أصدرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تقريراً عن مؤشر العنف خلال عام 2014 وذلك اليوم الأربعاء الموافق 11 مارس 2015، وأوضح التقرير أن مصر شهدت موجة من العنف تعد حلقة من حلقات العنف للجماعات التى تعلن إنتسابها للإسلام منذ ثورة 25 يناير حيث شهدت عنف موجه ضد الكنائس ومؤسسات الدولة (الأقسام- القضاء- الشهر العقارى- مديريات الأمن- المدن والقرى) وأثناء حكم الرئيس مرسى حصار المحكمة الدستورية العليا والإعتداء على الإعلاميين أمام مدينة الإنتاج الإعلامى وفض إعتصام سلمى بالقوة لميليشيات جماعة الإخوان- قتل بعض الإعلاميين مثال على ذلك الحسينى أبو ضيف- الإعتداء على المتظا هرين أمام مكتب الإرشاد وحصار مكتب النائب العام ومحكمة النقض.
وتم تقسيم التقرير إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: خريطة العنف السياسى ، حيث تشهد مصر أعمال عنف وإرهاب ضد مؤسسات الأمن منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسى فى 30 يونيو 2013 بالإضافة إلى حالة الإضطراب الأمنى بالجامعات المصرية ، وهذا العنف لم يكن الأول فى تاريخ مصر مع الجماعات التى تنسب إلى الإسلام فمنذ بداية السبعينات شهدت مصر ثلاثة أجيال من العنف:
الجيل الأول، جيل التنظيمات المركزية الكبرى وهى الجماعات الإسلامية وتنظيم الجهاد الذين أعلنوا مبادرة وقف العنف والإنخراط فى العمل السياسى بعد ثورة يناير وإصطفوا بجوار جماعة الإخوان المسلمين بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسى مما أدى إلى توجيه الإتهامات لهم بالتحريض على العنف الذى تشهده مصر الان.
الجيل الثانى، جيل عولمة الجهاد الذى تم الإعلان عنه رسمياً فى 1998 من خلال تشكيل الجبهه الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين بزعامة أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى، والتى شارك فى تأسيسها مجموعة من التنظيمات على مستوى العالم الإسلامى. أما الجيل الثالث، هو جيل العنف العشوائى الذى قام على فكرة التنظيمات الصغيرة العشوائية التى تعتمد على شبكة الأنترنت.
وظلت هذه الجماعات خلال الأربعين عام الأخيرة جزء من المشهد المصرى وتنطبق القاعدة على الجماعات الموجودة فى سيناء، ولجأت هذه الجماعات إلى إستخدام العنف ضد الجيش خاصة عقب فض إعتصام رابعة العدوية. وهناك نوعان من هذه التنظيمات فى القاهره ووادى النيل وهما تنظيم له ثقل نوعى “تنظيم أجناد مصر”، أو تنظيمات صغيرة تضم عدد محدود من الأفراد تتشكل لتنفيذ عملية معينة أو عمليات قليلة.
وأشار التقرير إلى أبرز العمليات الإرهابية التى قامت بها هذه التظيمات فى مصر فى الفترة من 13 يناير حتى 25 ديسمبر2014، والتى بلغ عددها حوالى 109 حالة ما بين إطلاق الأعيرة النارية على الكمائن وقوات الأمن وتفجير خطوط الغاز وزرع عبوات ناسفة وتفجير سيارات مفخخة وإستهداف طائرات عسكرية وإقتحام أقسام شرطة والتعدى على ضباط الجيش والشرطة.
ويرصد القسم الثانى دوافع العنف فى مصر فى الفترة الأخيرة ، وتمثل ظاهرة العنف انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان لأنها تمس حقه في الحياة وحقه في السلامة الجسدية والنفسية وقد يظهر في صورة عنف لفظي أو عنف بدني، فالعنف ظاهرة معقدة تشترك في تفسيرها عوامل عديدة يأتي في مقدمتها العوامل النفسية التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على حالة الأفراد في المجتمع وهناك دوافع كثيرة وراء تصاعد حالة العنف والفوضى في مصر من قبل جماعة الأخوان المسلمين منها: هذه التنظيمات تحمل دوافع انتقامية حيث ترى أن التيار الإسلامي تم إقصاؤه عن السلطة بناء على مؤامرة اشتركت فيها أجهزة الدولة وتيارات المعارضة العلمانية، وأنهم اتفقا على كراهية الإسلام أو نظام الحكم الإسلامي، هذا بالإضافة إلى إعتقادهم أنهم تعرضوا لمذبحة أثناء فض اعتصام أنصار الرئيس المعزول، وبالتالي لابد من الانتقام من مؤسسات الدولة خاصة الأجهزة الأمنية.
بالأضافة الى أن هذه التنظيمات تستند في نشاطها بشكل مباشر إلى خطاب “المظلومية الكبري” الذي روجته التيارات الإسلامية عقب عزل محمد مرسي، وفض اعتصامي رابعة والنهضة ،و في حين كانت تنظيمات العنف في الأجيال السابقة تسعي إلى الوصول للسلطة من أجل إقامة الدولة الإسلامية، فإن تنظيمات الجيل الثالث شهدت وصول التيار الإسلامي إلى السلطة لأول مرة في تاريخه، وتسرب حلم الدولة الإسلامية من بين أيديها.
و يظل موقف تنظيمات العنف في الأجيال السابقة من الديمقراطية والعملية الانتخابية مشوشاً وأغلبها كان يُحرم المشاركة في الانتخابات بحسبانها تعطي للبشر حق التشريع من دون الله، بينما يبرر جانب من التنظيمات الحالية ممارسته للعنف بأنه يدافع عن أصوات الناخبين التي تم إهدارها بعد عملية ديمقراطية نزيهة ، كما يحرص جانب من التنظيمات الحالية علي ربط حركته بحركة الجهاد العالمي، حيث أبدي عدد من التنظيمات الحالية موقفه من الخلاف بين داعش والقاعدة.
كما يرصد التقرير أنها المرة الأولي التي ينتقل فيها مركز ثقل تنظيمات العنف في مصر بشكل واضح من القاهرة والدلتا، حيث تتركز الكتلة الكبري من السكان إلى الأطراف الحدودية ذات الكتل السكانية غير الكثيفة، وتحديدا شبه جزيرة سيناء.
ويرصد القسم الثالث أحكام القضاء الصادرة فى قضايا العنف ، حيث سجل عام 2014 رقماً قياسيًا في تاريخ القضاء المصري من حيث عدد القضايا فقد وصل إلى محاكم الجنايات والجنح فقط 32 ألفا و893 متهماً، وطبقاً لإحصاءات أكدتها مصادر بوزارة العدل فإن 45% من إجمالي المتهمين يحاكمون في قضايا عنف وتظاهر وإرهاب والانتماء إلى جماعات محظورة، وصدر في هذه القضايا 414 حكماً (غير نهائي) بالإعدام، فيما يحاكم الباقي في قضايا لا تتعلق بالسياسة، مع ملاحظة أن الإحصاءات لا تشمل المتهمين المعروضين على النيابة أو القضاء العسكري.
وقد رصدت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان خلال عام 2014 نحو ( 150) حكم على متهمين ارتكبوا أعمال عنف وإرهاب أو تظاهر بدون تصريح من السلطة المختصة، وقد توزعت هذه الأحكام بين المحافظات المصرية المختلفة، حيث جاءت محافظة القاهرة في المرتبة الأولي بواقع 51 حكم على عدد من المواطنين، تليها في المرتبة الثانية محافظة أسيوط بواقع (19) حكم، تليها في المرتبة الثالثة محافظة الدقهلية بواقع (14) حكم، وفي المرتبة الرابعة محافظة الإسكندرية بواقع (12) حكم، تليها السويس بواقع 10 أحكام ، تليها دمياط بواقع 9 أحكام، تليها المنيا بواقع 7 أحكام، تليها الشرقية وكفر الشيخ بواقع 6 أحكام لكل منهما، تليها البحيرة بواقع 4 أحكام، تليها الغربية بواقع 3 أحكام، تليها القليوبية والإسماعيلية بواقع حكمين فى كل منهما، تليها فى المرتبة الأخيرة الفيوم والمنوفية والأقصر وقنا والجيزة بواقع حكم واحد فى كل محافظة.