه على مستوى الكرازة القبطية ايضا انشأ نيافته كلية قبطية للتعليم اللاهوتى بالشراكة مع جامعة كليرمونت .
تنظيم رائع , أبوة ظاهرة , رعاية باذلة و مجهود جبار , الرب يعوض تعب نيافة الانبا سيرابيون و يسنده و يقويه ليثمر و يكمل كل عمل يعمله .
طبعا فى كل هذا يسند هاتان الايبارشيتان مع الآباء الاساقفة جوقة من الآباء الكهنة الذين يساعدون و يعملون بلا كلل فى خدمة كرم الرب .
3 – قداسة البابا تواضروس :
لقد كان البابا فى هذه الرحلة النموذج الحى و التطبيق العملى للراعى الصالح ذو القلب النابض بالمحبة لكل فرد فى الرعية المهتم بكل احد من الرضيع حتى الشيخ , محمل بمواهب الروح التى تفيض منه فيشيع الفرح أينما تواجد , لمدة ثلاثة أسابيع متواصلة يواصل الليل بالنهار لا يأخذ راحة , تدشين أكثر من اثنتى عشر كنيسة و وضع حجر اساس لكنائس جديدة و قلالى للرهبان و اجتماعات بلا عدد مع كلمات روحية جديدة فى كل اجتماع كل هذا الاهتمام بالنفس الواحدة و الاستماع الجيد لكل أحد رحلة رائعة تعلمنا فيها كثير جدا من قداسته .
و عرفنا قداسته عن قرب امثولة فى التدبير قمة فى الرعاية نظرة ايجابية الى أقصى حد , موهوب فى رؤية الجمال و استخلاصه و التركيز عليه بتلقائية مبهرة متجاهلا كل ما هو محبط فرأيناه ببساطة يعمل بما ينصح به علماء التربية الحديثة بدون تكلف , كل هذا بخلاف لقاءاته المبهرة مع الاطفال و طريقة سرده للقصص الروحية الهادفة التى تجذب الكبار مع الاطفال للاستماع و الاشباع من العمق مع البساطة المتناهية .
و لا يسعنى الا ان اختم بما قالته ملكة سباء بعد لقاؤها بسليمان الملك ” فطوبى لرجالك و طوبى لعبيدك هؤلاء الواقفين امامك دائما و السامعين حكمتك . ليكن مباركا الرب الهك الذى سر بك و جعلك على كرسيه ملكا للرب الهك . لان الهك احب اسرائيل ليثبته الى الابد , قد جعلك عليهم ملكا , لتجرى حكما و عدلا ” ( 2 أخ 9 : 7 )