قالت الناشطة الحقوقية الموريتانية، مكفولة بنت إبراهيم إن التيار السلفي المتشدد يسيطر على موريتانيا بسبب الفقر والجهل، مؤكدة عدم وجود حرية للفكر أو المعتقد في ظل هذه الظروف.
وأوضحت مكفولة، المهتمة بقضايا الديمقراطية وقضايا المرأة في حوار مع (وطني نت) عبر ماسينجر (الفيس بوك) أنه لا وجود لحرية الفكر في موريتانيا، مضيفة “المجتمع سلفي بدرجة كبيرة ولا حرية للمعتقد، فكل إنسان غير مسلم هو كافر بالفهم العامي هنا، وما حدث أخيراً مع الشاب “ولد أمخيطير” – والمتهم بالردة – خير دليل على ما أقوله، فالمجتمع الموريتاني تغير وأصبح أكثر تزمتاً بسبب هؤلاء المتشددين، وأصبح جاهزاً للحكم على الشخص بل وحتى قتله دون محاكمة، رغم أننا دولة قانون وهذا ما ظهر خلال المسيرات التي أعقبت مقال ولد أمخيطير، والذي لايزال محبوساً بتهمة الردة بعد كتابته مقالا يتهم الرسول بعدم المساواة”.
وقالت بنت إبراهيم:”إن جماعة أحباب الرسول السلفية وأشخاص آخرون محسوبون على تيار الإخوان المسلمين هي التي تداوم على مهاجمتي، رغم أن صفحتي مكتوب على خلفيتها أنا مسلمة فتم اعتباري مرتدة فقط لأنني قمت بتفكيك فكرة عن حق المرأة، فتم تأويلها في الحال واستنفار المجموعات التكفيرية على صفحات الفيس بوك وتويتر، حتى أن أحدهم عظم ثواب وأجر من يقتلني أو يصيبني”.
وأضافت:”إنهم لم يبيحوا دمي علانية، ولكنهم اعتبروني مثل السجين (ولد أمخيطير) أو أشد خطراً منه، كما اعتبروني مرتدة ودعوا أنصارهم – من قبل – للتجمع أمام قصر العدالة حتى تتم محاكمتي ، واعتبروني مشككة في العدالة الإلهية بمجرد كتابتي لـ (تويتة)، والتي لم أتطرق فيها لعدة المرأة المتوفاة.. كما أنني لم أتحدث عن حكم شرعي بل فكرة إنسانية”.
وتابعت ” السلفيون والإخوان يعتبرون أنهم يعطون للمرأة حقها ولكن هذا تدليس، فكيف تأخذ حقها وهي مسلوبة القرار لديهم، والرجل هو صاحب القرار أولا وأخيراً وخاصة عند السلفيين، ولذلك أقول إنني لا أخاف من وصولهم للحكم على الأقل في الخمس سنوات المقبلة ولكني أخشى من المجتمع الذي تغير وأصبح يسير في فلكهم، فنحن مجتمع نؤمن بالإسلام بالطريقة التي تربينا عليها، ولكن الآن مجرد التفكير من خارج نفس الطرح المجتمعي يعتبر ردة”.
وأضافت بنت إبراهيم: “التيارات السلفية المتشددة تنامت منذ التسعينيات وانتشرت المعاهد الدينية والمساجد التي تبنى بالمال الوافد من خارج الحدود- خاصة من إحدى الدول الخليجية – كما تضاعفت أعداد المحاظر التعليمية – مثل الكتاتيب في مصر- التقليدية، ولم تعد المحاظر تدرس جميع العلوم الدينية واللغوية، وحتى الشعر وإنما أصبحت شيئا آخر يدرس أشياء غريبة، فقد أصبح الشيخ صاحب المحظرة يطلب من الفتاة التي تبلغ من 5 سنوات بتغطية شعرها وأشياء من هذا القبيل، وهذا في الحقيقة وافد ويعبر عن نظرة جديدة خطيرة على المجتمع”.
وحول دور الدولة تجاه ما يحدث، قالت مكفولة:”أعتقد أن الدولة لا تمتلك خياراً أمام تمدد الإسلام السياسي المتمثل في أحد الأحزاب الوطنية ، فاختارت السلفيين بديلا لأنهم لم يظهروا رغبتهم في السلطة وربما تغاضت عنهم في انتظار أن يتضح المشهد خاصة بعد قضية المقال الذى اعتبر (مسيئا)، واعتقد أن السلطات تعى الموقف ولكنني كحقوقية اعتبر أن الدولة تخلت عن مسؤولياتها أمام هذه التيارات الدينية، التى تجرى عشرات المحاضرات يوميا وتستغل المساجد وتسيطر على التعليم الابتدائى والمحظرى، فقد تحول المجتمع السلفى المسالم فجاة الى مجتمع سلفى متشدد، وكما ذكرت فان مجتمعنا هو بطبعه سلفى ولكنه مسالم، وما كان ينقصه فقط هو تلك القنوات الدينية الفضائية التى تحث على العنف والتصلب والتشدد ، ومنها فضائية للإخوان واعتقد ان هذة الفضائيات في تنامى مع زيادة التيارات الدينية وهو ما ينذر بخطر “، مضيفة “الإخوان هنا منافس حقيقى لجميع الأحزاب العريقة ويهددون سلطة الحزب الحاكم وقد حصدوا أكثر من المتوقع خلال الانتخابات الأخيرة، فالموقف مخيف بالفعل ونحن نعول على الدعم الدولى كحقوقيين، لان السلطة هنا تترك الحبل على الغارب لكل المحاضرات الدينية والتى يلقيها اناس سبق ان احتجزوا في قضايا تتعلق بالإرهاب”.
وعن تقييمها لدولة الإخوان في تونس ومصر ، قالت مكفولة ” اعتقد أن تونس عاشت تجربة علمانية مدة 50 سنة وساعد ذلك شعبها في الخروج من تبعات “الثورة” بالإضافة الى ان الأمية قليلة فيها ، اما مصر فلا أملك الا رأيي الشخصي والذى أقول فيه “الحمد لله لقد تدارك المصريون وضعهم” ونحن هنا في موريتانيا نتأثر بشكل كبير بما يحدث في الدولتين، وهناك حقيقة غائبة عن الكثيرين ، وهى أن الإخوان الذين يقولون إنهم ديمقراطيون نراهم في المسيرات والمحاضرات يفرقون بين الجنسين ويفصلون بينهم بحبال وهذا لاينم عن قناعة بالمساواة ولا بالحقوق وهذا ما يخيفنا اذ يوحى بأنهم يخفون أشياء أخرى”.
وبخصوص التنوع العرقى ، قالت انه موجود لكن التنوع الدينى ” لم اسمع به ولم أره بين الموريتانيين، أما بالنسبة للتنوع الطائفى فانه لم يكن موجودا ولكنه أصبح موجوداً الآن بازدياد أعداد الطائفة الشيعية، كما ان هناك علمانيون كثر ولكنهم مختبئون خوفا من (سلطة المجتمع) لان التيارات الدينية تصور العلمانى على انه كافر والناس تخاف من النبذ والتشويه خاصة ان تلك التيارات يتعمد أتباعها تشويه سمعة المختلفون معهم في الراى”.
وأكدت مكفولة أن النظام تلقى ضربة قوية من هؤلاء المتشددين ، فأثناء بعض المظاهرات الأخيرة خرج متظاهرون يحملون أعلام القاعدة وقتل شخص ، وربما فهم النظام أن عليه أن يجد استراتيجية أخرى غير المهادنة،” ولكن المؤكد أن هذه التيارات تتنامى بسرعة وخطابها الديني مقبول بسبب الفقر والجهل” ،على حد قولها.
وحول وجود تنسيق بين السلفيين أو الإخوان في موريتانيا ونظرائهم في مصر وتونس والسودان ، قالت بنت إبراهيم “إنهم لا يخفون ذلك على الأقل في علاقاتهم الخارجية، فهم يتبادلون الوفود ، فقد حضرت خلال 2011 ندوة لشخصية إخوانية كبيرة جزائرية وأخرى من إحدى دول الخليج عند جمعية أهلية تابعة للإخوان المسلمين في موريتانيا، وهذا يعنى أن هناك تنسيق حتى بين الأحزاب والمنظمات التي تنتمي إلى نفس التيار ومثيلاتها في الخارج”.