قوة الصلاة فى حياة المؤمن تنقل الجبال، وتسد أفواه الأسود، وتطفئ النيران، وتشق البحر الأحمر أمام موسى النبى.. أما الجاهل فيهتم بالقشور فى العبادة.
هناك عبادة أصلية وهناك عبادة “مضروبة” أى (شكلية)
هناك وليمة أصلية، وهناك وليمة مضروبة.. فوليمة زكا العشار للسيد المسيح أصلية إذ كان فرحاناً ومتهللاً بزيارة السيد المسيح لبيته، لذلك نال الخلاص لأهل هذا البيت. أما الوليمة المضروبة عملها سمعان الفريسى أخذ الشكل الخارجى ولم يأخذ جوهر الوليمة، فلم يقابل المسيح بالحب بل بالإدانة، لذلك ظل سمعان صاحب الوليمة مديناً.. أما المرأة الخاطئة فنالت الغفران والخلاص.
أحبائى.. السيد المسيح يعرض لنا ذاته بالحب فيقول: “ها أنا واقف على الباب أقرع”.. كيف؟
من خلال الإنجيل أنادى وأقول من يقبل إلى لا أخرجه خارجاً..
من خلال الحوادث اليومية التى تحدث للآخرين، فلولا عنايتى بك لكنت أنت مكان صاحب الحادثة..
من خلال الجنازات التى تقرأ عنها فى الجرائد أو تسمع بها، فماذا لو كنت أنت الذى دعيت فى التو واللحظة لتُسأل أعطى حساب الوكالة..
إنه يقرع من خلال أجراس الكنائس والقداسات اليومية التى تهدف إلى هداية النفوس التائهة فى غربة هذا العالم.. نعم، إنه يقرع لكن هناك آذان لا تسمع.. وعقول لا تعى ولا تدرك.
ولا أريد أن أفقد الأمل، والسيد المسيح حينما تقابل مع المجنون الأعمى الأخرس، تحنن عليه وشفاه.. هو قادر أن يشفيك، لكن هل لديك الوقت لتجلس مع السيد المسيح الذى يبحث عنك؟. إنه يسعى إليك بكل الوسائل، فلماذا تهرب منه؟.. لماذا أنت مشغول عنه؟.. لماذا تدير له “القفا” لا الوجه؟..
إنه يريد الخلاص لك.. بكل الوسائل والوسائط الروحية.. لكنك إن صممت على طرده من حياتك، فأنت الخسران.. واسأل يهوذا الذى باعه بثلاثين من الفضة، وباع نفسه للهلاك الأبدى.. وينصح السيد المسيح بطرسن كما ينصح كنيسته أى جسدهن بقوله: “ابعد إلى العمق”.. فهناك من يصلى كالفريسى.
لكن العمق فى شركة الصلاة يقول عنها المؤمن الحقيقى حينما يختبرها “أما أنا فصلاة”.. وهناك من يتصدق كالفريسى لكن العمق فى شركة الصدقة يقول عنها السيد المسيح: “إن المرأة أعطت كل ما عندها، كل معيشتها”.. وهناك من يصوم كالفريسى، أما العمق فى الصوم قال عنه الوحى الإلهى عن السيد المسيح بعدما صام جاع أخيراً..
أحبائى.. السطحية فى البحر لا تمسك سمكاً، والسطحية فى الحياة الروحية سيكون ثمرها هو “ويل لكم أيها الفريسيين”..
ابحث عن العمق فى علاقتك بالله.. وبقدر ما يكون العمق (الاتضاع) سيكون البناء عالياً.. وقالها السيد المسيح صراحة “تعلموا منى، لأنى وديع ومتواضع”.. ومهما تواضعت فلن تصل إلى حقيقة الاتضاع لأن الذى اتضع حقيقة هو الله، إذ أخلى ذاته وصار فى الهيئة كإنسان، أما سائر البشر فكلمة الاتضاع لهم تعنى “اعرف ذاتك ولا تنسى أنك تراب ورماد”.. ولا تشتهى ولا تسعى لأى كرامة من أى نوع.. فليس هناك كرامة التراب..
أما إن التصقت بالله وصرت له خادماً، كرامتك من كرامة الله، لأنه القائل: “من يكرمكم يكرمنى، ومن يرذلكم يرذلنى”.