■ البابا يوحنا بولس الثانى إصر أن يقبل “طين” مصر فى زيارته التاريخية عام 2000
■ قام البابا بزيارة 119 دولة فى العالم .. و التقى بـ 550 من رؤساء الدول .. و ألقى 3100 خطاب
■ تعرض لمحاولة اغتيال عام 1981 و بعد العلاج من الاصابة بالرصاص أعلن عن صفحه للمجرم
■ فى يوم وداعه صرخ الآلاف “أعلنه قديساً”
استقبلنا بفرح كبير خبر إعلان البابا يوحنا بولس الثانى قديساً يوم الاحد 27 أبريل 2014، برئاسة قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان.. وذهبت للاب الذى رافق البابا القديس أثناء زيارته لمصر، و كان أقرب الشخصيات لقداسته أثناء زيارته التاريخية ليحدثنا عن البابا القديس.. فهو الاب رفيق جريش راعى كنيسة القديس كيرلس بالكوربة و رئيس المكتب الصحفى للكنيسة الكاثوليكية بمصر.. و تحمل السطور القادمة الحديث عن البابا القديس من الميلاد حتى القداسة.
●● عن حياة البابا يوحنا بولس الثانى يقول الاب رفيق جريش:
البابا يوحنا بولس الثانى يعد من عظماء البابوات الكاثوليك، و استطاع قداسته أن يكتسب احترام الشعوب، و كسب قلوب رؤساء الدول، فهو البابا الذى لفت أنظار العالم له برسالته للسلام، و عن حياته، ولد قداسته بأسم كارول جوزيف وجتيلا فى 18 مايو 1920 ببولندا، أتم دراسته فى مدينته و التحق بعدها بكلية الآداب و الفلسفة فى جامعة كراكوفيا، ثم رسم كاهناً فى أول نوفمبر 1946 و سافر إلى روما لاستكمال دراسته و نظراً لنشاطه الكنسى و الرعوى عينه البابا بيوس الثانى عشر أسقفاً فى كراكوفيا ببولندا عام 1958.
و فى عام 1964 منحه البابا بولس السادس رتبة رئيس الأساقفة ثم عين كاردينالاً فى 1967، ثم انتخب بابا للفاتيكان فى 16 أكتوبر 1978 و كان فى الثامنة و الخمسين من عمره ليصبح أول بابا من أصل غير إيطالى بعد البابا أدريانوس -1523 – أى بعد 450 عاماً.
و منذ أن اعتلى الكرسى البابوى بدأ فى العديد من الزيارات حتى أصبح البابا الوحيد من بابوات روما الذى زار أكثر بلاد العالم، و حذره مستشاروه من أن نشاطه قد يجعله هدفاً للاغتيال، غير أنه فضل الاستمرار.. و فى 13 مايو 1981 تعرض لإطلاق النار فى ساحة القديس بطرس و أصيب برصاص من أحد المتطرفين يدعى محمد على أغا تركى الجنسية.
و الجميل فى حياة البابا القديس يوحنا بولس الثانى هو أنه بعد فترة طويلة من التعافى من الإصابة بالرصاص التقى البابا مع التركى محمد أغا و أعلن له عن صفحه عنه.
و بعد سنوات كثيرة تعرض البابا لمتاعب صحية فأصيب بالتهاب فى المفاصل، و تعرض لداء باركينسون (الشلل الرعاش)، و أجريت له جراحة فى الفخذ عام 1994، و سقط مغشياًعليه خلال رحلة لفرنسا عام 1996 و برغم كل المتاعب و الأمراض التى عانى منها قداسته إلا أنه استكمل رحلاته فى نختلف البلاد حتى زار مصر عام 2000 ليصير أول بابا للفاتيكان يزور أرض مصر.. و تنيح قداسته فى 12 أبريل عام 2005 عن عمر يناهز 84 عاماً.
●● عن وصول البابا لرتبة القداسة قال:
فى الكنيسة الكاثوليكية للوصول إلى رتبة قديس، لابد من من المرور بثلاث مراحل و هى”مكرم، طوباوى،حتى الوصول إلى قديس”، و لا يرتفع المتنيح إلى رتبة طوباوى إلا بعد أن يتثبت من وجود معجزات، و شفاء لأمراض متعددة، و التطويب لا يتم سريعاً فيشترط أن يمضى على المتنيح خمسة أعوام على الأقل.. و قد نال البابا يوحنا بولس الثانى الطوباوية عام 2011 أى بعد نياحته بست أعوام.
●● الحقيقة اعلان البابا يوحنا بولس الثانى قديساً ليس وليد اللحظة، فالبابا تنيح مكرم، و فى جنازته صرخ الآلاف “أعلنه قديساً”، و لكن الأمور فى الكنيسة الكاثوليكية لا تمر بسهولة، و انتظرت الكنيسة و تلقت طلبات كثيرة من الشعب مؤيد بوثائق طبية، و غيرها تأكد حدوث معجزات كثيرة تحققت بطلب البابا يوحنا بولس الثانى، و لم يكتف الكرسى البابوي بذلك بل أقام دعوى قضائية بحضور محققين و محامين و أطباء و هذا يسرى على جميع مراحل التطويب لأى متنيح .. و نحن الان نحتفل سوياً بإعلان بابا السلام و المحبة.. البابا يوحنا بولس الثانى قديساً.
●● و عن الأسباب التى دعت الآلاف لتضرخ يوم وداعه و تطالب “بتقديسه” يقول الأب رفيق:
البابا القديس قبل نياحته بعشرة أيام كانت الآلاف تتوافد فى ساحة القديس بطرس بعدما تردد أن البابا يمر بلحظات صعبة و المرض يشتد عليه و كان يخرج لهم من شرفة غرفته دائماً و يعطيهم البركة، و صلى الشعب من أجل كل هذه الأيام، و مع اقتراب يوم النياحة – 12 أبريل 2005 – طلب قداسة البابا “المسحة الاخيرة” و “المناولة” و بعدها انتقل إلى فردوس النعيم و عندما أذيع الخبر تجمعت أعداد غفيرة بساحة القديس بطرس و علت أصواتهم بالتهليل و أيديهم بالتصفيق للروح التى استقرت فى موطنها الأصلى، و هتف الجميع “أعلنه قديساً” لأن الكل كان يرى أن البابا المتنيح تحمل الكثير من الآلام و المرض و بذل كل جهده لإتمام خدمته و تحمل على ذاته الكثير من أجل الجميع لنشر السلام و تعاليم المسيح، و عرفوا بعد ذلك – من وصيته – أنه كثيراً ما فكر فى تقديم استقالته عندما كثرت أمراضه، و لكنه من أجل استكمال مهام الكرسى البابوى كان يتغلب على هذا، و قال: آلامى لا تقارن بآلام السيد المسيح المصلوب و أنا أقدم آلامى من أجل الإنسانية كلها و من أجل السلام.
●● البابا القديس تعب كثيراً فقم قداسته بأكثر من مليون كيلومتر فى 226 رحلة قام بها فى حبريته بزيارة 119 دولة فى العالم، و ألقى قداسته 3100 خطاب، ثلثها خلال سفرياته الدولية، و التقى قداسته بما يقرب 550 من رؤساء الدول، و هذه الارقام كشفت لنا جميعاً كم بذل هذا الرجل القديس من مجهودات من أجل نشر السلام فى الوقت الذى كان يحتاج فيه إلى راحة و هدوء لظروف مرضه.
●● و عن المحطة التاريخية للبابا القديس.. زيارته لمصر يقول الاب رفيق جريش:
زيارة البابا لمصر جاءت فى إطار رحلة “حج” بمناسبة الألفية الجديدة، و أراد قداسته أن يزور أرض مصر التى استلم موسى النبى لوحى الشريعة على أرضها بجبل سيناء، و الارض التى هربت إليها العائلة المقدسة ليجدوا الامان..و عن تفاصيل زيارته لمصر فى الفترة من 24 إلى 26 فبراير عام 2000 استطرد الأب رفيق قائلاً: عند وصوله لمطار القاهرة الدولى كان البابا يرغب فى أن يقبل الأرض المباركة و لكننا كنا نعرف أنه لن يستطيع بسبب ما يعانيه من التهاب فى مفاصل قدميه، و أمام إصرار قداسته أحضرنا طفلين بملابس الفلاحين حاملين طبقاً به كمية من “الطين” قبله البابا و بهذا تحققت رغبته فى تقبيل أرض مصر، و توجه قداسته إلى المقر البابوى بالعباسية و زار مثلث الطوبى البابا شنودة الثالث، و أتذكر أنه وقتها قال له البابا يوحنا بولس: “أنت بابانا شنودة”.. ثم توجه إلى مشيخة الأزهر الشريف و استقبلنا الراحل فضيلة الإمام محمد سيد طنطاوى شيخ الازهر الشريف، و فى اليوم التالى قام قداسته برئاسة صلاة باستاد القاهرة حضره أكثر من 28 ألف من الشعب المسيحى بمصر.. و فى ظهر ذات اليوم أقام قداسته صلاة مسكونية حضرها البابا شنودة و الدكتور القس صفوت البياضى رئيس الكنيسة الانجيلية بمصر، و ترأس قداسته صلاة تدشين كاتدرائية العذراء سيدة مصر للأقباط الكاثوليك بمدينة نصر، و أتذكر عند دخوله للكاتدرائية انزعج الحرس لأنه توجه إلى الشعب ليباركهم و لم يسر فى الحارة المخصصة لسيره داخل الكاتدرائية، إذ كان قداسته يحب الشعب و يريد دائماً أن يكون قريباً منه ليتعامل بروح التواضع و المحبة و ليس بروح الرئيس.. و فى اليوم الثالث و الأخير زار قداسته سيناء و استقبله رئيس دير سانت كاترين للروم الارثوذكس بحفاوة، و عند دخوله إلى الدير خلع حذاءه ليقف أمام العلية الموجودة خلف هيكل الدير.
فحقاً البابا يوحنا بولس الثانى عاش قديساً .. و خدم قديساً .. و تنيح قديساً