10 مايو عام 2013.. فى مثل هذا اليوم عشت أوقات فرح حقيقية داخل أسوار الفاتيكان بين لقاء قداسة البابا تواضروس “البابا الكاروز” و قداسة البابا فرنسيس “صخرة الايمان” .. فكنت شاهداً على لقاء المحبة.. وصلت فى اليوم السابق – 9 مايو – مطار روما الدولى – فيمشينو – كان فى انتظارى سائق الفندق، طوال الطريق كنت اتأمل فى عظمة الكنائس و جمالها التى كانت تحيط بي فى شوارع روما، و عندما اقتربنا للفندق – Della Conciliazione – الذى كان يبعد امتار بسيطة من القصر الرسولى نظرت الى فوق و ذهلت عندما رأيت قبة الفاتيكان لأول مرة وأنا جالس في السيارة حيث كنت قادم من المطار.. سألت السائق بالفرنسية وأنا في قمة السعادة: “هل هذه قبة الفاتيكان؟”، فأجاب وكأنه يقولها للمرة الألف: “نعم!”.. و بعد قضاء يوماً في روما الرائعة بحضارتها العريقة، كان الموعد مع البابا فرنسيس، فكنت من ضمن الأقلاء الذين كرموا بالدخول الى القصر الرسولى لمتابعة اللقاء التاريخى ففيما كانت عقارب الساعة بتوقيت ايطاليا و مصر ايضا تجاوزت الحادية عشرة لتقترب من الدقيقة الثلاثين كان البابا فرنسيس فى مكتبه الخاص ليستقبل البابا تواضروس .. دخل البابا تواضروس ليعانق البابا فرنسيس بأخوة رسولية .. فاقتربت خطوات بسيطة جدا حفاظا على شدة النظام فسمعت قداسته يقول لبابا الفاتيكان: ” نحن اخذنا بركة كبيرة و نفرح جدا بهذا اللقاء و نؤمن بطلبة السيد المسيح التى قالها قبل الصليب بساعات قليلة .. ليكون الجميع واحدا ” .. بعد اللقاء الحميم اصطحب البابا فرنسيس البابا تواضروس الى الصالون الملحق بمكتبه.. أغلق الباب لدقائق بسيطة وقتها وقفت مع الاب رفيق جريش المتحدث الرسمى بأسم الكنيسة الكاثوليكية بمصر نتبادل كلمات الفرح التى نعيشها.. و نحن نردد سوياً كلمات المزمور “هوذا ما أحسن و ما أجمل أن يسكن الاخوة معاً” اذ فتحت امامنا الابواب و الحرس البابوي يدعونا للدخول فحسب الترتيب تم إرشادنا إلى أماكننا قرب الكرسي البابوي، فور دخولى كان شئ داخل الصالون قد أعد بحفاوة تتبق مع عظمة اللقاء .. و بنظام دقيق أدركته منذ لحظة دخولى القصر.. الملفت ان كرسيين مطابقين تماما قد تصدرا الصالون ليجلس عليهما خليفتا مارمرقس و بطرس الرسول.. لحظتها تأكدت أننا بهذا الاتضاع و بهذه البساطة على بداية طريق الوحدة.. لحظات و بفيض قلبيهما الممتلئين بالحب خرجت كلماتهما فتمنى البابا تواضروس فى كلمته أن تزداد العلاقات المتميزة بين الكنيستين القبطية و الكاثوليكية قوة و صلابة.. فقال: فلنعمل معاً من أجل تدعيم الحوار المسكونى و ليكن السلام العالمى هدفاً مشتركا بيننا نسعى لتحقيقه .. و فى تبادل للمشاعر و النوايا أكد البابا فرنسيس فى كلمته أن هذه الزيارة تقوى روابط الاخوة و أن تاريخ الكنيستين زاخر بحوارات مثمرة أعطت نتائج طيبة نحو الاعتراف بالايمان الواحد بالله الواحد و الثالوث و بألوهية ابن الله الواحد المتجسد… حفاوة استقبال البابا فرنسيس و شخصيته المتواضعة كانت سبباً فى بعث السعادة في القلوب .. جلست قريب منه لمدة نصف ساعة وأنا أراقبه وعيني عليه وهو ينظر إلى الجميع حوله ويحني رأسه للسلام على من تلتقي عينه بعينهم وقد رأيت الفرح بادياً في عيون جميع الوفد الكنسى و الحضور الذين بعث لهم البابا فرنسيس بالسلام الصامت.. فى نهاية اللقاء قدم البابا تواضروس لبابا الفاتيكان صليباً يحمل أيقونة السيدة العذراء مريم، فحرص البابا ان يعلقها على صدره فى وقتها.. و أيضا قدم مخطوطا و ايقونة لقيامة السيد المسيح.. “حان الوقت!” لنخرج من الصالون البابوى بدأت دقات قلبي تتسارع عندما إقترب البابا فرنسيس و البابا تواضروس الينا لنتوجه من الباب الرئيسى الى كنيسة القصر الرسولى و هناك كانت البركة الحقيقية حينما رفعت الالحان القبطية و صلى البابا تواضروس صلاة الشكر ثم أوشية السلام و بجواره وقف البابا فرنسيس بتواضع شديد لسماع الانجيل المقدس… و نحن نغادر قبة الفاتيكان اقتربت من البابا تواضروس الذى يملأ قلبه وحدة الكنيسة و سلامها .. فقال لى “خايف ييجى المسيح و الكنيسة لسة منقسمة.” وقتها علمت لماذا هذا اليوم سيظل عيداً نحتفل به.
“قداسة البابا تواضروس .. قداسة البابا فرنسيس” الله يبارككما و يحفظكما لنا و ننتظر بكل اشتياق يوم زيارة بابا الفاتيكان لارض القداسة .. مصر