قصة الفتاة التى انتظرت حبيبها 25 عاماً
الرجل لا يستطيع أن يعرف المرأة … وأنا لست إلا رجلاً
صاحب قصيدة “لا تكذبي” يتحدث عن حبه
نعم هؤلاء أحبوا… ولكن!! ما قصصهم وهل تتشابه معنا رغم فارق عقود من الزمان، كيف أحبوا وعبروا وتأثروا وأبدعوا … ترى هل زمانهم ساعدهم على الاستمرار بنار الحب… وهل العيب فى الزمن أم العيب فينا؟ هذا ما سنخوضه فى الحديث معكم عن بعض المشاهيرداخل أروقة الزمن القديم .
كامل الشناوى صاحب قصيدة “لا تكذبى” والذى نسجت الروايات حول غرامه بالمطربة نجاة الصغيرة وأنه كتب تلك القصيدة لها، عندما سئُل فى فترة الأربعينيات عن رأيه فى الحب أجاب عن أول امراة أحبها: هل استطاع رجل أن يعرف أول امرأة أو آخر امرأة؟ لو عرفنا المرأة لما شقينا بحبها! الأجدر إذن أن يكون السؤال عن أول امرأة لم أعرفها، لا عن أول امرأة عرفتها!
كانت فتاة، جميلة، رفيعة، ذكية، أو هكذا حسبتها، فأحببتها. وكان كل ما فيها يعبر عن الحب والوفاء، ذهنها الشارد، أعصابها المحطمة، عيناها، شفتاها، صوتها الناعم الشجى… رأيت أنى أسعد الناس… لقد أحببتها وأحببت منها ذلك الحب.. ثم ظهر لى مع الأسف أن هذا الحب وهذا الوفاء وهذه اللوعة ليست لى ولكن لغيرى.. وانحنيت على كبريائى أضمد جراحها ! وظننت لغفلتى أن ما حدث يرجع إلى أنى أحببت دون تجربة، فلما أحببت بعد ذلك أدركت أن التجارب لم تزدنى إلا غفلة.. إن كل امرأة ككل امرأة ! والرجل لا يستطيع أن يعرف المرأة وأنا لست إلا رجلاً.
أما الرجل الذى لا مثيل له فى التاريخ والمشهور بـ عدو المرأة وهو توفيق الحكيم لكتابته مقالات تحمل بين سطورها معانى معادية لها، عندما سألوه عن الحب أجاب أمام دهشة مصورى كاميرا “مجلة الاتنين والدنيا” عام 1946: دخول المرأة فى حياة الرجل أشبه بدخول الميكروب جسم الإنسان فإما أن يكون الميكروب تأثيره سطحى، وبالتالى أكون غير متأثر به وهذا لا يمنع أنى حامل له وأنقل عدواه للقراء، الذين منهم من وقع متأثراً وفريسة لهذا الميكروب ومنهم أيضا من فهم معناه بأنه مناعة للنفوس ودواء لأى داء.
جدير بالذكر أن توفيق الحكيم بعد أن تزوج ظل هذا اللقب يرافقه حتى وفاته، واتخذته الصحف والمجلات مجالاً للفكاهة وإطلاق الرسومات الكاريكاتيرية…
أما عن جارة الصبا فقال الأستاذ أحمد الصاوى : صوت هذه المرأة كان أول ما فى حياتى… كانت تغنى ونحن جيران فتحمل أمواج صوتها إلى قلبي خفقاته الأولى، لقد تمنيت إذ سمعتها أن ترتبط حياتى بها، غير أنى كنت حدثا سخر أهله من حبه وليتنى كنت تزوجتها.
أما القصبجى الذى ارتضى أن يقبع في الظل خلف أم كلثوم كعازف للعود فقط لمدة قاربت نحو 20 عاما -الكل يعرف قصة حبهلأم كلثوم- فهو الذى أخرج لها رائعته «رق الحبيب» عام 1941 والتي تحدى فيها ذاته ليخرج لحنا غير مسبوق في ذلك العصر، لتشدو به معشوقته «الفنية» أم كلثوم وليخرج من الحديث عن الحب لتخليد حبه بأعماله الفنية، وليصبح اسمه ملتصقاً بأم كلثوم كواحد من عشاقها وهو من عشق العزف على آلة العود في فرقتها ليظل بجوارها، حتى أنه عندما مات في نهاية الستينيات ظلت «سومة» محتفظة بمقعده خاليا خلفها على المسرح تقديرا لدوره ومشواره معها.
واختلفت قصص الحب والغرام التى حرصت الجرائد والمجلات المصرية على تقديمها للقراء فكتبت مجلة كل شئ عام 1926عن الشاعر الإيطالى “دانتى اليغيارى” أنه وقع فى غرام بياتريس ولم يكن يحسن نظم الشعر قبل رؤياها، وهكذا أوجدت حبيبته لإيطاليا شاعراً من أكبر شعراء الدنيا منذ أن رأها جالسة عند نافذة بيتها وبدأ يكتب كل قصائده لها، وفى وصف جمالها حتى أنها لما ماتت قصد قبرها وفتحه ولف الكتاب الذى كتبه عنها بشعرها الطويل الجميل ودفنه معها، وبعد سبع سنوات من الحزن والألم ألح أصدقاؤه عليه بإخراج الكتاب وطبعه الأمر الذى نفذه بالفعل وأحدثت قصائده صدى عميق فى نفوس الإيطاليين حتى تُرجمت لعدة لغات أجنبية ونالت قصائده شهرة لم يصل اليها أحد مما سبقوه… ومن المفارقات العجيبة والمدهشة فى هذه القصة أن محبوبته بياتريس عند زواجها من دانتى كانت تشك فى حبه تجاهها وكانت شديدة الغيرة عليه وكانت تعتقد أنه يحب غيرها !!!!
وننقل لزمن ليس بعيد لنروى لكم قصة المرأة التى انتظرت حبيبها 25 عاماً لتتركه بعد 6 أيام فقط … نعم حدث بالفعل وتهافهت قراء مجلة الشعلة فى عدد فبراير 1945 على شراء العدد انذاك لمعرفة قصتها نعم هذه هى مارى واترسون الساكنة فى قرية فالنكام بإنجلترا والتى أحبت ولكن!
كان جميع الذين يتحدثون عن مارى واترسون عام 1939 يقولون وهم يغمزون بأعينهم .. آه! مارى واترسون العانس … الفتاة المهجورة!
ومع ذلك هى وحدها التى كانت تحتفظ بسرها فقد كانت لا تزال فتاة صغيرة فى السادسة عشرة من عمرها عندما وقعت فى الحب ، فهندما كانت تعمل فى محل لبيع البيرة يمتلكه شقيقها كثيراً ما كان يتردد عليها فرنسيس بويد حبيبها وظلت علاقتهما 5 سنوات تعاهدا فيه على الحب والإخلاص والزواج، الأمر الذى كان عقبة فى طريقهما فوجد فرنسيس أنه ليس أمامه للزواج من مارى سوى السفر لبلاد جديدة حتى يتمكن من جلب المال وتكوين أسرة، وبالفعل سافر فرنسيس إلى أستراليا يائساً وأمامه مستقبل غامض ولكن الزمن لم يغير من عواطفه وظل يحبها وهكذا مارى.
واشتهرت قصتها حتى أطلق عليها المتروكة فى الحساب وأطلق أيضاً على فرنسيس فى ملبورن اسم العنيد لرفضه الزواج وتحسن الأمر بعد أن تلقى فرنسيس خطاباً من شقيق مارى يبلغه بأنها مازالت تقطن فى نفس البيت وأنتقلا لمرحلة أخرى وهى تبادل الخطابات وأتفقا خلال الخطابات على سفر مارى لأستراليا والزواج هناك بعد أن أرسل لها مالاً لشراء خاتم الزفاف، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهى السفن؛ فبعد مهاجمة هتلر لبولندا أعلنت انجلترا الحرب وخصصت جميع وسائل المواصلات لنقل الجنود إلى ميادين القتال كما انخرط فرنسيس فى سلك الجيش الأسترالى ومن العجيب أن الصدف جعلته يزور أركان العالم كله ماعدا إنجلترا.
وكانت خطابات مارى هى الأمل فى كل مآسيه التى حدثت له فقد حارب فى اليونان ووقع أسيراً فى يد الألمان وقضى عامين فى أحد معسكرات الاعتقال، أما مارى فكانت تبعث له طرداً شهرياً باستمرار وتكرر فيه دائما أنى أنتظرك، وأعلن فى يوم من الأيام أنه سيتم تبادل أسرى بين إنجلترا وألمانيا وكان فرنسيس بينهم وتجدد الأمل ولكن بدلا من أن يُرسل إلى إنجلترا أقلته الباخرة إلى ألمانيا ومع كل هذا لم يتسرب اليأس إلى قلوبهم وبقيا على العهد !!!
وأخيرا بعد 25 سنة من الفرقة صدر الأمر العسكرى لفرنسيس بالسفر إلى إنجلترا وكان عمره 43 عاماً وسافر إلى مارى واترسون لم تعد نفس الفتاة الصغيرة التى عرفها منذ أكثر من ربع قرن بل وجدها امرأة كاملة النمو على وجهها بعض آثار الزمن وعمرها 42 عاماً ومع ذلك قال لها: لقد قابلت فى أستراليا فتيات جميلات جداً ولكن جميعهن كن لا شئ فى نظرى .. فقد كنت أريد شيئاً واحداً وهو أن أعود اليك… وأخيرًا تزوجا فى كنيسة فالكنام فى القرية التى شهدت مهد حبهما وألهمها المشترك
ولم تتوقف القصة عند هذه السعادة فإنها لا تدوم، فبعد الزفاف بستة أيام صدر الأمر العسكرى لفرنسيس بأن يعود إلى وحدته الحربية.
أما مارى التى رفضت منذ 25 عاماً مرافقته فى السفر لأنها كانت تخشى وترتعد خوفاً من السفر عبر البحر لا تجد أمامها حلا سوى الانتظار فقط، وهكذا قصص الحب عبر العصور تحمل الألم فى مزيج مع السعادة والحيرة مع أمانى الاستقرار ويظل الحب هو غاية كل إنسان.
كل عام وإنتم بخير