إنّ الصفة الأساسية للروحانيّة المسيحية هي إلتزام التلميذ في أن يتشبّه دوماً بمعلّمه بشكل أكمل. بفيض الروح الذي يقبله بالمعمودية، ” لأن روح الله حالٌّ فيكم. ومن لم يٓكُنْ فيه روح المسيح فما هو من خاصّٓتِهِ” ( رو ٨ : ٩ ).
يطعّم المؤمن، كغصن في الكرمة التي هي المسيح يسوع، ” كُلُّ غُصنٍ فيّٓ لا يُثمِر يٓفصِله. وكُلُّ غُصنٍ يُثمِر يُقٓضِّبُه ليٓكثُرٓ ثٓمٓرُه” ( يو ١٥ : ٢ )، فيصبح عضواً في جسده السرّي، ” فإنّنا اعتمٓدْنا جميعاً في روحٍ واحد لنكون جسداً واحِداً بالمسيحٍ يسوع ، ( ١ كور ١٢ : ١٢ ) ، فكذلك نحنُ في كٓثرٓتِنا جسد ٌ واحدٌ في المسيح لأنّٓنا أعضاءُ بعضِنا لِبعْض ( رو ١٢ : ٥ ) . ولكن يجب أن يُطابق هذه الوحدة الأولية مسار تماثل متنامٍ معه، يوجّه دوماً أكثر سلوك التلميذ في منحى “منطق المسيح”، “ليكن فيكم الأخلاق والشعور ما في المسيح”، و “فليكُن فيما بينٓكُمُ الشعورُ الذي هو أيضاً في المسيحِ يسوع” ( في ٢ : ٥)
فحسب كلمات الرسول بولس، يجب أن: “تلبسوا الربّ يسوع المسيح” ( رو ١٣ : ١٤ )؛ “فإنكم جميعاً، وقد اعتمدتُم في المسيح، قد لبِستم المسيح” ( غلا ٣ : ٢٧ ).
تنقلنا الورديّة – سرّياً – إلى جوار مريم، في بيت الناصرة، حيث هي مشغولة بمرافقة نموّ المسيح البشري.
ومن هذا المنطلق، تستطيع أن تربّينا وتصّورنا بالاهتمام عينه، حتى “يتصوّٓر” المسيح فينا بشكل تام ( غلا ٤ : ١٩ ) .
فكون مريم – من بين كل الخلائق – الأشبه بيسوع المسيح، ينجم عن ذلك أنه من بين جميع الفروض الدينيّة ذاك الذي يكرّس نفساً للرب ويجعلها شبيهة به. هو التعبّد للبتول الكليّة القداسة أمِّه، وأنه بقدر ما تتكرّس النفس لمريم، تصبح بالفعل ذاته مكرّسة ليسوع المسيح.
طريق المسيح وطريق مريم لا تبدوان أبداً هكذا متّحدين، كما هما في الورديّة. فمريم لا تحيا إلاّ في المسيح وتبعاً للمسيح .