يعقد اليوم الخميس 25 سبتمبر على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة اللقاء المرتقب بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي جاء بناء على طلب من الجانب الأمريكي، والذي يعد بمثابة مد جسور جديدة لإعادة تجديد وتنشيط للعلاقات المصرية الأمريكية، بعد فترة من التوتر والفتور دامت لأكثر من عام عقب قيام ثورة 30 من يونية.
وترجع أهمية اللقاء بين السيسي وأوباما إلى أنه فرصة قوية لدفع وتوطيد العلاقات الثنائية بين البلدين وإعادتها إلى مسارها الصحيح، كما أنه يأتي في الوقت الذي تواجه فيه أمريكا عدة تحديات في الشرق الأوسط، في مقدمتها حربها ضد ما يسمى بتنظيم “داعش”، والقدرات النووية الإيرانية، والنتائج السيئة التي ظهرت بعد الهجمة البشعة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، كل هذا يؤكد على أهمية دور مصر وأنها الشريك الذي يمكن الاعتماد عليه في منطقة الشرق الأوسط لمواجهة هذه التحديات وخاصة بعد ما أعرب الرئيس السيسي عن دعمه للتحالف الدولي لمواجهة خطر تنظيم “داعش”.
ويأتي هذا اللقاء لتقوية العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وإزالة الآثار الناجمة عن المواقف المتعنتة التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه مصر من تعليق للمساعدات العسكرية، والتي استطاعت مصر أن تتجاوز هذا الموقف عن طريق الدعم المادي الذي قدمته دول الخليج بعد ثورة 30 يونية، وتولي الرئيس السيسي رئاسة الجمهورية والدعم العسكري الذي قدمته روسيا واتفاقيات السلاح، كل هذا كان رسالة وجهها الرئيس السيسي للعالم الخارجي وهي أن العلاقات مع مصر يجب أن تكون على أساس تحقيق المصالح المشتركة وإعلاء مصلحة مصر والشعب المصري.
ويعتبر هذا هو اللقاء الأول للرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس السيسي منذ توليه رئاسة مصر في يونية الماضي، واللقاء الأول برئيس مصري بعد قيام ثورة 25 يناير 2011، فمنذ تولي أوباما الحكم في 2009 لم يلتقِ إلا الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وهذا اللقاء يعتبر تأكيداً وانتصاراً لثورة يونية التي أطاحت بحكم الإخوان المسلمين وبحكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، وانتصاراً وفرضاً للإرادة الشعبية المصرية واختيارها لرئيس يمثلها، والمطالبة بحقها في الديموقراطية على الولايات المتحدة الأمريكية والعالم.
وحسب رأي المحللين فإن هذا اللقاء يأتي من منطلق تهدئة الأوضاع بين البلدين وإنهاء حالة التوتر التي حدثت بينهما بعد ثورة 30 يونية، كما أنه سيتيح فرصة لتصفية بعض الشوائب في العلاقات بين البلدين، خاصة وأن أمريكا لها مصلحة في ذلك، مشيراً إلى أن من مصلحتها أن يتماسك التحالف الدولي الذي تحاول أن تشكله لمواجهة تنظيم “داعش”.
كما أن مصر والولايات المتحدة الأمريكية تربطهما علاقات استراتيجية وثيقة لا يمكن تناسيها استمرت على مدى العقود الأربعة الماضية، على أساس الدور المؤثر لكل منهما في كافة القضايا العالمية والإقليمية والشرق الأوسط، والتنسيق والتشاور كان قائماً بين الطرفين خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والأوضاع في سوريا والعراق والسودان وإيران، فضلاً عن أكبر قضية تواجه العالم حالياً وهي قضية مكافحة ومواجهة الإرهاب والقضاء عليه.
كما ساهمت هذه الأهداف والمصالح المتبادلة في ترسيخ ودعم العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية خلال العقود الثلاثة الأخيرة، والتي قامت على أساس الدور المحوري الذي تلعبه مصر لدعم الأمن والسلم بالشرق الأوسط.
ويرجع بدأ تاريخ العلاقات الرسمية منذ فتح أول قنصلية للولايات المتحدة في عام 1832 وحتى الآن، وقد تأرجحت هذه العلاقات بين التعاون والصراع عبر السنين.
وقد وصلت العلاقات قمتها الصراعية عام 1967 حين اتخذت مصر قراراً بقطع العلاقات السياسية مع الولايات المتحدة.. وعادت بعد ذلك وتحسنت كثيراً فى الفترة التي شهدتها السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الراحل أنور السادات، وخلال سنوات قليلة استطاعت مصر أن تطور علاقات خاصة مع الولايات المتحدة.. ومنذ عام 1978 أصبحت الولايات المتحدة بمثابة الشريك الأساسي في العلاقات المصرية الإسرائيلية، والمصدر الرئيسي للتمويل العسكري وأكبر مانح للمساعدات الاقتصادية.
وقد بدأت العلاقات العسكرية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1976، وما لبثت أن تطورت حتى أصبحت مصر تحتل المركز الثاني في قائمة الدول التي تتلقى معونات عسكرية أمريكية بعد التوصل لاتفاق بين البلدين، يتم بمقتضاه تنفيذ خطة تطوير القوات المسلحة المصرية.
واستمراراً لهذه العلاقات بدأت منذ عام 1994 المناورات العسكرية الأمريكية المشتركة المعروفة باسم “النجم الساطع”؛ حيث جرت أكثر من مناورة شاركت فيها قوات عسكرية من الجانبين، استهدفت التدريب على العمليات الهجومية والدفاعية الليلية والنهارية، وتدريب القوات الأمريكية على العمليات القتالية في الظروف الصحراوية في الشرق الأوسط.