إسلام بحيرى مسلم متدين وسطى يعرف حقيقة إسلام وفلسفة الرسالات السماوية الواحدة، التى هى فى حقيقتها مبادئ أخلاقية تدعو لاحترام الإنسان واحترام الرأى والرأى الآخر، والإهتمام بالإنسان كقيمة كبيرة فى هذا الكون، ولما كانت صيحة العصر الآن هى تجديد الخطاب الدينى وتنقية التراث من الغيبيات واللامعقول والأحاديث المدسوسة وغير الثابتة، استغل الرجل علمه ودراسته فى هذا المجال ليقدم لنا فكرة الحديث والإسلام الحقيقى الذى يتفق مع العقل ومع الرسالة فعلا.
لكن يبدوأننا نطالب بشئ لكننا نريد شيئاآخر، فمازالت الدجما الدينية تسيطر على الشعب الأمى، بل للأسف، وعلى بعض رجال الدين أيضا، وإلا قل لى ما هذه الهجمة الشرسة على إسلام بحيرى الداعية المستنير المؤمن بالإسلام وبالعقل، لقد كتب أستاذنا العقاد كتابا عن التفكير فريضة إسلامية وأيده الجميع، ولكن يبدو أن الكلام الجميل شئ وتطبيقه شيئا آخر. ماذا فعل إسلام بحيرى؟ ما هى الجريمة التى ارتكبها؟ انه باحث يستخدم عقله فى تفسير كل شئن فى نفس الوقت الذى يعبر فيه عن ايمانه الشديد بالإسلام فلماذا هذه الحملة التى تريد أن تقتله وترسل به إلى ما وراء الشمس؟ هناك محاولة مستميتة لدخوله السجن وعمل أى قضية من أجل ذلك، حتى لو كانت شيك بلا رصيد، مع أن الرجل سوي الشخصية ولا يمكن أن يقع فى مثل هذه الأخطاء.
كان يجب على رجال الأزهر والإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب أن يهتموا بدراسة ودعوة إسلام بحيرى وتوجيهه اذا أخطأ حتى يمكن تعديل واصلاح الخطاب الدينى فعلا، فهو ورقة رابحة فعلا، لكنهم لا يريدون تعديل الخطاب الدينى، ويبدو انه” كلام فى كلام”، وقد وقع خلاف بين شيخ الأزهر ووزير الأوقاف على نفس القضية.
الواقع أنا معجب باسلام بحيرى ودراسته ومحاولة تنقية التراث لكن المشكلة أنه ينفعل ويستخدم ألفاظا غير مهذبة أحيانا مثلأ ( الجزمة) وغيرها، وكان أولى بك يا إسلام بحيرى وأنت تتصدى لمشكلة صعبة جدا، وهى مشكلة دينية أن تتوخى الدقة وتستخدم ألفاظا مهذبة، فأنت رجل دين تمثل القيم الدينية والأخلاقية العالية.
إسلام بحيرى ليس أول من يتصدى للتراث الإسلامى والأحاديث النبوية يريد أن ينقيها ويغربلها من أجل إسلام حنيف وسطى مستنير عرفناه من آلاف السنين.
فهناك الفيلسوف الاسلامى المعروف ابن رشد الذى عاش بين السنوات 1126-1198 كان طبيبا وقاضيا وفيلسوفا.
شرح ابن رشد كتب أرسطو، لقبوه بالشارح الأعظم، والفلسفة لديه هى الطريق الوحيد إلى المعرفة والوصول إلى الله.
والحقيقة العقلية والاستدلال بها على الله هى أفضل من الحقيقة والمعرفة الدينية، ولاهتمامه بالفسلسفة هاجم ابن رشد الامام الغزالى حجة الإسلام، الذى وضع كتاب (التهافت) مهاجما الفلاسفة وعلماء الكلام، كما كانوا يوصفون آنذاك. ورد ابن رشد عليه بكتابه(تهافت التهافت) فى ذم الفلسفة.
دافع ابن رشد ايضا عن المرأة وطالب بدور سياسى لها.
كانت نتيجة دفاع ابن رشد عن العقل النفى إلى بلدة قريبة من قرطبة وأحرقت كتبه.
قبل ابن رشد دعا الكندى ضرورة دراسة الحقيقة كحقيقة بصرف النظر عن مصدرها، أى سواء جاءت الينا من بلاد العرب أم من بلاد اليونان، أى أننا يجب أن نعمل عقولنا فى كل الحقائق التى تتعرض لها ونعرفها.
الشيخ الامام محمد عبده1849-1905 دعانا ايضا إلى تأويل النص أى إلى دراسة النص ومعرفة ما بين السطور، وقراءته قراءة نقدية عقلية، فلا نخضع إلا للعقل وما يشير اليه ويوضحه فى كتابه ( التنوير والمجتمع) يقول الدكتور عاطف العراقى أستاذ الحضارة الإسلامية بجامعة القاهرة الأسبق:
اذا كنا نجد فى تراث الماضى بعض جوانب التقدم والازدهار، إلا أننا قد نجد فيه أيضا كما هائلا من الخرافات قد يزيد عددها عن عدد سكان الدول العربية من مشرقها إلى مغربها.
نقول هذا ولا بد من القول به لأننا نريد لأمتنا العربية كل تقدم وازدهار. ولن يتحقق التقدم والازدهار والمجد إلا بأن نسعى إلى حياة النور والتنوير ونتخلص من عشوائية الفكر والثقافة والتعليم والدين ايضا.
المفكرون الإسلاميون دعوا إلى استخدام العقل وتنقية التراث من أجل الإسلام الحقيقى المستنير بعيد عن التطرف والتعصب الذى يبغضه الإسلام نفسه.. لأنه إن شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة، ولكم دينكم ولى دين.
أعود إلى الداعية المسلم اسلام بحيرى واقول للجميع.. لا تظلموا الرجل فتظلمون أنفسكم معه، انه عالم دارس يحاول تجديد الخطاب الدينى كما تحاولون، وقد بدأ فعلا وعمليا بالدراسة ووصل إلى نتائج يعرضها عليكم فان لم تقتنعوا بما يقول فلا تهاجموه وتحاولون سجنه وقتله والقضاء عليه، فلو انتم فعلا تريدون تجديد الفكر والخطاب الدينى لرحبتم بالرجل ودراسته وحاورتموه فى كل ما يقول، أما أنتم تكيلون له المصائب وتحاولون قتله أدبيا ودينيا فهذا حرام عليكم، ولا يتفق مع صحيح الإسلام وحرية الدين.
أقول أيضا لبعض الصحفيين والكتاب الذين يهاجمون إسلام بحيرى “عمال على بطال “اتقوا الله فيه وفى الإسلام وحاولوا أن تدرسوا النتائج التى توصل اليها بدلا من الهجوم عليه بجهل لمجرد انكم تعيشون فى دجما دينية لا تعرفون الخروج عنها. واقول لإسلام بحيرى تقدم ولا تخف فقط تحدث بلباقة وأدب وستعرف قيمتك الأجيال القادمة.