تعد التغيرات المناخية من أكبر التحديات التي تواجه العالم ، الآن و مستقبلا . و من أكثر القطاعات تأثرا بالتقلبات الجوية الناتجة عن التغيرات المناخية قطاع الزراعة . و هو بالطبع يرتبط مباشرة بالأمن الغذائي ، حيث تؤدي التقلبات الجوية و أحداث التطرف المناخي إلى تأثيرات شديدة على المحاصيل الزراعية كما و نوعا . و إ ذا علمنا أن مصر على قائمة البلاد الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية ، و أنها تعاني من فجوة كبيرة بين إنتاج الغذاء و استهلاكه ، و تعتمد على الاستيراد لتوفير رغيف الخبز المدعم . حيث تستورد ما يقرب من خمسة و نصف مليون طن قمح سنويا ، يتضح لنا مدى خطورة التغيرات المناخية على الأمن الغذائي في مصر ، و ضرورة التحرك السريع للحد من آثار هذه التغيرات على الإنتاجين الزراعي و الحيواني .
خاصة في بعض مناطق الصعيد التي أثبتت الدراسات هشاشتها في مقاومة هذه التغيرات المناخية . و هذا ما يهدف إليه مشروع بناء مرونة نظم الأمن الغذائي في صعيد مصر .
يقوم المشروع في مرحلته الأولى بتدريب علمي و عملي للمزارعين ويقول الدكتور عثمان الشيخ المسئول عن المشروع :” ان الفلاحين في عدد من الحقول الاسترشادية لمحصول القمح في أسيوط و سوهاج و قنا و الأقصر و أسوان ، على أساليب الزراعة الحديثة التي تعمل على زيادة الإنتاجية و التكيف مع التقلبات الجوية ، و ترشيد استهلاك مياه الري و تقليل كميات الأسمدة الكيماوية و تحقيق فعالية أكبر في مواجهة أمراض النبات . و كذلك زيادة كفاءة العملية الإنتاجية برمتها بالاستفادة من المخلفات الزراعية كعلف للحيوانات .
و من أساليب الزراعة الحديثة الزراعة على مصاطب و الميكنة الزراعية ، و استخدام أصناف جديدة من القمح مقاومة للتقلبات الجوية و تطوير المساقي و توحيد الحيازات الصغيرة المفتتة.
و تقوم فلسفة المشروع على الشراكة الكاملة مع الجمعيات الأهلية في المناطق المستهدفة و الحوار و التواصل الدائمين مع المستفيدين من المزارعين و الفلاحين . و لا تقف جهود المشروع عند هذا الحد ، بل إنه يعمل على تحقيق و ضمان الاستمرارية و بالتالي يهتم ببناء قدرات المرشدين الزراعيين ، و تدريبهم تدريبا علميا معمقا . و يتبنى المشروع كذلك فكرة المرشد المناخي ، و التي تهدف إلى تدريب المرشدين الزراعيين على استخدام تكنولوجيا المعلومات في الإنذار المبكر بالتقلبات الجوية . و تتم الآن التجهيزات لإنشاء وحدات للإنذار المبكر داخل مديريات الزراعة في المحافظات المستهدفة .
و تم إنشاء عدد من الوحدات الخاصة للتغيرات المناخية داخل الجمعيات الأهلية الشريكة للمشروع . و من القطاعات التي يوليها المشروع اهتماما خاصا قطاع المدارس الثانوية الزراعية حيث يقدم تدريبا عمليا للطلاب على أساليب الزراعة الحديثة ، و كيفية الحد من آثار التغيرات المناخية على قطاعي الزراعة و الإنتاج الحيواني ، و كذلك دمج قضية التغيرات المناخية داخل المناهج الدراسية في هذه المدارس . و تعاون المشروع أيضا مع قطاع التعليم العالي و تم الاتفاق على إدراج قضية التغيرات المناخية داخل بعض الكليات مثل كلية الزراعة في بعض جامعات الصعيد و منها جامعة جنوب الوادي .
و من الجوانب التي يهتم بها المشروع اهتماما كبيرا الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية ، حيث يقوم بأنشطة عديدة في مجال التوعية و التثقيف و الإقراض لصغار المزارعين ، و المشروعات الصغيرة و متناهية الصغر و .خاصة للمرأة و الشباب