قال البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية خلال عظته الاسبوعية بالكرازة المرقسية أنه يبدأ من يوم السبت شهر بابه، وهو الشهر الثاني من شهور السنة القبطية, وكل شهر يشتهر بنوع من النباتات وأيضاً لكل شهر مثل مصري مرتبط بالزراعة.
وأضاف أن يوم الأحد يسمى رأس الأسبوع وتكلمنا الكنيسة عن شخص المسيح (رأس الكنيسة) وباقي الأسبوع عن الكنيسة وتاريخها وتراثها (جسد المسيح)، وقال أن شهر توت يشير إلى محبة الله الآب، شهر بابه يشير إلى المسيح العجيب، شهر هاتور يشير إلى المسيح الفريد، أما شهر كيهك فيشير إلى المسيح الوحيد.
في شهر بابه تكلمنا الكنيسة عن المسيح العجيب صانع المعجزات؛ لذلك تختار الكنيسة 4 معجزات ترمز لدوائر حياة الإنسان الدائرة الأولى هي دائرة الصحة والمرض، الدائرة الثانية هي العمل والرزق، الدائرة الثالثة هي حروب عدو الخير أما الدائرة الرابعة هي الألم والموت وهذه الأربع دوائر يمثلوا الدوائر الكبرى في حياة الإنسان.
وأضاف البابا أن الكنيسة بحكمة وعمل الروح القدس تضع قراءات الأحد من شهر بابه عن هذه الدوائر، فتضع معجزة من معجزات السيد المسيح.. لتظهر المسيح الخادم لكل البشر؛ فالأحد الأول من الشهر تقرأ معجزة شفاء المفلوج المدلى من السقف.
جاء المفلوج محمولاً لكنه خرج حاملاً فراشه – يمثل دائرة الصحة “لما رأى إيمانهم” كيف يرى الإيمان؟ بالتاكيد الإيمان أفعال وصفات تجلت في عمل أصدقاء المفلوج, ظهر فيها إخلاص وإيمان ومحبة وابتكار، من أحد مدلولات هذه المعجزة أن الصداقة تقدم الصديق إلى المسيح.
قال المسيح للمفلوج:”يا بني مغفورة لك خطاياك”، فليس المرض جسدياًّ فقط بل أيضاً روحي الذي هو الخطية، كان يعتقد في العهد القديم أن المرض سببه الخطية والمهم في القصة هو شفاء الروح، فتتسع الدائرة لتشمل أمراض الروح أيضاً.
أما الأحد الثاني فتقرأ فيه معجزة صيد السمك مع بطرس وبعض التلاميذ الذين خرجوا ليبحثوا عن رزق.. قد تعبنا الليل كله ولم نصطد شيئاً، يمكن أن يضيع الإنسان عمره بلا معنى، ولكن على كلمتك ألقي الشباك – قيمة الوعد وكلمة الوصية والوعد الكتابي فالوصية تحمل قوتها في داخلها.
وأوضح قداسته أننا نرى عنصر الرجاء، فرغم خبرتهم في الصيد أن السمك يهرب إلى الأعماق في النهار لكن على كلمتك, قوة وصار بطرس صياد للنفوس بعد هذه المعجزة، وتبدل حال الصياد ليصير تلميذاً للمسيح، فيمكن من خلال العمل والرزق مثل المرض أن يرى الإنسان المسيح.
وعن الأحد الثالث قال البابا يتم قراءة معجزة شفاء المجنون الأعمى الآخر، جاءت هذه المعجزة في سطر واحد في الكتاب المقدس:”حينئذ أحضر إليه مجنون أعمى وأخرس، فشفاه حتى أن الأعمى الأخرس تكلم وأبصر”.. اسم المسيح يطرد الشيطان من حياة الإنسان.. الشيطان بأفعاله المدمرة ولكن توجد القوى التي تستطيع أن يطرد الشيطان.
الخطية تسلب الإنسان عقله وفكره وأيضاً تجعله مثل الأعمى لا يرى طريقه ومثل الأخرس لا يستطيع أن يكلم الله… هذه المعجزة تبين يد المسيح القوية بكلمة ليعود الإنسان إلى طبيعته وينتصر المسيح على الشيطان.
الأحد الرابع تقرأ معجزة إقامة ابن أرملة نايين هذه الأرملة لديها ابن وحيد هو كل رجائها ولكنها فقدته.. فعندما يلمس المسيح النعش يتبدد كل حزن ويتحول إلى فرح شديد.. هذه الصورة التي تضع دوائر حياة الإنسان في شهر بابه نتقابل فيها مع المسيح العجيب بمعجزاته التي صنعها، والمسيح الفريد بأمثاله التعليمية, المسيح الوحيد بصفاته.
وأوضح البابا مفهوم العظة قائلاً:”هي فوق الطبيعة المألوفة وتبدأ عندما تنتهي كل مقدرة بشرية, وتتم بواسطة الله أو عمل الله في قديسيه والمعجزة تتم في فرصة مناسبة من ناحية الزمان والمكان وليس بغرض الشهرة أو الظهور، كما أن المعجزة لا تتم إلا بوجود عنصر الإيمان. والمعجزة هي لتمجيد اسم الله وتتوافق مع مشيئته، نرى فيها قداسة الصانع وتحتاج إلى نقاوة الوسيلة لذلك السحر ليس معجزة، كما أن المعجزة تستلزم سلامة الهدف فليست معجزة التي تسبب الضلال وتبعده عن الله.
نسمي المعجزة بثلاثة أسماء (آية، عجيبة، قوة) شهر بابه هو رحلة مع المسيح العجيب، الذي يصنع المعجزات من أجل كل إنسان.. فهو خادم لكل البشر.