حث الامين العام للامم المتحدة بان كي مون المجتمع الدولي على الوقوف بجانب جمهورية افريقيا الوسطي وتقديم المساعدة العاجلة لها في محاولة لاحتواء معاناة شعب هذا البلد الافريقي الفقير، في ظل الظروف المأساوية التي يعاني منها والتي تتجلي في انعدام الامن الغذائي وانتشار الامراض واعمال العنف والصراع الطائفي وتزايد اعداد المشردين واللاجئين.
وعرض كي مون، في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست الامريكية اليوم على موقعها الالكتروني، بعض مظاهر الضعف والمعاناة التي لمسها خلال زيارته الاخيرة التي اجراها الاسبوع الماضي لجمهورية افريقيا الوسطي، قائلا “ان اكثر من 70 الف شخصا اكتظوا في ظروف مروعة على ارضيات المطار في العاصمة بانغي، المحظوظون منهم يعيشون تحت اقمشة بالية بفعل عوامل الطقس على بعد بضعة ياردات من مدرج الهبوط، واخرين ينامون في العراء دون غطاء يستر اجسادهم”.
واضاف كي مون “هؤلاء رغم انهم قد يتمتعون بحماية القوات الدولية، الا انهم معرضون للمرض وسوء التغذية وفظائع اخري لا يمكن وصفها تتجاوز الحدود، فالطعام نادر ومرض الملاريا قد ينتشر وموسم الامطار قد يضاعف المشاكل اكثر فاكثر”. وتابع “يتشارك نساء ورجال روايات مروعة من التعرض للاغتصاب الجماعي والابتزاز والمعاملة الوحشية، فيما اخبرتني احدي الامهات كيف بدأ الاطفال الصغار يقلدون البالغين الذين يحملون الاسلحة، وتسائلت: ما الذي سيحدث لاطفالنا اذا كانوا لا يعرفون كيف يلعبون وهم صغار ؟”.
وشدد كي مون على ان جمهورية افريقيا الوسطي، حالها مثل حال اللاجئين الذين تقطعت بهم السبل في المطار، في حاجة ماسة لتذكرة خروج من الفوضي العثة التي تعصف بها وبشعبها. وتدهورت الاوضاع بشدة في جمهورية افريقيا الوسطي منذ الاطاحة بالحكومة والرئيس فرنسوا بوزيزية في مارس 2013، وهو ما تسبب في الانهيار الكامل لمؤسسات الدولة وانزلاق البلاد الى الفوضي والصراعات الطائفية الوحشية وسيادة انعدام القانون.
وتسبب انهيار البلاد في خلق مجموعة من التحديات التي ساهمت في تقويض الاستقرار والامن عبر المنطقة، التي تعاني بالفعل من الضعف والهشاشة. وادت اعمال العنف الطائفية الى نزوح غالبية المسلمين ذي الاقلية في جمهورية افريقيا الوسطي الى مناطق اخري، حيث يتعرض المسلمون في البلاد لمذابح وحرب ابادة جماعية وتطهير عرقي على يد جماعات مسيحية متطرفة.
وعلى اثر ذلك، دعت منظمة العفو الدولية المجتمع الدولي للتحرك من أجل وقف “المذابح الجارية بحق مسلمين في غرب جمهورية إفريقيا الوسطى”، مؤكدة أن القوات الدولية المنتشرة في هذه البلد “عاجزة عن وقفه”. ويوم الجمعة الماضي، وافق مجلس الأمن الدولي على نشر بعثة حفظ سلام دولية تضم 12 ألف جندي في جمهورية أفريقيا الوسطي، لحماية المدنيين وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية في البلد الذي مزقته الحرب، وسط تدهور الوضع الأمني وانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة هناك.