بعد أشهر قليلة سيترك السيد باراك أوباما البيت الأبيض إلى حياته العادية كمواطن أمريكى، ولست أدرى كيف سيواجه الحياة والأصدقاء وشعوب العالم بل وأبناء بلدته من السود الذين كانوا يتوقعون الحياة السعيدة على يد أول رئيس أسمر من أبنائهم.
اذا انفرد بنفسه وحاسبها على السنوات التى قضاها فى البيت الأبيض الأمريكى، ماذا سيقول لها؟ وكيف يبرر أخطاءه الكثيرة والجسيمة فى حق شعوب العالم الثالث التى كانت تنتظر منه المساعدة والحب والتخلص من الحرب والإرهاب والإغتصاب والقتل والحرق والتدمير والدمار، وهو رئيس أكبر دولة كانت تدعى أنها الحافظة على سلام العام وحريته وحقوق الإنسان أنما كان.
ماذا سيقول أوباما لنفسه ويجيب على الاسئلة الكثيرة التى تفرضها عليه ذاكرته وواقع تاريخه الأليم؟
ان أوباما للأسف لم يدرس التاريخ جيداً قبل أن يدخل البيت الأبيض، ولم يتعظ من أخطاء السابقين عليه، فائدة دراسة التاريخ هو أن يتعظ الإنسان من أخطاء الآخرين حتى لايقع فيها وتستمر المأساة.
لم يحل أوباما مشكلة العراق التى حولتها أمريكا إلى بلد ضعيف وقسمتها إلى اشلاء، ونشرت الفتنة والفرقة بين الشعب العراقى، لدرجة أن شعوب العالم العاقلة تمنت أن يعود الرئيس صدام حسين الذى أعدمته أمريكا علنا فى عيد الأضحى، تمنت شعوب العالم أن يعود الرجل الحكيم الذى استطاع أن يجمع شتات العراق مع خلافاتهم العرقية والمذهبية فى شعب واحد يعمل ويعيش على أرضه معززا مكرما، بل ويملك واحدا من أكبر جيوش العالم العربى.
أشعل أوباما الحرب الأهلية الدينية فى سورية وشجع الارهاب لأن يتمكن منها وتتحول أكبر دولة عربية جميلة رائعة إلى دمار، ويتحول شعبها الأبى الفنان إلى مهاجرين بلا مأوى ولا حياة، شجع أوباما ومازال على تدمير سورية وقتل شعبها واستخدام أسوأ الوسائل لتحقيق ذلك.
نفس هذا الدور والسياسة الاستعمارية اللاإنسانية تبناها رئيس أكبر دولة تدعى السلام وحقوق الانسان فى لبنان والسودان وليبيا ومعظم الدول التى تعانى من المشاكل ومأساة الحرب، وبدلا من حل هذه المشاكل وتحقيق مستوى لائق لشعوب المناطق الملتهبة راح يزيد المشاكل ويشجع على القتل والحرب والحرق والتدمير.
ونأتى الى مصر أم الدنيا،التى زارها أوباما فى بداية حكمه وألقى محاضرة سلام فى جامعة القاهرة أشاد بمصر أم الدنيا وحضارتها التى عملت العالم، خدعنا أوباما بخطابه هذا وتوقعنا خيرا لمجيئه، وهو التوقع المأمول والمنتظر لأول رئيس أسود لأمريكا، وقلنا انه مثل جيفارا، ونلسون مانديلا، سيكون زعيما إنسانا.
واذ بنا نفاجأ بزعيم استعمارى لا إنسانية عنده ولا رحمة، إرتمى أوباما فى أحضان اليهود واسرائيل وكل الدول الاستعمارية، نسى القيم الأخلاقية وحقوق الإنسان وتعاليم الأديان السماوية، لم ينظر نظره بانورامية للعالم ومشاكله وكيف يصلحه لينشر السلام ويستحق أن يكون رئيسا لأكبر دولة، لم ينظر أوباما للأسف إلا لأقرب الناس إليه، إلى اسرائيل وبعض الشعوب الاستعمارية، لم يهتم بنفسه كزعيم يجب أن يترك أعمالا تكرمه بعد أن تنتهى مدة رئاسته فيظل زعيما إنسانيا مرموقا، بل فقد النظرة الإنسانية الواجبة فنجده بعد أن أشاد بمصر وتاريخها وحضارتهايتآمر على مصر ووجودها ويدفع ثلاث مليارات دولار للإخوان المسلمين حتى ينجحوا فى الاستيلاء على السلطة فى مصر ويحققون له مايريد من الاستيلاء على سيناء لحل مشكلة اسرائيل وتدمير الحضارة المصرية التى أشاد بها، لم يشعر الرجل بشئ من وخز الضمير فى تدمير مصر أم الدنيا كما كان يقول، بل تأمر على شعبها وعلى جيشها حتى بعد أن استطاعت مصر أن تلقن الإخوان درساً لن ينسوه فى الوطنية وفى حب مصر، وحتى بعد ثورة 30 يونيو 2013 لم يتراجع اوباما ويعترف بمصر الجديدة الحرة التى لا يمكن أن يتحكم فيها مجموعة من الجهلاء وعصابة الموت والخراب، أصبح أوباما موقف غير جاد وغير مشرف، فهو يقول أن 30يونيو ليست ثورة، ثم هو يقابل الزعيم السيسى فى واشنطن، وهو يمنع الاسلحة عنا ثم يسمح لنا بها، مواقف مائعة، ليست مواقف الزعماء الحقيقيين والرجال الأشداء.
وتمضى الأيام وقريب جدا يأتى اليوم الذى يترك فيه أوباما البيت الأبيض، ويجلس مع نفسه يحاسبها ويندم على كل أعماله وتشجيعه على الإرهاب والقتل والدمار وأنه استطاف قيادات الاخوان فى الكونجرس سيندم على ذلك وعلى مواقفه المتخاذلة من تشجيعه للإخوان وضربه الوهمى لداعش، وهى من بنات أفكاره ونفسه الشريرة، سيسعد العالم يوم يترك أوباما حكم أمريكا.