أكد المشاركون في الندوة التى أستضافتها قاعة وكتاب لمناقشة كتاب ” كواليس الشرق الأوسط “، لمؤلفه ” اريك رولو” الصحفي الفرنسي، أن على الدول العربية التعاون من أجل التأثير على الغرب كما تفعل إسرائيل.
بدأ الندوة “ألان جريش ” رئيس تحرير مجلة “لوموند ديبلوماتيك” الشهيرة قائلا: إن أريك رولو، شخصية مهمة، لافتاً إلى انه أحد أهم الصحافيين الفرنسيين في العالم، خلال النصف الثاني من القرن العشرين، هذا إذا لم يكن أكثرهم شهرة.. وكانت بداياته الصحافية في منطقة الشرق الأوسط. كما كان أحد الشهود الغربيين على حربي 1967 و1973 اللتين عرفتهما تلك المنطقة.
وأضاف ، أن رولو هو يهودي مصري ولد في القاهرة عام 1928 وكان يتحدث العربية والفرنسية، مشيراً إلى أن اللغة الفرنسية كانت تلعب دورا مهماً ثقافياً في تلك المرحلة وكانت لغة للتعارف بين الثقافات المختلفة.
أريك رولو وجمال عبد الناصر
يفتتح رولو الكتاب بفصل عنوانه : “جمال عبد الناصر”. والمقصود، المقابلة التي أجراها المؤلف- الصحافي، مع الرئيس المصري الراحل في عام 1963. وكان ذلك بدعوة من عبد الناصر نفسه ، عبر الصحافي محمد حسنين هيكل، رئيس تحرير جريدة الأهرام آنذاك ولطفي الخولي.
ويبين رولو في موقع آخر، أنه وبعد عقود عديدة، وقبل أن يتوصل إلى معرفة سرّ تلك الدعوة وهدفها الحقيقي، وكذا عند سؤاله المقرّبين من الرئيس عبد الناصر، عقب وفاته، وخاصة رئيس مكتبه سامي شرف، أكتشف أنه كانت هناك حسابات سياسية مدروسة بدقّة، تكمن وراء فتح مصر أمام الوفد الخاص لصحيفة لوموند التي كان يعمل فيها هو شخصياً آنذاك.
وفي الحوار مع عبد الناصر تحدث عن الإفراج عن الشيوعيين ونشر هذا الخبر قبل الجرائد المصرية، وهذا اللقاء كان له تأثير على رولو حيث فتحت له كل ابواب الدول العربية ، فمن يرفض مقابلة صحفي تقابل معه جمال عبد الناصر والتقى بصدام وحافظ الأسد وياسر عرفات.
وكان أول لقاء له مع ياسر عرفات كان في القاهرة وكذا مع أبو إياد الرجل الثاني في منظمة التحرير وقتها وتحدث معه عن حقيقة الكفاح الفلسطيني.
وفي بداية الثمانينات كانت لوموند لها تأثير هام في العالم كله، كما كتب عن اتفاقية كامب ديفيد بالنقد.
وأوضح جريش أن رولو لعب دور الجسر بين فرنسا ومصر ومكن الرأي العام الفرنسي والأوروبي من فهم القضية العربية والقضية الفلسطينية بالأخص.
حرب الأيام الستة
ويكرس المؤلف أحد فصول الكتاب لـلحديث عن “حرب الأيام الستة”. ويلفت بداية ، إلى أنه بعد ساعات من الهجوم الجوي الإسرائيلي، أراد الاتصال بصحيفته في باريس، فأخبره عامل المقسم في الفندق، انه “بناءً على أوامر السلطات، قطعت جميع الاتصالات الهاتفية والبرقية مع الخارج. ويلمح إلى أن إسرائيل حققت انتصارها أولاً في حرب الإعلام، الأمر الذي اتضح تماماً عبر الاهتمام الخارجي، ذلك بما يصدر عنها من معلومات.
ويؤكد رولو، أنه في الساعات الأولى للحرب، كان عبد الناصر والمحيطون به مباشرة، يجهلون عمق الكارثة، ويعتقدون بما كان يصدر من بيانات عن إذاعة القاهرة.
وينقل المؤلف عن سفير مصر في موسكو، آنذاك، صلاح بسيوني، أن السوفييت، عبّروا مرات عديدة، عن عدم موافقتهم على التصعيد الذي قام به عبد الناصر، خاصة عندما سحب أصحاب القبعات الزرقاء جنود الأمم المتحدة – من سيناء، وحشد القوات على الحدود مع إسرائيل.
السلام الذي لم يتم
ويتعرض رولو، بعدها، في فصل كامل بعنوان: “السلام الذي لم يتم”، إلى مسار المفاوضات الفلسطينية. كما يشرح في فصل آخر: “حرب ودبلوماسية”، المسار الإسرائيلي- العربي، بعد حرب أكتوبر 1973.
في نهاية حديثه وردا على بعض أسئلة الحضور أوضح ألان جريش أن الحرب العربية الإسرائيلية هي حرب بين الشرق والغرب، ولا أحد ينكر أن التأييد الأمريكي والأوروبي هو الذي يساعد إسرائيل فيما تفعله.
ولفت إلى إنه من المؤيدين لقيام دولتين فلسطينية واسرائيلية كحل للأزمة، إلا أنه بالنظر للواقع نجد أنه لا يوجد امكانية بناء دولة فلسطينية لأن الإسرائيليين بنوا مستعمرات في الضفة والقدس.
وقال جريش : أن البعض يرى أن القضية الفلسطينية تتمثل في الصراع بين الشرق والغرب، وآخرين يرون أنها تتمثل في الصراع الديني، وموقف فرنسا الآن أصبح متغيراً منذ زمن بعيد، فأصبحوا ضد اسرائيل، مضيفاً أن هناك سفارة واحدة لاسرائيل في كل بلد وأمامها 21 سفارة عربية، ولكن السفارة الاسرائيلية تعمل بكل طاقتها أكثر من السفارات العربية.
وردا على أسئلة حول موقفه من تيار الإسلام السياسي أوضح جريش بأنه إذا تم غلق كل الأبواب للصراع السياسي، من المؤكد أنه سيُفتح أمامنا أبواب الصراع العسكري، ففي عام 2011 تم الانتهاء من خطاب تنظيم القاعدة، وفي عام 2013 بدأ استخدام مصطلح الصراع العسكري، من خلال خطابات أيمن الظواهري عندما وجه حديثه للإخوان.
وأكد جريش أن الإسلام السياسي تتعدد مشكلاته من حيث مشكلتي استخدام السلاح، واستخدام الدين، مشيراً أن استخدام الدين ليس مرتبطاً بالجماعات التي تدعى “الإسلاميين” بل كافة الدول العربية منذ القدم تستخدم الإسلام والأزهر كإثبات أنها دول تتحلى بالإسلام، ونجد أن الناس لا تستمع إلى الإسلام السني إلا من خلال الأزهر التي تعرف انه يرتبط بالحكومة.
كتاب تنويري وذو مصداقية
من جانبه قال الدكتور أنور مغيث مدير المركز القومي للترجمة : إن الكتاب يعد تنويرياً وذى مصداقية لأن الصحفي الذي كتبه يصدر أحكامه بناء على تصريحات صحفية أو حديث دار معه شخصيا.
وأضاف أن الكتاب يرصد تاريخ الرئيس الراحل أنور السادات قبل أن ينضم للضباط الأحرار وحتى إعلان رغبته للسلام وتوقيعه لاتفاقية كامب ديفيد.
وتابع: عرض المؤلف بشكل مفصل افتراء الإسرائيليين بشأن هيكل سليمان وهو ما يوضح أن بناء إسرائيل ليس على أساس الدين وإنما على أساس سياسي علماني.