حاول الإنسان، على مر العصور، أن يفسر علاقته بجسده . كما حاول أيضاً أن يفك رموز وغوامض هذا الجسد بالعلم والطب والكهانة .
تُرى ما هي العلاقة الصحيحة بين الإنسان وجسده ؟ هل هي علاقة احتقار وازدراء، أم اهتمام الى درجة العشق الذاتي والنرجسية ؟ هل تتمثل العلاقة في امتلاك الجسد ، أم في مسئولية العناية به ؟ هل هي عداوة للروح أم رعاية وصداقة مع الروح ؟
كان الفيلسوف اليوناني ” سقراط ” هو أول من دعا إلى احتقار الجسد، حيث نادى بالازدراء بالجسد والهروب منه لأنه سبب الاضطراب للنفس ، كما أنه يمنعها من الوصول إلى الحقيقة والتفكير السليم . ثم جاء بعده تلميذه ” أفلاطون ” ؛ ليؤكد نفس النظرة العدائية للجسد . وجاءت بعد ذلك الافلاطونية الحديثة مُمثلة في ” أفلوطين السكندري ” ونادت بنفس المفاهيم السابقة . وكذا فعلت فلسفات العصور الوسطى .
ثم اتجهت المذاهب والفلسفات المادية إلى وضع أجسادنا وكل ما هو مادي في المكانة الأولى في تفسير كل شيء وواقعه . ورفضت أي تفسير روحي أو معنوي لتصرفات الإنسان ، بل ردت كل الظواهر النفسية والعقلية إلى الجسد وعملياته الفسيولوجية فقط.
وبذلك رفض الماديون تماماً الروح في الإنسان ، وجردوه من أغلى ما يملك من روحانيات وأخلاقيات .
وأخيراً جاءت الفلسفات المعاصرة : ” الإنسانية ” و ” الشخصانية ” و ” الوجودية ” ، وغيرها وأعادت للجسد الإنساني قيمته ومكانته وصداقته مع الروح . فمثلاً أكد ” جبرييل مارسيل ” الفيلسوف الفرنسي الوجودي المؤمن ، أن الجسد عامل حاسم في خبرتنا وتجاربنا ، فلا ينبغيأن ننتقص من قيمته ، وإنما نحبه ونرعاه .
الإنسان : ” ذات متجسدة ” : أي أن للإنسان ذات لها جسد ، ولا انفصال بينهما أبداً . فالجسد جزء متكامل مع الشخصية ، وله مكانة هامة على المستوى الفكري . ولأن شخصية كل منا ” فريدة” و ” متميزة ” ، فهي بذلك تحفظ الذاتية الفردية لكل جسد على حدة ، أي يصبح الجسد مُعبِّراًعن الشخصية أو الذات الإنسانية . فليس عجباً أن نستدل على نوعية الشخص الماثل أمامنا من خلال ملامحه مثلاً ، أو تعبيرات جسده المتنوعة .
بالجسد … نعيش في حضن العالم ، ويعيش العالم فينا : الجسد هو انفتاح وتواصل مع العالم . ولذلك سَمَّى الفلاسفة الوجوديون الإنسان بـ ” الوجود أو الموجود في العالم ” .
الإنسان … يفكر ويعيش بلحمه ودمه وكيانه كله : إن الإنسان ذات متجسدة ، ويعيش في حضنالعالم بكل ما وهبه الله من إمكانات جسدية ، فهو أذن ليس مجرد فكر أو روح ، بل جسداً يحيا ويتحرك ويوجد، حاملاً هذا الفكر ومعبراً عن هذه الروح . ولذلك فالإنسان لا يوجد على نحو تجريدي في الفراغ ، بل هو كما يقول بعض الفلاسفة إنما يعيش ويفكر بكل كيانه . وهناك ما يُسمَّى الآن بالوحدة الإنسانية بين الجسد والنفس ، وتأثير كل منهما على الآخر أو(psychosomatic) ” النفس – جسمي ” ، وقد اصبح ذلك المصطلح تعبيراً في علم النفس الفسيولوجي أوالطب النفسي ، عن العلاقة الوطيدة المؤثرة بين الجسد والنفس ، فيصبح الواحد منهما معبِّراً عن الآخر في تفاعلاته ومعاناته والآمه ووجدوده كله .
فالجسد … لغة تعبيرية وحوار : اللغة في حقيقتها هي خروج عن الذات واتجاه نحو الآخرين . والإنسان لا يتصل بالآخرين عن طريق اللغة فحسب ، بل يستطيع أن يُعبِّر عن نفسه بعلامات وأمارات وإيماءات ورموز ، كل هذا بجسده . ولذلك تعتقد المفكرة الفرنسية ” مارجريت لامبيير “أن عصرنا قد اهتدى إلى أن الجسد لغة وأداة تعبير .
لغات الجسد :
(1) الجسد … لغة روحية … “الجسد حوارنا الروحي مع الله”:
فإن كنتُ أحب الله ، فإن ذلك معناه انني احتاج إلى التعبير عن هذا الحُب . وما تعبيرات الجسد في أثناء الصلاة من ركوع وكلمات وانسحاق ، وأكف مرفوعة ، وأيادي ضارعة ،إلا لغة روحية تسمو بالجسد إلى أرقى مستويات الوجود والفعالية .
ومن ناحية اخرى نجد المتصوف والفيلسوف الكبير ” ابن عربي ” يؤكد أن الموجودات وعلى رأسها الإنسان بروعة تكوينه ، إنما تتحدث وتنطق بعمل يدي الله . انها تتحدث لغة الحمد والتسبيح .
(2) الجسد … لغة اجتماعية … “الجسد حوارنا الودي مع الآخرين”.
(3) الجسد … لغة عاطفية … “الجسد حوارنا المقدس مع شريك الحياة”.
وأخيراً… فإن كانت للجسد هذه المكانة الكبيرة في الفكر المعاصر، فلأنه وسيلة اكتشافنا للعالم الذي نعيش فيه، وتكوين علاقات حميمة معه ، ولأنه يمثل الجسور التي بيننا وبين الآخرين ، جسور العمل والإنجاز والمودة والتعبير . وأولاً وأخيراً لأنه ” هبة ” رائعة الإمكانات ، من الله خالقنا .
تُرى ما هي العلاقة الصحيحة بين الإنسان وجسده ؟ هل هي علاقة احتقار وازدراء، أم اهتمام الى درجة العشق الذاتي والنرجسية ؟ هل تتمثل العلاقة في امتلاك الجسد ، أم في مسئولية العناية به ؟ هل هي عداوة للروح أم رعاية وصداقة مع الروح ؟
كان الفيلسوف اليوناني ” سقراط ” هو أول من دعا إلى احتقار الجسد، حيث نادى بالازدراء بالجسد والهروب منه لأنه سبب الاضطراب للنفس ، كما أنه يمنعها من الوصول إلى الحقيقة والتفكير السليم . ثم جاء بعده تلميذه ” أفلاطون ” ؛ ليؤكد نفس النظرة العدائية للجسد . وجاءت بعد ذلك الافلاطونية الحديثة مُمثلة في ” أفلوطين السكندري ” ونادت بنفس المفاهيم السابقة . وكذا فعلت فلسفات العصور الوسطى .
ثم اتجهت المذاهب والفلسفات المادية إلى وضع أجسادنا وكل ما هو مادي في المكانة الأولى في تفسير كل شيء وواقعه . ورفضت أي تفسير روحي أو معنوي لتصرفات الإنسان ، بل ردت كل الظواهر النفسية والعقلية إلى الجسد وعملياته الفسيولوجية فقط.
وبذلك رفض الماديون تماماً الروح في الإنسان ، وجردوه من أغلى ما يملك من روحانيات وأخلاقيات .
وأخيراً جاءت الفلسفات المعاصرة : ” الإنسانية ” و ” الشخصانية ” و ” الوجودية ” ، وغيرها وأعادت للجسد الإنساني قيمته ومكانته وصداقته مع الروح . فمثلاً أكد ” جبرييل مارسيل ” الفيلسوف الفرنسي الوجودي المؤمن ، أن الجسد عامل حاسم في خبرتنا وتجاربنا ، فلا ينبغيأن ننتقص من قيمته ، وإنما نحبه ونرعاه .
الإنسان : ” ذات متجسدة ” : أي أن للإنسان ذات لها جسد ، ولا انفصال بينهما أبداً . فالجسد جزء متكامل مع الشخصية ، وله مكانة هامة على المستوى الفكري . ولأن شخصية كل منا ” فريدة” و ” متميزة ” ، فهي بذلك تحفظ الذاتية الفردية لكل جسد على حدة ، أي يصبح الجسد مُعبِّراًعن الشخصية أو الذات الإنسانية . فليس عجباً أن نستدل على نوعية الشخص الماثل أمامنا من خلال ملامحه مثلاً ، أو تعبيرات جسده المتنوعة .
بالجسد … نعيش في حضن العالم ، ويعيش العالم فينا : الجسد هو انفتاح وتواصل مع العالم . ولذلك سَمَّى الفلاسفة الوجوديون الإنسان بـ ” الوجود أو الموجود في العالم ” .
الإنسان … يفكر ويعيش بلحمه ودمه وكيانه كله : إن الإنسان ذات متجسدة ، ويعيش في حضنالعالم بكل ما وهبه الله من إمكانات جسدية ، فهو أذن ليس مجرد فكر أو روح ، بل جسداً يحيا ويتحرك ويوجد، حاملاً هذا الفكر ومعبراً عن هذه الروح . ولذلك فالإنسان لا يوجد على نحو تجريدي في الفراغ ، بل هو كما يقول بعض الفلاسفة إنما يعيش ويفكر بكل كيانه . وهناك ما يُسمَّى الآن بالوحدة الإنسانية بين الجسد والنفس ، وتأثير كل منهما على الآخر أو(psychosomatic) ” النفس – جسمي ” ، وقد اصبح ذلك المصطلح تعبيراً في علم النفس الفسيولوجي أوالطب النفسي ، عن العلاقة الوطيدة المؤثرة بين الجسد والنفس ، فيصبح الواحد منهما معبِّراً عن الآخر في تفاعلاته ومعاناته والآمه ووجدوده كله .
فالجسد … لغة تعبيرية وحوار : اللغة في حقيقتها هي خروج عن الذات واتجاه نحو الآخرين . والإنسان لا يتصل بالآخرين عن طريق اللغة فحسب ، بل يستطيع أن يُعبِّر عن نفسه بعلامات وأمارات وإيماءات ورموز ، كل هذا بجسده . ولذلك تعتقد المفكرة الفرنسية ” مارجريت لامبيير “أن عصرنا قد اهتدى إلى أن الجسد لغة وأداة تعبير .
لغات الجسد :
(1) الجسد … لغة روحية … “الجسد حوارنا الروحي مع الله”:
فإن كنتُ أحب الله ، فإن ذلك معناه انني احتاج إلى التعبير عن هذا الحُب . وما تعبيرات الجسد في أثناء الصلاة من ركوع وكلمات وانسحاق ، وأكف مرفوعة ، وأيادي ضارعة ،إلا لغة روحية تسمو بالجسد إلى أرقى مستويات الوجود والفعالية .
ومن ناحية اخرى نجد المتصوف والفيلسوف الكبير ” ابن عربي ” يؤكد أن الموجودات وعلى رأسها الإنسان بروعة تكوينه ، إنما تتحدث وتنطق بعمل يدي الله . انها تتحدث لغة الحمد والتسبيح .
(2) الجسد … لغة اجتماعية … “الجسد حوارنا الودي مع الآخرين”.
(3) الجسد … لغة عاطفية … “الجسد حوارنا المقدس مع شريك الحياة”.
وأخيراً… فإن كانت للجسد هذه المكانة الكبيرة في الفكر المعاصر، فلأنه وسيلة اكتشافنا للعالم الذي نعيش فيه، وتكوين علاقات حميمة معه ، ولأنه يمثل الجسور التي بيننا وبين الآخرين ، جسور العمل والإنجاز والمودة والتعبير . وأولاً وأخيراً لأنه ” هبة ” رائعة الإمكانات ، من الله خالقنا .