ناقشت كلية الاعلام جامعة القاهرة رسالة دكتوراه مقدمة من الباحثة سلمى شاهين بعنوان: “علاقة التكوين السياسي والمهني لقيادات نقابة الصحفيين المصريين بأساليب إدارتهم للعمل النقابي ومواقفهم من القضايا المهنية والمجتمعية”،حيث استمرت المناقشة اكثر من أربعة ساعات.. من الساعة الخامسة مساء وحتي الساعة العاشرةمساء أمس ،وقد تشكلت لجنة الحكم كالتالى: أ.دعواطف عبد الرحمن ،االأستاذة الدكتورة نجوى كامل مشرفا ،الأستاذ الدكتور محرزغالى مشرفا،والأستاذ رجائى اليرغنى.
استهدفت الدراسة رصد وتحليل وتفسير علاقة التكوين السياسي والأيديولوجي والمهني لقيادات نقابة الصحفيين المصريين بأساليب إدارتهم للعمل النقابي ومواقفهم من القضايا المهنية والمجتمعية وتفسير طبيعة هذه العلاقة في ضوء مجموعة من المتغيرات المتمثلة في خصائص التكوين الاجتماعي والنفسي والسياسي وكذلك الفكري والصحفي لكل منهم, مع دراسة جملة الأوضاع السياسية والاجتماعية في مصر خلال الفترة الممتدة منذ منتصف التسعينات حتى عام 2014 وتأثيراتها على أوضاع الصحافة المصرية والتنظيم النقابي للصحفيين المصريين, فقد كما استهدفت الدراسة التعرف على بعدين أساسيين, الأول منها تعلق برصد وتوصيف وتحليل واقع الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر وتأثير ذلك على طبيعة الحياة الصحفية والنقابية, وذلك خلال فترة الدراسة الممتدة منذ تسعينات القرن الماضي حتى عام 2014, بينما تحدد البعد الثاني في رصد وتوصيف وتحليل وتفسير العلاقة بين التكوين المهني والسياسي لقيادات نقابة الصحفيين وأساليب إدارتهم للعمل النقابي وخطابهم الصحفي تجاه القضايا المجتمعية والمهنية.
و شملت فترة الدراسة مرحلتين زمنيتين امتدت الأولى منذ منتصف عقد التسعينات حتى قيام ثورة يناير, بينما امتدت الفترة الثانية منذ 25 يناير 2011 مرورا بأحداث 30 يونيو حتى عام 2014، وخلال الفترة الزمنية الأولى للدراسة, اتسمت الحياة السياسية بالسيطرة على أحزاب المعارضة والتداخل بين السلطات واستمرار العمل بالقوانين والتشريعات المقيدة للحريات, وخاصة القوانين الاستثنائية حيث اتخذت السلطة السياسية خلال حكم الرئيس مبارك من الإرهاب ذريعة لفرض حالة الطوارئ واستمرارها لأعوام طويلة, كما شهدت هذه الفترة تداخلا بين السلطات, ومع ظهور الاتجاه العالمي نحو الديمقراطية بعد أحداث 11 سبتمبر, أقدمت السلطة السياسية نحو اتخاذ بعض الإصلاحات الدستورية الشكلية التي لم تغير من سير مجريات الحياة السياسية على أرض الواقع.
بل شهدت هذه الفترة أكبر اعتداء على حرية الصحافة والصحفيين وذلك بفرض قانون رقم 93 لعام 1995, ولكن لم تستسلم الجماعة الصحفية لمحاولات السلطة السياسية تقييد حرية العمل الصحفي بموجب هذا القانون, فوقف الصحفيون جميعا ضده ومن خلال نقابة الصحفيين استطاع الصحفيون تشكيل قوة ضاغطة قوية ومؤثرة تمكنت من إجبار السلطة السياسية على إلغاء القانون وإقرار القانون رقم 96 لعام 1996 بدلا منه, ورغم ذلك اشتمل ايضا هذا القانون الجديد على بعض المواد التي تشكل قيدا على حرية العمل الصحفي, وكان من بين المعايير الصارمة التي ألزم بها الصحفيين القيد المالي لإصدار الصحف والأذن المسبق ووصايا المجلس الأعلى للصحافة على المؤسسات الصحفية.
وأبرزت الدراسة أن نقابة الصحفيين أول نقابة مهنية تنتفض ضد سيطرة الإخوان, فأجبر أعضاؤها النقيب ممدوح الولي على عدم الترشح لدورة ثانية, وتكاتفوا في مواجهة من ترشح من جماعة الإخوان صراحة في عضوية المجلس أو من سعت الجماعة لدعمهم، فجاءت نتيجة الانتخابات معبرة عن رفض الصحفيين لهيمنة الإخوان بعد فوز المستقلين والمحسوبين على التيار الناصري بأغلبية المقاعد.
وأوضحت الدراسة أنه مثلما مهدت نقابة الصحفيين لقيام ثورة 25 يناير, كانت أيضا ممهدة لقيام أحداث 30 يونيو 2013 , وذلك من خلال تأييد ومساندة حركة تمرد, وقد ساعد على ذلك اتفاق اتجاه الحركة مع اتجاه مجموعة من القيادات الصحفية النقابية على رأسهم كل من ضياء رشوان وجمال فهمي, وهكذا اعتبرت النقابة أن 30 يونيو هو امتداد طبيعي لثورة 25 يناير.
وأثبتت الدراسة وجود علاقة قوية بين خصائص التكوين الاجتماعي والثقافي والمهني والسياسي لكل قيادة صحفية نقابية وأساليب إدارتها للعمل النقابي وطبيعة الخطاب الذي قدمته نحو القضايا المجتمعية والمهنية, ففي ضوء المدخل الثقافي لدراسة الشخصية وهو الإطار النظري الذي اعتمدت عليه الدراسة, أكد أن العلاقة بين الثقافة والشخصية أكيدة وقوية, وأن الثقافة هى مجموعة الأنماط الثقافية من السلوك والتفكير والمعاملات التي اصطلحت عليها الجماعة في حياتها والتي تتناقلها الأجيال المتعاقبة عن طريق الاتصال والتفاعل الاجتماعي حيث تشتمل على كل ما ينتج عن صلة الانسان بالطبيعة وما يحيط به من موارد, وعلى أنواع العلاقات التي ترتب حياة الناس, وتنظم العلاقات بين الأفراد والجماعات.
كما أثبتت الدراسة التأثير العميق لخصائص التكوين المهني والسياسي لقيادات نقابة الصحفيين على أسلوب إدارتهم للعمل الصحفي ومواقفهم من القضايا المهنية والمجتمعية, وحققت الدراسة أهدافها واستطاعت أن الدراسة تربط بين ملامح هذا التأثير وواقع الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي سادت المجتمع المصري خلال فترة الدراسة.