أكد وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي على أهمية مواصلة تعزيز العلاقات بينهما لتكون بمثابة أساس متين وفعال للاستقرار والأمن الإقليميين والدوليين.ورحب الجانبان – في ختام الاجتماع الوزاري المشترك الرابع والعشرين لمجلس التعاون والاتحاد الأوروبي الذي انعقد في الدوحة – بتعزيز الحوار السياسي من خلال عقد اجتماعات كبار المسؤولين العادية لمجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، مشيرين على وجه الخصوص إلى الاجتماع الأخير الذي عقد ببروكسل في الخامس من مايو الجاري.
حل القضية اليمنية
واتفق وزراء خارجية دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي على الحاجة إلى التوصل إلى حل القضية اليمنية بناء على قرار مجلس الأمن 2216 ومبادرة مجلس التعاون ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني. وتناول الوزراء القضايا العالمية ذات الاهتمام المشترك وخاصة مكافحة الإرهاب.وأدان الوزراء المجتمعون بشدة الهجوم الإرهابي البشع الذي ارتكب ضد المصلين في القطيف بالمملكة العربية السعودية في الثاني والعشرين من مايو الجاري وأكدوا الأهمية الاستراتيجية للتنسيق الوثيق بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي بشأن تلك التطورات.واستعرض وزراء دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي التقدم المحرز في العلاقة بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي واعتمدوا على محضر اجتماع لجنة التعاون المشترك المنعقدة في بروكسل في الرابع من مايو الجاري وأعربوا عن عزمهم التصدي للتحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية المشتركة كما أعربوا عن ارتياحهم بأن التجارة البينية كانت تمثل أكثر من 148 مليار يورو في عام 2014 وهي زيادة كبيرة جدا عن المائة مليار يورو المسجلة عام 2010.
الحوار الأوروبي الخليجي
ورحب الوزراء بمبادرة التعاون التي تم اتخاذها منذ الاجتماعات الوزارية الأخيرة لا سيما من خلال حوارات مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي حول الاقتصاد والنقل الجوي وفريق خبراء الطاقة والتبادلات على النقل بالسكك الحديدية والتجارة مع التركيز على مسائل الوقاية الصحية والصحة النباتية وتوحيد المقاييس فضلا عن التعاون بشأن التنوع الاقتصادي في سياق التغير المناخي الذي يمثل أهمية خاصة في سياق المؤتمر القادم الحادي والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغير المناخي المزمع عقده في باريس ديسمبر المقبل.وتطلع الوزراء لتوسيع نطاق العلاقات القائمة بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي من خلال زيادة الاتصالات بين الشعوب وتعزيز التعاون في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والثقافية والعلمية وحقوق الإنسان.
واتفق وزراء خارجية مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي على عقد اجتماعهم المقبل في الاتحاد الأوروبي عام 2016.
وفي مؤتمر صحفي مشترك تحدث فيه الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية القطري و فيدريكا موجريني الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية بالمفوضية الأوروبية نائبة رئيس المفوضية الأوروبية عقب ختام الاجتماع، قال وزير الخارجية إن الاجتماع الوزاري المشترك ساده جو إيجابي حيث تم استعراض الخطوات التي تحققت في مسيرة التعاون المشترك وتبادل الرؤى ووجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية ومستجداتها بروح من الصراحة والشفافية.
مواجهة الارهاب
وأضاف “نرحب بالخطوات التي تم إنجازها في مجالات التعاون المشترك وما تم الاتفاق عليه في هذا الشأن”.. موضحا أن طموح دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي لا يزال أكبر في تحقيق المزيد من خطوات التعاون خاصة في ظل ما تملكه المجموعتان الخليجية والأوروبية من قدرات وإمكانيات كبيرة محفزة لفتح آفاق أرحب لهذا التعاون واستثماره على النحو الذي يحقق مصالحهما المشتركة وتطلعات شعوبهما”.وأشار إلى أن الاجتماع المشترك تناول تنامي ظاهرة الإرهاب والتي كان آخرها حادث التفجير الإجرامي الذي وقع يوم الجمعة الماضي في أحد المساجد بمحافظة القطيف بالمملكة العربية السعودية الشقيقة والذي أسفر عن عدد من القتلى والمصابين.وشدد بالقول “نؤكد هنا وقوفنا وتأييدنا للمملكة العربية السعودية في كافة الإجراءات التي تتخذها لمواجهة أعمال العنف التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار وبذر الفتنة الطائفية”.وبين الدكتور العطية أن الاجتماع أكد على ضرورة تكريس التعاون الدولي حتى يتم القضاء على آفة الإرهاب الخطيرة من جذورها ومعالجة أسبابها الحقيقية.
سوريا واليمن والعراق وليبيا وفلسطين
كما لفت إلى أن مشاورات الجانبين السياسية حظيت ببحث مكثف وخاصة أزمات وقضايا منطقة الشرق الأوسط سواء في سوريا أو اليمن والعراق وليبيا وفلسطين، بالإضافة إلى قضايا الأمن والسلم الدوليين.وأوضح أن القضية الفلسطينية وتعثر عملية السلام استأثرت ببحث موسع في ظل تداعياتها على مجمل القضايا في المنطقة والعالم.. مؤكدا “أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي يشكل من منظورنا الحل الأمثل والجاد للنزاع العربي الإسرائيلي وذلك بعد أن تبين قصور الحلول الجزئية في تحقيق أهدافها”.وبين أن الاجتماع تناول كذلك الأوضاع في اليمن والتأكيد على دعم استعادة الشرعية ووحدة واستقرار اليمن الشقيق عبر المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الذي عقد باليمن في يناير 2014 وإعلان الرياض الصادر في 19 مايو الجاري وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.وقال في هذا الإطار “نثمن دور المملكة العربية السعودية في دعم الشعب اليمني الشقيق من خلال إنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية”.وفيما يتعلق بالأوضاع على الساحة العراقية أوضح وزير الخارجية أن الاجتماع الوزاري المشترك بحث هذا الجانب وطريقة دعم الحكومة لإخراج العراق من أزمته وتحقيق أمنه واستقراره بمنأى عن أي تدخل خارجي مع معالجة الأسباب الحقيقية لتردي الأوضاع في العراق.من جهة أخرى أشار إلى أن هناك توافقا في الرؤى حول دعم الحوار الوطني الليبي للتوصل إلى الحل السياسي الذي نرى أنه الأنجع لإنهاء الانقسام وتحقيق الاستقرار والوحدة للشعب الليبي.كما أوضح وزير الخارجية أنه تمت مناقشة الأزمة السورية حيث كان هناك إجماع على ضرورة إنهاء هذه الكارثة الإنسانية وفق إرادة الشعب السوري وتمكينه من تحقيق تطلعاته المشروعة في الأمن والاستقرار والوحدة وإخضاع كل من أجرم في حق الشعب السوري للمحاسبة.
الملف النووي الإيراني
وأشار إلى أن الملف النووي الايراني كان محلّ بحث في الاجتماع الوزاري المشترك حيث “أكدنا على الموقف الخليجي الثابت بشأن إخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي وحل الملف النووي الإيراني بالطرق السلمية وترحيبنا بالاتفاق الإطاري الذي أبرم عبر مفاوضات مجموعة “5+1”.وقال “نؤكد على أن يكون الاتفاق النهائي شاملا ويبدد كافة الشكوك الإقليمية والدولية وفي هذا الصدد نثمن الجهود الدبلوماسية القائمة للاتحاد الأوروبي في هذا الشأن”.
الموقف من داعش
وفي رده على أسئلة الصحفيين بخصوص ما يعتبره البعض فشلا للتحالف الدولي في ضرب تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”قال وزير الخارجية “إن التحالف لم يفشل ولكن ما فعلناه لا يكفي، وإن الحملات الجوية لا تكفي وحدها بل يجب أن تكون هناك خطوات أخرى لجعل هذه الحملات أكثر فاعلية ولإيجاد طريق ومخرج أيضا لإنقاذ الشعب السوري من النظام الحالي”.وردا على سؤال يتعلق بمشاركة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في محادثات جنيف من عدمها بمشاركة الأطياف اليمنية كافة، قال الدكتور العطية “إن هذا القرار للرئيس اليمني ولا نستطيع أن نتدخل في شؤونه الداخلية وكل ما نستطيع أن نفعله هو أن نسانده وندعمه لاسترجاع الشرعية وإذا رأى أن قرار الامم المتحدة 2216 لا يكفي فهو يستطيع أن يطالب بتنفيذ هذا القرار قبل اتخاذ أي خطوة إضافية”.
منطقة التجارة الحرة الخليجية الأوروبية
وحول مفاوضات منطقة التجارة الحرة بين مجلس التعاون والاتحاد الاوروبي أوضح سعادته في رده على سؤال بهذا الشأن ان المفاوضات أخذت وقتا طويلا مع الاتحاد الاوروبي الذي تربطه بدول التعاون علاقات قديمة وطويلة، وقال “إن الاصدقاء في أوروبا تفهوا وجهة النظر الخليجية بخصوص هذا الموضوع واتفقنا على خطوات عملية من أجل إحراز تقدم في هذا الملف”.
الإرهاب في السعودية
من جانبها أكدت فيدريكا موجريني الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية بالمفوضية الأوروبية نائبة رئيس المفوضية الأوروبية على أهمية هذا الاجتماع الإيجابي البناء وعبرت عن تعازيها للسعوديين في الحادث الإرهابي الذي استهدف مسجدا بمحافظة القطيف في الثاني والعشرين من الشهر الجاري.وأكدت أن هذا الاجتماع يثبت التزامنا بالعمل مع الشركاء في الخليج من خلال تركيز التعاون الفني والتقني والسياسي والاقتصادي، مشيرة إلى تزايد التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين الجانبين وقالت نحن نتطلع لتعميق العلاقات أكثر وإلى مزيد من التعاون في المجالات كافة.
المشكلة اليمنية والموقف من إيران
وتحدثت عما تم مناقشته حول الأوضاع في اليمن، حيث أعربت عن تفهم المجتمعين لخطورة الوضع هناك، مؤكدة ضرورة التزام الأطراف اليمنية بالحوار مع التعاون من أجل وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين هناك.وعن قضية البرنامج النووي الإيراني أكدت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية بالمفوضية الأوروبية على الالتزام بإيجاد اتفاق بعدم تطوير السلاح النووي الإيراني وأن يقتصر استعمال البرنامج النووي في الأغراض السلمية فقط.وفيما يخص الصراع في سوريا، أوضحت أن العمل جار للوصول إلى حل سياسي للأزمة هناك خاصة وأن الشعب السوري واقع بين مطرقة النظام وسندان الجماعات الإرهابية وقالت نحن ندعم جهود الأمم المتحدة للوصول لحل شامل لهذه القضية، مشيدة بدور مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي الذين يبذلون جهودا كبيرة للتقارب بين المعارضة السورية وإنشاء فريق توافقي يضم مختلف أطياف المعارضة السورية سيثمر نتائج إيجابية.
الوضع العراقي والأزمة في ليبيا
وفيما يتعلق بالوضع في العراق قالت موجريني “اتفقنا على ضرورة تعزيز عملية التصالح الوطني وتشجيع رئيس الوزراء العراقي في إدخال برنامج الوفاق الوطني الذي وعد به منذ توليه منصبه”.كما لفتت إلى أن مناقشة موضوع ليبيا الذي يعد إحدى أولويات الاتحاد الأوروبي منذ اندلاع الثورة هناك، مشيرة إلى إحراز تقدم في المفاوضات مما يوصل إلى توافق الآراء على المستوى الوطني هناك.وأضافت “اتفقنا على ضرورة التوصل إلى اتفاق بين المتنازعين هناك قبل رمضان المقبل لأن الوضع هناك يزيد من إفراز الحركات الإرهابية”، كما أكدت على اتفاق المجتمعين على مساندة الاتحاد الأوروبي في تفكيك عصابات الاتجار في البشر وتهريب المهاجرين إلى أوروبا عبر البحر، مشددة على ضرورة قيام السلطات الليبية بواجباتها في الحد من هذه الظاهرة، وأعربت عن تطلع الاتحاد الأوروبي للتشارك معهم لضمان الحد من هذه الأنشطة الإجرامية بالتنسيق مع دول جوار ليبيا.ونوهت بالقول: “نحن نتفهم الحاجة لإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط وخاصة ما يتعلق بالوضع في فلسطين ونحن نلتزم بمراجعة مبادرة السلام من أجل التوصل إلى إطار دولي لإعادة إطلاق عملية السلام والتوصل إلى نتائج إيجابية بهذا الخصوص”.
المهاجرون غير الشرعيين
وفي ردها على سؤال حول تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر القوارب لاسيما تلك القادمة من دول شمال أفريقيا، أعلنت فيدريكا موجريني أن دول الاتحاد ستضاعف إلى ثلاث مرات من تواجدها في البحر الأبيض المتوسط لمراقبة الحدود البحرية بالتعاون مع الدول العربية والإفريقية وستعمل على تطوير استراتيجيتها لمنع الهجرة السرية وغير الشرعية مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي يقوم بتطوير استراتيجية لإنقاذ حياة الأشخاص الذين يتم استغلالهم من عصابات التهريب.كما أوضحت أن الاتحاد الأوروبي سيعمل على تعزيز التعاون مع الدول المصدّرة للمهاجرين غير الشرعيين وكذلك مع دول “الترانزيت”إلى جانب التعامل مع الأسباب الجذرية لهذه المشكلة في مناطق النزاعات والاضطرابات مع توفير الموارد الاقتصادية والتنموية واتخاذ إجراءات تنفيذية رادعة ضد المتاجرين بالبشر وتفكيك شبكات التهريب خاصة وأن هذا النشاط الإجرامي مصدر قلق للمجتمع الدولي ككل.وشددت على اتخاذ الاتحاد الأوروبي لإجراءات لتفكيك شبكات تهريب المهاجرين غير الشرعيين وأن الاتجاه حاليا يجب أن ينصب أيضا في معرفة ومعالجة جذور المشكلة وليس فقط منع رحلات الهجرة السرية من خلال البحر.وفي سؤال آخر حول مفاوضات التجارة الحرة مع دول مجلس التعاون، أكدت موجريني على اهتمام ورغبة الاتحاد الأوروبي في إعادة المفاوضات وأن اجتماع الدوحة اليوم كان مثمرا في هذا الاتجاه.